أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - نزيه نصرالله .. هذا هو ميلادك الاخير؟؟















المزيد.....

نزيه نصرالله .. هذا هو ميلادك الاخير؟؟


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 07:22
المحور: الادب والفن
    


 هو موعد جديد مع الوان الزيت المتناثرة على بساط اللوحة البيضاء.. موعد جاء كما وميض البرق المنبعث من خلال تكاثف طبقات الغيوم واجواء الشتاء, تر من خلال وميضه بعض الطريق, لتعود بعد لحظات الى حواسك المختبئة تسألها كي لا تتعثر او تضيع. قبلها كان نزيه يحمل في جوفه احتباس موهبة تظاهرت بمكنوناته لمرات متعددة وبأوجه مختلفة, منها العزف والغناء والرسم والنحت.. حتى استقرت حركة يدية ما بين الاخشاب والمنشار ليعمل في مهنة التأثيث المنزلي كنجار.! وبعد سنوات من العمل تحت ثقل الاخشاب اخذت اعماقة تصرخ باحثة عن صوتها العميق المعبر وعن موهبته المدفونة.. وما هي الا ومضة البرق التي تكشف معالم الطريق للحظة .. وتعود بعدها مساحة الصمت وظلال العتمة لتلف الفضاء.. تلك هي التي جاءت اليه كهدية من السماء, تاركة هذه الموهبة وحدها تتحسس دربها بما اوتيت من قدررة على الحياة والبقاء .

 وقعت بين يديه تلك الومضة من خلال علبة للاوان الزتية وبعض الملاوق.. وقد توافق معها ان الالواح الخشبية في متناول يديه, اذا لم يبقى سوى ان يحاول .. وقد تجاسر على هذه الادوات وبدء العمل بها. رسم نزيه نصرالله مكرهاً لا بطل, بتلك الملاوق التي جاءت مع علبة الالوان, واستطيع القول انها هي التي اختارته قبل ان يختارها.. فانجز بها اعماله الاولى التي احتاجت الى كميات كثيرة من الالوان والجهد لبناء لوحة متماسكة الشكل..! وقد جاءت اعماله الاولى متراكمة الالوان متراصة الحركة خشنة الملمس والاحساس .. وقد يتبادر الى الذهن عند الالتقاء بها بشكل عفوي ومباشر, انها منجزة من خلال مدرسة اعمال الفنان الهولندي فنسينت فان جوخ , هذا الذي لم يكن نزيه يعلم عنه وعن اعماله وعن وجوده اي شيء .. سوى مما قاله الاخرين حول ذلك!! الا ان هذا التلاقي ما بين اعمال نزيه نصرالله وفان جوخ يتباعد كلما اقتربت المعرفة من اعمال الاول لمقارنتها مع الثاني .. اذ ان نزيه رسم هذه الحركة التي توالدت من خلال العمل العفوي والعلاقة العفوية مع الملاوق (سكاكين الرسم) .. لتتراكم بالوانها وحركتها المتواصلة لتحقيق بناء لوحة لمشهد ما .. اكثرها جاء كمشهد من صور متلاحقة لمناظر طبيعية منقولة او محفوظة في الذاكرة, جسدت بصورة عفوية هذا التلاقي مع اسلوب فان جوخ الذي ولد كاحد اهم الظواهر الفنية في تاريخ التشكيل الانساني العالمي , حين اجترح اسلوباً جديداً في الرسم لشطحات فرشاته المتلاحقة, كي تصور حالة انطباعية كـ"لليلة النجوم" وعشرات الاعمال الرائعة الاخرى .

 ان هذا اللقاء العفوي لنزيه نصرالله مع بعضاً من عراقة فان جوخ واسلوبه الظاهري.. يعطيه افاق لا محدودة لاجتراح تجربة وعمق بالغ الاهمية, للاستمرار في الرسم بواسطة الملاوق, علها تعطيه اسمه واسلوبه الخاص في الزمن الباقي على بساط العمر والايام.!! فهذه الولادة المبكرة على ضفاف اعمال تذكرك باسلوب احد عمالقة الفن العالمي هي ولادة على سرير اخضر, تمنح لصاحبها عالم من الدعم المعنوي الذي يحتاجه اي رسام في بداية طريقه.. والتي تؤهله لاجتراح افاق جديدة في الرسم ومتابعة العمل في فضاء لا محدود من التجارب والاكتشافات الجديدة, في اشتياق لعلاقة الالوان الملتصقة بالملوق وهي ترقص على سطح اللوحة الممتدة امامه كمساحة بتول قابلة للخلق والولادة .

 في الاعمال الاولى التي انجزها الرسام نزيه نصرالله .. عفوية تدعوك الى الصمت, بقدر ما تدعوك الى الاعتراف بهذه الموهبة المتفجرة برسم مشاهد لطبيعة صامتة, وهي التي تدلك على انبعاثها من عمق طبيعتها العذراء, الكامنة في روحه وموهبته المحبوسة منذ سنين. وبالتالي تتراكم لتعطي بعدها الخاص المتأرجح ما بين الانطباعية والانطباعية التجريدية, حتى لتخال بعض الاعمال صورة تجريدية لعمل على درجة عالية من التقنية والبناء والتشكيل.!! وحالة من حلات العطاء الفني لممارسة ذات قدرات فنية رائعة.. الا انها تفقد هذه العذرية في الاعمال الاخرى, تلك التي  جاءت كاعمال جديدة رسمها بالريشة وشطحاتها الملساء, تحت تاثير المعرفة الحسية والتفسيرات اللغوية للعناصر, ففقدت بانتمائها الجديد هذا تلك الضربات العفوية المتواصلة بمواسطة الملاوق لذات اليد وذات الالوان .

 عندما يفقد الفنان علاقته العفوية في التكوين يفقد بذلك اهم عنصر من عناصر الخصوصية التي تميز عطائه عن عطاء الاخرين .. وبذلك تتحول الاعمال الفنية الى تراكمات من المشاهد المتغيرة للون والحركة, دون ان تحمل اية من الميزات والخصوصيات التي تعطي للاعمال الفنية اسم مبدعها واسلوبه وخصوصيته .

 ان الوعي المعرفي لطبيعة الفنون, وهنا لمضمار الفنون التشكيلية, هي احد الاسس الرئيسية لاستمرار العطاء الفني القادر على مجارة العصر واللغة التي يتحدث بها .. الا ان هذه المعرفة عليها ان تتحول الى عرف بديهي في حياة الفنان وعلاقته بادواته واسلوبه التكويني, وعلى الفنان ان يتعامل معها باحساس داخلي يسيطر عليه الدافع العفوي للتعبير الصادق عن مكنوناته وما يختزنه من امال وامنيات .. لان العفوية هي الصدق .. وحين تضيع في متاهات الوعي والمعرفة تضيع اهم العناصر التي تعبر عنا .
 

 اما نحن فلا زلنا نعيش حالات من التعبير اللغوي حين نتحدث عن مكنونات التعبير البصري .. فمعطيات العمل التشكيلي قائمة على الاحساس الرئيوي لمشهد ما, وعلى قدرة البصر في نقل المشاعر المتناثرة من على بساط اللوحة, باللون والخط والعنصر, لتتفاعل مع مشاعرنا واحاسيسنا الذاتية.. ذلك في ضمن حدود علاقة متجانسة ونستالجية مع التراث اللغوي المعبر عن حضارتنا وتاريخنا عبر الزمن.. لا ان يكون التعبير اللغوي هو المسيطر على تكوين العمل التشكيلي ليصبح بعد ذلك هذا اللغوي هو التفسير المتداول ما بين اللوحة والمتلقي.. لانه عندها تفقد الفنون التشكيلية عنصرها الاهم, وهو عنصر الخلق الكامن وراء المشاعر المصلوبة في رحابها .

 ان تجربة الرسم لدى نزيه نصرالله ما هي الا استمراراً لعلاقته مع الفنون بشكل عام .. فقد مارس العزف والغناء وشكل في يوم من الايام العمود الفقري للاغاني العربية التي قدمتها فرقة الزهور الشفاعمرية, كما درس التصميم الداخلي في علوم الفنون المعمارية وتابع مسيرته في الحياة من خلال العمل اليدوي في مهنة النجارة.. وهذا هو ميلاده الجديد على بساط اللوحة البيضاء لعمر هو عمر الطفولة, فهل هناك من ميلاد آخر ؟؟ لا اعتقد .. سوى انني اقول هنا وبحق, ان هذا الميلاد هو ميلادك الاخير.. وما عليك سوى الالتزام بالحفاظ عليه ومده بالمعرفة والممارسة والبحث في مكنونات ذاتك عن دوافع ميلاده, كي يتسنى له ان يصبح عملاقاً مع سنوات العمر الممتد فيكَ وفيه.. فما من خيار امامك سوى الحياة .

من الجدير بالذكر ان رابطة سوا للفنانين التشكيليين في شفاعمرو التي تعمل ضمن اطار جمعية سوا – الوجه العلماني لدير راهبات الناصرة في شفاعمرو, تقيم المعرض الاول للرسام نزيه نصرالله داخل قاعة جاليري سوا, القائمة ضمن بناية قاعة دير الراهبات في شفاعمرو, وسيقام حفل افتتاح  هذا المعرض في تمام السادسة من مساء يوم السبت 17 كانون اول الجاري, يعرض نزيه فيه ثلاثين عملا من اعماله التي انجزها ما بين سنة 2000 و 2003, وسيستمر المعرض في استقبال محبي الفنون التشكيلية لغاية يوم السبت 31.01.04 .

 
الرسام نزيه جورج نصرالله

    
ولد في شفاعمرو سنة 1955.
تعلم في مدارسها الابتدائية, وفي المدرسة الثانوية البلدية وتخرج منها في العام 1973.
عمل في مجال الغناء في الحقبة الممتدة ما بين 1973 – 1981.
اقام مع مجموعة من العازفين الشفاعمريين فرقة "الزهور" وكان مطربها للاغاني العربية.
ولدت ميوله الفنية معه منذ ايام الطفولة, فتعلم العزف على عدة الات موسيقية وبرع في العزف على الة العود .
الى جانب ذلك عمل في مجال التأثيث المنزلي (النجارة) ودرس التصميم الداخلي من خلال دورة خاصة لسنتين في جامعة حيفا.
مع بداية سنة 1999 عاود الرجوع الى مواهبه الفنية, لكن بشكل متواصل من خلال الفنون التشكيلية وخاصة الرسم.
درس, ولا يزال, الرسم على يد الفنان مخائيل زلوتولوبولسكي في حيفا.
يرسم بشكل خاص المناظر الطبيعية المتعارف عليها باسم "طبيعة صامتة".
شارك بعدد من لوحاته في معارض مشتركة مع فنانين اخرين من حيفا ضمن مشروع التعليم.



#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغنية للسنة الجديدة قــوافـل الــدمـوع
- الحرية للمناضل السياسي ابو علي - محمد مقبل
- عريان وابي عريان في اخر الزمان قصة لم تنتهي - من تراثنا العر ...
- رابطة سوا للفنانين التتشكيليين في شفاعمرو
- اتمنى لشمعة -الحوار- ان تبقى مضيئة به وبكم ابد الدهر
- عملاق اللون الفلسطيني.. اهلاً بهذا الحضور كلمة لم تلقى في حف ...
- مساهمة بصوت مسموع في نقاش استوفى كافة حالات الهمس عمداً
- الباص.. في مهرجان المسرح الآخر رائعة الموسم المسرحي لهذا الع ...
- الباص.. في مهرجان المسرح الآخر رائعة الموسم المسرحي لهذا الع ...
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن-7
- شفاعمرو ..تاريخ واسماء ووطن - 5
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن(6
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن 4
- الرسم الايقونوغرافي او التصوير الكنسي البيزنطي
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن- 3
- شفاعمرو تاريخ واسماء ووطن 2
- فنون فلسطينية مقاتلة في منهاتن
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن
- بدئ التحضيرات المكثفة لمسرحية الباص - المسرحية العربية المشا ...
- تمام الاكحل .. رسولة فلسطين


المزيد.....




- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - نزيه نصرالله .. هذا هو ميلادك الاخير؟؟