أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب عوض - المستقبل يجهل العربية















المزيد.....


المستقبل يجهل العربية


نجيب عوض

الحوار المتمدن-العدد: 715 - 2004 / 1 / 16 - 07:01
المحور: الادب والفن
    


(صيف, 2003)

صـلاةٌ لإلـهٍٍ يـشخـُر

تـظنها تطفحُ  الدفءَ
مدخنة دارنـا التي
يغطيها السواد ليلَ نهار.
كانت أمي تطعمَ أفكارنا للنار
قـبل أن تهرب من شروخ الحائط
وكنا نجلس عند الباب
نرتجف,
لا من البرد
بل من الخوف.
/ /

كانت الخطب الـقومية
عبر السنين
تطفح في الشوارع
والصمت اللاذع يكتم الأنفاس
في الأزقـة الضيقة.
كنا نثـرثر بأكفّـنا
الملتهبة من كثرة التصفيق.
ونفاخر بالـقمل
يسكنَ فروات رؤوسنا
كأنها برغم السكوت
ترتـعُ بالأفكار.
/ /

كنـا نحاول أن نكون
قـدر المستطاع
أقـل مما
نستطيع أن نكون.
وكان الجنون في هذه الحـالة
أقـل
مـا
يمـكن.
/ /

لم نضيـّع العمر هباءً
بل, كـأمـّةٍ صـالحةٍ
استـثمرنا الوقـت
نمـجُّ الأركيلة
ونلعب الطاولة
في المقاهي الشعبية,
نسمع نشـرة الأخـبار
ونلـعن أعداءنا
ليـوم الديـن.
/ /

أهنـاكَ براءةٌ
أكثـرَ من أننا
انجرفـنا إلى العصر الحديث
دون أن ننـتبه,
وأننا لم نـعرف الحرية
حين تحدثوا عنها
على التـلفاز,
وبالكاد لاحـظنا أنه لم يَعـدْ
في قبضة الخطباء
مطرقـةٌ ومنـجل؟
/ /
ما لنا إلا أن نطلب
عـفوكَ أيها التاريخ
الذي يرشف الشاي
مستعجلاً النـهوض
قبل حلول العصر,
لن نرحـل معـكَ
إلى الـقرون الآتية.
حـان
وقتُ
الذهاب
إلى
الصلاة
/ /

بوركـَتْ أمـةٌ
من كثـرة
ما اتكلت على الرحـمن
صـار
يـشخر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المستقبل يجهـل العربية
                                                                              " وفي الألم يهجر المرء بيته ويسكن
                                                                في إناء عينيه"
                                                                               _عقـل العويط, "لم أدع أحداً"_


الأصحاب اللذين كانوا يمرون كل مساءٍ
لنرشف بعض الأقـداح
ونتحدث في ركن المقهى القـصي,
يفور من وجوههم
مرارة وحزن.
كنتُ أتابعهم بصمت
وأحياناً يفضحني غضبي
وكنتُ لا أخاف.
/ /

عبثاً يحاول المذياع أن يرسل أخباراً
نشعر أنها تعنـينا.
ورقٌ مبعثرٌ بين المنافض المليئة بأعـقاب السكائر
وكنا لا نجرؤ أن نكتب
سوى رسائلَ مهذبةٍ لبعض النساء العاشقات
كي نمنعهن من الانتحار.
أقـلامنا أضعف من هذا الهوان.
والأفـواه المكممة ليست في طاقتـنا
على الاحتمال.
/ /

نحيا بين عهدين
أحلاهما مـرٌّ
وأقـساهما, رحمةٌ
نتحسَّر من كثرة الغموض عليها.
/ /

نتكئ على البار:
حبات رمانٍ مفروطةٍ
بين سويعات الكلام.
أقـداح الجـعة وبعض المكسرات
تمنحنا الفرصة كي نغيب عن الوعي
أوننتحب مستـنشقين أبخرة الهباء
الصاعدة من حلوقـنا.  
/ /

أتراه حـلاً أن نصير مسالمين
بعد أن نزعنا قبعاتـنا المثـقوبة بالرصاص
وعدنا إلى سذاجة المتمدنين
الجالسين على عقولهم
يتـفكهون كالعجائز؟
أم تراهُ سبيل
أن نناصب المستـقبل العداء
لأنه
لا
يعرف
العربية؟       

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حين ضـاع الدفتـر
             


مثـلما يحدث أن
أتعثَّـر في مشيتي
 في شوارعٍ
تخلو من الناس,
يحدث أيضاً
أن تضيعَ أشيائي
حين تغيب عن طاولتي,
التي لا تعرف إلا الترتيب,
متاهات الفوضى.
/ /

فالدفتـر الأسود,
المتوسط الحجم,
ذي الـقصائد المكتوبة بالرصاص,
حين حاول أن يختـفي عن ناظري,
أُسقِطَ في يده,
فأين يضيع في غياب الفوضى؟
/ /
 
قال لي وقد ملأت فمه المرارة:
ألا تعلم
أنَّ شعباً كاملاً
ينطق بالضاد
ضاع عن بكره أبيه
بسبب النظام؟
/ /

 


الشعب الذي لم يصفه التاريخ
بـ "الشعب المرتب",
بل بالأمة المضيافة.
فكل من أراد أن يهرب
من نقاء أنظمته
التجأ إلى
سخاء فوضانا الحاتمي.
/ /

 حين ضاع الدفتر
عرفت لمَ
 على النظام
أن يكون دائماً
بلا طعم
ولا رائحة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لا أكتب, لا أكتب


لا أكتـب
ما يحدث لي.

أكتب لأنه
لن يحدث.
/ /

 لا أكتب
لأنني أستطيع.
كلما كتـبتُ
رأيتُ عجزي
يرمشُ ساخراً
تحت القـلم.
/ /
لا أكتـب.
أحاول
أن
أعيش.

فكلما كتـبتُ
تخفّـفتُ من وطأة
ما يحدث, أو لا يحدث, معي.
/ /

عبثاً أحاول أن أكون ما أكتب
كي أتوقف عن كتابته,
فكلما حاولتُ
وجدتُ في آخر الطريق
أنني...أكتب.

 

الطاولـة أرهقـها حـذائي
           

           
على الطـاولة,
كطاووسٍ أسودٍ,
شـذراً, بتلك النـظرة
التي كلما رمقـني بها
بالكـاد أعرفـه.
هو الذي مـرَّ فوقي,
لمـَّاعاً
نظيـفاً,
بجلده الخشن ونعـله المثلـَّم,
تـاركـاً أقـذاره على وجهي,
صـائحاً:
سـلام
أيها
المواطن.
/

أكـانَ عـليَّ أن ألوكـهُ
وأن يتدلـىَّ شريطهُ من فمي
كي أعرف الفـرق
بين الله
والحاكـم بأمـره؟
/
فكلمـا مـرَّ بشاربهِ الكـث
وصـدره المنتـفخ,
دعـكَ اللئيم احتـفاءاً به
وجهيَ في الطين.
/

مديـراً له ظهـري,
كما لو أنني حـيُّ,
أعود إلى السرير تحشـوني المرارة.
أمـدِّدُ وجهي
كي يرتديـه عند الفجر.
/

طاولـةٌ أرهـقها حذائـي
كان عليَّ أن أطأ كرامتـي حافـياً
كي لا أوقـظها.



#نجيب_عوض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجيب عوض - المستقبل يجهل العربية