|
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(4)
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2306 - 2008 / 6 / 8 - 05:57
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
النموذج الثاني للتيار الإسلامي الذي نقف عنده هو حركة التوحيد والإصلاح وجناحها السياسي "حزب العدالة والتنمية" . إن هذا الفصيل يستمد عقائده المذهبية أساسا من الحنبلية وتفرعاتها الوهابية . وهذه الحقيقة أقرها الدكتور فريد الأنصاري في كتابه "الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب" بقوله( لقد كان انطلاق الحركة الإسلامية بالمغرب متداخلا بالفكر السلفي ومتلبسا به . وذلك منذ أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الميلادي الماضي ، حيث كانت التنظيمات الإسلامية الناشئة آنئذ ، تستفيد من التأطير العلمي لرموز الحركة السلفية بالمغرب ، من أمثال تقي الدين الهلالي ، والعلامة محمد الزمزمي وغيرهما ، رحمهما الله . وذلك بوعي تام من الطرفين وإرادة كاملة ، حيث كان بدء العمل الإسلامي بالمغرب في تلك اللحظة يطبعه نوع من التعاون والتآلف بين جميع مكوناته ، وقلما يدخله الاختلاف والشنآن . وذلك بسبب الحاجة المرحلية للتوحد الفكري ضد موجة الإلحاد الماركسي )(ص 123) . غير أن نجاح الثورة الإيرانية بقيادة الخميني وفتح جبهة القتال ضد السوفييت على أرض أفغانستان باسم "الجهاد" ، أديا إلى ظهور تمايزات داخل التيار السلفي بين "السلفية العلمية" و"السلفية الإخوانية" و "السلفية الجهادية التكفيرية" . وكل هذه التنظيمات شكل العنف لديها عقيدة مركزية ستضطر بعضها إلى الإعلان عن التخلي عنه والانخراط في العمل السياسي ، فيما سيزداد اللجوء إلى العنف عقيدة وممارسة لدى التنظيمات الجهادية . والتنظيمات التي أعلنت " نبذ العنف" والالتزام بـ"نهج الاعتدال" ، وضمنها حركة التوحيد والإصلاح وجناحها السياسي ، ظلت وفية لنفس المنطلقات العقائدية والمذهبية التي تقاسمتها مع التنظيمات الجهادية عند مرحلة التأسيس والتشكل . إذ الجميع يطالب بتطبيق الشريعة وإلغاء القوانين الوضعية وإقامة الدولة الإسلامية وإرساء أسس "الحاكمية" وتحكيم عقيدة "الولاء والبراء" في سلوك الفرد والمجتمع والدولة . والاختلافات التي ظلت عالقة تخص أساسا الموقف من الدولة المغربية ونظامها الملكي ، والموقف من المشاركة السياسية في مؤسسات الدولة . بخصوص موقف حركة لتوحيد والإصلاح/ العدالة والتنمية من الدولة والنظام المغربيين ، فهي لا تنفي عنهما صفة الإسلام ، ومن ثمة فهي لا تكفرهما تكفيرا صريحا كما تفعل تنظيمات السلفية الجهادية . وهكذا سبق للحركة أن أصدرت وثيقة " النظام المغربي من وجهة نظر إسلامية " نشرتها أسبوعية الراية عدد 2 بتاريخ 18 غشت 1990 . وكانت مناسبة ذلك نجاح الإسلاميين في الانتخابات المحلية والولائية التي عرفتها الجزائر . ومما جاء في الوثيقة ( أن بين النظام في المغرب ، والأنظمة الأخرى في المنطقة فروقا جوهرية تجعل أي صراع بين السلطات في المغرب وبين الإسلاميين هامشيا حالا ومستقبلا . إن النظام المغربي نظام أصيل وعريق لم ينشأ إبان الاستعمار أو بعده ، بل يتمتع بأصالة تاريخية ممتدة عبر الدولة العلوية وما قبلها إلى المولى إدريس رحمه الله ، وهو كذلك ليس نظاما علمانيا يتنكر للدين ، بل هو نظام يقوم أساسا على المشروعية الدينية المبنية على البيعة التي هي الصيغة الشرعية للحكم في الإسلام وأضاف إلى هذه الهوية الإسلامية الأصيلة الموروثة الصفة القانونية الحديثة ، بإحداث الدستور الذي أكد على الصفة الإسلامية للدولة المغربية ، ولهذا لم يتنكر أحد لهذه الصفة في المغرب ولن يستطيع في ظل نظام بهذه الصفة . إن المغرب ، في ظل نظام الملكية الدستورية المعمول به حاليا ، قادر على استيعاب التيار الإسلامي بطريقة إيجابية ، لأنه النظام الوحيد الذي يتبنى الشرعية الإسلامية على مستوى رئاسة الدولة بوصف الملك أميرا للمؤمنين ) . طبعا لم تقر هذه الوثيقة بأن النظام المغربي "نظام إسلامي" يطبق أحكام الشريعة ، بل اكتفت بعدم إخراجه من دائرة الإسلام . الأمر الذي يجعل وجودها مرتبطا بالعمل من أجل جعل النظام المغربي لا يكتفي فقط بـ"تبني الشرعية الإسلامية" ولكن بتطبيق " أحكام الشريعة الإسلامية" . لهذا نجد الحزب كما الحركة يركز أساسا على نظام البيعة كمؤشر على "الأصالة الإسلامية" للنظام الملكي . هكذا أعلن الحزب عن موقفه من الملكية في المغرب كالتالي : ( وكان هذا الحدث ـ حدث وفاة الملك الحسن الثاني ومبايعة الملك محمد السادس ـ مناسبة لتأكيد الأصالة الإسلامية التي يقوم عليها نظام الحكم في المغرب منذ أزيد من اثني عشر قرنا ، والذي يرتكز على البيعة كعقد يضبط علاقة الحاكم بالمحكومين على أساس الكتاب والسنة ) . وبناء عليه حدد الحزب مطالبه السياسية والدستورية ، في إطار ما ما يسميه بـ"التدافع" السياسي ، كالتالي : أ ـ ( التأكيد على دعم الهوية الإسلامية للدولة المغربية في إطار الملكية الدستورية وعدم قابلية مبدأ إسلامية الدولة للمراجعة ) . ب ـ التأكيد على الدور المركزي للملكية ، ( ومن ثم لا يمكن استنساخ بعض نماذج الملكية في الغرب التي تبلورت في إطار خصوصيات تاريخية وحضارية غريبة عن الواقع المغربي في خصوصياته التاريخية والحضارية ، وهو ما يقتضي أن يظل للمؤسسة الملكية دورها الفاعل في الحياة السياسية ، باعتبار الملك أميرا المؤمنين وحاميا لحمى الملة والدين ، وضامنا لوحدة المغرب وسيادته ، وملكا لجميع المغاربة وحكما فاعلا بين مكوناته ) . ودعما لهذا الموقف من الملكية ، ظل الحزب يرفع شعار " نريد ملكية يسود فيها الملك ويحكم " . ج ـ التأكيد على أن ( المرجعية الإسلامية كانت ولا تزال تمثل الإطار الموحد للمغاربة بجميع فئاتهم ومكوناتهم ) . وهذه المطالب لا تخرج عن الإطار الذي حددته الحركة لنشاطها السياسي والمتمثل في دعم "الهوية الإسلامية" للدولة وللنظام المغربيين بما يعنيه من ( دعم مبدأ إسلامية الدولة باعتباره معطى تاريخيا ومكسبا دستوريا ومبدأ غير قابل للمراجعة وإعطاؤه مصداقية في الحياة العامة ، بحيث يعلو على جميع بنود الدستور ويكون منطلقا في الحكم على دستورية القوانين والأحكام التي تصدرها المؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية . إن الإقرار بإسلامية الدولة يقتضي اتخاذ الشريعة مصدرا أعلى لجميع القوانين كما يعني من الناحية العملية بطلان جميع القوانين والتشريعات والسياسات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية )( الرؤية السياسية ـ حركة التوحيد والإصلاح ) . وجاء بيان الحركة ، بمناسبة مبايعتها للملك محمد السادس ، يؤكد على الأساس الذي تمت بمقتضاه البيعة كالتالي ( وإن حركة التوحيد والإصلاح ، وهي تجدد تعازيها لخلفه أمير المؤمنين جلالة الملك محمد بن الحسن .. تعلن تأييدها لجلالته وللبيعة التي تمت له ، على أساس العمل بكتاب الله وسنة رسوله (ص) والطاعة في المعروف ، خدمة للمصالح العليا لشعبنا وبلدنا في إطار الإسلام وقيمه وشريعته ، سائلين الله سبحانه وتعالى بهذه المناسبة أن يوفق عاهلنا أميرا للمؤمنين وملكا للبلاد .. وأن تتعزز في عهده الهوية الإسلامية للدولة المغربية والشعب المغربي .. دولة إسلامية تتعزز ، المشروعية العليا فيها للشريعة ) . وإذا كانت حركة التوحيد والإصلاح ظلت وفية للأحكام الفقهية الحنبلية التي ظهرت جلية في موقفها من مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ، وفي طبيعة التعديلات التي قدمتها للجنة الملكية الاستشارية التي عينها الملك للنظر في اقتراحات الفاعلين السياسيين والحقوقيين والجمعويين بخصوص مدونة الأسرة ، فإنها ـ أي الحركة ـ تميزت عن جماعة العدل والإحسان وتنظيمات السلفية الجهادية بقبولها الانخراط في العملية السياسية والمشاركة في الانتخابات المحلية والتشريعية . للحديث بقية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإرهاب وتنوع الخطط والمخططات .
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (5)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (4)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (3)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (2) .
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (1)
-
أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب ؟
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(3)
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(2)
-
بلال التليدي : كبر مقتا أن تقول ما لا تفعل !!
-
ماذا لو شملت عقوبة الإعفاء من المهام كل المقصرين ؟
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(1)
-
على هامش فرار الإرهابيين : الدول لا تبنى بالعواطف .
-
مواقف الأحزاب والمنظمات الحقوقية والإعلام في مواجهة الإرهاب
...
-
المال -السايب- يشجع على النهب والتبذير .
-
الإسلاميون واليساريون أية علاقة ؟
-
الجماعات الإسلامية والنموذج المشرقي المفلس لأوضاع المرأة .
-
وإذا المستأسدون سئلوا لأي سبب جبنوا .
-
إلى أين يسير المغرب ؟
-
هذه مخططات الإرهاب فما هي مخططات الدولة والأحزاب ؟
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|