|
أَأنتِ المستحيلْ.....تراتيل فصول التكونْ....؟!!!
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 2296 - 2008 / 5 / 29 - 08:59
المحور:
الادب والفن
منذُ أنْ تفجرت الينابيعُ…كانت حبيبتي تقرأُ مزاميرها العتيقة.وكانت تنامُ ومن حولها عرائسُ الضبابْ، حدودها رحلةُ الشمس وتخومها هالة البدر إذا ما أكتملْ.أمانيها قوس قُزحْ وأحلامها انتصاراتُ الأبطال الفاتحين الذين زينوا الوجود بعلمهم وحلمهمْ.ومهما قيلَ عن حبيبتي تبقى المرأة التي أنجبتْ بواكير الفجر والفكر.وهي عاجنة خبز الحصادين ومبدعة أناشيدنا الخالدة.وهي الجسُر الذي عبرت من فوقه قوافلنا إلى الجنان المعلقة…
ومرت الأيامُ وحبيبتي تتوجعُ ألماً وغربةً…ولكنها تبقى الشجرة القديمة الوارفة الظلالْ…
هلْ تستيقظينَ أيتها العذراء الأرملةْ عبر مدن العالم الفوضوي؟!! مجنونة تُحيكُ لك الريحُ الزمهرير ثياب نومك وعرسك…وهل تفتحين عيونكِ على سبخاتك العطشى إلى ماء فراتْ؟ …من يُهدهدُ لك سرير أطفالك الصغارْ؟ أَتظنينَ أنَّ الأمومة قولاً وكفى..؟!!
لقد كبونا جميعاً أمامَ أقواس نصرك، وسقطنا كخيول أبطال الخرافات في ساحة الوغى…فهل تستيقظين أيتها الساكنة قلوبنا حُباً وعشقاً وجنونا…؟!!
وهل تقتلع رياحك العاتية أوتاد خيامنا المهشمة،وتعبرنا سيولك الجارفة..؟!
فنحن واحة للعقم والمهزلة…أُقسمُ أُعلنُ تمردي…غضباً أُحبكِ، عِناداً يزلزلُ الوجود…برقاً ورعدا…أُحبكِ وسوف أبقى أُحبكِ لأنك قدري ووجهتي..
تعري فليسَ عيباً أن يراك العالم تتعرين رفضا..ولكن العيب أن تنامين ذليلة مهانة معذبة…فكمْ هي عظيمة تلك المرأة التي تقفُ بوجه الكونْ والعالم تُثبت ذاتها وحبها العظيمْ…؟
مرةً واحدة عليك أن تقفي بوجه الريح العاتية، رافعة قبضتك …صارخةً بوجه جلاديكِ…مرةً واحدة قدمي نفسك للصلب..أو تجرعي كأس السم كما فعل سقراط حكيم اليونان..
مرة اشتهيتُ أن أشرب من خمورك المعتقة…وأسكر..ومرة أحببتُ أن أسافر كطفل عابر حدائقك…وبيدي باقة من أزهارك…لماذا تسرقين شفتي وأنا الذي أُحبكِ؟!! لماذا ترفضين وجهي وأنا الذي بُترتْ قامتي من أجلك…؟
لماذا لا أسألُ العالم أين وجه حبيبتي وليكن الطوفان..؟.لماذا لانقرأُ مزاميرك ونوحد تراتيلنا وأوجاعنا..لماذا لا تُدق طبولك
لماذا لايُقدم الشاعر آخر قصائده…ويُعري صدره للشمس والبحار.؟
لماذا تخافين دروب المقاصل وفي كل يوم ٍ تموتين غربة وعذابا…؟!!!
أشكُّ أنك حُبلى بدمي…أشكُّ أنك أُنثى…أشكُّ أنكِ الحبيبة التي أقسمتُ لها …لماذا لاتصرخين لجنودك القابعين خلف متاريس الغرباء ..؟
لكِ أقرأُ أناشيدي وآخر وصية من جدي..مجنونٌ أُحمّلُ سفني رغبتك..وأركبُ فرسك الجموح ..تعبرني الخيول…الطبول …فلن أرقص إلاَّ في عُرسك
فمنْ يأخذني شاعرا..متيما…متصوفا..إلى محرابك القديمْ؟
لأقدم على مذابحك آخر قصائدي…ونصنع عرسك المستحيل…
لأنك إن لمْ تصرخي ياحبيبتي فأنت المستحيلْ….
****
(2)
في البدءِ كان اللهُ ، وفي البدء كانت أُمي، كان صوتها يأتيني أناشيد خالدة…
في البدءِ كانت الصباحاتُ ترتحل مع الندى…وهي تلامسُ خدود الأزهار، وكانت التراتيلُ والأدعية تُناجي من عمق الزمن إلى لحظة الفردوس والسماوات السبع…تُنادي أُمي…رسمت الشمسُ قرص وجهها الملائكي…وعمدت شفتيها ياسمينة الصباحات .ورتبت جدائل شعرها ليالي غربتي..
منذ البدء وحتى مولدي..يا اللهُ ما أروع قامة أُمي!!! وما أوسع عيونها! وما أرحب صدرها الذي أرضعتني منهُ حليبا وأبجدية!.
كمْ أحنُّ إليهِ رغم ابتعاد الزمن وطفولتي ورغم المسافات؟ كمْ صليتُ للهِ كي يحرسها ويحفظها من الأذى؟ وها أنا قدْ نذرتُ نفسي ووجودي لسجون حريتها وكلمتها.لأنها أرحبُ عليَّ من مساحات البحار والفيافي والعالم والوجود…
آهٍ يا أُمي …أشتاقُ إلى فصولك الأربعة التي تحولني دائما إلى شاعر ومسافر ٍ يهوى الرحيل والوداعْ…
سامحيني يا أُماه..كلما اقترب قلبي إلى مرافىء بحار حبك…يستوقفني زورق تائه ومن بعيدٍ أقولُ: هاهي أُمي..إنه حُبك أُمي…فأغدو خجولا وترينني ارمي بنفسي بين ذراعيك وتمسحين جبهتي التي ازدحمت بها قطرات عرق جبيني ….آهٍ ما أروع كفيك وأنعمها
تضعينها على كتفي ويأتيني صوتك الحنون قائلاً..لا ..لاتخجل ياولدي فأنا أُحبكَ…فأزدادُ خجلاً..وأتمنى لو لمْ أرتكب خطيئة آدم..
وأنت أكبر من أن تحاسبيني زلتي أو تنتقصين كرامة تخومي وضياعي عنك …ويزيدني حبك حباً…
بين وبينك المسافات يا أُماه…وبين قلبي وقلبك عهد الأنبياء…أصرخُ من خلف الزمن المسور بالعقم…
يا اللهُ ما أروع أُمي!!! أُعاهدك لن أقرأ كتابا إلاَّ كتابك…ولن أتعمد بشمسٍ إلاَّ بشمسك وحبك الخالد…
أنا معك ..أقرأُ تاريخك وأمجادكِ…وأمرُّ على آلامك العظيمةْ…
لي أن أطلب منك يا أُماهُ أن تجمعيني مع أخوتي على طاولة طعامك المقدس…أحباء أوفياء…
كمْ هوت نفسي أن نجتمع إلى مائدتك أطفالاً بقامات الرجال الخالدين…؟ ..هل تعود أيامنا يا أُماهُ…
لقد نذرتُ نفسي وقلبي وجسدي جسرا لعبور أخوتي..
اجمعينا يا أُماه فصوتك فصول التكون….واسلمي يا أُماهُ…شمسا وقمرا..سماء وأرضاً وبشرا..حتى انتهاء الزمانْ. ]***** اسحق قومي نيوجرسي.أمريكا...1989م....أوذيعت في برنامج كروان بإذاعة ساوث أورنج..نيوجرسي لنفس العام.
اسحق قومي شاعر وأديب سوري مقيم في ألمانيا 28/5/2008م
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لبنان لماذا ...لاسلام في لبنان لأنَّ من أشعل فيه نيران الحرب
...
-
قصيدة مهداة إلى روح الشاعر الأشوري الراحل سركون بولص
-
رحلة في بقايا مدينة ما
-
بُثنى الرشيد
-
تجمَّلت ِ فأغريت ِ الجمالَ
-
قصيدة وشيّ فصول المجدِ وأْتلقي
-
سأنسى
-
عتاب رقيق للشعر
-
ولفقدهِ يستوحشُ الشعراءُ
-
كل السنوات تجيء دفعة واحدة في بلادي
-
قصيدة رثاء وتعزية لروح المغدور سيادة المطران بولص فرج رحّو
-
قصيدة عراةٌ يلتحفون الصقيعْ
-
كوثر المستحيلْ
-
قصيدة روناكي (قبل الفجر)
-
مواسم الجنون
-
أنا للعشق العتيق ما حُييتُ
-
رسالة إلى الحلاّج لم ْتُقرأْ بعدْ
-
قصيدة يابن الجزيرة أسرج خيول العزِّ
-
لماذا سرقوا نصف القمر؟
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|