سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2296 - 2008 / 5 / 29 - 10:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد سنواتٍ خمسٍ من احتلالٍ يُرادُ له أن يستمرَّ خمسين عاماً ( آنَ ينضَبُ النفطُ ) ، التفتَ الاحتلالُ إلى الإشكال الثقافيّ ، بعد أن خُيِّلَ له أن الإشكالَ العسكريّ لم يَعُدْ على قائمةِ الإلحاحِ .
هكذا ، انطلقت القوميساريةُ الثقافيةُ للاحتلال ، ممثَّلةً بدار " المدى " وصندوقِها المضحك ، الدوانيقيّ ، في محاولةٍ بائسةٍ ، لإخراسِ الثقافةِ الوطنيةِ ، بثمنٍ لا أبخسَ منه ، ثمنٍ يدُلُّ على الطبع الانتقاميّ ، والـمُذِلِّ ، من لَــدُنِ الجاهلِ ، السياسيّ المحترِفِ ، الذي يتولّى أمورَ " المدى " ...
ثمنٍ لم يجرؤْ حتى حكّامُ البلدِ السابقونَ على التلويحِ به .
*
إنه الانتقامُ الصريحُ !
لستُ أدري :
هل الصدَقاتُ هي السبيلُ ؟
*
لكنّ ما فعلتْهُ قوميساريةُ الاحتلالِ الثقافيةُ ، أعني دار " المدى " ، كان مُحرِّضاً لفِعْلٍ مماثلٍ ( لِـصَـدَقــةٍٍ ) من جانبِ مؤسسةٍ أخرى من مؤسساتِ الاحتلال :
الحكومة .
إذ تَمَّ الإعلانُ عن " مِنحةٍ " ، ( مَكْرُمةٍ ؟ ) للمثقفين العراقيين ، تقدِّمُها حكومةُ الاحتلال .
ألِـلْـمُؤلَّـفةِ قلوبُهُم شَـرعاً ؟
المنحةُ ، هذه ، مثل سالفتِها ، دوانيقيةٌ أيضاً ، بل مالكيةٌ بامتيازٍ ، لأن نوري المـــملوكي كان مرابيـاً بـائساً في " السيدة زينب " من أرباض العاصمة الأموية ، دمشق .
*
ما معنى الأمرِ كلِهِ ؟
ما معنى أن يتّفقَ طرفانِ من خدمِ الاحتلالِ على إجراءٍ واحدٍ ؟
ما معنى أن يعمدَ الطرفانِ إلى مبدأ الرشوةِ والـمَكرُمةِ والصدَقةِ ؟
*
إنْ كان الحرصُ على المثقفين قائماً ، فَـلِــمَ لا تُعتَمَدُ الصيَغُ المحترَمةُ ؟
لِمَ لا يُشَــرَّعُ ( مثلاً ) ، قانونٌ للضمان الاجتماعي والتقاعدِ يستفيدُ منه المثقفون العراقيون ؟
لِمَ يُكلَّفُ لصوصٌ محترِفون بـ " الإحسانِ " إلى مثقفي العراق ؟
*
أنا أفهمُ الظروفَ القاسيةَ التي انتفعَ منها ، وبِها ، خَدمُ الاحتلالِ ، بُغْـيةَ إحكامِ الطوقِ على المثقفين العراقيين .
أفهمُ ذلك ،
وأفهَمُ أيضاً أن الثقافةَ الوطنيةَ ستظلُّ تقاوِمُ !
لندن 27.05.2008
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟