|
الإرهاب وتنوع الخطط والمخططات .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2302 - 2008 / 6 / 4 - 10:41
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
اعتادت الأجهزة الأمنية في المغرب ، خلال الأربع سنوات الماضية ،على رصد وتفكيك الخلايا الإرهابية ذات خصائص محددة أبرزها : أ ـ المحلية في التمويل ، بحيث معظم الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها كانت تعتمد على العنصر المحلي في التمويل عبر السطو على بعض المؤسسات أو ممتلكات الأشخاص التي تعتبر في شريعة الإرهابيين "فيء وغنيمة" . ب ـ أحادية النشاط : بحيث إن نشاط هذه الخلايا محصور في التخطيط المباشر لتنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف معينة . مما يجعل أمر مراقبة تحركات العناصر المشتبه فيها متيسرا لغياب الامتدادات الزمانية والمكانية لنشاط الإرهابيين . فبالرجوع إلى الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها قبل خليتي بلعيرج وبلعيد ، نجد أن أعضاءها وأمراءها يثيرون الشبهات عبر نمط حياتهم وطبيعة خطابهم وسبل عيشهم . فمن يجالسهم أو يتفرس مظهرهم أو يستمع لخطابهم يدرك شدة الغلو في فهم الدين ومقت الكراهية للمجتمع والاستعداد المفرط لهدم نظم الدولة وقوانينها . فهؤلاء جميعهم يضعون أنفسهم في حل من المجتمع وتصادم مع قيمه . لكن العنصر الجديد والمفاجئ هو ما كشفت عنه الأجهزة الأمنية إثر تفكيك خلية بلعيرج في فبراير الماضي ، بحيث لم تعد هذه الأجهزة أمام خلايا تقليدية في التنظيم والتأطير والممارسة ، وإنما أمام "إمبراطورية" متعددة الأنشطة وعابرة للقارات . ذلك أن الأنشطة التي كان يقوم بها عبد القادر بلعيرج ، الزعيم المفترض للخلية ، لم تكن محصورة في نوع واحد ، بل شملت السطو والإجرام والقتل والتهريب والمتاجرة في الأسلحة ، وتبييض الأموال ، والاستثمار ، والعمالة للاستخبارات الأجنبية . ومن شأن هذه الأنشطة ونمط الحياة الذي يتبعه أعضاء الخلية وطبيعة العلاقة التي تربطهم بالمجتمع وتسهل اندماجهم فيه ، من شأنها أن تصرف عنهم أنظار التوجس وشبهات التطرف . ولعل هذا هو السبب في كون السلطات المختصة لم تمانع في الترخيص لبعض أعضاء خليتي بلعيرج وبلعيد من أجل إنجاز مشاريع سياحية واقتصادية تكون مصدرا لتمويل أنشطة هذه الخلايا . بل إن طبيعة خلية بلعيرج وأسلوب عملها جعلا الشك والتشكيك لا يكون موضوعهما نشاط الخلية في حد ذاته ، بل طال الشك والتشكيك كل المعلومات التي أصدرتها الأجهزة الأمنية في موضوع تفكيك الخلية ، ولم تتعامل الصحافة المغربية ، في معظمها ، بالموضوعية المفترضة فيها مع بيانات وزارة الداخلية ذات الصلة . فكانت ، بالتالي ، حملة تشكيك واسعة في عمل الأجهزة الأمنية ، بل وفي مصداقيتها ، وباتت بعض الصحف لسان إدانة يردد كل ما تنشره بعض الجهات الخارجية المناوئة لاستقرار المغرب أو المصابة بهذيان العظمة وعقدة التفوق الغربي . إذ نقرأ بعض ما نشر كالتالي : ـ في جريدة المساء ورد تشكيك يستند إلى ما نشرته جريدة «لوموند» وهي " تكتب مقالا يوم الجمعة الماضي تقول فيه أن الأمن البلجيكي لديه شكوك في ضلوع بلعيرج في قتل ستة بلجيكيين ، في الوقت الذي نقرأ في جرائد مغربية مقالا في اليوم نفسه يقول أن بلعيرج متورط في قتل البلجيكيين الستة. هل سيكون الأمن المغربي أكثر معرفة بالوضع الأمني في بلجيكا من البلجيكيين أنفسهم". ـ بجريدة التجديد (5/3/2008) نقرأ(لقد شاعت على ألسن المسؤولين المغاربة تهديدات صريحة ومبطنة تستهدف ضمن من تستهدفهم وسائل الإعلام. ورفعت فزاعة التشكيك في الرواية الرسمية ونشط المسؤولون في بيان خطورة نقد تلك الرواية على اعتبار أن ذلك يدخل ضمن دعم الإرهاب وحمايته). ـ وكتب الأستاذ محمد الساسي مشككا ومستنكرا ( المغرب يشهد منذ قرابة عقد من الزمن مسلسل حدث أمني متصاعد ومهيمن، تمثله اكتشافات وتفكيكات متلاحقة لبؤر وخلايا وتنظيمات إرهابية تحمل في كل مرة اسما جديدا حتى طالت قائمة التسميات ... أن هذا المسلسل يريد أن يسير في الطريق بكامل الحرية كما لو أنه يشغلها لوحده، ولا يحفل بأي شيء آخر، فرغم الأعراض الجانبية القاسية والمؤلمة وبعض «حوادث السير»، فإن الانطلاق من شرعية الأهداف المفترضة يجعل البعض يطالبنا بالتسليم المسبق بشرعية الممارسة الأمنية برمتها، بل هناك من جعل ذلك مقياسا للوطنية). بالتأكيد أن طبيعة هاتين الخليتين ستضعان الأجهزة الأمنية أمام مسارات جديدة للبحث والرصد إلى جانب المسارات المألوفة . إن الأساليب "المافيوزية" الجديدة التي كشفت عنها الأجهزة الأمنية هي أشد خطرا وأكثر تعقيدا مما درج عليه الإرهابيون . فهذه الأساليب "المافيوزية" تكمن خطورتها في الاختراق السهل والسلس للمجتمع والدولة والمؤسسات لأنها لا تتخذ أشكالا شاذة يقاومها المجتمع بكل تلقائية . لذا فالمصلحة الوطنية تستوجب دعم الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية التي وحدها ، إلى الآن ، أثبتت أهليتا في التصدي لمخاطر الإرهاب وكفاءتها في استيعاب أساليب المتطرفين . ولعل التقارير التي تنجزها الجهات المختصة في بلجيكا كفيلة بإعادة الاعتبار والثقة في جهود الأجهزة الأمنية المغربية . إذ كشف التقرير الذي أنجزته لجنة الرقابة الدائمة على جهاز الاستخبارات البلجيكية أن عبد القادر بلعيرج متورط في ست عمليات اغتيال على خلفية سياسية ببلجيكا منذ عام 1988 فضلا عن أعمال إرهابية أخرى . وهذه الحقائق هي نفسها كشفت عنها تحقيقات الأجهزة الأمنية في المغرب وكانت مثار شك وتشكيك ، فهل ستصبح مصدر اطمئنان وامتنان لما تبذله هذه الأجهزة من جهود وما تواجهه من مخاطر في سبيل أمن الوطن واستقراره ؟ بالتأكيد أن الرسالة التي وجهها جلالة الملك للأجهزة الأمنية فيها من المعاني والإشارات ما يبعث على الثقة والدعم والاطمئنان (وقد أبنتم بشجاعتكم وتفانيكم، في النهوض بواجبكم الوطني، عن مدى جدارتكم وأهليتكم لحماية أمن البلاد والعباد، رغم صعوبة ظروف عملكم .. وفي هذا الصدد، نعرب عن عميق اعتزازنا، بما أبان عنه مواطنونا، بكافة مكوناتهم ومشاربهم، من تجاوب تلقائي، وتلاحم وتعاون مع قوات الأمن، في التصدي للإرهاب، وعياً منهم بأن الحفاظ على الأمن، مسؤولية المجتمع بأكمله، وبأن الأمن الفعلي ينطلق من انخراط المواطن في صيانته، باعتباره أساس الطمأنينة والاستقرار، والتنمية والازدهار) .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (5)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (4)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (3)
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (2) .
-
أي بلال : الحق لا يعرف بالرجال (1)
-
أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب ؟
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(3)
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(2)
-
بلال التليدي : كبر مقتا أن تقول ما لا تفعل !!
-
ماذا لو شملت عقوبة الإعفاء من المهام كل المقصرين ؟
-
تيار الإسلام السياسي خصم أم حليف للتيار الجهادي ؟(1)
-
على هامش فرار الإرهابيين : الدول لا تبنى بالعواطف .
-
مواقف الأحزاب والمنظمات الحقوقية والإعلام في مواجهة الإرهاب
...
-
المال -السايب- يشجع على النهب والتبذير .
-
الإسلاميون واليساريون أية علاقة ؟
-
الجماعات الإسلامية والنموذج المشرقي المفلس لأوضاع المرأة .
-
وإذا المستأسدون سئلوا لأي سبب جبنوا .
-
إلى أين يسير المغرب ؟
-
هذه مخططات الإرهاب فما هي مخططات الدولة والأحزاب ؟
-
الوهابية تعادي الحب وتنكر العلم وتكفر الديمقراطية .
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|