أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منير شحود - الحجاب والاحتجاب من منظور تطوري















المزيد.....

الحجاب والاحتجاب من منظور تطوري


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 714 - 2004 / 1 / 15 - 05:18
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


كُتبت مقالات كثيرة حول مسالة الحجاب في خضم الصراع بين العلمانية والدين, بعد القرار الذي اتخذته السلطات الفرنسية بمنع العلامات الدينية في المدارس الرسمية, ومنها الحجاب الإسلامي بصورة خاصة. بيد أن موضوع الحجاب, بمعنى حجب المفاتن الأنثوية, يبقى موضوعا لجدل آخر يتعلق بتعريف تلك المفاتن وتحديدها في الزمان والمكان. ويعود ذلك إلى الملابسات والتقاليد التي تحدد ما يتوجب حجبه عند المرأة عند مختلف الشعوب والحضارات, وفي مراحل تاريخية مختلفة. ومن هذا المنطلق نستطيع أن نفسر التباين الواسع في التطبيق الشرعي للحجاب, من غطاء الرأس البسيط إلى النقاب والخمار.
من المعروف تبعا لعلوم التطور أن الملامح الوجهية عند العرق البشري قد تنامت بصورة فريدة واكتسبت قدرات تعبيرية متعددة, وبقي المآل التي آلت إليه, لجهة اكتسابها وظائف جديدة, محط خلاف بين العلماء. ومع ذلك يمكننا القول أن ملامح الوجه قد تطورت مكتسبة بعضا من صفات الإثارة الجنسية, التي كان لوضعية الإنسان المنتصبة, وبالتالي التقابل بين الجنسين وجها لوجه, دورا رئيسا في حدوثها. وترافق ذلك مع تطور حاسة البصر عند الإنسان (تنقل 90% تقريبا من معلومات الوسط الخارجي) لتحل محل حاسة الشم السائدة بدرجة أكبر عند معظم الثديات.
وتبعا لوجهة النظر السابقة فقد اكتسبت الأعضاء الموجودة في مقدمة النصف العلوي للجسم (مجال الرؤية عند التقابل بين الجنسين) وظائف ثانوية, جنسية تحديدا. وإذا كان لا أحد يجادل في موضوع أن الثدي عند المرأة قد اكتسب صفات جنسية واضحة (الشكل المستدير وتبارز الحلمة وإطارها اللوني, وتراكم الشحم الذي يجعل الثدي متبارزا خارج أوقات الإرضاع) فإن ملامح الوجه وأعضاءه قد تكيفت هي أيضا في هذا المنحى, وبدرجات مختلفة تبعا للعرق البشري.
فالشفتان عند الإنسان انقلبتا إلى الخارج, ما كشف جزءا من الغشاء المخاطي لجوف الفم بلون يقع في مجال الطيف الأحمر (يعوض نقص وضوح التباين اللوني عند الزنوج بزيادة ثخانة الشفاه وانقلابها). ولا نجد مثل هذا التطور حتى عند الشمبانزي الذي هو أقرب إلى الإنسان تبعا لنظرية التطور. ومن الناحية الوظيفية فإن صغير الشمبانزي أقدر على مص الحليب بشفتيه المطبقتين من الطفل, الذي يجد صعوبة أكبر في تأمين إخلاء جوف الفم اللازم لتأمين عملية المص, ويزداد ذلك صعوبة كلما زاد انقلاب الشفاه وازدادت ثخانتها (عند أفراد العرق الزنجي في الحالة الأخيرة). وتضاف إلى المصاعب الموجودة عند الطفل مشاكل أخرى ناجمة عن الشكل المستدير للثدي, الذي يعيق عملية الرضاعة ويعرض الطفل لمصاعب التنفس, ما يجعل الوليد محتاجا لمساعدة الأم في تأمين عملية الإرضاع, وخاصة في الأشهر الأولى بعد الولادة.
وفي تطور أنف الإنسان وتبارزه تساؤلات وظيفية غير محسومة أيضا. كما أن العيون البشرية كمرايا للأجساد والأنفس من الأمور المعروفة. ومع أن ملامح الوجه البشري قد اكتسبت بعضا من مظاهر الإثارة الجنسية فإنها اغتنت أيضا بتعابير عميقة وجدانية الطابع, ولكن الحديث عن ذلك يبعدنا كثيرا عن موضوعنا الحالي, أي الحجاب.
ولزيادة مظهر الجاذبية, وهي جنسية بصورة خاصة, تتم عملية إبراز لهذه الملامح الجنسية في الأعضاء المشار إليها أعلاه باستخدام وسائل إضافية, كحمالة الثديين, وزيادة التضاد اللوني بإضافة أحمر الشفاه, وصولا إلى استخدام تقنيات أخرى في الآونة الأخيرة كالسيليكون.
ولكن ما علاقة ذلك كله بموضوع الحجاب؟.
تجدر الإشارة إلى أن موضوع حجاب المرأة أو حجبها ليس محصورا بدين الإسلام, وقد وُجِد عند أديان وشعوب أخرى, مع أن ظاهرة الحجاب في الإسلام هي الأكثر انتشارا بسبب اعتبارها من الفرائض, بغض النظر عن الاختلاف والاجتهاد في تفسير النصوص الشرعية ذات الصلة. ولا نريد هنا إثارة الموضوع من المنظور الديني أو من خلال صراع الحضارات والتجاذبات الأيديولوجية.
تختلف درجة الإثارة المتعلقة بملامح وأعضاء المرأة تبعا لطبيعة هذه الأعضاء أو التقاليد المتعارف عليها في مجتمع معين. فقد يكون شعر المرأة موضوعا مثيرا – شبقيا وقد لا يكون, تبعا لطبيعته؛ فالشعر المسترسل ليس كالشعر الأجعد بهذا المعنى. وينطبق الأمر على ملامح الوجه أيضا. وعموما عند إظهار الوجه من خلال الحجاب, تبرز الملامح الوجهية بصورة أكثر حدة محاولة التعبير عن نفسها بصورة أكبر كصفة تعويضية عما يخفيه الجسد. وعند وضع النقاب تضطلع العينان بدور كبير كمرآتان للجسد والنفس, فتتكثف فيهما التعابير كلها. وعندما تحتجب المرأة وراء الخمار, فإن قوة الجذب تكمن في نزعة الاستكشاف التي تتعزز بالتخيل. وبغياب الجسد بالكامل, رغم حضوره بالخيال, يصح الحديث هنا عن احتجاب المرأة وراء الحجاب جسدا وشخصية, ويصبح من الصعب تحديد هذه الشخصية, نظرا لخفوت العلاقات التي تربطها بالمجتمع. تبقى للمرأة علاقاتها القريبة بالطبع, ولكن مثل هذه العلاقات قد تتعرض للتقييد أيضا... وبدرجات مختلفة.
بيد أن ثمة تبسيطا بيولوجيا شديدا عند الكلام عن ملامح المرأة كمواضيع شبقية Erotic وحسب. ويعتبر الجمال ارتقاء للإثارة وتصعيدا في النظر إليها, ما يجعل ملامح المرأة كموضوعات للإثارة, تعبيرا عن النظرة الأحادية إلى المرأة واستلابها, بحيث لا يُنظر إليها كشخصية اجتماعية تمتلك استقلالها وعلاقاتها في الوقت نفسه, وكرامتها الإنسانية في المحصلة.
ويمكن الاستنتاج أن النظر إلى المرأة كفتنة أو موضوع للإثارة فقط يجعل من حجاب المرأة, بدرجاته المختلفة, عاجزا عن حل المشكلة – الفتنة, إذا لم تُر أو تتكشَّف جوانب أخرى اجتماعية لشخصية المرأة, وفي شروط تتحقق من خلالها هذه الشخصية, ويكون للمرأة فيها الرأي الأول فيما يتعلق بالتعبير عن شخصيتها. ويساعد الاختلاط بين الجنسين ضمن الحدود المتعارف عليها في مجتمع معين على التخفيف من جنسانية Sexuality المرأة. كما تعتبر الفنون أحد أشكال تصعيد النظر إلى الإثارة كموضوع جمالي, وتلعب الفنون بذلك دورا تربويا مهما بهذا الصدد.
ولا يمكن فصل موضوع الحجاب عن الهيمنة الذكورية اجتماعيا مهما اجتهد المجتهدون الرجال في إخفاء ذلك بالتستر وراء الشرع. وكلما ازدادت هذه الهيمنة حدة, كلما تراجعت مكانة المرأة وزاد تحجبها وانحجابها إلى حدوده القصوى, ولنا في الطالبانية مثالا لا يجدر به أن يُحتذى!. كما يرتبط الغلو في موضوع الحجاب أيضا بمراحل الركود الاجتماعي والاستبداد السياسي وازدياد الضغوط الخارجية, والتي ستنعكس على المرأة بدرجة أكبر, باعتبارها الحلقة الأضعف في المجتمعات الذكورية.
إن الضجة الكبيرة التي أُثيرت حول منع الحجاب في المدارس الرسمية الفرنسية كان يجب أن تكون حول احتجاب المرأة وهامشيتها في المجتمعات العربية الإسلامية, وليس حول حجابها, الذي يمكن اعتباره مسألة شخصية وخيارا للمرأة قبل كل شيء. وإن العجز والإحباط والركود هو الذي نقل "المعركة" إلى أوروبا, حيث يمكن للمرأة أن تناقش موضوع حجابها واحتجابها بحرية كبيرة نسبية, شريطة أن تُرفع الوصاية عنها من أية جهة أتت.
  



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشروع الجيني البشري
- الاستنساخ: أنواعه وآفاق تطبيقاته
- في سوريا تخمة وطنية وسقم ديمقراطي
- بعيدا عن الواقع... ومن أجله
- نقد ذاتي وغيري
- تحية لصديق جديد
- بين ثقافة الاستشهاد و-عقيدة- الانتحار
- مثقفو وشعب... حبيبتي سوريا
- تقاسيم على وتر الخوف
- قلب تاريخي
- لبنان: ذكريات حاضرة
- بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني
- محللون يحللون التحلل والحلول


المزيد.....




- الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
- الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج ...
- سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال ...
- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منير شحود - الحجاب والاحتجاب من منظور تطوري