أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - الموت00 ورائحة الياسمين














المزيد.....

الموت00 ورائحة الياسمين


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2303 - 2008 / 6 / 5 - 08:02
المحور: الادب والفن
    


يحمل الناس كل صباح جسد شهيد00 أسقطته رصاصة عاهرة غاشمة كافرة00 اخترقت قلبه المتعب من آلاف السنين، أو شطرت رأسه00 تسير المواكب الجنائزية بطول الأرض وعرضها في شوارعنا00وتفترش المآتم حكاياتنا وحواراتنا ، ولأن الكرم صناعة عربية 00 فأن الجنازات غالبا ما تكون جماعية00 حتي ضاقت مقابرنا علينا00 لكن رائحة الياسمين تلف المكان00 تشيع جوا من التفاؤل في زمن الحداد والعويل00 وتبعث في النفوس أملا بعيدا00 ربما يبدو يوما في عيون طفلة أو نظرة عجوز تستريح علي ذكري الأيام من عناء الرحلة00 ربما يأتي ذاك الأمل البعيد القريب من السماء في رذاذ المطر أو في عصفرة الريح00 ربما يأتي من الحقول العطشة00 أو ضفائر البنات00 ربما يأتي 00
يحمل الناس كل صباح معاناتهم وآلامهم وأولادهم 00 فمازلت كوارثنا طريحة الفراش في المستشفيات المجانية، سيئة الخدمة والسمعة، تئن وتتوجع وتصرخ 00 وتطلق آهاتها يمينا ويسارا00 مازال صدي دوي الانفجارات في الآذان يقبع مستكينا00 يتردد بين الحين والحين00 لم تصف سمائنا بعد من الدخان الأسود الكثيف التي عبأت به00 هل نسينا؟00 تخفت حدة انفعالاتنا دائما مع مرور الأيام 00 تفتر عزيمتنا مع الوقت00 ونبحث عن ملهاة جديدة00 ندمن النسيان00 نصنعه00 نصدره00 نتجرعه00 نتنفسه00 ولا نتعلم 00نعشق النسيان وننظم فيه قصائد شعر وحواديت قبل النوم00 ونكره التعلم ونمقته00
ماذا بعد البكاء ؟00 بكينا كثيرا حتي جفت الدموع 00 وبكينا كثيرا حتي تمزقت الضلوع00 وبكينا كثيرا حتي مل البكاء من عيوننا الكاذبة الناحبة ليل نهار00 ومازلنا نبكي 00 حتي أصبح البكاء عادة يومية00 نُكفر بها عن ذنوبنا00 ونخفي وراءها عجزنا وقلة حيلتنا00 ولا نتعلم ، ولا نسأل أنفسنا لماذا نبكي؟ وإلي متي نبكي؟ فما أسهل البكاء00 وما أيسره00وما أرخصه0
نحن نحاتي التماثيل وكاسريها00 نحن صناع الفراعين ولاعنيهــا00 ونحن كتاب التاريخ ومحرفيه00 ونحن الشعوب التي تقيم أفراحها علي الأسلاك الشائكة00ونحن نكتب الأشعار علي جدران السجون فلا يقرأها الشعب00 بل يقرأها السجان ويحفظها ويرددها كل صباح00 وعندما يكتشف أنها أشعار ثورية تحريضية يلقيها في زنزانات فردية 00 فنكتب قصائد أخري يقرأها السجان مرة أخري ولا يقرأها الشعب فنعذب ونجلد ونسجن من جديد00
عندما يفتح الصباح عيونه عند الشروق00 يبدأ العداد في عد الموتي00حيث يسقط شهيد عربي كل يوم00 كل يوم 00 ويهدم بيت عربي كل يوم 00 كل يوم00ويسرق شبر من الأرض العربية كل يوم 00 كل يوم00 ويسطر التاريخ هزائمنا المتوالية المتتالية المتعاقبة كل يوم 00 كل يوم00 ومازلنا نبكي علي الأطلال كل يوم 00كل يوم00
إنهم يتعقبون سيرنا 00 صحونا ونومنا00 فرحنا وحزننا00 يرصدوننا ويلاحقوننا، يتتبعون أنفاسنا وهمساتنا، يراقبوننا ويحاولون أن يقبضوا علي أرواحنا00 ويتهموننا بأننا شعوب تعشق العبودية والاستسلام، لا نؤمن بالحرية والمساواة00 فعندما نعي الدرس جيدا00 ونقيم مظاهرة في الشوارع الخلفية مطالبين بالمساواة يحصدوننا ويرموننا بالرصاصات القاتلة بتهمة إثارة الفوضي والهمجية00 فلا نتعلم00 ونموت00 وندفن00 ويحملوننا علي الأكتاف إلي قبورنا التي ضاقت علينا00 ولكن رائحة الياسمين تلف0000000
في اللحظة التي تنتهك فيها حرياتنا وتستباح فيها عقولنا00 يطرح علينا خيارات جديدة ما بين الموت في أحضان الوطن ، أو الخيانة ، فنموت في أحضان الوطن 00 ويموت القليل في أحضان الخيانة00 وفي تلك الحالتين نموت، وفي تلك الحالتين لا نقيم سرادقات للعزاء00 فلا عزاء لشهيد، ولا عزاء لخائن00
إن الأحاديث الباهتة التافهة أصبحت الآن في صدر نشرات الأخبار تحتل مانشيتات الصحف الكبري والصغري 00 والناس تصدق أحيانا00 تصدق رغم أنباء الاغتيالات والقتل والتفريق والتحريم والتعذيب والتشريد والترهيب والترغيب00 تصدق00 لكن التاريخ يكتب الحقيقة، التي سوف نقرأها بعد ألف سنة أو ألفين 00فمازلنا نعيش في مواسم الكلام00 والحروف المطاطة التي تخترق كل الحدود والموانع وتتاجر بالمثالية 0
نصدق رغم الصفقات المشبوهة 00 رنهم يحاولون أن يفرضوا حقوق الإنسان باغتيال الإنسان وتشريده وتجريده وتجويعه وإذلاله وتهميشه وتصفيته وتنحيته وبعثرته00 إنهم ينصبون الشرعية بالوحشية والعنف والبربرية، ويوزعون علينا الزكاة من فوائد أموالنا 00
إنهم يحاولون صياغتنا00 إعادة تركيبنا وتفكيكنا، إنهم يريدون تحريكنا بالريموت في اتجاه مصالحهم00
أقفرت الآن شوارع المدينة
وانفض عنك الناس أيها الأمير
فاحمل بقاياك الثمينة
واحمل تماثيل الأميرة السجينة
000000
ماذا أصاب الكلمات، لم تعد تهزنا
ولم تعد تسرقنا من يومنا
تثير فينا العطف00 قد
وقد تثير السخرية
لكنها00 تموت تحت الأغطية
أحمد عبد المعظي حجازي
إنها حوارات الجنرالات والعسكريين المشغوفين بالكراسي والمناصب00 المتيمين بحب الظهور وإلقاء البيانات عبر شاشات التليفزيون00 أما الشعوب فلا تعنيها هذه الأشياء00 فهي تأمل العيش في هدوء وسكينة دون صخب أو ضوضاء00 وتتمني علي الله حينما يأتي أجلها أن تموت في ستر00 ودون أيضا ضجة أو صخب00
ضاقت بنا الأمكنة وبأولادنا 00 فمن حدود فلسطين النازفة تحت الاحتلال ، حتي العراق الجريحة 00 نولد الأطفال في الشوارع ويموتون في الشوارع ويأكلون في الشوارع00
تعالوا نرسم حدودا جديدة وبلادا جديدة وملامح جديدة00 تعالوا نرسم وطنا بلا أسلاك أو بوابات أو تأشيرات وطنا يحتمل أحلامنا البسيطة الكبيرة00 وطنا لا تلوثه أطماع الطغاة أو أحلام العملاء00 تعالوا نضع النقط الصحيحة علي الكلمات الهاربة00 حتي لا نفاجأ يوما بضيق مقابرنا، رغم رائحة الياسمين التي تلف المكان0



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تبت أياديكم
- ريم00 امرأة فلسطينية
- شهداء وعملاء
- فاتن حمامة : السير علي حافة الهاوية
- رسالة إلى امرأة غير استثنائية
- مارسيل خليفة: صوت البسطاء
- الراقصات والسينما


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - الموت00 ورائحة الياسمين