أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - رسالة مفتوحة من حسقيل قوجمان الى آرا خاجادور















المزيد.....



رسالة مفتوحة من حسقيل قوجمان الى آرا خاجادور


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 08:04
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


[1]
عزيزي آرا، أكتب لك رسالتي هذه مفتوحة لأني مثلك اود ان استعمل حق التعبير الصريح عن رايي بعد أن "بات حقا مقدسا" ولأني مثلكك كنت من "الرعيل القديم تقع علي مسؤولية في تقديم تجربتي بأمانة ونزاهة الى الاخرين". ولكن لي سبب آخر اضافة الى السببين المذكورين. ولو ان هذه الرسالة موجهة اليك شخصيا فان مجرد استبدال الاسم بآخر يجعل الرسالة موجهة الى العديد من زملائنا القدامى والى الزملاء الاخرين الذين لم يسعفني الحظ في الالتقاء بهم لا في سجون نوري السعيد ولا في سجون عبد الكريم قاسم. وليست هذه الرسالة ردا على رسالتك لأن رسالتك "شمولية" تضمنت كل المواضيع النظرية والسياسية التي مررت بها ومر بها الحزب الشيوعي العراقي ويتطلب الرد عليها جميعا اكثر من مجلد. وقد ناقشت بعضها في كتابي "١٤ تموز" وعدد لا بأس به من مقالات نشر بعضها في جرائد قليلة الانتشار وبقي بعضها لم ينشر تستطيع اذا شئت الاطلاع عليها. انما اكتفي في هذه الرسالة بالتقاط "درر" من ارائك لمناقشتها باقتضاب شديد. انني بهذه الرسالة اقوم بمسؤوليتي كما كنت افعل في كل فرصة ممكنة منذ كنا معا في السجون وحتى هذا اليوم رغم كل العقبات التي وضعتموها في طريقي والعقوبات التي وجهتموها الي بتقديم تجربتي بأمانة ونزاهة الى كل من تهمه مصلحة الطبقة العاملة العراقية والشعب العراقي الكادح.
يمكن تلخيص رسالتك بعبارة موجزة على انها "رسالة لا تقدم شيئا لقارئها" واقصد بذلك انك تناقش مواضيع كثيرة تنتقد فيها نقاطا معينة بدون ان توضح للقارئ ما هو الصحيح او ما هو رأيك بصددها. أذكر من ذلك على سبيل المثال "انني ساواصل الصراع حتى تنتصر مبادئ الحزب" ولا تشير ولو بكلمة واحدة الى المبادئ التي تعتبرها مبادئ الحزب، وتتحدث عن احداث "طرأت في السنوات الاخيرة" مثل انهيار الاشتراكية بدون ان تشرح لقارئك اسباب هذا الانهيار ومتى بدأ الانهيار، وتلوم صدام حسين على انه لم يستفد من التجارب التي عاشتها بلدان اوروبا الشرقية "وعدم ادراكه انه لا يمكن السير ضد منطق التاريخ" بدون ان تنور القارئ بما يعني منطق التاريخ، وتتحدث عن "مبررات عميقة للتغيير" بدون ان تذكر ما هي هذه المبررات، وكذلك "الانظمة الشمولية" و"اختتام الحرب الباردة" و"المسائل العملية والنظرية التي تتطلب الاجابة" الى اخره. انك بهذا تسلك نفس السلوك الذي تعودت عليه حين كنت في قيادة الحزب، سلوك التبجح بالعبارات الضخمة الرنانة بدون ان تقدم شيئا ينور القارئ بمحتوى هذه العبارات.
الحق المقدس
أخيرا، في ١٩٩٢، بعد نصف قرن من العضوية في الحزب الشيوعي وثلث قرن في اللجنة المركزية ولا اعلم كم من القرن في المكتب السياسي، شعرت "ان حق التعبير العلني عن الاراء والمواقف بات حقا مقدسا". ترى ماذا كان في رأيك هذا التعبير سابقا؟ هل كان حقا غير مقدس أم لم يكن حقا اطلاقا؟ هل هذا الحق المقدس جديد حقا؟ الواقع هو ان هذا الحق المقدس كان الاساس الذي قامت عليه النظرية الماركسية ذاتها. فقد مارس كارل ماركس هذا الحق باصرار الباحث العلمي الذي لا يحيد قيد شعرة عما يتوصل اليه في بحوثه ودراساته فكانت الماركسية ثمرة هذه الممارسة. ومثل ماركس مارس معلمو الماركسية الاخرون أنجلز ولينين وستالين هذا الحق باصرار وامانة فخلفوا لنا تراثا غنيا من تجاربهم وتحاليلهم واستنتاجاتهم يهدي عمال وكادحي العالم حتى بناء الشيوعية. وحذا حذو هؤلاء المعلمين كل شيوعي حقيقي اتى في ايامهم وبعدهم وكان منهم الرفيق فهد الذي مارس هذا الحق باخلاص وامانة الشيوعي فترك لنا تراثا ما زلتم تفاخرون وتتاجرون به حتى هذه الساعة. وقد سنحت لي خلال حياتنا المشتركة في السجون عدة فرص مارست فيها هذا الحق المقدس بكل صراحة وامانة واصرار. لا اعلم ان كنت تتذكر ذلك ام لا لأن الزعماء لا يتذكرون عادة اعمال ومواقف قواعد الحزب. في المرة الاولى التي التقينا بها في سجن بغداد قبل نقلنا الى نقرة السلمان، وليلة اول ايار، كنت انت بين الخمسة الذين نظموا حفلة سمر في المناسبة في الظاهر وجلسة استطلاع للاراء في الواقع. لقد مارست في تلك الليلة بالذات هذا الحق المقدس فأدليت بآرائي حول قيادة ساسون دلال من الناحثة النظرية والتطبيقية مما دفعكم جميعا الى انتقادها ورفضها. وفي الاجتماع العام الذي عقد بعد وصولنا الى نقرة السلمان بايام معدودة جاءت نفس الانتقادات التي وجهتها الى سياسة فترة ساسون دلال على لسان سالم عبيد النعمان ويبدو انها نقلت الى قيادة منظمة نقرة السلمان لا باعتبارها آرائي بل باعتبارها اراء بعض الزعماء الخمسة المذكورين الذين كنت انت احدهم. وفي حادث مقالة ع ع حول المادية الجدلية ثورة في العلم او قل مقالة الدجاجة والبيضة التي لا شك انك تتذكرها جيدا مارست هذا الحق بصلابة في انتقاد المقال وطلب رفعه من دفتر الادبيات الثورية الى درجة جعلت حميد عثمان يغضب على ويمتنع حتى عن رد تحية الصباح. ولكنه جاء الي بعد اسبوع ليعتذر عن تصرفه غيرالصحيح فما كان مني الا ان أكدت من جديد على طلب رفع المقال من الدفتر لأنه غير صحيح ويؤدي الى الاضرار بالمنظمة. وهل تتذكر الاجتماع العام الذي عقد بعد زيارة خروشوف الى بلغراد؟ انك لم تساهم مساهمة فعالة في هذا الاجتماع ولكنك كنت حاضرا فيه. وقد تتذكر كيف مارست هذا الحق بكل اصرار بحيث اجبرت زكي خيري الذي ادار الاجتماع على التصريح امام كل المجتمعين بان زيارة خروشوف الى يوغوسلافيا ومخاطبة تيتو بالرفيق لا تعني ان تيتو شيوعي ولا ان يوغوسلافيا دولة اشتراكية. وقبيل المؤتمر العشرين عقد اجتماع عام للمنظمة لبحث موضوع الانتقاد والانتقاد الذاتي واصر المحاضر عزيز الحاج على ان هناك احزابا وشخصيات لا يجوز انتقادها مثل الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي وستالين. فمارست هذا الحق المقدس في ذلك الاجتماع وبينت انه لا يوجد حزب او شخص لا يجوز انتقاده وان ستالين كغيره من الشيوعيين معرض للانتقاد. هل تذكر كيف هب ١٤ عضو من اللجنة القيادية العليا واللجنة القيادية الثانية والصقوا بي ابشع التهم كبث الليرالية والتحريض على انتقاد ستالين وكأن الامر كان متفقا عليه مقدما قبل الاجتماع؟ لقد كنت انت واحدا منهم. وقد نجحت في ذلك الاجتماع في سد الطريق امامكم في مواصلة المحاضرة والانتقال من النطاق العالمي الى النطاق المحلي والادعاء بانه لا يجوز انتقاد قيادة الحزب الموجودة في الميدان. وبعد اسابيع معدودة، بعد وصول انباء المؤتمر العشرين وانتقاد ستالين في خطاب خروشوف المشهور تبين ان كل الذين ردوا علي في حينه كانوا يعلمون سلفا باخطاء وانحرافات ستالين وكنت انا الوحيد الذي دافع عن ستالين وعن التراث العظيم الذي خلفه للطبقة العاملة العالمية ولجميع الكادحين في العالم. وبعد خروجنا من السجن اثر الثورة مارست هذا الحق في التقارير الخمسة التي وجهتها الى اللجنة المركزية لمعالجة العديد من القضايا النظرية والسياسية والتنظيمية لما بعد ١٤ تموز ولا ادري ان كانت عضويتك في اللجنة المركزية قد زكتك بالاطلاع على تلك التقارير ام انك حرمت من قراءتها خوفا من ان تفسدك رغم انها كانت موجهة لك باعتبارك عضوا في اللجنة المركزية. ولا ادري ان كنت تتذكر المرة الوحيدة التي التقينا بها بعد خروجنا من السجن صدفة في شارع الرشيد سنة ١٩٥٨ فتنازلت ورديت تحيتي مما لم يفعله اخرون. قلت لك انذاك "انك اخر من كنت اتوقع ان ينجرف في هذا التيار الذي تسيرون فيه" فلم تعر كلماتي اي اهتمام. لا استغرب كثيرا ان كنت لا تتذكر هذا الحدث! اذ من أنت في تلك الايام ومن أنا! انت زعيم شيوعي لابد ان تكون في تلك الايام قد "عينت" عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وانا عبارة عن يهودي كنتم قد نبذتموه ورميتم به في الشارع وحكمتم بانه لا يمكن ان يكون شيوعيا لأن اليهودي حسب نظرية خالد بكداش التي تبنيتموها وآمنتم بها يستحيل ان يكون شيوعيا الا اذا اعتنق مختارا دينا آخر بدل الدين الذي انتسب اليه بحكم ولادته. وهذا الدين الجديد يمنح اليهودي السابق الكفاءات التي تؤهله لكي يكون شيوعيا والتي حرمه الله منها حين كان يهوديا. وانا اعتبرت ذلك نبذا للشيوعية لأن الشيوعية لا تؤمن باي دين حتى لو كان الدين الاسلامي  ولا تميز بين دين وآخر. يبدو من كل ما سبق ان هذا الحق المقدس الذي اكتشفته في بداية ١٩٩٢كان حقا مقدسا منذ بداية الحركة الشيوعية ليس للقادة الكبار وحدهم بل كذلك للشيوعيين البسطاء امثالي ايضا. وها انت قد اكتشفت هذا الحق المقدس بعد ممارسته من قبل الشيوعيين زهاء قرن ونصف فظننت انه "بات حقا مقدسا" حين اكتشفته.
وكما تجاهلت الملاحظة التي ابديتها لك في شارع الرشيد سنة ١٩٥٨ تجاهلتني هنا في لندن. فقد ترددت مرارا الى لندن وكنت تعلم انني موجود فيها منذ قدومك مع عزيز محمد. وكثيرا ما ترددت على دار اخي يعقوب ولابد انك كنت تعلم انني اسكن على بعد دقائق مشيا على الاقدام من داره فلم تكلف نفسك عناء الاتصال بي او زيارتي رغم ان علاقاتنا كانت اكثر من علاقاتك مع يعقوب. قد يكون سبب ذلك في الظاهر ما سمعته عني من يعقوب او من الناس المحيطين به من اتهامات منها الصحيح كقولهم انني عنيد لا يفيد معي النقاش وهذه تهمة اعتز بها وافتخر لانها من صفات الشيوعي الحقيقي الذي لا يوافق على اي رأي يراه منحرفا عن الشيوعية ومنها ملفقة مثل اتهامي بالعمل في الشين بيت الاسرائيلي او بكوني عميل لصدام او جاسوس لدول اخرى. ان يعقوب ورهطه يعلمون ان هذه الاتهامات ملفقة لانهم هم الذين لفقوها. لا شك انك انت ايضا تعلم بانها تهم ملفقة الا اذا كنت من السذاجة بحيث تصدق انني جاسوس ارتزق من التجسس عليكم وانتقد سياسة حزبكم بشدة الى درجة تدفعكم الى مقاطعتي وقطع رزقي الناجم من تجسسي عليكم. الا ان الواقع خلاف ذلك. انك مثل يعقوب ورهطه تخافون من رؤية اوجهكم في المرآة، وانت تعلم من تجربتك الطويلة في السجون انني كنت دائما المرآة التي تظهر فيها الوجوه على حقيقتها. ولذلك تحاشيت ملاقاتي كما تحاشاها كل الزملاء القدامى الذين زاروا لندن فلم يكلفوا انفسهم عناء زيارتي لان من المحتمل ان تكون الزيارة مؤلمة.
التعددية
تشير الى ان الاحزاب التي تفقد تاثيرها على الجماهير تتشبث برصيد المفردات السياسية مثل التعددية رغم معاداتها السافرة للتعددية وانعدام معرفة مضمونها. وتنورنا بان "من يريد التعددية عليه ان يكون مخلصا لها" وان يعلن صراحة "ان التعددية كما تنسحب على البلد الواحد فعليها ان تنسحب على واقع الاحزاب الداعية اليها". ثم تشير الى "ان التغيرات العملاقة الحاصلة في العالم والتقنية المتطورة خلقت فئات متنوعة داخل الطبقة العاملة ذاتها مما يستدعي التعددية داخل الطبقة العاملة ...". ولكنك لم تخبرنا بمضمون التعددية.
ما معنى التعددية؟ تعني التعددية على ما افهمه منك ومن غيرك وجود احزاب ومنظمات وفئات سياسية عديدة تتفق او تتناوب او تتصارع على حكم بلد معين. وقد مورست هذه التعددية في العديد من البلدان التي توصف بالديمقراطية. ففي الولايات المتحدة مثلا كان الحزبان الرئيسيان، الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي يتناوبان على الحكم اجيالا، وفي انجلترا تتصارع الاحزاب الثلاثة على حكم البلاد ولو ان حزب الاحرار لم يستلم الحكم من امد طويل، وتتعدد الاحزاب في فرنسا وايطاليا واسبانيا، وتمارس التعددية في اسرائيل ايضا. الا ان التعددية لم تعن ابدا اشتراك جميع الاحزاب في اتخاذ القرارات بل يكون الحزب او الاحزاب الحاكمة هي المقررة لكل شيء ويبقى دور الاحزاب الاخرى المعارضة مقصورا على تحويل البرلمان الى قاعة للمناقشات العقيمة. وكان دور الاحزاب الشيوعية في فرنسا وايطاليا طيلة سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية نموذجا رائعا لهذا الدور.
فما معنى التعددية الحقيقي اذن؟ معناها بقاء النظام الراسمالي في البلدان الراسمالية بقاء ازليا. اذ ان التعددية تتطلب تعدد الاحزاب وتنفي القضاء عليها وبالتالي تنفي القضاء على الطبقات التي تمثلها هذه الاحزاب. والقضاء على الراسمالية يتطلب حتما القضاء على الطبقات المستغلة وبالتالي القضاء على الاحزاب الممثلة لها ايضا. فمفهوم التعددية في الاشتراكية مفهوم ابتدعه المحرفون للماركسية ابتداءا في خروشوف وانتهاءا في غورباشوف وقد رأينا ان نتيجة التعددية هي القضاء على الاشتراكية واعادة الراسمالية.
ولكنك لا تنتقد التعددية كمفهوم معارض للاشتراكية بل تنتقد الذين يدعون الى التعددية لانهم ليسوا صادقين بدعوتهم وتتهمهم "بمعاداة سافرة للتعددية" وتقول "فالذي يريد التعددية عليه اولا ان يكون مخلصا لها وان يثبت ... ان التعددية كما تنسحب على البلد المعين فعليها ان تنسحب على واقع الاحزاب الداعية اليها" ثم تبين "ان التطورات العملاقة الحاصلة في العالم والتقنية المتطورة قد خلقت فئات متنوعة داخل الطبقة العاملة والحركة الاشتراكية واليسار عموما".
وهنا بيت القصيد. فبما ان التغيرات خلقت فئات متنوعة داخل الطبقة العاملة فلا يمكن ان يوجد حزب واحد موحد للطبقة العاملة. وكعادتك لم تنور القارئ بنماذج من الفئات الجديدة التي نشأت داخل الطبقة العاملة وما الفرق بين مصالح فئات الطبقة العاملة القائمة والفئات الجديدة مما يستدعي هذه التعددية. نعلم ان المصلحة التي توحد الطبقة العاملة هي التخلص من الاستغلال الراسمالي ، وهو ما اشرت اليه حين قلت "ان الصراع بين العمل والراسمال حقيقة قائمة". فهل اصبحت مصالح هذه الفئات الجديدة تتعارض مع هذا الهدف؟ هل اصبح من مصلحة هذه الفئات الجديدة من الطبقة العاملة ابقاء استغلال الطبقة العاملة؟ اذا كان الامر كذلك فلا تمت هذه الفئات الى الطبقة العاملة بصلة.
وما شكل الحزب الذي  "تنسحب عليه التعددية"؟ هل هو حزب تجر احدى فئاته بالطول والفئة الاخرى بالعرض؟ وكيف يمكن التوصل الى اعمال موحدة حين لا تتفق مصالح هذه الفئات مع بعضها؟ ان الطبقات المستغلة تختلف عن بعضها في مصالحها وتتصارع فيما بينها لكي تفوز فئة منها بالحكم وتوجه الفئات الاخرى حسب مصالحها هي. ولا يوحد الاحزاب البرجوازية المتعددة سوى مقاومة الحركة العمالية التي تهدد مصالح كافة فئات الطبقات المستغلة ونظامها بالذات. فما الذي يوحد البروليتاريا اذا كانت مصالح فئاتها تتعارض مما يستدعي التعددية؟
ان المغالطة التحريفية ليست في ذلك. ففي الحقيقة ليس الوضع الاقتصادي او الثقافي لفئات الطبقة العاملة هو الذي يوحدها او يفرقها. ان المقولة الماركسية التي تفيد بانه يجب ان يكون للطبقة العاملة حزب واحد فقط تستند الى ان للطبقة العاملة نظرية واحدة، النظرية الماركسية، توجه نضالها نحو تحقيق هدفها التاريخي وان حزب الطبقة العاملة هو الحزب الذي يؤمن بالماركسية ويتخذها موجها له في سياساته البعيدة والقريبة ولا يحيد عنها. فبمجرد ان يحيد حزب عن الماركسية ينتفي كونه حزبا للطبقة العاملة بصرف النظر عن الشعارات الرنانة والعبارات الثورية التي يتشدق بها. وقد راينا ان الانحراف عن الماركسية لم يدمر الحزب البلشفي وحسب بل دمر الاشتراكية وحول الاتحاد السوفييتي من دولة اشتراكية عظمى الى دويلات راسمالية تتصارع فيما بينها. ومن الواضح انك لم تذكر الماركسية ولو مرة واحدة في رسالتك. لعلك تحاشيت ذكرها لئلا يتهمونك بالجمود العقائدي وغير ذلك.
هل مارست الاحزاب الشيوعية التعددية داخل الحزب سابقا ام انك اول من فكر في ذلك؟ في الحقيقة مارست كل الاحزاب الشيوعية والعمالية مثل هذه التعددية بعد المؤتمر العشرين رغم عدم تسميتها بالتعددية والفضل يعود لك في ستعمال كلمة التعددية ان لم يسبقك اليها احد. فقد مارس الحزب الشيوعي العراقي مثلا التعددية باسم توحيد الحزب او القضاء على الانتهازية بادخالها الى الحزب فماذا كانت النتيجة؟ تحول الحزب الى حزب بتي برجوازي يخدم البرجوازية في صفوف الطبقة العاملة.
والمثال الثاني الذي اورده لانه اهم من كل الامثلة الاخرى هو الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي. فقد مارس هذا الحزب التعددية داخل الحزب بصورة اخرى. ادعى ان الحزب الشيوعي لم يعد حزب الطبقة العاملة نظرا الى ان الشعب السوفييتي اصبح كله اشتراكيا ولم يعد فيه من يعادي الاشتراكية. ومن ذلك الحين اصبح الحزب الشيوعي حزب الشعب كله. فماذا كانت النتيجة؟ تحول الحزب الى حزب برجوازي مهمته تدمير الاشتراكية واعادة الراسمالية. وبامكانك ان تتتبع حركة الاحزاب الشيوعية كلها لترى كيف استعملت التعددية داخل الحزب واشهر هذه الاحزاب هي التي اسمت نفسها الاوروشيوعية.
ما هي المغالطة التي تكمن وراء ذلك؟ ان ما يوحد الطبقة العاملة ليس وحدة جميع فئاتها او تشابهها بل نظريتها. توجد نظرية واحدة للطبقة العاملة توحدها وتهديها وتوجهها نحو هدفها، الثورة الاشتراكية وبناء المجتمع الاشتراكي والتقدم به نحو المجتمع الشيوعي، النظرية الماركسية. وحزب الطبقة العاملة هو الحزب الذي يتقن هذه النظرية ويجيد استخدامها ويهتدي بها في نضالاته الاستراتيجية والتكتيكية. هذا هو الذي يجعل من اي حزب حزبا للطبقة العاملة. وتاريخ الاحزاب الشيوعية الحقيقية لا يرينا اي حزب اقتصرت عضويته على العمال وحدهم او كان يمثل العمال وحدهم. فقد ضمت الاحزاب الشيوعية اعضاء من مختلف فئات المجتمع الكادحة المستغلة من مثقفين وفلاحين وطلاب لا ينتمون الى الطبقة العاملة وانما يمثل حزب الطبقة العاملة مصالحهم البعيدة، بل حتى معلمو الماركسية لم يكونوا عمالا. فماركس نفسه كان مثقفا وما جعله ممثلا للطبقة العاملة هو انه اكتشف نظريتها وطبقها في كل بحوثه ودراساته. ان المثقفين والفلاحين وحتى بعض البرجوازيين يصبحون ممثلين للطبقة العاملة بالتخلي عن مصالحهم الطبقية الانية وبتبني مصالح الطبقة العاملة. فنظريتك حول نشوء فئات جديدة داخل الطبقة العاملة تستدعي التعددية داخل الحزب، اي تعدد النظريات التي تهدي بها كل فئة من هذه الفئات، نظرية لا اساس لها وما هي الا تعبير جديد لحرف الحزب عن النظرية الماركسية وتحويله الى حزب لا يمثل الطبقة العاملة ولا يحقق اهدافها.
الديمقراطية
كان من الممكن دمج الديمقراطية والتعددية في موضوع واحد وعدم بحثهما كموضوعين منفصلين لان التعددية ليست سوى تطبيق الديمقراطية على الاحزاب وبعد ان طورت التعددية فتطبيق الديمقراطية على الحزب الداعي لها ولان الديمقراطية التي مازال يتغنى بها من يسمون انفسهم شيوعيين منذ خروشوف وحتى هذا اليوم لم تتضمن بحث ديمقراطية الطبقات بل كانت ديمقراطية خالية من الطابع الطبقي. ولكني مع ذلك قررت بحث الديمقراطية منفصلة عن التعددية لان لنا انت وانا مع الديمقراطية ذكريات في حين ان التعددية لم تكن موجودة في مفردات لغتنا السياسية في تلك الايام.
هل تتذكر يا ارا حين كنا نتفلسف فنقول ان الدكتاتورية والديمقراطية وحدة نقيضين لا ينفصلان فاذا اختفى احدهما انتفى النقيض الاخر ايضا؟ ولكن هذه الفلسفة اصبحت في ايامنا مملة لانها لا تنسجم مع الواقع الحي على ما يبدو!
وهل تتذكر اننا كنا نتحدث عن الدولة فنقول ان الدولة، منذ نشوء اول دولة في التاريخ وحتى يومنا هذا، كانت تجسيدا لهذه الوحدة بين الدكتاتورية والديمقراطية؟ هذا الحديث ايضا اصبح عقيدة جامدة وثرثرة ديالكتيكية عتيقة منفصلة عن الحياة أليس كذلك؟ ثم هل تتذكر كيف كنا نتفاخر بقول لينين ان دكتاتورية البروليتاريا هي اكثر ديمقراطية مليون مرة من اية ديمقراطية برجوازية؟ ان الواقع الديمقراطي يرينا اليوم ان الدول الديمقراطية مثل انجلترا والسويد والدانمارك والمانيا وكندا وغيرها تقبل حتى الشيوعيين كلاجئين توفر لهم الحد الادنى من وسائل العيش والسكن وتسمح لهم بحق التنظيم والاجتماع والتظاهر والنشر وحتى حق العمل فأين اذن تلك الرطانة التي كنا نرطن بها حول اتحاد الديمقراطية بالدكتاتورية؟ أردنا مثل هذه الديمقراطية في الاتحاد السوفييتي، وها هي قد تحققت. ونريد مثل هذه الديمقراطية للعراق ايضا وعسى ان تتحقق في القريت العاجل تحت رعاية بوش وخادم الحرمين ان شاء الله.
ومع ذلك، ورغم كل الاوصاف التي الصقت بمناقشاتنا، نراها تتحقق حين نبحث الديمقراطية، لا في نطاق الاحزاب، بل في نطاق الطبقات. فالدولة ليست في الواقع سوى اتحاد وثيق لا ينفصم بين الديمقراطية والدكتاتورية. وان القشرة الديمقراطية لتي تسمح للطبقة المحكومة ببعض الحريات تمنح الحرية للمثقفين اليتي برجوازيين بالتعبير عن ارائهم في الصحافة الديمقراطية بشرط واحد هو الا يغضبوا اساطين الصحافة مثل مردخ وماكسويل، سرعان ما تتكسر وتظهر انياب الدكتاتورية حين يقرر عمال الفحم مثلا الاضراب عن العمل. لقد شاهدنا كيف تحولت بريطانيا الديمقراطية العريقة الى دكتاتورية بوليسية وعسكرية سافرة لغرض كسر اضراب عمال الفحم (ويصادف وقت كتابة هذه الرسالة ما قررته حكومة بريطانيا بغلق الاغلبية الساحقة من مناجم الفحم والقاء عمالها في مهاوي البطالة بحجة ان صناعة استخراج الفحم غير مربحة). فالديمقراطية تسمح للعامل بسب الحكومة ولعن البطالة وبالتضور جوعا ولكنها تسمح للراسمالية ايضا بغلق المناجم وحرمان مئات الوف العمال من العمل، ومن يتحدى هذا الحق فهو مخرب وعنفي يجب ان يردع بالعنف الحكومي الديمقراطي الشرعي.
انك يا آرا تخليت عن التحدث عن الطابع الطبقي للديمقراطية ونسيت ان ديمقراطية الطبقة البرجوازية هي حرية استغلال الطبقة العاملة وان ديمقراطية الطبقة العاملة هي حرية القضاء على الاستغلال الراسمالي للطبقة العاملة. من هذا نرى ان الديمقراطية للعراق، وهو شعار حزبكم الاستراتيجي الرسمي منذ تركتم خندق التحالف مع السلطة البعثية واضطراركم الى الانتقال الى خندق المعارضة وحتى هذا اليوم، ليست سوى هراء لخدع الناس ووسيلة لاخفاء تبرجزكم وهي ليست في محتواها في افضل الظروف سوى تبرير لتخليد الراسمالية واستغلالها للطبقة العاملة والكادحين. افلم يكن من الضروري ان تشرح لقرائك الديمقراطية التي تطالب انت بها واختلافها عن الديمقراطية التي طالبتم بها وطالب بها قادة الاتحاد السوفييتي طيلة الاربعين عاما التي انتهت بانتهاء الاتحاد السوفييتي نفسه؟ الا ترى ان من واجبك تقديم تجربتك بصراحة ونزاهة الى الرعيل الجديد تشرح بها كيفية تطبيق الديمقراطية التي تطالب بها على كافة طبقات المجتمع العراقي اي على البرجوازية والبروليتاريا معا؟
التحالفات
تصف التحالفات القائمة حاليا بانها تحالفات فوقية ومحاولات توزيع الكراسي تتغلب فيها الاحداث والمصالح العابرة النفعية وتعبر عن مصالح شرائح تجري وراء مصالح شخصية بصرف النظر عن مصالح الجماهير. وفي مكان اخر تشير الى ان كل القوى المعارضة تجد حلفاءها في الدول المرتبطة بها ويقع الحزب احيانا كبش فداء في محالفاته. وترى الحل في ان ترسم سياسة التحالفات حسب ظروف النضال في الداخل وان تحشد كل القوى (الحركة الوطنية الديمقراطية والحركة القومية اي حزب البعث والقوميين العرب والقوى الدينية) والترفع عن الضغائن والاحقاد لتحاشي المزيد من المذابح.
اذا اردنا دراسة هذا الموضوع دراسة علمية فعلينا ان نتطرق قليلا الى فحوى سياسة التحالفات او الجبهات كما هو المألوف تسميتها. فالجبهة او التحالف تعني اتفاق فئتين او اكثر على هدف او عدة اهداف مشتركة تناضل هذه الفئات من اجل تحقيقها. ومجرد الاتفاق على اهداف معينة يعني عكسه اي عدم الاتفاق على اهداف اخرى. اي ان لهذه الفئات اهداف مختلفة اضافة الى الاهداف المشتركة تناضل كل فئة من اجل تحقيقها بطريقتها الخاصة خارج نطاق الجبهة او التحالف. اذ لو كانت جميع اهداف الفئات مشتركة او متماثلة لما دعت الحاجة الى الجبهة بل كان من الممكن التفكير في الوحدة. ولذلك فان طبيعة الجبهات او التحالفات طبيعة آنية مؤقتة تتوخى تحقيق الاهداف المشتركة وتنتهي لدى تحقيقها. وهذا في اعتقادي هو ما لم يفهمه الحزب او لم يشأ ان يفهمه طيلة العقود الاخيرة منذ ١٩٥٧ وحتى يومنا هذا. فقد عقدت جبهة ١٩٥٧ الوطنية لغرض تحقيق اهداف  معينة دونت في ميثاقها. ولكن الحزب تصور ان هذه الجبهة يجب ان تدوم طويلا حتى بعد تحقيق الاهداف المشتركة فيها. ولذلك لم يستطع ادراك اسباب انتهاء الجبهة يوم ١٤ تموز.
ثم ان وجود فئات مختلفة لها مصالح مشتركة يعني وجود عناصر مختلفة تمثلها هذه الفئات كنا في السابق نطلق عليها اسم طبقات او مراتب وقد تخلى الادب السياسي الشيوعي تقريبا عن استعمال هاتين التسميتين واستبدلهما بكلمة شرائح لاسباب لا مجال لمناقشتها هنا. وقد كتبت قبل عدة سنوات مقالا بعنوان "أشرائح ام مراتب" يشرح اسباب ونتائج هذا الاستعمال ولكني هنا ساستعمل العبارات القديمة واقول ان وجود طبقات ومراتب معينة يستدعي وجود احزاب ومنظمات لها تمثل مصالحها التي تختلف عن بعضها والتي قد تتعارض بصورة كلية او تتفق على اهداف مشتركة لفترات معينة. والمجتمع العراقي عموما يتألف من طبقة عاملة وبرجوازية في المدينة والريف وبقايا الاقطاع ومراتب بتي برجوازية في المدينة ومتوسطي الفلاحين وفقراء الفلاحين في الريف وربما تدخل فئات من الاجانب الذين كثر عددهم في العقود االاخيرة.
وسياسة التحالفات الصحيحة يجب ان تأخذ هذه الانقسامات بعين الاعتبار وان تدرس ما اذا كانت بينها اهداف مشتركة في المرحلة المعينة وان تحدد هذه الاهداف بدقة لان تحقيق هذه الاهداف يعني ايضا نهاية التحالف المعين الا اذا وجدت احزاب او منظمات لها اهداف اخرى مشتركة يمكن الاتفاق عليها وبذلك يحتاج الامر الى عقد تحالف جديد.
وبما اننا نتحدث عن تحالفات يكون الحزب الذي يمثل الطبقة العاملة تمثيلا حقيقيا طرفا فيها فعلينا ان نشير الى ان مثل هذه التحالفات يجب ان تكون بين حزب الطبقة العاملة هذا والاحزاب والمنظمات التي تمثل سائر طبقات ومراتب المجتمع الاخرى وعليه يجب ان توجد مصالح مشتركة بين الطبقة العاملة وسائر طبقات ومراتب المجتمع لكي يمكن تحقيق التحالف. فبدون وجود الاهداف المشتركة بين الطبقة العاملة والطبقات والمراتب الاخرى في الفترة موضوع البحث يستحيل تحقيق التحالف بين ممثلي الطبقة العاملة وممثلي الطبقات والمراتب الاخرى.
وبما ان اهداف الطبقة العاملة ابعد من اهداف الطبقات والمراتب الاخرى جميعا لان هدفها الحقيقي هو الثورة الاشتراكية وبناء المجتمع الاشتراكي والسير به حتى المجتمع الشيوعي فلابد ان تكون التحالفات التي تشترك فيها الطبقة العاملة عن طريق حزبها قصيرة المدى لا تحقق سوى اهداف معينة في طريق نضالها البعيد المدى وعلى حزب الطبقة العاملة الا ينقطع ولو لحظة واحدة، حتى لدى وجود الجبهة، عن مواصلة النضال من اجل تحقيق اهداف الطبقة العاملة المختلفة عن اهداف الجبهة حتى لو كانت ضد اطراف الجبهة الاخرين او بعضهم.
فهل فعل الحزب الشيوعي العراقي ذلك في جبهة ١٩٥٧؟ كلا. فالحزب اعتبر الجبهة كل شيء واعتبر ان من واجبه التنازل عن كل الخلافات من أجل الابقاء على الجبهة، وهو ما عبر عنه الحزب اثناء الجبهة مع البعث الحاكم "لنتفق على ما يوحدنا" وكان هذا اساس سياسته اللاحقة طيلة الفترات التالية وفي كل الجبهات التي اشترك فيها بما فيها الجبهة الكردية الحالية اذ جعل الجبهة غاية بحد ذاتها لا وسيلة لبلوغ اهداف معينة في طريق النضال الاستراتيجي للطبقة العاملة.
في ١٤ تموز حدث تغير نوعي جوهري في التركيب الطبقي في العراق اذ تحولت السلطة الى البرجوازية وهذا التغير حتم انتقال الثورة في العراق من مرحلة الثورة البرجوازية او الثورة الديمقراطية او غير ذلك من التسميات الى مرحلة الثورة الاشتراكية ويترتب على ذلك انتفاء الهدف المشترك بين الطبقة العاملة والبرجوازية على اسقاط السلطة البرجوازية لان البرجوازية لا يمكن ان تتفق مع الطبقة العاملة على اسقاط سلطتها. لذا لم يبق ثمة اساس للجبهة وان عقدت الجبهة فتعقد من اجل تحقيق هدف ثانوي لا يتعدى النظام البرجوازي القائم. واصبحت الطبقة البرجوازية هي الطبقة التي ينبغي اسقاطها للسير بالثورة الى امام. وهذا يعني ان البرجوازية اصبحت العدو الاساسي للثورة. ولكن الحزب الشيوعي لم يفهم هذا التحول وبقي منذ ١٤ تموز وحتى اليوم يحمل شعار استكمال الثورة الديمقراطية ويطلب من الاحزاب البرجوازية ان تتفق معه على اسقاط الحكم البرجوازي ولكنه في الحقيقة تخلى عن الثورة الاشتراكية وبنى كل سياساته على اساس ابقاء النظام البرجوازي الى الابد. وما الجبهات التي يطالب بها او يعقدها سوى جبهات بين احزاب برجوازية وحزب شيوعي متبرجز وقد تجلت هذه السياسة في كل نشاطات الحزب منذ ١٤ تموز حتى اليوم.
تحطمت الجبهة الوطنية في صباح ١٤ تموز لان ابعد اهداف الجبهة كان توصيل البرجوازية الى السلطة ولكن الحزب بقي يؤنب الاحزاب البرجوازية على فسخها الجبهة واستمر ينادي بتشكيل او باعادة تشكيل الجبهة على نفس شعاراتها القديمة الى ان وقع انقلاب ١٩٦٣ فاغرق ارض العراق بدماء الشيوعيين والكادحين.
وجاء عبد السلام عارف (الذي كان في أواخر ١٩٥٨ او أوائل ١٩٥٩ هدف المظاهرة التي قادها الحزب الشيوعي وكان شعارها وهتافها الرئيس "اشنق! اعدم!" له) فزكاه خروشوف في القاهرة ماسحا الدماء التي كانت ما تزال تقطر من يديه بمصافحته واجزال الوعود الخلابة له. واثر ذلك استطاع الحزب ان ينقب ليجد في هذا السفاك بعض مظاهر الوطنية بحيث اقرت اللجنة المركزية قرار حل الحزب الشيوعي والانضمام الى حزبه الوطني الجديد، وقد تكون انت احد المصوتين على ذلك القرار. الا ان ذلك لم يتحقق اما لان عبد السلام عارف لم يستجب للدعوة او لان قواعد الحزب الموجودة في العراق لم توافق على القرار الذي اتخذ في براغ. ثم جاء انقلاب ١٩٦٨ فجاءت حكومة صدام البكر الفاشية واغرقت ارض العراق مرة اخرى بدماء الكادحين والشيوعيين. وبعد فترة وجدتم في هذه الحكومة بمساعدة الحليفة التي ارتبطتم بها مظاهر الحكومة الوطنية واقمتم الجبهة السيئة الصيت معها ورفعتم اسم صدام الى السماء وغبطتم الشعب العراقي لان الحظ حباه بقائد مثل "الرفيق صدام" الذي اختار الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية وتبنى الاشتراكية العلمية (او اشتراكية محمد كما يسميها هو) وحل القضية القومية الكردية حلا لينينيا وعاد الى طريق ١٤ تموز (وكان بين من حاولوا اغتيال عبد الكريم قاسم في رأس القرية) في الوقت الذي كان يحتفل سنويا بذكرى ثورة ١٩٦٣ ام الثورات، ومجدتم "الرفيق عفلق" على صفحات جريدتكم. ولم ينبس ببنت شفة حول الاعتداءات والاغتيالات والاعدامات والاعتقالات حتى من اعضاء حزبكم وكانت جريدتكم صباح اعدام الشيوعيين تصدر بالحمد للرفيق صدام والسكوت عن الاعدامات وايدتم صدام حسين في حربه ضد الاكراد وحملتم السلاح معه بحجة ان القيادة الكردية لها علاقات اجنبية فاشتركتم بذلك في قتل ابناء الشعب الكردي وايدتم اعدامات النجف على انها صيانة للثورة وزعمتم ان هذه الجبهة كانت جبهة لا مرحلية وغير مؤقتة بل هي جبهة زواج كاثوليكي حتى الاشتراكية. ولم تكن الجبهة في الحقيقة سوى وسيلة لاستغلال ابواقكم الدعائية لرفع  مكانة هذه الحكومة التي كانت سمعتها في الحضيض ولما استتب لها الامر واستنفدت اهدافها من استخدامكم ولم يعد لها خير ترتجيه من خدماتكم فسخت الجبهة ونبذتكم والقت بكم وبالجبهة عرض الحائط.
وبعد فسخ الجبهة وطردكم منها اضطر الحزب الى التحول من خندق ثورة صدام الى خندق معارضة صدام وشعرتم انذاك ان صدام كان مجرما منذ البداية وان حكمه كان فاشيا منذ ١٩٦٨ وان الثورة اصبحت "ثورة مزعومة" فلاذ من سنحت له منكم الفرصة بالفرار الى شتى المهاجر وعانى من لم تسنح له فرصة الهرب اهوال السجون والتعذيب والابادة الجسدية كما يحلو لكم تسمية حوادث القتل والاغتيال.
من ذلك الحين اصبح حزبكم مثل سائر احزاب المعارضة حزبا في الخارج او حزب موظفين كما تسميه انت كل ما في جعبته اجترار العبارات التي تبدو ثورية وليس لها مع الثورية اية علاقة. رفعتم شعار الجبهة العريضة مع كل معارض حتى لو كان ابن صالح جبر او اكثر رجال الدين رجعية وبصرف النظر عن انتمائهم الطبقي او معتقداتهم الفكرية او انتماءاتهم الدينية او غير ذلك. هذه هي لحد الان سياستكم في التحالفات فانتم مستعدون للتحالف مع اي حزب او اية منظمة او اي شخص حتى مع علمكم بعلاقته بالدول الامبريالية او الدول العربية الرجعية لمجرد انه يعارض صدام حسين.
انك تشير الى ان الحزب الشيوعي اصبح حزب موظفين لا علاقة له بنضال الطبقة العاملة الحقيقي منذ ٢٥ عاما. وهذا صحيح جدا الا ان تحديد المدة لم يكن مضبوطا. فالحزب في الواقع تخلى عن مصالح الطبقة العاملة منذ ١٩٥٦ ولم تكن علاقته بالعمال علاقة القائد الذي يحرص على قيادة طبقته نحو تحقيق اهدافها بل كان الحزب الذي حرف نضال الطبقة العاملة لكي تكون ذيلا للبرجوازية. كان هذا واضحا في انتفاضة الحي وفي جبهة ١٩٥٧ وفي موقفه من الاتحاد الهاشمي ثم في ثورة ١٤ تموز وما بعدها وفي حركة الشواف وفي شعار صيانة الجمهورية وفي سياسة حث العمال على زيادة الانتاج من دون ان يرافق ذلك نضال في سبيل زيادة الاجور وتحسين مستوى معيشة العمال وفي رفعكم شعار اعادة العمل بالقطعة الخ.. وكانت جماهيرية الحزب بين العمال والطلاب نبيجة لنضالات الحزب القديمة وثقة الناس بان الحزب الشيوعي هو الحزب الذي يحرص على مصالح العمال والكادحين. وفي جبهة ١٩٧٣ مع حزب البعث تخليتم رسميا عن كل سياسة تشم منها رائحة قيادة العمال او الفلاحين او الطلاب او النساء. فقد وافقتم في سبيل الجبهة على عدم العمل في الجيش وسكتتم عن حكم الاعدام الصادر بحق كل من يشك انه كان يعمل في صفوف الجيش الى درجة انكم انكرتم عضوية اعضائكم المحكوم عليهم بالاعدام ووافقتم على وقف النشاط في النقابات وفي اتحاد الطلبة وغير ذلك من المنظمات الديمقراطية واخيرا اعلنتم من على منبر المؤتمر الثالث عن تجميد المنظمات التي وضعت بكم ثقتها وانتخبتكم لقيادتها باعتباركم اصدق من يحقق اهدافها رغم انها منظمات ديمقراطية لا شيوعية وبذلك وضعتم ختمكم على كل الاتهامات السابقة التي كانت تعتبر هذه المنظمات منظمات شيوعية. كانت هذه اخر علاقة لكم بالطبقة العاملة وبنضالها ويبدو لي انك تقصد هذا في تحديدك لمدة انعزالكم عن حركة الطبقة العاملة.
تقول في رسالتك ان كل قوى المعارضة تجد حلفاءها في الدول المرتبطة بها ويقع الحزب كبش فداء في محالفاته. تعجبني كلمة حلفاء في الدول هذه، فالحزب او قيادته تجد حليفة في دولة ترتبط معها. ياله من تحالف عجيب! فمنذ متى بدأت الدول تتحالف مع اشخاص او قيادات احزاب؟ فالدولة تتحالف مع قيادة حزب وتدفع لها الاموال والامتيازات حبا بجمال عيون قائد الحزب اليس كذلك؟ ام ان هناك ما تقدمه قيادة الحزب الحليف للدولة الحليفة لقاء الهبات السخية؟ ان الدول لا تستخدم حليفا بل تستخدم عميلا ينفذ اوامر الدولة الاجنبية الحليفة وتقدر هباتها بمقدار الخدمات التي يقدمها لها. ماذا جرى يا آرا؟ هل تخجل من تسمية الاشياء باسمها الحقيقي؟ اليس هذا التحالف عمالة وخدمة لهذه الدولة الحليفة؟ وهل يعني هذا غير تنفيذ مصالح الدولة الحليفة في بلد الحزب الحليف؟ تقول ان الحزب يقع كبش فداء في محالفاته فهل هذا ما تقصده بكبش الفداء؟ لا ادري كيف يقع الحزب كبش فداء من هذه الناحية اذ انك لم تشرح للقارئ ما تعنيه بذلك. ولكن الحس السليم قد يحاول ان يجد تفسيرا لهذه العبارة. فهل تعني ان حزبكم يختلف عن قوى المعارضة الاخرى في هذه المحالفات مع الدول الحليفة التي يرتبط بها مما يجعله يقع كبش فداء؟ لا اعتقد ذلك.لانك تعلم حق العلم ان قيادة حزبكم كانت لها دولة حليفة ثابتة كانت تغدق عليكم الاموال الطائلة وتقدم لكم الامتيازات البراقة. وتعلم ايضا ان قيادة حزبكم كانت خانعة لهذا التحالف تنفذ اوامر الدولة الحليفة مهما كانت وحتى لو اضرت بمصالح الطبقة العاملة العراقية والشعب العراقي وحتى لو كانت تأييدا للحكم الفاشي في العراق. وتعلم كذلك ان قيادة حزبكم كانت مضطرة الى السكوت حتى عن دور الاتحاد السوفييتي في استخدام الاسلحة المبيدة الخ الخ.. وتعلم ايضا ان اي كلمة لا تمتدخون بها الاتحاد السوفييتي وقيادته ولا تتشدقون بها بأفضاله على الشعوب وعلى السلام كان من شأنها ان تفسخ التحالف وتمنع سيل الاموال والامتيازات عن قيادة حزبكم. انكم بخدمتكم للاتحاد السوفييتي شملتكم عبارة كل قوى المعارضة تجد حلفاءها من الدول المرتبطة بها. فكيف يقع حزبكم كبش فداء في هذه الحالة؟ لابد انك تتفق معي بان الفرق بينكم وبين سائر قوى المعارضة من هذه الناحية هو انكم كنتم عملاء للاتحاد السوفييتي تنفذون مصالحه في العراق وكانت قوى المعارضة الاخرى عميلة لدول اخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل وغيرها. ولكن هناك حالة اخرى يتوصل اليها الحس السليم قد تجعل قيادة حزبكم كبش فداء. حين تم القضاء على الاتحاد السوفييتي وتيتمتم من الدولة الحليفة الرئيسية اصبحت قيادة الحزب في وضع حرج. فقد كانت الدولة الحليفة او سيدة قيادتكم توافق على تقبل الخدمات من حزب يسمي نفسه حزبا شيوعيا بل ان مصالحها كانت تقتضي استخدام الحزب الذي يستخدم اسم الشيوعية ويتشدق بالماركسية واللينينية والاشتراكية العلمية، اذ ان تحطيم حركات الشعوب الثورية على اختلاف انواعها كانت تتطلب استخدام هذه الاحزاب. والواقع التاريخي يرينا ان الاتحاد السوفييتي استخدم كافة الاحزاب من هذا النوع في العالم وحزبكم واحد منها. ولكنكم وجدتم وضعكم حرجا وانتم يتامى اذ اصبح البحث عن دولة حليفة جديدة صعبا. فالمنافسة شديدة لان الاحزاب وقوى المعارضة الاخرى سبقتكم حين كنتم عبيد دولتكم الحليفة السابقة اذ لجأت الى كافة الدول التي تقبل خدماتها واصبح من الصعب عليكم ان تحشروا انفسكم في ثغرة تنفذون منها الى دولة حليفة جديدة واخذتم تتملقون وتتوجهون الى كل من تشم منه رائحة النقود لعلكم تستطيعون اقناع سيد جديد باستخدام كفاءاتكم ومثال ذلك تملقكم للملك فهد مخاطبين اياه بخادم الحرمين الشريفين لقاء ما تقاضيتموه اسوة بكل حزب اشترك في مؤتمر بيروت من هذا العاهل الكبير. ولكنكم وجدتم انفسكم في تناقض. فمن ناحية ينطوي اقناع سيد جديد بقبول خدماتكم على صعوبة، اذ خلاف الاتحاد السوفييتي لا يحب السادة الاخرون استخدام عميل يحمل لافتة الشيوعية على مقر حزبه ان كان له مقر. فكل الدول الاخرى المستعدة لعقد محالفات مع قوى المعارضة معادية للشيوعية ومنتشية بنصرها الحاسم على الدول التي كانت تتستر بقناع الشيوعية. ومن الناحية الثانية ليست لدى الحزب الشيوعي اية سلعة بتاجر بها سوى كلمة الشيوعية فاذا فقدها اصبح بدون سلاح يخدع به الناس وخصوصا عمال وفلاحي العراق؛ من هذه الناحية يمكن القول بان حزبكم وقع كبش فداء او سجين الشيوعية التي يطلقها على الحزب فلا يستطيع نبذها ولا يستطيع ابقاءها.
وما هو الحل الذي تقترحه لحل ازمة الحكم في العراق  وانقاذ الشعب العراقي من الورطة التي هو فيها؟ بسيط جدا.
اولا: رسم سياسة التحالفات حسب ظروف النضال في الداخل. من السهل قول ذلك ولكن تحقيقه عسير وعسير للغاية. فمن ناحية ليست ظروف النضال في الداخل قائمة او لا تكاد تكون قائمة نظرا الى التدمير الذي جابهه النضال في الداخل منذ عشرات السنين واذا وجدت حركة ثورية معينة في الداخل فهي لا توجد الا بمقدار انفصالها عن قوى المعارضة المتجمعة في الخارج. ولذلك فان رسم سياسة التحالفات حسب ظروف النضال في الداخل على بساطة  هذا النضال لا يمكن ان تتحقق على ايدي قوى المعارضة المنعزلة عنه. ومن الجهة الثانية فان التوفيق بين مصالح قوى المعارضة ومصالح الجماهير متعذر للغاية لان كل قوة من قوى المعارضة كما تقول انت لها دولة او اكثر من دولة حليفة ترتبط بها وتتقاضى منها الاجر من اجل تحقيق مصالحها في الداخل. انك تدرك ان هذه الدول الحليفة على اختلافها لا تريد سوى نهب ما تبقى من ثروات العراق عن طريق دفع عميلها الحليف للسيطرة على البلاد وتحطيم القوى الاخرى التي تطمع في الامر ذاته. فكيف يمكن التوفيق بين مصالح هذه الذئاب الجائعة ومصالح الكادحين العراقيين؟ نرى من هذا ان الشرط الاول الذي ترسمه لتحقيق تحالفات على اساس ظروف النضال في الداخل لا يمكن تحقيقه عمليا في الظروف الراهنة.
ثانيا: تريد حشد كل القوى (وتحددها بالقوى الوطنية والحركة القومية والحركة الدينية) ولا تشير الى موقع الحزب الشيوعي في هذا التصنيف ويبدو لي انك تشمله بالحركة الوطنية ولم تحدد مكان القوى الرجعية العريقة مثل حزب صالح جبر الذي اشترك اشتراكا فعالا في المؤتمرات، فهل هو ضمن الحركة الوطنية معكم؟
ما هي المصلحة المشتركة التي بامكانها ان تجمع كل هذه القوى في تحالف متين؟ لنترك جانبا المصالح المختلفة للدول المحالفة لكل قوة من هذه القوى ولنعد الى نظام الحكم في العراق. لدى جميع الاطراف الذين ذكرتهم توجد مصلحة واحدة مشتركة ولو بمستويات متفاوتة هي اسقاط صدام حسين. اقول بمستويات متفاوتة لان بين هذه القوى من هو مستعد للتساوم حتى مع صدام حسين وتقبيل وجنتيه والنافس على من نجح في الحصول على اكبر عدد من القبل من هذا الزعيم الكبير.
وما هي طرق اسقاط صدام؟ ان الطريقة الوحيدة التي يفهمها حزب شيوعي حقيقي هي الثورة على نظام صدام، لان الثورة بامكانها ان تدمر النظام الذي استطاع ان يحمي صدام ويديمه ويسنده من جيش وشرطة وامن ومحاكم ووسائل اعلام الخ.. واقامة نظام جديد يتفق ومصالح جماهير الكادحين الثائرة؛ هذه الثورة يجب ان تكون الثورة الاشتراكية وهذا النظام الجديد يجب ان يكون دكتاتورية البروليتاريا ولا بديل عنهما. فهل لدى حزبكم شيء من هذا التفكير؟ ان الحزب الشيوعي ترك شعار الاستيلاء على السلطة في كل مناهجه المتتابعة من ١٩٥٦ فما بعد بل حتى تخلى عن ضرورة الاشتراك في حكومة وطنية برجوازية كشرط لاسنادها. ولم يعد الحزب يفكر بضرورة اسقاط الحكم البرجوازي في البلاد وحتى حين يتشدق بشعارات اشتراكية يريدها ان تتحقق سلميا بوجود البرجوازية وبمساعدتها. ثم ان اية ثورة يجب ان تعتمد على الجماهير الثائرة بعد تنظيمها وقيادتها، والحزب الشيوعي على حد قولك كان بعيدا عن جماهير العمال والكادحين منذ ٢٥ عاما فكيف يستطيع ان ينظمها ويقودها؟ ان هذا الحل الذي اتحدث عنه هنا رغم انه الحل الوحيد الناجح والضروري يبدو هنا نوعا من المزاح الثقيل ولا شك انك والحزب الذي اشتركت في قيادته تتهمونني بالجمود العقائدي والحالم او غير ذلك من الاتهامات.
فما هو الحل الذي تفكر به كافة قوى المعارضة القائمة؟ انها تفكر في انقلاب عسكري يطيح بصدام قد يتحقق على ايدي الضباط المحيطين به بمساعدة دوائر التجسس الاميركية او غيرها. ومثل هذا الانقلاب لابد ان يعتمد على نفس مؤسسات الدولة التي رفعت صدام لا على تغيير النظام تغييرا جوهريا.
ولو فرضنا ان انقلابا من هذا النوع قد تحقق او جرى اغتيال صدام بصورة من الصور فما الذي يجري بعد ذلك؟ بما ان الهدف الذي امكن ان يجمع كافة قوى المعارضة هو الاطاحة بصدام فان التحالف لا يبقى له اساس مادي بعد اسقاطه وسرعان ما يبدأ كل طرف من اطراف التحالف في نهش الطرف الاخر رغبة في الحصول على اكبر قدر من الكعكة تساندهم في ذلك الدول الحليفة التي تريد كل واحدة منها ترسيخ قواعد حزبها الحليف لكي يضمن لها اشد استغلال لكادحي وثروات الشعب العراقي. والحزب الشيوعي في مثل هذا الوضع اضعف الاطراف نظرا لغياب الدولة التي كانت حليفته سابقا وصعوبة الحظوة برضى دولة اخرى. ولا يمكن الا لجاهل او ساذج سياسيا ان يتصور استمرار الجبهة والتحالف ابعد من ذلك. ان التشدق بالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان ليس الا اضغاث احلام. فالحلف الناشئ عن تحالف قوى المعارضة الموجودة في الميدان حاليا لا يستطيع ان يحقق شيئا من ذلك.
ما هو الفرق بين التحالف الذي دعا اليه الحزب والتحالف الذي تدعو اليه في رسالتك؟ نرى ان التحالف الذي تدعو اليه هو بالضبط التحالف الذي دعا اليه الحزب طيلة العقود الاخيرة تحت شعار الجبهة العريضة او الجبهة الشاملة. وحتى ما دعوت اليه من رسم سياسة التحالف على اساس ظروف النضال في الداخل ليس له اساس مادي. النقطة الوحيدة التي اضفتها الى هذا الشعار هي الترفع عن الضغائن والاحقاد لتحاشي مذابح جديدة. هل هذه النقطة جديدة؟ لا اعتقد انها جديدة رغم ان الكلمات المستعملة للتعبير عنها جديدة. ففي السنوات الماضية رفعت نفس القضية تحت شعار نسيان ثأر الدم الذي يعني بالضبط الترفع عن الضغائن والاحقاد. ولا بأس ان نناقش هذه النقطة ببعض التفصيل. ما هي الضغائن والاحقاد التي ينبغي الترفع عنها؟ ثمة على الاقل نوعان من الضغائن والاحقاد. ضغائن واحقاد الطبقات المستغلة على العمال وسائر الكادحين نظرا للمقاومة التي يبدونها ضد استغلالهم ومحاولة تحسين ظروف معيشتهم بزيادة اجورهم والحصول على بعض الحقوق التي من شأنها ان  تحسن ظروفهم الصحية والسكنية وغيرها وباختصار ضغائنهم واحقادهم على الشيوعية. وطبيعي انك يا آرا لا تستطيع ان تطلب من هؤلاء المستغلين الترفع عن معاداتهم للشيوعية لانك لا تخاطبهم او توجه لهم النصح. انك انما تخاطب الشيوعيين واليسار عموما في رسالتك.
والنوع الثاني من الضغائن والاحقاد هو ضغائن واحقاد العمال والكادحين على مستغليهم الذين يعانون منهم الامرين سواء من ناحية الاستغلال الفاحش ومحاولة زيادة ارباحهم عن طريق زيادة استغلالهم او من ناحية المجازر والمذابح المتكررة التي تدبرها الطبقات المستغلة لغرض المحافظة على نظامها وعلى ارباحها ولا يكون ضحاياها الا عامة الشعب من العمال والفلاحين وسائر الكادحين. ان قوى المعارضة لا ولن تكون هي ضحية المجازر والمذابح. هل هذه هي الضغائن والاحقاد التي تدعو الى الترفع عنها؟ انك تطلب من العمال ان ينسوا المذابح المتكررة التي تعرضوا لها سواء في اوقات الحرب ام في اوقات السلام. فهل من حقك ان تدعو العمال والكادحين الى نسيانها؟ انك تدعو الاحزاب الى التنازل عن امور لا تخصها ولا تعود اليها بل تخص العمال والكادحين اي انك تدعو الاحزاب الى نسيان ضغائن العمال والكادحين لا ضغائن الاحزاب نفسها. فالحزب الشيوعي مثلا يتخلى عن ثأر الدم نيابة عن العمال. ولكن الحزب الشيوعي لم يكن يمثل العمال طيلة هذه العقود. لذلك فانه في الواقع يترفع عن ضغائن واحقاد ساهم في خلقها بسلوكه الذيلي للبرجوازية.
ومع ذلك علينا ان نرجع قليلا الى التاريخ لنرى ان كان حزبكم قد ترفع ام لم يترفع عن الضغائن والاحقاد في مجرى نضاله. في الواقع ترفع حزبكم عن الاحقاد والضغائن مرارا وتكرارا لمصلحة التحالف. فهل ادى ذلك الى تحاشي مذابح جديدة كما تريد؟ لقد ترفعتم عن الضغائن والاحقاد تجاه حكومة قاسم البرجوازية وتنكرتم حتى عن ابسط انواع النضال من اجل تحسين ظروف معيشة العمال وضحيتم بارواح اعضائكم ومؤيديكم في سبيل صيانة الجمهورية البرجوازية فماذا كانت النتيجة؟ امتلأت سجون العراق باضعاف عدد السجناء السياسيين الذين دخلوا السجون في عهد نوري السعيد وحكم على قادة الشيوعيين ضد انقلاب الشواف بالاعدام بعد ان كان مهدي حميد قد استقبل من قبل عبد الكريم قاسم استقبال الابطال. وترفعتم عن الضغائن والاحقاد ضد عبد السلام عارف الذي تلطخت يداه بدماء قادتكم فماذا كانت النتيجة؟ هل توقفت المجازر؟ وترفعتم عن الضغائن والاحقاد حين مددتم يد الصداقة الى الجلاد صدام حسين وعقدتم معه الجبهة فهل توقفت المذابح؟ وترفعتم عن الضغائن والاحقاد تجاه الحزب الذي هاجم مقراتكم يوم اول ايار وذبح نساءكم واطفالكم لصالح عقد التحالف الاخير في الجبهة الكردية وها هم قادة هذه الجبهة يتوجهون الى بغداد لمعانقة وتقبيل جزار الشعب العراقي في ايام السلم وايام الحرب فماذا كانت النتيجة؟ هل توقفت المذابح؟ فما الذي يجعلك تعتقد ان الترفع عن الضغائن هذه المرة سيوقف المذابح؟
نرى مما سبق كله ان الحلول التي تراها ضرورية لانقاذ الشعب العراقي من محنته ليست في الواقع حلولا عملية بل مجرد اجترار الشعارات السابقة التي تنتقدها بكلمات مختلفة وهي لا تتعدى ان تكون ثرثرة لا معنى لها معدة للتجارة الخارجية ولا تختلف عن شعارات الحزب السابقة ابسط اختلاف. اذا حدث انقلاب عسكري يطيح بصدام او اذا جرى اغتيال صدام فسرعان ما تتكالب كافة قوى المعارضة على اقتسام الغنائم والانفراذ بالحكم ولن يكون ضحية المجازر التي ترافق ذلك سوى ابناء الشعب من العمال والكادحين كما كانت الحال في ظل الانقلابات الماضية.
منطق التاريخ
انك في عتابك لصدام حسين تقول "ولم يستفد من التجارب التي عاشتها بلدان اوروبا الشرقية ولم يدرك انه لا يمكن السير ضد منطق التاريخ".
قبل ان نناقش هذه العبارة دعنا نتحدث انا وانت قليلا عن منطق التاريخ. هل للتأريخ منطق وما هو المنطق وهل سرى هذا المنطق على ما حدث في بلدان اوروبا الشرقية؟
حين كنا ماركسيين يا آرا كنا نتحدث عن منطق التاريخ، او قل القانون الذي يتحكم بالتاريخ بالاستقلال عن ارادة الانسان وينطبق على المجتمع الانساني كما ينطبق على الطبيعة لا يختلف من هذه الناحية عن كافة القوانين الطبيعية الاخرى. وكنا اذا ما زلت تتذكر نسمي هذا القانون "المادية الديالكتيكية" أو"الديالكتيك" الذي اكتشفه كارل ماركس وطبقه على سير التاريخ منذ نشوء المجتمع الانساني وحتى ظهور المجتمع الراسمالي ثم درس هذا المجتمع وفقا للقانون وتوصل الى المجتمع الذي يتحتم نشوؤه في المستقبل، المجتمع الاشتراكي ثم المجتمع الشيوعي.
ولكن هذا القانون، ولدى انطباقه على المجتمع يختلف عن انطباقه على الطبيعة لان في المجتمع توجد فئات تتعارض مصالحها مع سير هذا القانون وهو ما لا وجود له في الطبيعة. وتقوم هذه الفئات بمقاومة سير القانون ومحاولة منع مفعوله بينما توجد فئات من مصلحتها سير هذا القانون وتعمل في اتجاه تحقيقه. كنا نسمي هذه الفئات بالطبقات، فالطبقة الحاكمة هي التي من مصلحتها مقاومة سير القانون وتعارض تحقيقه بكل الوسائل المتوفرة تحت سيطرتها، والطبقات المحكومة هي الطبقات التي تقتضي مصلحتها تحقق القانون وتعمل على تحقيقه بكل الوسائل المتوفرة لها. والثورات كانت الوسائل الفعالة في تحقيق التحولات في المجتمع وقد حققت الثورات التاريخية القضاء على طبقة حاكمة واحلال طبقة حاكمة اكثر منها تقدما في مكانها الى ان وضع منطق التاريخ على عاتق الطبقة العاملة او البروليتاريا وهو الاسم العالمي للطبقة العاملة مهمة تحقيق التغير الجديد واحلال طبقة حاكمة جديدة بدل الطبقة الحاكمة القديمة، اي اسقاط الراسمالية واحلال الطبقة العاملة مكانها وهي طبقة من مصلحتها تقدم كافة طبقات المجتمع الكادحة ولذلك فهي تمثل كل المجتمع عدا بقايا الطبقات الحاكمة السابقة ومطاياها. وكنا نسمي المقاومة التي تبديها الطبقات الحاكمة لسير منطق التاريخ والنضال الذي تشنه الطبقات المتقدمة لتحقيق منطق التاريخ صراعا طبقيا.
ولابد انك تتذكر ان البروليتاريا الروسية تحت قيادة الحزب البلشفي نجحت في ثورة اكتوبر في تحقيق منطق التاريخ والاطاحة بالنظام الراسمالي واقامة النظام الاشتراكي الذي استطاع في اقل من عشرين عاما ان يحول الاتحاد السوفييتي من الدولة المدمرة صناعيا واقتصاديا الى دولة عظمى وان يحول شعوب الاتحاد السوفييتي المتطاحنة الى شعوب متآخية تقف وقفة رجل واحد ضد جحافل الجيوش النازية والفاشستية التي حاولت تدمير هذا المجتمع الذي كان يهدد النظام الراسمالي العالمي رغم الحرب الاقتصادية الباردة التي شنها العالم الراسمالي كله ضد هذه الدولة الاشتراكية.
هل هذا هو المنطق الذي تقصده حين تشير الى منطق التاريخ الذي اردت من صدام ان يتعظ به؟ لا يبدو لي انك تقصد هذا المنطق في عبارتك المقتبسة اعلاه. ولم تكلف نفسك عناء شرح المنطق الذي تقصده لقارئ رسالتك. ولكن الحس السليم هنا ايضا قد يستطيع ان يفهم من قولك ان ما تسميه بالانظمة الشمولية كان لابد ان تنتهي الى ما انتهت اليه من انهيار وان على صدام حسين ان يتعظ بذلك ويغير نظامه الشمولي لكي لا يلقى نفس المصير. ولابد هنا من اضافة ملاحظة هي انك تعتبر ان هذه الانظمة الشمولية كانت حتى السنوات القليلة الماضية دولا اشتراكية ولكن التاريخ في منطقه لم يترك مثالا لطبقة حاكمة اتعظت بمصير الطبقات الحاكمة المماثلة لها وغيرت نظامها وفقا لمنطق التاريخ فما الذي يجب على صدام حسين ان يفعله اذا اراد الاتعاظ بمنطق التاريخ؟ عليه ان يشدد من قسوته وجبروته ضد كافة العوامل التي من شانها ان تساعد على تحقيق منطق التاريخ لكي يمنع نظامه من الانهيار الذي تعرضت له دول اوروبا الشرقية. عليه ان يقتل كل من تبدو منه اشارة واحدة تدل على معارضة نظامه وهذا ما ينفذه صدام حسين فعلا حين يقتل اقرب المقربين اليه للمحافظة على نظامه من الانهيار وهذا ما تفعله كل الطبقات الحاكمة لمقاومة تحقيق منطق التاريخ. ان منطق التاريخ الوحيد الذي يفهمه صدام هو منطق هتلر وبوش وسائر الحكام الامبرياليين.
والديالكتيك، او منطق التاريخ، يفيد ان النقض الذي يحدث في الثورة الناجحة لا يقضي على التناقض القديم كليا بل يحول النقيض المسيطر الى نقيض ثانوي والنقيض الثانوي الى نقيض مسيطر. ويدوم هذا الوضع حتى يتحقق نقض النقض اي زوال ذلك التناقض نهائيا ونشوء تناقض جديد. وفي الفترة البينية يمكن ان تعود الامور القهقرى ويتغلب النقيض الثانوي من جديد فيصبح النقيض المسيطر والعودة بالتناقض الى وضعه السابق القديم. والحالة المثلى التي نستطيع ان ندرسها كنموذج لهذا النوع من تحقق قانون الديالكتيك هو الاتحاد السوفييتي. فالقضاء على النظام الراسمالي وبناء النظام الجديد، النظام الاشتراكي، بالثورة كان نقض الوضع السابق اذ تحول النقيض المسيطر، الراسمالية، الى نقيض ثانوي، وتحول النقيض الجديد، البروليتاريا، الى نقيض مسيطر. ولكن القضاء على بقايا الراسمالية وعلى مطاياها في داخل المجتمع الاشتراكي وعلى الايديولوجيا الراسمالية يتطلب صراعا طبقيا طويلا وقاسيا ويمتد طوال فترة وجود النظام الاشتراكي. ولا ينتهي هذا الصراع الا بتحول المجتمع الاشتراكي الى المجتمع الشيوعي فيتحقق بذلك نقض النقض ويزول التناقض القديم زوالا نهائيا ولا يبقى وجود لبقايا الراسمالية ولا مطاياها ولا ايديولوجيتها. ولذلك كان على دكتاتورية البروليتاريا ان تكافح بقايا الراسمالية ومطاياها وايديولوجيتها طيلة فترة التحول من المجتمع الاشتراكي الى المجتمع الشيوعي، اي طيلة فترة الاشتراكية وقد كان هذا الصراع دائما وقاسيا سواء داخل الحزب او خارجه. والجرائم التي تتهمون ستالين بها والتي نسيتم جرائم هتلر بالقياس اليها ما هي سوى هذا الصراع القاسي الذي حاولت فيه بقايا البرجوازية ومطاياها اعادة النظام البرجوازي وناضلت فيه دكتاتورية البروليتاريا للقضاء على مؤامرات الراسمالية ومطاياها داخل الحزب. وجرائم دكتاتورية البروليتاريا او جرائم ستالين هذه تختلف في طبيعتها عن جرائم هتلر. فجرائم هتلر كانت ضد الكادحين وهذه الجرائم يمكن اغتفارها من قبل الراسماليين لانهم يقومون بمثلها كل يوم. اما جرائم دكتاتورية البروليتاريا فلا يمكن اغتفارها لانها كانت موجهة ضد الراسماليين وبقاياهم وضد محاولات القضاء على النظام الاشتراكي واعادة النظام الراسمالي. هذا هو السر في الالحاح على نطاق العالم على ما يسمى جرائم ستالين ونسيان او تناسي جرائم هتلر وكوريا والفيتنام والعراق وفلسطين وغيرها مما يحدث امام اعيننا كل يوم.
وحين استولى مطايا الراسمالية على الحزب البلشفي وعلى دكتاتورية البروليتاريا شرعوا في تنفيذ اكبر جريمة سياسية في تاريخ البشرية وهو ما ناضل الحزب بقيادة ستالين لمنع وقوعه اي اعادة الراسمالية والقضاء على الحزب البلشفي وعلى الاشتراكية فحولوا الاتحاد السوفييتي الى دويلات برجوازية تسودها الحروب الاهلية واحسن مثال على ذلك وطنك الثاني، ارمينيا، كما هي عليه اليوم. قارن بين هذا الوضع ووضع ارمينيا في عهد الاشتراكية والحرب ضد الفاشية وفترة اعادة البناء بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وقانون الديالكتيك يعمل ايضا بصورة اخرى. فاذا بلغ التناقض درجة الانتفاض، اي اذا نضج وقت الثورة من الناحية الاقتصادية ولم تكن ثمة القوة السياسية القادرة على انجاز الثورة الضرورية فحينئذ يفنى النقيضان. وهذا ما نشاهده امام اعيننا يحدث في كافة البلدان الراسمالية. وظاهرة الفناء المشترك للنقيضين هي الازمة الاقتصادية التي تصيب الانظمة الراسمالية وتتفاقم مرة بعد اخرى. والفناء المشترك هنا جزئي وليس فناء كليا. فالبطالة التي تصيب ملايين العمال هي فناء جزئي للقوة العاملة اذ ان هذه الملايين من العاطلين لا تحقق قوتها العاملة القادرة على الانتاج والمتجددة كل  يوم بدون ان تتاح لها فرصة تحقيق الانتاج لانفصالها عن وسائل الانتاج. وتجديد قوى الانسان العامل يتطلب تغذية العامل واسكانه وكسوه وكامل حاجاته المباشرة ولذلك فان هذا الفناء الجزئي يسبب الكثير من الويلات للطبقة العاملة وسائر الكادحين وليس العاطلين وعوائلهم وحسب. فيتحول المجتمع الراسمالي الى مجتمع صدقات كما جاء في البيان الشيوعي.
ومن الجهة الثانية يشمل الفناء الجزئي الطبقة الراسمالية بشكل اتلاف المواد الزراعية وغلق المعامل وافلاس العديد من المشاريع الراسمالية وغير ذلك. وينخفض المقدار المطلق لفائض القيمة نظرا لانخفاض الانتاج وبذلك تنخفض ارباح الطبقة الراسمالية الحقيقية لان فائض القيمة هو مصدرها الوحيد. وتصبح  ارباح الراسمالية ارباحا وهمية، عمليات انتقال الثروات من جيب الى اخر كما يحصل امامنا كل يوم في اسواق البورصة حيث تكون ارباح  راسمالي معين خسارة راسمالي اخر وفي ابتلاع الشركات الناجحة للشركات المفلسة باسعار بخسة تبدو وكانها ارباح ولكنها في الواقع ليست سوى انتقال اموال من قوة راسمالية الى قوة راسمالية اخرى.
تشير في رسالتك الى التغييرات العظمى التي احدثتها الثورة التكنولوجية. وهذا الكلام ليس جديدا. فقد واصل التحدث به كل التحريفيين من خروشوف فما بعد وارادوا ان يخلقوا الانطباع بان هذه الثورة التكنولوجية قد غيرت منطق التاريخ. فما هو التغيير الذي احدثته الثورة التكنولوجية؟ وهل غيرت هذه الثورة منطق التاريخ فعلا، اي هل توقف الديالكتيك عن العمل بسبب الثورة التكنولوجية؟ هذا الموضوع وحده يمكن ان يشكل بحثا يحتاج الى عدة مجلدات ولكني اود ان اشير بايجاز الى بعض النقاط المتعلقة به.
ادى التطور التكنولوجي الحديث الى ايجاد وسائل تكنولوجية من شأنها ان تسرع عمليات الانتاج وتقلل من عدد العمال الذي يحتاجه كل معمل او مصنع لانتاج نفس العدد من السلع او حتى لانتاج كميات اكبر من السلع. وقد ادى استخدام الروبوتات الى الاستغناء عن الكثير من الايدي العاملة اللازمة للانتاج. اننا نرى اليوم مصانع سيارات تقوم الروبوتات فيها بجميع العمليات اللازمة ولا يحتاج المصنع كله الا الى عدد من المهندسين المشرفين على عمل الروبوتات. ويمكن تلخيص هذه الظاهرة كلها بشتى اشكالها بانها زيادة الراسمال الثابت بالقياس الى الراسمال المتغير في كامل الانتاج الراسمالي. وبما ان الراسمال المتغير هو الصدر الوحيد لفائض القيمة فان ذلك يعني انخفاض مجموع فائض القيمة المنتج لكامل النظام الراسمالي. وينتج عن ذلك التكالب على توزيع فائض القيمة المنتج.
اننا نشاهد كل يوم كيف تتصارع الراسمالية فيما بينها سواء على نطاق القطر الواحد او على نطاق عالمي على اقتسام الارباح الحقيقية للراسمالية ونرى حروبا باردة عديدة تجري بين مختلف القوى الراسمالية كل يوم. فحرب اللحوم وحرب الحبوب وحرب الخمور وحرب المنتجات الحليبية ومشاكل توحيد اوروبا ورغبة القوى الراسمالية باحتكار مزايا الاتحاد لنفسها مما نشاهده واضحا في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة والمانيا من جهة اخرى. ولكن منطق التاريخ مازال يعمل من وراء كل هذه الحروب والمصارعات. نرى ذلك في الازمة العامة التي تمسك بخناق العالم الراسمالي كله حاليا وهي اقسى ازمة احاقت بالنظام الراسمالي بكامله في تاريخ الراسمالية. ولم تؤد الثورة التكنولوجية الا الى ازدياد عمق هذه الازمة وابعاد امل التخلص منها. واصبحت طريقة الخلاص من هذه الازمة اكثر من اي وقت اخر الانتاج الحربي وبيع الاسلحة وتطوير انواع جديدة من الاسلحة كل يوم. فقد اصبحت القنابل الذرية والهيدروجينية علب ثقاب تافهة اذا ما قيست بتسليح الفضاء وحرب النجوم كما يسمونها. وكانت حرب الخليج مثالا واضحا على هذا الاتجاه. فاضافة الى النفقات الحربية الاسطورية التي جرى تدميرها مع تدمير العراق وحرب الابادة ضده نرى التسابق على عقد صفقات بيع الاسلحة لكافة دول الشرق الاوسط بلغت قيمها عشرات المليارات والتي وصفت بانها اكبر صفقات الاسلحة في تاريخ الراسمالية. فاي تغيير طرأ نتيجة للثورة التكنولوجية سوى تعميق الازمة وتقريب ضرورة التخلص من النظام الراسمالي وتحقيق النظام الذي لا تؤدي فيه زيادة الانتاج الى الازمات والبطالة والافلاس وتكدس البضائع في جهة وحرمان الملايين وموتهم جوعا من جهة ثانية بل تؤدي زيادة الانتاج الى زيادة رفاه المجتمع والى تقريبه من المجتمع الشيوعي؟
العالم الثالث والنضال ضد الامبريالية
لا اود ان اناقش في رسالتي هذه موضوع العالم وتقسيمه الى ثلاثة عوالم رغم ان هذا الموضوع بالغ الاهمية ولكني اريد مناقشة العبارة التي كتبتها انت في هذا الصدد وبصورة موجزة. تقول "ويتواصل نضال شعوب العالم الثالث ضد النظام الدولي الراسمالي الامبريالي الجديد ..." تصور هذه العبارة وكأن شعوب العالم الثالث تناضل كتلة واحدة ضد الامبريالية وهذه مغالطة اخرى وضعت باتقان شديد لكي تحرف النضال الوطني في البلدان التي سميت بالعالم الثالث. فالعالم كله مكون من دول منها ما يحلو لك ان تسميه بالعالم الثالث. ودول العالم كلها بها حكومات تحكمها وتمارس استغلال كادحيها الا اذا كانت حكومات اشتراكية حقيقية. والصراع الحقيقي القائم في كل دولة، مهما كانت درجتها، من العالم الاول او العالم الثاني او العالم الثالث، يجري بين شعب تلك الدولة وحكومتها. فاذا كانت تلك الحكومة مرتبطة بدولة امبريالية محالفة فان الدولة الامبريالية تستغل شعب تلك الدولة عن طريق حكومتها. فلم نعلم عن صراع يدور بين الشعب وبين الامبريالية مباشرة الا في المستعمرات التي تكون حكوماتها هي الدولة الامبريالية المستعمرة ذاتها. ومغالطة نضال شعوب العالم الثالث ضد الامبريالية تخفي هذه الحقيقة وكأن النضال في بلد العالم الثالث يجري ضد الامبريالية مباشرة. ويهدف هذا المفهوم الانتهازي التحريفي الى تجميد نضال الشعب ضد حكومته بحجة ان النضال الاساسي هو النضال ضد الامبريالية. لنأخذ مثلا العراق في العهد الملكي. هل كان نضال الشعب العراقي فيه ضد الامبريالية مباشرة ام كان ضد حكومة العراق الموالية للامبريالية؟ هل كانت مظاهرات الشعب العراقي تقمع من قبل  الشرطة الامبريالية ام من قبل الشرطة العراقية؟ وهل اصطدمت ثورة ١٤ تموز بالجيوش الاجنبية ام بالجيش العراقي والمؤسسات العراقية؟ لا شك ان نضال الشعب العراقي كان موجها ضد حكومة العراق وعن طريقها ضد الامبريالية. وينطبق الامر ذاته على كافة حكومات العالم الثالث وعلى حكومات العالم الثاني والعالم الاول ايضا.
وهذه المغالطة ترمي الى هدف اخر على الاقل. هدف تبرير اقامة جبهة بين الاحزاب والحكومة  كما حدث مثلا في جبهة ١٩٧٣ في العراق. فالنضال الحقيقي الذي يواجهه الشعب العراقي كان الاطاحة بالحكومة العراقية المستغلة سواء أكانت حكومة برجوازية مثل جميع الحكومات التي تعاقبت بعد ثورة تموز ام حكومات شبه اقطاعية كما كانت الحكومة قبل ١٤ تموز. واذا كان الهدف اسقاط الحكومة المحلية لغرض محاربة الامبريالية فلا يجوز باي حال من الاحوال ان يعقد حزب مهمته قيادة الشعب في نضاله ان يتحالف او يعقد جبهة مع الحكومة التي يناضل الشعب من اجل اسقاطها. فموضوع نضال شعوب العالم الثالث ضد الامبريالية هو في الواقع مغالطة تحريفية تهدف الى قمع نضال الشعوب وحرفها عن اهدافها.
القضية الكردية
تورد صورا واضحة عن تدهور سياسة الحزب في القضية الكردية مع تدهور سياسته العامة وتخلفه عن اهداف الطبقة العاملة بحيث جعلك تتساءل "وهل الحزب الشيوعي العراقي نفسه حقا يمثل الطبقة العاملة بتركيبه وتمثيله لمصالح العمال؟" والجواب كلا طبعا. ان ما تحتاجه القومية الكردية هو نفس ما تحتاجه القومية العربية، تحتاج الى حزب لينيني ينظر الى القضية الكردية بالارتباط مع اهداف الطبقة العاملة العراقية ككل ويحدد موقفه من القضية الكردية على اساس حق تقرير المصير للقومية الكردية. ولكن الحزب في السنوات التي تتحدث عنها كان عن طواعية ذيلا لجبهة قومية برجوازية لا تتورع عن التضحية بالقضية الكردية والشعب الكردي للحصول على الاموال الطائلة من كل من يكون على استعداد للدفع. وأمامنا امثلة من قيادة الجبهة الكردية. فأحد احزاب هذه الجبهة سبق له ان انشق على الجبهة وهاجم مقرات حزبكم والاحزاب الاخرى المؤلفة للجبهة في اول ايار المشؤوم فنال الثمن عن جرائمه. وها هو قائد هذا الحزب قد سافر باسم الجبهة التي انتم من اعضائها الى بغداد وقبل وجنتي الجلاد وما زال يتاجر كما تشير انت بالقضية الكردية للحصول على المكاسب سواء من السلطة المركزية ام من مستر بيكر اذ لا فرق عنده في مصدر العطاء. فمرحبا بالنقود ايا كان مصدرها. ولا غرابة في ذلك فان الحزب الشيوعي نفسه يسلك نفس السلوك في الحال الحاضر والطيور على اشكالها تقع.
وسياسة حق تقرير المصير التي يرفعها حزب الطبقة العاملة الحقيقي هي اولا ان يعترف بحق تقرير المصير الى حد الانفصال وتكوين دولة مستقلة بدون تقييد هذا الحق باية شروط او مطاليب تعيق تحقيقه. وهذا يعني انه اذا اجمع الشعب الكردي على شكل من اشكال حق تقرير المصير، حتى لو كان هذا الشكل مخالفا للشكل الذي يريده الحزب ويعتبره افضل شكل لحل القضية الكردية في تلك اللحظة، فلا يجوز للحزب ان يمنع الحق او ان يستعمل القوة لفرض الشكل الذي يريده.
وفي مقابل ذلك يحدد الحزب الشكل الذي يعتبره ملائما في مرحلة النضال التي تمر فيها الحركة الثورية في العراق كله ويحث الشعب الكردي وخصوصا الطبقة العاملة الكردية وحلفاءها في تلك المرحلة على الاقتناع بالشكل الذي يراه والنضال من اجل تحقيقه. فاذا كان يرى مثلا ان الحكم الذاتي هو انسب حل للقضية الكردية في المرحلة الراهنة كان شكل تقرير المصير الذي يختاره هو الحكم الذاتي وعليه ان يثقف ويحشد جماهير الاكراد حول هذا الشعار لانه الشعار الذي يعتبره الحزب افضل شكل  لحق تقرير المصير. فاذا اعتبر مثلا الاتحاد الفدرالي افضل شكل لحق تقرير المصير فانه بنفس الطريقة يثقف ويحشد الجماهير الكردية حول هذا الشعار. وليس شعار حق تقرير المصير ثابتا في كل مراحل النضال وعلى الحزب ان يحدد الشكل المناسب لحق تقرير المصير في المرحلة القائمة حتى الثورة الاشتراكية التي تمنح كل شعب حق تقرير مصيره بحرية وتساعده على ذلك.
التنظيم
ان تنظيم اي حزب يكون مناسبا للاهداف التي يريد الحزب بلوغها ولذلك فان اهداف الحزب تعكس شكل تنظيمه وتنظيم الحزب يعكس شكل اهدافه. حزب الطبقة العالملة الحقيقي حزب يهدف الى قيادة الطبقة العاملة وحلفاءها الى الثورة الاشتراكية وبناء الاشتراكية. وتنظيم مثل الحزب يجب ان يتفق وهذا الهدف العظيم. وما ان يتخلى اي حزب، مهما تشدق بالطبقة العاملة والاشتراكية، عن هدف الثورة الاشتراكية الا ولم يعد تنظيمه يتطلب التنظيم اللينيني، هذه النقطة كانت اذا كنت ما تزال تتذكر نقطة الخلاف التي ادت الى انشقاق الاشتراكيين الديمقراطيين الى بلشفيك ومنشفيك سنة ١٩٠٣.
حزب الطبقة العاملة حزب اتحاد اختياري لاشخاص يؤمنون بنظرية واحدة هي الماركسية فمن لم يؤمن بهذه النظرية فلا مكان له في هذا الحزب. وقد راينا احزاب الاممية الثانية والاحزاب الشيوعية التي تخلت عن الماركسية اصبحت احزابا مثل خان جغان يدخلها من يشاء ومتى يشاء ويتركها من يشاء ومتى يشاء وهذا هو بالضبط ما شعرت انت به بقولك "مرت فترات كثيرة كان الحزب فيها محدود العدد ولكنه جدي وحيوي ويحظى بثقة  الناس والقوى الوطنية" وهذا هو السبب في ان الحزب الشيوعي العراقي الذي بلغت عضويته فيما بعد ١٤ تموز ما لم تبلغه طيلة حياته السياسية لم يستطع ان ينجز من اهداف الطبقة العاملة شيئا. واليك مثل الاحزاب الاوروشيوعية مثل الحزب الشيوعي الايطالي والفرنسي لترى المصير الذي آلو اليه. ومصير الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي اروع مثل على مصير حزب يتخلى عن النظرية الماركسية ويتخلى عن التنظيم اللينيني بالضرورة وكل ما اضفته انت في رسالتك عبارة الاخلاص في التعددية داخل الحزب.
مالية الحزب
تشير الى ان سياسة الحزب المالية ساهمت في الحد من الصراع الفكري واستخدمت اداة في محاربة الرفاق برزقهم ومصادر عيشهم.
انك لا تشير هنا الى مصادر مالية الحزب اصلا. ومصادر مالية الحزب في رايي هي المادة الاهم التي يجب مناقشتها لتحديد طبيعة الحزب ذاتها. ثمة احزاب تعتمد في ماليتها على اعضائها الذين يقدمون للحزب شيئا من دخولهم البسيطة لسد حاجات الحزب في اعالة الكوادر ونفقات النشر وغيرها. هذا هو الحال في احزاب العمال الحقيقية كالحزب الشيوعي العراقي في عهد الرفيق فهد وهكذا كان الحال في الحزب البلشفي قبل الثورة. وقد استخدم لينين في حينه عدد المتبرعين ومجموع الاموال المتحققة وقارنها بموارد الحزب المنشفيكي وعدد المتبرعين فيه واستدل من ذلك ان الحزب البلشفي هو حزب يعتمد في موارده على العمال الذين يتبرعون بمبالغ زهيدة يقتطعونها من خبز اطفالهم وان الحزب المنشفيكي يعتمد في موارده على اناس مرفهين يستطيعون التبرع بمبالغ كبيرة.
فما هي موارد الحزب الشيوعي في السنوات الاخيرة حين لم يعد الحزب على اتصال بالحركة العمالية الحقيقية بل اصبح حزب موظفين في الخارج في مختلف ارجاء العالم؟ كان بالدرجة الرئيسية يعتمد على الهبات السخية التي كانت تقدمها للحزب دول المنظومة الاشتراكية وخصوصا الاتحاد السوفييتي وكذلك بعض حكومات الدول العربية مثل سورية وليبيا واليمن وغيرها. ولذلك كان على الحزب ان يمارس سياسة "تملق القيادة الروسية التي اختطت سياسة تصفوية مرسومة بعناية فائقة" وكان على الحزب ان يسكت عن كل السياسات المدمرة التي مارستها القيادات السوفييتية المتعاقبة ضد الحركة الشيوعية العالمية وضد الشعوب والتطبيل والتزمير للاتحاد السوفييتي حصن الاشتراكية صديق الشعوب ونصير السلام اذ ان اية كلمة انتقاد للحزب الشيوعي السوفييتي كان من شأنها ان تقطع سيل  الموارد العارم والامتيازات التي تمتع بها الحزب طوال العقود الماضية.
هنا ياتي انتقادك للسياسة المالية للحزب. فان توزيع هذه الاموال الطائلة لم يكن توزيعا عادلا على جميع المستفيدين منه على ما يبدو. هذا هو ما تنتقده في فقرتك حول مالية الحزب التي كنت مساهما بقدر مسؤوليتك في تطبيقها. لا ادري ان كنت انت في فترة من فترات حياتك من حاملي "الكرت بلانج" الذين تذكرهم في رسالتك وليس من المستبعد وانت عضو في المكتب السياسي ان تكون منهم. لكن هذه السياسة استمرت اجيالا فلم تر من واجبك انتقادها الا في الفترة الاخيرة رغم ان ما سمعته عن اخبارك، والعهدة على الراوي، انك كنت السيد المطلق القابع في براغ لسنوات عديدة فكنت الحاكم بامره هناك طوال فترة طويلة ليس بالنسبة للشيوعيين الموجودين في براغ فقط بل بالنسبة للشيوعيين في المهاجر عموما.
ليس في نيتي ولا من حقي ان اتشكك في نزاهتك في الشؤون المالية. ومع ذلك يلفت انتباهي تزامن عجيب. فقد بقيت ساكتا عن السياسة المالية عقودا دون ان تنبس بصددها ببنت شفة، وفجاة استيقظ ضميرك في هذه اللحظة من عمر الحزب بالذات، الفترة التي انقطع فيها سيل الموارد والامتيازات من المنظومة الاشتراكية، فترة التحول التي تعبر انت عنها بقولك "لم يعد هنالك دور للرفاق الموظفين في حزبنا وبدأوا بالبحث عن دور جديد لهم تحت لافتة قديمة ـــــ ولكن تم تحويل المرجع بعد غياب موسكو، النجمة الحمراء، الى واشنطن ’متعددة النجوم’" فهل استيقظ ضميرك لانك لم تتحمل هذا التحول من خدمة الاتحاد السوفييتي الى خدمة الولايات المتحدة؟ هل كانت اموال الاتحاد السوفييتي وسورية وليبيا انظف من اموال الولايات المتحدة وخادم الحرمين؟ ليس لهذا جواب في رسالتك.
مبادئ الحزب
تشير في مقدمة رسالتك انك في ١٩٨٩ حين كنت عضوا في المكتب السياسي أكدت "انني ساصارع واواصل الصراع حتى تنتصر مبادئ الحزب" وهذا جميل جدا من عضو في المكتب السياسي، اذ ان المناضل الحقيقي في اي حزب يجب ان يكون مناضلا مخلصا في سبيل تحقيق مبادئ حزبه. ولكن هناك سؤال يتبادر الى الذهن. ماهي مبادئ الحزب؟ لم تنور القارئ بالاجابة على مثل هذا السؤال. ولكن مبادئ الحزب الذي كنت عضوا في مكتبه السياسي تغيرت مرات عديدة تغير لون الحرباء منذ اعادة بنائه من قبل الرفيق فهد وحتى ١٩٨٩. كان البرنامج الاول للحزب الشيوعي العراقي الميثاق الوطني الذي اقره مؤتمر حزبي. في هذا الميثاق وضع الرفيق فهد الاهداف البعيدة والقريبة للطبقة العملة العراقية على اساس ماركسي صحيح. حدد مرحلتي الثورة في العراق، الثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية واقامة دكتاتورية البروليتاريا. وفي ١٩٥٣ الغى باسم هذا الميثاق بجرة قلم ووضع بدلا منه ميثاقه الذي خطه بعجلة فائقة فلم يكن يعلم عن وجود مراحل للثورة تختلف احداها عن الاخرى اختلافا كبيرا ولم يكن بعلم ان هناك اهدافا قريبة واهدافا بعيدة وهناك اهدافا انية واهدافا استراتيجية فاصبح ميثاقه عبارة عن نوع من الهريسة. وفي ١٩٥٦اعلنت القيادة ان الميثاقين القديم والجديد لم يعودا وافيين بالغرض ووضع الكونفرنس الثاني برنامجا تحريفيا بدلا منهما كان من ميزاته ان تجاهل مراحل الثورة والقيادة في الثورة واستلام الحكم وقرر ان النضال في عهد نوري السعيد اصبح نضالا ذا طابع سلمي غالب ابدلت بعد انتفاضة الحي كلمة سلمي بكلمة عنفي. وتتالى وضع البرامج للحزب. ففي كل مؤتمر وضع برنامج جديد يختلف عن سابقه حتى المؤتمر الاخير ولابد انه يجري الاعداد لبرنامج جديد للمؤتمر القادم يتناسب مع التحول الى الدولة المتعددة النجوم. ومنذ انتقالكم من خندق صدام حسين الى خندق الجبهة الكردية كان شعار الجبهة العريضة او الشاملة شعاركم الاستراتيجي الوحيد وكأن هذه الجبهة العريضة ستأتي وتحل ازمة العراق السياسية حلا نهائيا وتهيئ الطريق للاشتراكية. وبعد ان كانت النظرية الماركسية اللينينية بشكلها الذي وضعه معلمو البروليتاريا ماركس وانجلز ولينين وستالين هي النظرية الهادية للحزب في عهد الرفيق فهد اصبحت الماركسية الخلاقة التي ابتدعها خروشوف لحرف الحركة الشيوعية العالمية عن الماركسية وبغية اعادة النظام الراسمالي الى الاتحاد السوفييتي نظريتكم الهادية بكل ما تضمنته من التغايش السلمي والانتقال السلمي والمنافسة السلمية والدول السائرة في الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية والدول ذات التوجه الاشتراكي وغير ذلك. ثم الغيت كلمة الماركسية واستعيض عنها بعبارة الاشتراكية العلمية مع تفسير الاشتراكية العلمية تفسيرا يجعل من الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية جزءا منها. وروج الحزب ان صدام حسين واضرابه في العالم الثالث اعتنقوا الاشتراكية العلمية واختاروا الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية فاي من هذه المبادئ هي مبادئ الحزب التي تشير اليها والتي تريد الصراع من اجل انتصارها؟ ليس في الرسالة اية اشارة والحل الوحيد الذي تضعه لقرائك هو "ان السلاح الاكثر فعالية في مواجهة القوى الدولية الطامعة بالنفط والثروات والهيمنة في منطقتنا هو الديمقراطية. الديمقراطية على نطاق البلد ككل وعلى النطاق الداخلي لكل حركة او حزب على حدة". هنيئا لك على هذا الحل العبقري.
الانظمة الشمولية
"لا شك ان هنالك مبررات عميقة للتغيير بالارتباط مع انهيار بعض الانظمة الشمولية على النطاق العالمي" ولا استطيع انكار جهلي التام في هذا الموضوع فكلمة "انظمة شمولية " جديدة علي. تعودت ان اسمع عن انظمة دكتاتورية او انظمة ديمقراطية ولكني اسمع عن الانظمة الشمولية للمرة الاولى. قد يكون هذا ناشئا عن تخلفي في تتبع الادب السياسي  الحديث. ومع ذلك ارجو ان تسمح لي بالتساؤل عن بعض القضايا التي تشغل بالي نبيجة استعمال هذا الاصطلاح الجديد علي. ما هي الانظمة التي انهارت في السنوات الاخيرة فوجدت انها جميعا مما كان داخلا ضمن المنظومة الاشتراكية مثل الاتحاد السوفييتي ودول اوروبا الشرقية ويوغوسلافيا والحبشة. وكل هذه الانظمة التي انهارت كانت انظمة راسمالية تخفي حقيقتها بقناع من الاشتراكية والعبارات الثورية فتحولت الى انظمة راسمالية مكشوفة . فهل هذا ما تقصده بالانظمة الشمولية؟ ثم ما هي الانظمة الشمولية المتبقية التي تشير الى ان الشعوب تنتظر انهيارها؟ هل هي كوبا وكوريا الشمالية والصين مثلا؟ وهل يدخل نظام صدام حسين الراسمالي الدكتاتوري الفاشي ضمن الانظمة الشمولية؟ ليس بين الانظمة الشمولية التي انهارت بلد راسمالي مكشوف واحد مثل الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا والهند والباكستان وغيرها. واذا كان الامر كذلك فان عبارة الشمولية لا تشمل نظام صدام حسين الذي هو نظام راسمالي مكشوف الا اذا كنت ما تزال تجتر مفهومكم السابق عن نظام صدام حسين بانه نظام الطريق اللاراسمالي صوب الاشتراكية. وبذلك يكون مشمولا بالانظمة الراسمالية المتسترة بالاشتراكية. ثم ان الانظمة التي انهارت اصبحت انظمة راسمالية مثل الانظمة الراسمالية الاخرى فهل هذا ما تريد الشعوب تحقيقه في "مكمن العقدة الحقيقي" "بالنضال من اجل التخلص من الانظمة الشمولية المتبقية في اقسام اخرى من العالم"؟
ماذا تريد؟
انك تميز النقطة الاساسية التي تدعو الحاجة اليها في الوقت الراهن وهي بناء حزب جديد للطبقة العاملة العراقية يبدأ من الصفر لان الحزب الشيوعي لم يعد صالحا لتمثيل الطبقة العاملة. ولكنك تركز على الجانب الاقتصادي دون الجانب السياسي زاعما ان العمال قد سئموا الشعارات السياسية. ولكنك نسيت ان الحزب لجأ الى الشعارات السياسية المجردة عن الامكانيات السياسية داخل العراق، اي الشعارات السياسية المعدة للتجارة الخارجية بعد تخليه عن النضال الاقتصادي والسياسي بحجة الاقتصار على الصراع الفكري وحده والتضحية بكل شيء في سبيل صيانة الجبهة.
ولكن الصراع الاقتصادي الذي يقوده اي حزب لا ينفصل عن الطيبعة السياسية لذلك الحزب ثم ان الصراع الاقتصادي لا ينفي الصراع السياسي بل غالبا ما يلتحمان في عملية واحدة. فلا بمكن الاقتصار على الصراع الاقتصادي وحده كما لا يمكن الاقتصار على الصراع السياسي وحده.
وخير ما يمكنني قوله في هذا المجال اقتباس فقرات من خاتمة كتابي ١٤ تموز الصادر سنة ١٩٨٤ حول هذا الموضوع ولو انني في مقال لاحق كتبته بعنوان مستلزمات بناء حزب جديد للطبقة العاملة ناقشت ذلك بمزيد من التفصيل.
"ما الحل اذن؟
"ان الطبقة العاملة العراقية ومن ورائها الشعب العراقي كله بحاجة ماسة الى حزب يؤمن بالماركسية اللينينية. لا ماركسية خروشوف تيتو تولياتي كاريليوس بل ماركسية ماركس انجلز لينين ستالين، لا  ماركسية التعايش السلمي والمنافسة السلمية والانتقال السلمي وعالم بدون حروب وبلا سلاح وادارة العمال الذاتية والاوروشيوعية (الشيوعية الاوروبية) بل ماركسية الثورة الاشتراكية والاطاحة بالنظام الراسمالي واقامة دكتاتورية البروليتاريا وازالة الملكية الخاصة لوسائل الانتاج ومحو استغلال الانسان للانسان.
"ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب ماركسي لينيني حقيقي يقود نضالاتها اليومية ويوجهها في طريق ثورتها للتخلص من عبودية الراسمال بشقيه المحلي والاجنبي. بحاجة الى حزب يبدأ حيث بدأ الرفيق فهد سنة ١٩٣٨ عند اعادة بناء الحزب بتاليف الخلايا السرية ذات النظام الحديدي الذي يكفل صيانتها من هجمات العدو. حزب يبنى من الناحية التنظيمية على اساس التشدد في قبول اعضاء جدد واطالة مدد برشيحهم الى ان يثبتوا جدارتهم بعضوية الحزب. حزب يمارس المركزية الديمقراطية بالقدر الذي تسمح به ظروف العمل السري ويمارس الانتقاد والانتقاد الذاتي باعتبارهما المقياس الدقيق لجدية الحزب. حزب يطهر صفوفه دائما من كل انواع الانتهازية والتحريفية والمتقاعسين والثرثارين والمتخاذلين والخاملين. حزب يؤمن بان محاربة التيارات والمفاهيم الانتهازية والتحريفية وابعاد الطبقة العاملة عن كل نفوذ للاشتراكيين الديمقراطيين ومثقفي البتي برجوازية هو من اهم الاسلحة التي يمكن بواسطتها تحقيق وحدة الطبقة العاملة ورصها في طريق ثورتها الاشتراكية.
"ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة الى حزب يضع له منهاجا شيوعيا ثوريا ويحدد له استراتيجيا واضحا ثابتا لمرحلة الثورة الاشتراكية بكاملها. حزب يبدأ بالعودة الى ميثاق الرفيق فهد ويعترف صراحة وعلنا بانتقال العراق من مرحلة الحد الادنى في ذلك الميثاق منذ يوم ١٤ تموز ١٩٥٨ الى مرحلة الحد الاقصى، مرحلة الثورة الاشتراكية واقامة دكتاتورية البروليتاريا. حزب يعلن انه انما يهدف الى قيادة البروليتاريا وفقراء الفلاحين وكافة  الكادحين في النضال من اجل اسقاط نظام الحكم البرجوازي القائم ايا كانت الحكومة التي تمثله وبصرف النظر عما اذا كانت حكومة فاشية او بديلا ديمقراطيا وتحريرهم من عبودية الراسمال والاستغلال الراسمالي لا بالطريق السلمي التدريجي بل بطريق الثورة المسلحة الحاسمة، طريق تحطيم جهاز الدولة الراسمالي واجهزة القمع القائمة على خدمته بكافة اشكالها من جيش وشرطة وامن ومحاكم وادارة واقامة اجهزة دكتاتورية البروليتاريا على انقاضها.
"ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب يؤمن بان الحزب هو بوتقة تصهر فيه اوعى عناصر الطبقة العاملة واثقفها واشدها صلابة. ولذلك فانه  يلجأ الى تثقيف اعضائه بالماركسية اللينينية من مصادرها الحقيقية، ويدفع اعضاءه على الدراسة الماركسية كجزء لا يتجزأ من النضال والامتناع عن خلق نخبة مثقفة تسير الحزب كيفما تشاء. فكل عضو في الحزب الشيوعي هو طليعة وعليه ان يكون قادرا على معرفة الاتجاه في المعارك الطبقية التي يخوضها دون ان يجد نفسه عاجزا عن وضع خطط المعركة وتوجيهها توجيها صحيحا اذا ما وجد نفسه في ظروف منعزلة تفرض عليه قيادة المعركة دونما امكان الاتصال بالقيادة الحزبية. ولا يمكن خلق حزب يضم هذه المفرزة القيادية الطليعية الواعية الا بالتثقيف الطويل المتواصل والتدريب المستمر في المعارك واهم من ذلك الادراك التام لاهمية الثقافة الماركسية في خلق الكادر الشيوعي القائد. ان ثقافة الحزب الشيوعي ككل هي مجموع ثقافة كل اعضائه بالثقافة الماركسية اللينينية. على مثل هذا الحزب ان يتذكر دائما قول لينين ّلا حركة ثورية بدون نظرية ثوريةّ
"ان الطبقة العاملة العراقية بحاجة ماسة الى حزب يعلم ان الجبهات مع البرجوازية قد فات اوانها وان الطبقة البرجوازية قد اصبحت هي العدو الذي يجب ان توجه جبهة العمال وفقراء الفلاحين قواها ضده. حزب لا يعتبر الجبهة مع البرجوازية غاية بحد ذاتها وحلالا لجميع مشاكل الشعب ولا يؤمن بالبديل الديمقراطي الذي يمنح الديمقراطية للشعب ويحقق مقدمات الثورة الاشتراكية ويمنح الشعب فرصة السير بالطريق السلمي التدريجي الى الاشتراكية. واذا وجدت ظروف مناسبة للاتفاق مع بعض احزاب البرجوازية للنضال ضد فئات اخرى منها فيجب ان يكون هذا الحزب واعيا لخطوته وان يثقف البروليتاريا بان هذا الاتفاق ليس سوى اتفاق مؤقت مع عدو ضد عدو اخر اكثر منه شراسة وان الصراع يبقى على اشده بين الحليفين اثناء وجود الجبهة ريثما يتحقق هدفها او بعد تحقيق هدفها. حزب يرمي من كل سياساته ونضالاته الى اضعاف البرجوازية بكامل مراتبها وشرائحها استعدادا للاجهاز عليها."
ما رايك يا آرا؟ هل مثل هذا الحزب تحتاج البروليتاريا ام هي بحاجة الى حزب التعددية الحزبية الذي تدعو انت الى تشكيله؟
نصيحة زميل قديم
عزيزي آرا. ان الحزب الشيوعي العراقي فقد صفة حزب الطبقة العاملة العراقية منذ ١٩٥٦ بعد ما سمي بتوحيد الحزب مع منظمة وحدة الشيوعيين وبعد الكونفرنس الثاني والبرنامج الذي تبناه مستوحيا مقررات المؤتمر العشرين. وهذا يعني ان الحزب الذي انضممت الى قيادته بعد ثورة ١٤ تموز كان حزبا انتهازيا تحريفيا وليس حزبا شيوعيا كما تصورت.
وقد اشتركت في قيادة هذا الحزب ٤٠ عاما حشوت خلالها دماغك الى حد الاشباع بالمفاهيم التحريفية والانتهازية التي انتشرت في الحركة الشيوعية العالمية طوال هذه العقود والمفاهيم التي ابتكرتموها انتم واغنيتم بها ترسانة المفاهيم التحريفية والانتهازية العالمية.
في هذا الوضع يستحيل عليك ان تعود بافكارك ٤٠ سنة الى الوراء لكي ترفع شعارات ماركسية حقيقية في اية قضية نظرية او سياسية او تحريكية سواء منها ما يتعلق بالاهداف الاستراتيجية البعيدة او الاهداف التكتيكية القريبة. انك عاجز عن ان تنظر الى الاحداث والامور تمنظار الشيوعي الحقيقي، الشيوعي المؤمن بالماركسية.
لذلك فان نصيحتي لك هي ان تعتزل السياسة اذا كنت تريد حقا خدمة الطبقة العاملة العراقية وسائر الكادحين او ان تواصل ممارسة السياسة ولكن ليس باسم الشيوعية او باسم الطبقة العاملة. واذا شئت ان تواصل النضال كشيوعي فان نصيحتي لك هي ان تعيد تثقيف نفسك لامد طويل كعضو بسيط او عضو مرشح في الحزب لمدة طويلة لكي يتسنى لك ان تجتث هذه المفاهيم الانتهازية والتحريفية التي تغلغلت فيك الى الاعماق. انك بحاجة ماسة الى دراسة الماركسية بشكلها الذي وصفتمون بالجمود العقائدي، بشكلها الذي وضعه كارل ماركس وانجلز ولينين وستالين، لا بشكل ما اسميتموه بالماركسية الخلاقة او باللينينية دون الستالينية او الاشتراكية ذات الوجه الانساني او الاشتراكية العلمية التي تختلف عن الماركسية بحيث يمكن لجزار مثل صدام حسين ان يعتنقها حسب رايكم. ان الماركسية الحقيقية هي الماركسية التي وضعها كارل ماركس والتي ما زالت صحيحة حتى يومنا هذا. الماركسية التي كانت الاحزاب الشيوعية تهتدي بها حين حققت اعظم الانتصارات كقيادة ثورة اكتوبر وبناء الاشتراكية والانتصار على النازية واعادة بناء ما دمرته الحرب. الماركسية التي اثبتت صحتها ليس في الانتصارات وحدها بل بالاندحارات ايضا. الماركسية التي اثبتت ان مجرد الانحراف عنها او تحريفها لا يؤدي الا الى القضاء على الاشتراكية واعادة الراسمالية.
املي ان تنظر الى نصيحتي هذه نظرة جدية رغم انها صادرة عن زميل يهودي قديم.
اقدم لك هذه الرسالة هدية في ذكرى طالما كنا انت وانا نعتز بها ولكنك مع الاسف اشتركت مدة اربعين عاما في المساعدة على جعلها نسيا منسيا او مجرد خطأ تاريخي ارتكبه لينين، ذكرى يورة اكتوبر.
حسقيل قوجمان
٧ تشرين الثاني ١٩٩٢


[1] نشرت هذه الرسالة في حينه كملحق في نشرة الماركسي



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمتروف والانتقال السلمي الى الاشتراكية
- حينما يصبح البتي برجوازي شيوعيا
- سياسة الاحلاف والجبهات بين الماركسية والانتهازية
- عبادة الشخصية بين المادية والمثالية
- عراق اليوم بنظر ماركسي يتتبع الاحداث من بعيد
- الحوار المتمدن
- مستلزمات انشاء الحزب البروليتاري الجديد
- من يزرع الريح يحصد العاصفة - حول انهيار المانيا الشرقية واتح ...
- أنهاية حرب باردة ام بداية حرب حارة؟
- دفاع عن الماركسية في محنتها
- التعايش السلمي من ستالين الى خروشوف
- أزمة الخليج
- زواري الاعزاء
- ذكرياتي في سجون العراق السياسية- الجزء الاول
- ذكرياتي في سجون العراق السياسية- الجزء الثاني
- معركة تفكيك الرؤوس الذرية
- الحرب العالمية الثالثة خصائصها المميزة
- خطرات من قراءة كتاب عزيز سباهي - عقود من تاريخ الحزب الشيوعي ...
- خطرات من قراءة كتاب عزيز سباهي - عقود من تاريخ الحزب الشيوعي ...
- كتاب : الثورة التكنولوجية واقتصاد العولمة - الجزء الاول


المزيد.....




- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...
- السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي ...
- الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو ...
- بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
- محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان ...
- المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
- القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟ ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ... / أزيكي عمر
- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - رسالة مفتوحة من حسقيل قوجمان الى آرا خاجادور