|
همجية الوهّابية
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2294 - 2008 / 5 / 27 - 09:41
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الهمجية هي فرط استخدام القسوة وشدة الفظاظة والجلافة وعدم الانضباط أو الالتزام بأية معايير ومبادئ وقيم إنسانية موجودة، والتنكر وعدم الانصياع لأي قانون إنساني مكتوب، أو الاعتراف بأية شرعية ومواثيق توصلت إليها البشرية عبر تاريخها الطويل. ومن هنا يأتي عدم اعتراف الوهابية حتى اليوم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كونه يتعارض مع قيمها وتقاليدها، حسب ما تقول تعاليمها، ويردد أمراؤها الهمج المتوحشون الأجلاف الكبار، وتضرب بعرض الحائط بكل القيم الإنسانية السامية وتدوس عليها وتعتبرها كفراً وهرطقة وبدعاً ابتدعها المشركون الكفار. ورفض التوقيع أيضاً على رزمة القوانين الأخرى المصاحبة كحقوق المرأة والأقليات والطفولة التي تنتهك يومياً وبهمجية لا مثيل لها في المملكة الوهابية التي صارت الوكر العالمي الأول لإنتاج الإرهاب وتصديره وللاتجار بالنساء والأطفال وبيع ونخاسة اللحوم البيضاء. وتمارس حتى اللحظة، ضد النساء والأطفال والأقليات أبشع الممارسات وأشدها فظاعة في التاريخ. والهمج المتوحشون هم أولئك الذين لا يقيمون وزناً، ولا اعتباراً ولا يعطون أية أهمية للحياة والكرامة البشرية الإنسانية. وحين يكون هناك أي فعل أو عمل لا يتسم بالرحمة والشفقة والإنسانية فسرعان ما ينعت بالهمجية والوحشية. ولعل خير من يمثل هذا المصطلح في يومنا الراهن هي الوهابية الهمجية العنصرية التي تتبنى قوانيناً جائرة غريبة وشاذة عن الطبيعة والمألوف وعن كل المعايير والقيم والأعراف التي عرفتها البشرية على مر الزمان.
ففي العصور الهمجية عبر التاريخ، لم يكن هناك أي قانون مكتوب. ومن محاسن الصدف، أو مساوئها، أنه لا يوجد حتى الآن أي قانون مكتوب في المهلكة الوهابية، ولا محاكم ولا مرافعات، ولا قضاة بل مجموعة من التعاليم الهمجية، وأشباه الوحوش الآدمية يطبقون وينفذون تلك القوانين بمزاجية غريبة، وحسب تفاسير ورؤى موغلة في همجيتها وبدائيتها وقسوتها ووحشيتها على الفقراء والضعفاء والمهاجرين المساكين الصغار، فيما يستثنى من نفس الحالات أمراء الوهابية الكبار الذين يتعاطون الحشيش والجنس والكحول والمخدرات ويمارسون كل الموبقات. ولقد تميز انتقال الإنسانية من العصور الهمجية إلى العصور البشرية الإنسانية بوجود القوانين المكتوبة التي تنظم شؤون الحياة ويلتزم بها الناس والشعوب والأمم والحكومات. وغاية تلك القوانين هي أن تعمل على صون الحياة الإنسانية واحترامها وتأمين المناخات المناسبة لعيش الإنسان في مجتمعات تسودها قيم التسامح والمودة والتعايش والأمن والعدل والأمان، وهذا أبعد ما يكون عما هو سائد في المهلكة السعودية اليوم حيث لا أمن ولا أمان لرقبة أو رأس أي إنسان، وحيث يتدخل الهمج المطاوعة من لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المنفلتون من كل عقال، ولا يخضعون لأي قانون، في كل شاردة وواردة من حياة الناس ويتسللون إلى أدمغة وقلوب الناس وغرف نومهم لتتأكد من حسن إيمانهم بالوهابية، ومن أنهم يمارسون الحب والحياة على الطريقة الهمجية الوهابية الفاجرة. فالقبلة ممنوعة، والابتسامة عار، والعناق جريمة، والصداقة شذوذ، والضحكة منكر، والاختلاط انحلال، والسفور فجور، والحب والمودة بين الناس تغريب وفرنجة وتشبه بالكفار، والرقص والموسيقى والشعر والتمثيل والسينما والغناء وكل الفنون السامية والراقية هي محظورة وحرام. وهناك الكثير من نمط هذه المفاهيم والمصطلحات الهمجية التي يروجها شيوخ الوهابية الهمج، وتطبق في مهلكة آل سعود، وتأخذ شكل القانون والمعيار الصارم الذي يطبق على جميع الناس. ولذلك لم يكن من المستغرب أبداً، أيضاً، أن خمسة عشر انتحارياً همجياً قاتلاً وهابياً كانوا من بين " الفتية الذين آمنوا بربهم"، ودكوا برجي التجارة العالمية على من فيها من أطفال وشيوخ ونساء وأناس أبرياء لا حول لهم ولا قوة إلا أنهم تواجدوا بالصدفة في ذلك المكان.
ولا تثير مناظر الدم، والرقاب المدلاة، والرؤوس المفصولة عن الأجساد، والأوصال البشرية المقطعة من خلاف، أية مشاعر احتجاج أو أسى حين يتم تنفيذ ما يسمى بعمليات القصاص ضد "المفسدين في الأرض"، والتي تتم عادة، وتصوروا للمفارقة، فقط بعد كل صلاة الجمعة من كل أسبوع حيث يتجمع أكبر عدد من الناس لإرعابهم وإرهابهم وإثارة الهلع والفزع والخوف في نفوسهم. لا بل تقابل، أحياناً، بالتهليل والأفراح وعدم المبالاة وإظهار قدر مبهم من الاستهتار بالروح البشرية والمشاعر الإنسانية السامية والراقية لمن تتلمذ وتربي على قيم الوهابية ومبادئها بحيث أصبحت هذه المناظر الهمجية الوحشية من الطقوس اليومية المعتادة في المهلكة الوهابية التي لا تثير الفضول والاحتجاج. وأصبح السيف رمز الدم وقطع الرقاب هو الشعار والرمز الرسمي المقدس لهذه المهلكة الوهابية المجرمة. فالصغير الذي تربى على هذه المناظر والمشاهد لن يتورع حين يغدو شاباً أن يفعل كل ما هو فظيع وشنيع ومريع وينكل بالناس ويعتدي عليهم ويسلط من نفسه وصياً عليهم في تحد وازدراء للحرية والكرامة الإنسانية. ولذا ليس من المستغرب البتة، أن جميع القتلة، والمجرمين، والإرهابيين، والسفاحين، وقاطعي الرقاب اليوم في العراق والشيشان وكشمير والفيليبين وأفغانستان هم من التابعية الوهابية الهمجية التي صارت كالنازية والفاشية عبئاً حقيقياً على الحياة البشرية وتشكل تهديداً مباشراً للتعايش الإنساني في كل مكان من العالم.
ولقد أثارت موجة قطع رقاب بعض المواطنين السوريين المساكين، وغيرهم من الجنسيات الآسيوية الفقيرة، موجة عارمة من السخط والاستنكار والتقزز والاحتقار لهذه المهلكة الهمجية. فلقد قطعت رؤوسهم بكل برودة دم وعلى الملأ وأمام حشود من "المصلين" الذين من المفترض أن تهذب الصلاة نفوسهم وتبعث فيهم الرحمة والشفقة والعطف لا نوازع الإجرام. أولئك المغدورون المساكين هم أرباب أسر ومعيلون لعائلات متعففة بسيطة وفقيرة أصبحت مشردة وفي العراء بفضل التعاليم والممارسات الهمجية الوهابية. وقد رأيت بأن عيني هاتين، أثناء متابعة ملف قضية الإعدامات وقطع الرؤوس الهمجية التي جرت مؤخراً، منظراً موجعاً ومؤلماً أدمى قلبي وهزني بعنف وهو منظر طفلة سورية صغيرة بريئة القلب ورائعة الصوت والجمال، كانت تتظاهر أمام السفارة الوهابية، وترفع صورة أبيها الشاب المغدور الذي قطعت الوهابية رأسه، وأسرّت لي بعفوية طاغية، بأنها تنتظر عودته بحرارة، فهو كان قد وعدها بأن يحضر لها فستاناً جديداً جميلاً تلبسه في عيد الميلاد، وألعاباً جميلة، وحلوى وشوكولا. صارت في حكم المستحيل بفعل الهمج المتوحشين من ذئاب بني وهاب.
وهناك في العالم اليوم حوالي 57 دولة إسلامية هي مجموع أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي لا تمارس أي منها نفس الشناعات والفظاعات والجرائم التي ترتكب في المملكة الوهابية والتي كانت السبب الرئيس في تشويه صورة العرب والمسلمين. وهذا يعني أن لا علاقة البتة لهذه المملكة الوهابية الهمجية الشريرة بأي دين من الأديان وتتلطى خلفه، طالما أنها تشذ عن منظومة ما يسمى بالدول الإسلامية. ولقد أدت التربية والتعاليم الوهابية إلى نزع كل القيم الإنسانية المعروفة من الرحمة والمودة والشفقة والعطف من نفس متلقيها وحولتهم إلى وحوش منفلتة قاتلة تسفك الدماء وتقطع الرقاب بسادية وبرودة أعصاب ولذة عجيبة وتتقبل ذلك دون أن تبدي أي نوع من التمنع أو الاعتراض.
فهل للهمجية والوحشية، اليوم، أي تعريف ومعنى آخر، غير هذا الذي يمارسه أمراء وشيوخ بني وهاب؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرسان رفعت الأسد
-
نَسْفُ الثقافةِ العربية
-
خبر عاجل: اختفاء معارض سوري
-
صدِقَ البعثيّون ولو كذبوا
-
نكبة الأديان
-
خدام: والمشي في جنازة القتيل
-
احذروا آل سعود
-
الأقليات العربية في دول الخليج الفارسي
-
متى يكف رفعت الأسد عن إهانة السوريين؟
-
هل هي حقاً نكبة، أم نعمة على العرب والمسلمين؟
-
هل أعرض الناس عن المعارضين؟
-
رسالة إلى المرشد العام للإخوان السوريين
-
رفعت الأسد والإخوان: غرام ووصال
-
قطع الرؤوس باسم الله: من يرسم الصورالدانماركية؟
-
قطع الرقاب السورية: شراكة المعارضة في الجريمة الوهابية
-
نداء استغاثة: إلى جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود
...
-
رد على قومي عربي
-
المملكة الوهابية: قطع الرقاب باسم الله
-
خرافة أمة العرب الواحدة: إشكالية اللغة والانتماء
-
ورطة خدّام
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|