مؤتمر العهد الدولي لاعادة اعمار العراق نموذج لفشل قطب العولمة الراسمالية في حل ازماته

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2298 - 2008 / 5 / 31 - 07:36
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    

شهدت ستوكهولم في 9/5/2008 حراكا جماهيريا غاب عن ساحاتها سنوات في ادانة السياسة العدوانية الامريكية ولاسيما حربها واحتلالها للعراق تحت شعارات "لاللدماء مقابل النفط" و"امريكا اخرجي من العراق" و"بوش الفاشي القاتل" و ..الخ
وتميز التحرك في هذا اليوم بالسعة والتنظيم والوعي رغم كل ما اتخذته الحكومة السويدية من اجراءات امنية غير مسبوقة. اذ طوقت قوات الامن موقع المؤتمر واغلقت كل الطرق المؤدية اليه تاركة زاوية خلفية للجماهير تناوبت على ملئها مئات من المنظمات السويدية المناهضة للعولمة الراسمالية والتي تضم مناضلين من مختلف بلدان العالم تحت شعار رئيس " كوندوليزا رايس عودي لبلادك" و" كوندوليزا رايس مجرمة حرب" . وشهدت الساحة المركزية في وسط العاصمة السويدية اكبر تحشد جماهيري وزينت الساحة بعشرات الشعارات الملونة ، وصدحت الموسقى والاغاني الثورية . وتناوب الخطباء في فضح اهداف المؤتمر وفي مقدمتها تخفيف الازمة الاقتصادية الامريكية من خلال استمرار مساهمة الدول المانحة في تكاليف الحرب والاحتلال، تحت شعار "اعادة اعمار العراق" وفقا لما تعهدت به في مؤتمرها الاول في شرم الشيخ. تلك الاموال التي صرفت على تهديم العراق وليس بنائه وقتل المزيد من ابنائه وتيتيم المزيد من اطفاله وارملة المزيد من نسائه، فضلا عن بناء الاف الجدران لتقطيع اوصاله. وفي مواجهة الهدف الثاني للمؤتمر وهو التغطية على جرائم قوات الاحتلال. فجاءت كلمات المتظاهرين حافلة بالاحصائيات الكارثية التي تسجلها المنظمات الدولية وتتناقلها وسائل الاعلام . كما فضح الخطباء الجرائم التي تقترفها قوات الاحتلال في العراق بما فيها استخدام اليورانيوم المنضب الذي قتل مئات الالاف مباشرة والملايين بعد اصابتهم بالسرطان واكثريتهم من الاطفال . واحراق المدن بالاسلحة المحرمة دوليا كمدينة الفلوجة ودفن المدنيين تحت انقاض بيوتهم بعد قصفها بالقنابل وجرائم التعذيب في السجون ولاسيما سجن الاطفال واحصائيات عن عدد الاطفال اليتامى والمشردين وعن اوضاع المرأة الكارثية من تكبيل لحريتها في الدراسة والعمل، والقتل والاغتصاب والترمل تحت شعارات الديموقراطية وحقوق الانسان، ومساهمة المرأة في صنع القرار السياسي للبلاد بمنح المراة حصة في الوزارة والبرلمان، الاداتين الطيعتين برجالها ونسائها لقوات الاحتلال فضلا عن استحواذ المنظمات الدينية على النسبة الاكبر من المرشحات لهذه المناصب واستخدامهن ادوات لمقاومة أي تشريع لتحرير المرأة بعد ان احكم دستور الاحتلال تقييد المرأة بقوانين القرون الوسطى. وفضح بعض الخطباء الهدف الرئيس للمساهمين في المؤتمر وهو مشاركة الشركات البترولية الامريكية في استثمار نفط العراق لقاء دعمهم للحرب واحتلال العراق . واشار الخطباء الى دعم المؤتمر لاستمرار سفك الدم العراقي من اجل ان يستمر تدفق عوائد النفط العراقي واقتسامه بين هذه الدول. واختتم البعض من الخطباء كلماته بطلب تقديم الادارة الامريكية ولاسيما بوش وكوندوليزا رايس الى المحكمة الدولية في "هاك" كمجرمين حرب .
نعم حضر المؤتمر ممثلو 90 دولة وعشر منظمات دولية وحشد له ممثلي المئات من منظمات المجتمع المدني بما فيها العراقية ، لابراز حقيقة الهيمنة العالمية للامبريالية الامريكية ، ودعمها عالميا. وسخرت الادارة الامريكية اداتها الطيعة الحكومة العراقية برئيس وزرائها للدفاع عن كل جرائمها وتزين الواقع العراقي لاغراء الدول المساهمة في المؤتمر على استثمار اموالهم في العراق الامن !! رغم علم الجميع بحقيقة بعدم تمتع اية بقعة فيه بالامن منذ الاحتلال حتى المنطقة الخضراء المحروسة باكبر قاعدة عسكرية امريكية في العالم : السفارة الامريكية . واسرف في وصف ما حققه من فرض للقانون والقضاء على المليشيات دون ان يشير الى صولات فرسانه في ابادة مناطق الكادحين في البصرة ومدينة الثورة التي عرضتها وسائل الاعلام العالمية. كما اكد على انجازاته الكبيرة في اقامة الدولة الديموقراطية بمؤسساتها ودستورها ونسي ما اعلنه قبل اشهر من انه يعجز عن تحريك أي من جنوده دون موافقة قوات الاحتلال كما نسي خضوعه لاوامر بوش المباشرة عبر حلقة تلفزيونية مغلقة في توقيع قانون لنهب النفط والغاز واتفاقيات امنية دائمة مع امريكا دون عرضها على الشعب وموافقة البرلمان عليها. وتحدث عن محاربته للفساد وتمكنه من تخفيضه الى الحد الادنى. في حين تفضح وسائل الاعلام ولاسيما الصحافة الامريكية استمرار محاكم وتحقيقات في سرقة ممثلي قوات الاحتلال بدءا بالحاكم المدني بريمر والشركات التابعة لنائب رئيس الجمهورية ديك جيني لمئات المليارات من الدولارات من خلال تعاقداتها على مشاريع اعادة الاعمار او التسليح اوحماية الامن دع عنك عما تمارسه حكومته وكل اجهزتها من سرقة الفتات الذي تتركه لهم الشركات الامريكية او سرقة اموال الدولة وميزانيتها.
ورغم كل ذلك او ولذلك فشل المؤتمر في تحقيق أي من اهداف الادارة الامريكية في تخفيف ازماتها الاقتصادية والسياسية والاخلاقية وفي فرض هيمنتها على مقررات الدول الراسمالية الكبرى. فقد اشار البيان الصادر عن المؤتمر الى تحسن الاوضاع الامنية في العراق رغم هشاشتها !! وعن الامال بتحسنها وخلق مجالات اوسع للاستثمار، ومطالبة الحكومة العراقية باقرار قانون النفط والغاز دون اية اشارة الى الغاء الديون او العقوبات المفروضة على الشعب العراقي نتيجة اسراف وحروب النظام الدكتاتوري، او التعهد باي منح اواستثمارات جديدة . وقوبلت ببرود حتى دعوة رئيس الوزراء العراقي لعقد المؤتمر القادم في بغداد.

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات