|
فنجان قهوة
محمود نزال
الحوار المتمدن-العدد: 2294 - 2008 / 5 / 27 - 09:59
المحور:
الادب والفن
طالما ظننت قبل هذه اللحظة انه لايمكن الكتابة عما بدواخلنا وخاصة انه اذا ماكان بداخلنا عبارة عن فوضى غريبة عارمة تحكمها التناقضات وتسيطر عليها الاضطرابات. احاول الكتابة ولكن حدث ماهو متوقع، لم احسن اختيار الكلمات ولم تسعفني اللغة، يخذلني قلمي للمرة المليون، تسيطر علي فكرة احتساء فنجان قهوة، انتهي من محاولة الكتابة، انتهي نعم، هكذا كما يحلو للغة أن تصف هزائمنا الأولى، انتهي كما يجب أن تنتهي علامة الاستفهام أمام قامة الصمت، انتهي كما يجب أن ينتهي الحوار بين قلبين او عقلين او ربما عالمين لا يجيدان التصالح. اذهب لتحضير فنجان قهوة وعلى وجهي الحزن المتجسد منذ سنين. هل ياترى اصنع قهوتي مرة ام حلوة؟! مرة تجسيدا لحياتي؟ ام حلوة انعكاسا لذاكرة ما؟ اتساءل هل هذه القهوة برازيلية، ام فارسية، ام امريكية، ام تركية، ام بلا انتماء مثلي؟ لا اعرف، كل ما اعرفه انها ليست عربية، وما اعرفه جيدا ايضا ان هذه القهوة كانت قد جلبتها لي يوما امي العذراء. احضر فنجان قهوة مرة واضع بجواره ملعقة سكر، واقرر بيني وبين نفسي انه اذا ماانعكست تلك الذكرى ساذيب السكر لتكتمل الصورة جمالا ولكن اذا ماسيطر الحاضر ساشربها مرة. اعود الى مكتبي المبعثر تماما كما داخلي، لأحتار اين اضع قهوتي، اشعر بعصبية غريبة كنت احلم بها منذ سنين، هذا الشعور بعث بداخلي نوعا من الارتياح والشعور بالقدرة على الكتابة. القي باوراقي وكتبي بعيدا، الان اصبح مساحة كافية لفنجان القهوة ولذكرى. اشعل سيجارة بعصبية لأستمتع بدخانها وكانه يخرج من اعمق اعماق القلب لاقول لقلمي اكتب، كن بواحا، كن فضاحا، واذا ما اردت كن سيفا، كن مهما تريد ان تكون او اختار ان لاتكون لنكون متعادلين. لم يكن ولن يكون اجمل من حبيبتي ذكرى الا ذكرى، ذكرى التي تجمع التناقض، هنيئا لي بك يا ذكرى. ذكرى يا سر حماقتي وجنوني يا سر بؤسي وسعادتي. ذكرى عصية القلب ، مجنونة الغياب ، هل تراها تقول عني ما تقوله أية فتاة خذلها طائش في صدقه ؟ أم تقول أني أكبر من طموحها، وان عناويني كثيرة المحطات ؟ ، هل يجب أن أبرر لها جنوني بحكمة، ثم أتركها وحيدة في مفترق الضياع ؟ أنا ذلك المجنون الذي يمتلك خسائره بامتهان ، ويصف شهوته بالموسيقى ، وقصائد الموج … انتهي …هل كان يجب أن نحتفل بقرار ذبحي لك ام ذبحك لي في عتمة حزننا ، وقفار لوعتنا ؟ سأهجرك اليوم ، كما هجرت يوما ذاتي، وتعلمت على يديك فن القتال عن حب.
طاولة من فراق ، عليها وردة بلاستيكية بلون باهت يسيطر عليه الغبار، هذا كلّ ما يليق بسنوات دامية بيننا ، سأفارقك بعد بضع كلمات أختزل فيها شوقي لك في الغياب . وصلت اللانهاية ، كنت محمّل بالكثير من عبقك، وبالقليل من صبري ، جلست هناك ، على اسفل رواق حزني ، فتحت كتاب قلبي وبدأت أقرأ ، في حين راح صوت عبد الحليم يقول اهواك واتمنى لو انساك، يرن الهاتف واذ بصديقتي المجوسية التي التقيتها في يوم كان خاليا من غبار الجغرافيا وهمجية التاريخ تقول لي.........................
في تلك اللحظة، كنت مشدودا الى تلك الطاولة التي جمعت وفصلت بيننا في كبرياء، المستديرة في حجم غصتي، هل كان الحب بحاجة الى طاولة حوار ؟ أم هل كان الحوار بحاجة الى حب دائري بشكل تلك الطاولة ؟ ابتسمت في اذني تلك المجوسية، لانهي المكالمة، واجلس، أو انتهي، أو أهوي، أو أهذي او انتحر، سأصل بعد ساعات الى عالم الحب ، لكنني بلا حب ، ذلك العالم الغارق في الألوهية والبوح .أشعر بالبرد ، وبكثير من الوحشة ، الكرسي يهتز ، ودواخلي كلّها تهتز ، ووجهك …
لا أدري هل امضي بقية عمري في الانتظار .. ؟؟ واحمل همي بصمت جليل يفيض خشوعا .. ونحن نصنع عالما من الكلمات البراقة .. وهجها الكتمان ...
فلا نقدر على المصارحة , لأن ألأعين تفضحنا .. ترى من يحمل سر الصلبان ..؟؟!!
ما زلت أخبىء كلمة (سري) في طيات القلب .. ولا أقدر على البوح ..فالكلمات هنا أسرار من اللاهوت .
الان فقط ادرك وأقول يَحدُث .. و يَحدُث .. والأشياء الجميلة حين تَحدث ... لا تَتَكرر
كانت ذكرى حَدَثٌا .. اتاني على حين غفلة من الزمن واربك أحداث ايامي .. وَقلِبُها رأساً على عقب واصابني بالدهشة وقسم تفاصيلي إلى ضدين ... برد وحر
ولا ادري .. هل انَدثر من البرد، أو اصرخ من الحر
فوضى واضطراب وفصول ٌسبعة ..
ولكن المهم انه َقَد حَدَث ..
والاهم ان مشاعري لن تَتَكرر
وحالتي التي أدمنتها معها .. لن أُجيدها مرة أخرى
ثَمة مشاعر إن مَنَحتها يوماً .. من الصعب أن تَمنَحها مرة أخرى
فانسكاب الشوقِ لا يتكرر ..
اللهفة لا تتكرر
والحب ......
لا يتكرر نمت ، كنت بحاجة الى صفحة نسيان في نومي ، وعندما استفقت وجدت نفسي سرابا وجدلا ووهما واشياء اخرى كثيرة ...............................
#محمود_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبداً لن يكون هناك من فشل كوني لا امتلك اي مساحة للفشل
-
ما بين الممكن والمستحيل
-
دون معنى
-
الى الذي
-
دور الثقافة والتعليم في تعميق وترسيخ الازمة الانسانية
-
توأم الروح... أنشودة المطر
-
أيها الألم المسافر ما بين أحلامي وبيني
-
كل الأشياء قد تتعب .........
-
تناقضات نفس ..........
-
لا تقل كيف !
-
صلاة في معبد العشق
-
بؤس ثقافة
-
فوضى إحساس
-
ارحل أيها الثلج
-
ارحل أيها العيد
-
ضياع
-
أوقفوا ثقافة الموت والكراهية قبل أن يلعنكم التاريخ وتبصق علي
...
-
تنمية الموارد البشرية ودور التعليم في رفع فعاليتها في الأراض
...
-
حراك اجتماعي أم عراك ثقافي؟!
-
اهذا هو الوطن؟!
المزيد.....
-
-الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا
...
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
-
مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني
...
-
تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة
...
-
“Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة
...
-
اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|