غريب عسقلاني
الحوار المتمدن-العدد: 2303 - 2008 / 6 / 5 - 09:05
المحور:
الادب والفن
العاشق والدوران في فلك امرأة /قصيدة
ما الذي في جعبتكَ اليوم يا سماح؟
ما الذي رشم الشيب على فوديك قبل المواعيد بميعاد؟!
هل هو بيض الصبر سكن فوديك ولم يفقس بعد؟
ما الذي يصدح, على ضفاف خطواتك المجهدة عند بدايات المشاوير..؟
هل ما زلت تتصيدها تلك الغزالة؟أم هي زغاليل عصافيرك التي ابتنت أعشاشها على ضفاف الغيم؟.. لم تهبط مع مطر. ولا هطلت حتى مع الغيث الشفيف..
آه من ذاك الشقي المعنى فيك يا سماح..!
عُد اليه فهو عدتكَ الأثيرة..
عُد إلى البوح يا شاعري, فالبوح في شرع المحبين مباح
إني اراك مع ندى الصبح تحضر ..
مع أطيافكَ تحضر..
تتسلى على ما تبقى من نبضكَ.. وتعرض وتعرض في سوق الخسارة قالبا تقلب على سفود الوقت دهرا..
هل خَبتْ فيكَ جمرة الوقت يا صاحبي؟
أم هي من غوايات الغزالة التي ما فتئت تهيج العاشق فيكَ..؟
أني لكَ أن تدفن أجنة الأحلام في رماد الذاكرة..
لا بأس يا شاعري ولا خسارة أن تترنم على نقرات دفٍ او لوعة نايٍ لإكمال النشيد
"رجلٌ وبحرٌ وامرأةْ
.....
.....
نامت على عُرْيِ حشيشِ البحرِ في حال الصبابةِ
واتّكا بجوارها يمسح ملح البحر عن سلسلة الظهرِ
ويبتاع المواويلَ التي عبرتْ على سِكَّتِه ذات نهارٍ
ويهشّ الذكرياتِ الخاطئة
والبحرُ من تحتهما يصعد
حتى يلمسَ الأقدامَ
يصعد حافيا حرًّا خفيفًا
ويغطي جسد المرأةِ في حال الصبابةِ.."
إني أراك ما زلت على حافة حلم لم يغادرك بعد.. دارت الأيام حتى شاب منكَ فوديكَ.. حتى تقرح اللحم عند شغاف القلب.. لكنه القلب لا زال يرقص على نغم وتر موصول بنبض أول عاشق هبط على صدر البسيطة, منذ هام على ألق لم يدركه الناس من حوله.. إني اراكَ تتوكأ على نبض قلبكَ يعد غياب إشارات الدروب.. لكنه الفيض لا يدرك المُعنّى بقرار..
إنها الغفوة تأخذ العاشق دهرا فيفور الذي فيه من يوم بعيد. يدركه الفيض عل حين غرة او غفوة, تنهض فيه قيامة العاشقين أو إن شئت عيد..
فهل ما زلت على حالك مذ كنت تحتار في أمركَ..؟ كنت من الذين ما ملكوا غير شهيق الوجد وزفير الخسارة..
"لماذا كلما مشيتُ بجوار بيتها
عُرِّيتُ من ملابسي ؟
وكلما مسكتُ فيّ يديَّ وردةً بنفسجيةً
علاَ خطوي
كأنني أطير؟ "
هل عبأت مشكاتك الحكايات الصغيرة كورتها مثل حصى قدر الفقراء تقدح من تحته نار الجوى؟ هل ينضج الحصى عن لحم وهل يصبح ماء القدر مرق ثريد.. أم تُراه شبع الجوع يا شاعري.. أم هو إعلان براءة من وقت لم تكن يوماً أميره, ولم تكن يوما أسيره.؟. لكنهم أخذوكَ قسرا.. جوراً جردوكَ من صباياكَ العاشقات..
صباياكَ لم يحملهن الحلم, وانتشين لتلويح غيرك عند نواصي الطرقات, من الخاسر يا سيدي الأمير؟ أنتَ الذي عند شرفة الحلم تنتظر صبحا لم يجئ..؟ أم هن السبايا السادرات في خدورهن لم ينلن أبعد من نبضة أولى ما زالت ملعقة على أردانك أنت..؟
أي عذاب هن فيه؟
أي عذاب انتِ فيه؟
"قلبي مُشَرَّخٌ وملقى في امتداد هذه الطريق
ألوقتُ واقفٌ على رأسي
منقارُه يضرب في عينيَّ وجناحاه يخفقان حول كتفيَّ
وأنا أُحرِّك الجمر بعود الحطب الناشفِ.."
لا تقطع المسافات الخاسرة يا سماح.. لا تعبر وقت الجسد الفاني, عُد إلى صبابتكِ الأولى...شيب فوديكَ ليس لكَ .. جلدك الذي قرحته الجاعيد ليس أنتَ..وسعال الفاقة ليس منكَ..
أنتَ انتْ يا صديق.
لم يغادركَ الصادح فيكَ
لم يغادرك بلبل ما زال على انتظار وليفة تضع بيض الحلم.. يفقس البيض عن زغاليل عارية تكسيها بريش القصيدة.. يقيها من لسع برد الفجر, وهجير شمس جائرة.. لا تعبر مسافات ليست لكَ يا شاعري.. كُن مع شهيق البهاء ومع رجفة وجد كلما أزف اللقاء..
هل نسيت؟
أم تراكَ مع تقاطع الطرقات تناسيتَ؟
"والتقيا في نظرةٍ واحدةٍ فسارع الخُطَا وعضّتِ الأصابعَا
أحدٌ من الماشِين لم يدرك لماذا ارتجفا هُنَيْـهَةً في لخظة التقاءةِ العيونِ بالعيون
ومرّرا كلاما لم يقولاهُ وتابعا سيرهما
كأنْ ما كان بينهما مواعيدٌ وأحلامٌ وطفلٌ كان يمكنُ أن يكونْ."
عُد إلى ذات الطرق, ونادي على من مروه معك.. عُد إلى جوقة عزفت لحن نشيد لم يغادرك.. ما زال على مرآة روحكَ.. لا ينطبع على المرايا.. لا بأس عليكَ لو جافتكَ نهايات الرحلة في المرايا...
"تعالوا يا رفاقُ إلى عناقيد المنايا
......
لكي ننفض عن أكـتافنا آثارَ هذي السفرةِ الوعرةِ
أو ننظر للمرايا."
أو لست من أرهص بالذي سيكون..؟
"سنبني الجرارَ لأنا غدًا
سنحتاج خمرا معتقةً لليالي السهادْ
نتجرعها عنوةً ونرشّ الغبارة
......
........
ونجتر بعض المواويل مسكونةً بالحنينِ على دَرَجِ العائلة
ونأكل تبغا كثيرا كثيرا
ونخلعُ أوجهَنا المستعارة."
والآن إذا سألوك ستلقي عليهم بيانا لن يفهموا أي زاد تقتات عليه, ولا أي مكان ترحل إليه..
"خذ مطرا وتمرةً ودارةً وبعضَ صلصالٍ وحفنةً من الموسيقا
وإنْ سُئِلتَ قُلْ : أُهَيِّءُ المكان للرسولة "
هل كنت تتجمل للأميرة التي تحمل سلال الورد, وعصفورة صدرها؟
" .. وتدور في الباراتِ والمقاهي
وعلى سلالم المراقص التي يعبّق الدخانُ سقفها العالي
تظنُّ أن رجلا ما
يظل طيلةَ النهارِ بانتظارها"
هي المرأة التي عاينتها في صباك,ولكن القطارات أخذتك بعيدا قبل أن تستكمل ما رأيتَ, هل غفى قليك على شرفة الحلم يوم.
"مرّةً في صِباهُ البعيدِ
عاين النسوةَ المستحمَّاتِ في البحرِ
شاهد أثداءهنَّ الطريَّةَ مزدانةً ببريق المياهِ وبالزعفرانْ
وهو يرحل من بلدٍ لبلد
....
ولا يستطيعُ يُكَمِّلُ ما التقطتْ مقلتاه.. "
لكنه قطار العمر يأخذنا إلى حيث يريد يا سماح..!!
لا يأبه بالمحطات.. لا يكترث بما يعتريتا من جفاف.. يأخذنا إلى مفازات, يهبط بنا من قمة الحب إلى صحراء الحياة, يترك لنا الشوق مع البدايات عند أول الكهولة معركة مستحيلة
"وخرجنا معا في اتجاه القرى وتركنا الجبلْ
كلما مرّ يومٌ نقول : القرى ستبين غدا
ويبين على مدد الشّوْفِ سربُ طيورِ الحقولْ
والرمالُ تطولْ"
يأخذك القطار يا شاعري, قبل أن تتحقق من إحداهن, ربما كانت هي من غنيت لها فصولاً من عناء طيرتها مواويل غناء.. ربما هي ممن يعشن خلف الجدارات.. بعد ذهاب الجند إلى الحرب
"يتمشَّينَ على حاشيةِ الأسواقِ خفيفاتٍ ويتركن المشدّاتِ على طاولة البهوِ
يراقبن الرجال الغرباء
يحتسين القهوة المُرَّةَ في الصبحِ وفي الليلِ الطويل
يرتشفن الخمر سِرًّا ويعاتبن الرجالَ الغائبين ويرقصن فرادى"
فهل امرأتك إحداهن؟ وهل مازلت تغني لها بوح المعنَّى.. هل أنتَ هو؟
"لأنه من قبل أن يلمسَ ناهديكِ في عريهما المبلول
من قبل أن يرشّ عطرَه المُرَّ
ويطلق العصافيرَ على على نجوم شعرك الطويل
سيسند اغترابه الكبيرَ للصخرة"
طالت الرحلة يا صاح, وخرجتَ منها مشكاتك مملوءة بالحكايات وبقايا ريش زغاليل رقدت في الحلم.. وعندما أدركها الصباح طارت فأخذتها الظهيرة إلى كهولة مبكرة,, هل نفقت طيوركَ قبل أن تصل إلى سدة عصر اليوم وتركتكَ مع مساءات شاحبة..؟ إلا من بقايا ألق يرقد في قاع الشكاة ذبيحا..اى ألق يا صاح والقلب أخذته ضربة العمر الغادرة..؟
هل تلوذ بالبدايات لعل ما تبقى من زيت قنديل البراءة يومض دفئا..؟
"أريد أن أعود مرةً أخرى لبيتنا القديم
أسند رأسيَ المتعبَ للجدارِ وأقول للنهارْ
أغنيةً كنتُ أقولها له إذا أسندتُ رأسي للجدارْ ".
وتظل يقتلك السؤال؟
تُرى لماذا لا أدقّ بابكِ البهيَّ إلا عندما ينكسر الظلّ على حنين برتقالِ الشجرات؟
لأنكِ حتى اللظة لم تجب على تساؤل قلب لوعه الشوق..
هل في غدٍ ستطول قامتنا لكي نبصِرَ أفراخَ العصافيرِ التي ترقد في سقف الشجر ؟
فهل نسيت من كانت تنام على وسادة الحلم.. تنتظر .. لكنكَ ركبت القطار إلى المدن العيدة وراء لقمة العيش.. تتعثر بالصبايا الفاتنات .. وتركتها مع آلاف العاشقات يتلفعن الانتظار بانتظار فرسان يهلون من بعيد.. يا له من شوق عذاب يا سماح..!!
" ليت أنَّا قد ظللنا صغارَا
نضرب الطوبَ على البحر ونجري
تخطف الوردةَ من كفّيَّ كي تنتزع الأوراقَ وهي تعدها
أنفضُ القشّ الذي يسقط من سقف الشجر
ويحطّ في خصلاتها"
فهل ما زالت صاحبتكَ على وعدها؟.. طالت قامتها وما زالت ترصد الليل في الليل وتنتظر
"حين ينتصف الليل
تخلع الفتياتُ الوحيداتُ قمصانهن الخفيفة
وينمن عرايا"
هذا أنتَ في الغربة, تقبض على وهم .. تصحو تغترب.. تلوذ بالفجيعة .. هل عشت العشق المعلب في المدينة؟ وتزينت بقلبك الريفي البكر في مساحات تناسل الصيادين مكرا وخديعة ودسائس..؟
في مساحات يتخذون العشق عادة, تخضع لضرورات التغير والتبدل واختلافات الضرورة..
آه من وجع القلب يا صديق..!
آه من جور السؤال!!
والسؤال إذا ما نظرت في المرايا يطل وجه فجيعة..
"ليس لنا أنا وأنتِ يا رفيقة الحجرةِ أن ننظرَ في المرايا
لأننا لو اننا فعلنا
َ هَالَنا اختلاطُ أصباغك كلها بملح وجهك القديمِ
واندياحُ ألفِ عركةٍ خاسرةٍ"
هذا هو انتَ
تقف على مرمى نظر, من عمرك الذي انفرط في غمضة عين.. وفي غمضة يذهلك ما كتبت على صفحات الأجندة.. هل أكلت الصحراء منك حتى باطن القدمين.. وقالت عاشق مر من هنا..؟
"حِصَّتي في رمل نهديكِ المقامرون خطّفوها
وحقي في مواعيدي لديك قتَّلتْه حُرْقَةُ الصحراءِ
وبقيتُ في عراءِ هذي البيدِ
كلما مرّ علىّ الراجلونَ رسموا حول خطاىَ
***
لكنه الشاعر فيكَ يصحو..
العاشق فيكَ يصحو..
يبحث عنها في بحوركَ.. تتصيدها في مهج الكلام, نقفز في الحلم امرأة تصبح في القلب قصيدة
أه من ولع الساكن فيكَ
حيرني أمرك يا صاح!!
تسكنك امرأة أم تسكنكَ القصيدة.. لا بأس يا ابن عبد الله.. لم يعد بي جلد, وأنا الأسير هنا, على مطاردة امرأة قصيده.. لكنني أُقارب فرحتي مع الذي كان فتى عند مدارج البوح..تاه.. أخذته الرجفة, بعثت فيه سر اللهفة.. صاح على خدر محبب..
"ويْ
كأني خِفتُ أن أبتلَّ لما لامستْ كفَاى نهديك البدائيّين
فخلعتُ جلبابي
وجريتُ عريانا
وكان المطر المدلوقُ يضرب جسميَ البردانْ
ويْ
كأني لم أعد ظمآنْ.."
#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟