|
تعليق و تعقيب على مقال : ..... التغيير والترسيخ !!!
عبدالزهرة العيفاري
الحوار المتمدن-العدد: 2293 - 2008 / 5 / 26 - 09:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في 21 ما يو نشر الدكتور كاظم حبيب مقالا في الحوار المتمدن يحتوي محـاضرة القاها في بغداد ضمن برنامج مؤسسة المدى . وكان المقال بعنوان " حكومة الوحدة الوطنية . التغيير والترسيخ ." . في الواقع ان الساحة العراقية في وضع سياسي متميز اصلا ً بسبب التعقيد السياسي والاقتصادي ، اضافة الى ان الحكومة الوطنية بزعامة دولة السيد نوري المالكي قد توفقت الى حد بعيد بمطاردة الارهاب في الداخل واستطاعت احراز نجاحات دبلوماسية على المستوى العالمي بحيث بات ضروريا اكثر من اي وقت مضى ان يقوم اصحاب الخبرة والمستوى العلمي على وجه الخصوص بالاستـنـفار الى دعم جهود الحكومة الوطنية عموما ًوالمساهمة النشيطة في بلورة الحاجات الملحة التي يتطلبها برنامج البناء والاعمار الذي يدعونا ان نقول بكل سعادة انه بدأ وهو محاط بتأييد شعبي واصرار حكومي . ولخطورة الموضوع ولأهمية اللحظة التأريخية التي نمر بها كان بودي لو ان السيد حبيب قد تناول الامر بافكار قريبة من الواقع العراقي ومتطلباته . فقد اوحت لنا قراءة مقاله انه يعيش في عصر غير عصرنا ويتكلم عن بلاد غير عراقنا الذي انقلبت فيه المقاييس وابتعد كثيراً عن القبول بالموضوعات والمسلمات النظرية المكرورة والتي الفناها في عهود اصبحت غابرة ولا تمت بصلة الى عراق فيه الكثير من المظاهر الخصوصية اساسا ً سيما وقد اضيفت لـهـا بعد السقوط حزمة من المظاهر الجد يدة فيما يتعلق بأسباب صيرورتها وفي نوعيتها ، وكذلك نتيجة لما توالت على البلاد من احداث . ان الذي نتكلم عنه الان هو العراق الذي سحقته الزمرة الصـدامية الباغية والبعث عموما على مدى عشرات السنين تضاف لها الاحداث التي باغتته بعد السقوط . فقد حارب ارهابا ً لم تألفه المنطقة كلها (وليس العراق وحده ) . الا ان ما يجلب لنا الفخر ان بلادنا مع ذلك لم تشهد تراجعا اجتماعيا او فكريا ًً كما يزعم الدكتور كاظم . بل في واقع الحال ان جماهير الشــعب قد تصلب عودها سياسيا وفكريا ً ًوديمقرااطيا ً كثيرا ً وكثيرا جدا ً من خلال مكافحتها لفلول البعث المنهزم من العراق وعند التأكيد غير المنقطع على الوحدة الوطنية والتـآلف الطاثـفـي والتقارب الوطني الى درجة ان اندحرت امامه كافة التخرصات الاسلاموية المتعفنة والقومية المتطرفة وجانب كبير من الشعوذة الصــدريــة والصرخية والــقــمـيــة ـــ الايرانية وانكشفت عورات دول الجوار وازلام سوريا البعثيين واخرين من الصحفيين المأجورين وارباب الرشاوى وبيع الذ مم لقاء المال الحرام غيرهم . ومن الغريب ان يطلع علينا كاتب المقالة برؤية ذات استنتاجات اكثر غرابة من الرؤية نفسها . اذ يكتب ..." ان العراق يواجه تراجعا ً عن طبيعة المجتمع المدني في تنامي دور العشائر العراقية التي حركها قبل ذلك صدام والتي ستؤثر سلبا ًعلى المدى البعيد على المجتمع المدني وتطوره اللاحق ومكانه ودور حقوق الانسان وحقوق المرأة . " ثم يستثني ( بدون سا بق انذار ) ويناقض نفسه ..... فيكتب : " رغم فا ئد تها الراهنة في مواجهة الارهاب الاسلامي السياسي المتطـرف .." وقبل الدخول بتفاصيل الوضع في خصوصيات المجتمع العراقي ودور القوى العشائرية فيه نود توجيه الانظارمقدما ًالى ان هذه الاسطر الثلاثة من محاضرة السيد حبيب حملت الى القارئ جملة من الافكار التي اقل ما يقا ل عنها انها غير دقيقة . بل وتحمل تنا قضا ً صارخا ً مع الواقع العراقي وابتعادا ً بينا ً عن التحليل والتقييم العلمي والسياسي . ففي البدء ان اي قارئ له المام بعلم الاجتماع الخلدوني ( مثلا ً) (بالرغم من انه يبعد عن عصرنا باكثر من خمسة قرون الى الوراء ) سوف يتوصل الى ان التأثير المتبادل بين منظمات المجتمع المدني و العشائر التي ستدخل معترك الحياة المدنية وممارسة نشاطها في اطار منظمات المجتمع المذكــور سيتم لصالح العشائر ولصالح توسيع دائرة المجتمع المدني قطعا وان التأثير هنا متبادل بينهما جدليا ً ً وان التبادل نفسه يحمل صفة ايجابية في كل الاحوال ً وليست سلبية ( كما جاء على لسان حبيب ) وسواء كان ذلك على المدى البعيد او القريب . وما دمنا امام لوحة علم الاجتماع اود ان انقل الحديث الى المادية التاريخية والى المادية الديالكتيكية و( الماركسية ) تحـديدا ًباعتبار ان المحاضر لم يتنصل بعد من الماركسية . ثم اود تذ كـير السيد الباحث ان علم الاجتماع صدر على لسان ابن خلدون قبل انتشاره (بصورة تستـحق الذكر) في اوربا . بل وانه كان احد المصادر المهمة لنظريات علم الاجتماع امام علماء القارة الاوربية . وان ماركس نفسه تعلم منه الكثير ، وحا ول المزيد من دراسته الى درجة انه بدأ بتعلم اللغة العربية ليقرأ هذا العلم الخلدوني وغيره باللغة العربية لكي لا يفوته شئ منه ولكنه توقف عن ذلك لأسباب شخصية ومنها مرضه في آخر حياته . وهنا نود توجيه النظر الى العملية التطبيقية لذلك وهي : ان التفاعل الديالكتيكي سيأخذ صورة تعكس عملية تكييف النشاط العشائري للقوانين الوضعية التي تحكم منظمات المجتمع المدني . اما فائدة المجتمع العراقي من هذا في الواقع هائلة وكبيرة ذلك ان هـذا القسم الاكبر من الشعب ، وهو القسم المتصل بالريف والحياة القروية سوف يقترب تدريجيا ً ثم يدخل الحياة المدنية بكل ما في ذلك من ايجابيات ثقافية واجتماعية . بينما المفارقة في المحا ضرة واضحة تماما ً اذ يفهم من عبارات الدكتور كاظم انه يتجاهل هنا مسألة جوهرية تتصل بقدرة علم الاجتماع بالذات على التأتير في حياة العشائر . ومن المعتقد انه عند كتابته المـقا ل موضوع البحث ـــ كما يبدو ـــ لم يستعمل ابسط آليات علم الفلسفة الجـد لية ( او الديالكتيك ) الذي لا يستغني عنه اي باحث يطرق مثل هذه المواضيع . ولهذا السبب وجد نــاه يعتبر اشتراك العشائربنشاطات المجثمع المد ني سيؤدي الى نقل السلبيات "" العشائرية "" الى المجتمع المدني !!!! .وبرأيه ان التراجع عن طبيعة المجتمع المدني (حسب السيد حبيب ) يكمن في تغلب" السلبية " العشائرية !!!! التي افترضها هو دون مبرر ثم جعلها صاحبة التاثير الاقوى على نظام المجتنع المدني !!! . ومن ابشع الاخطاء التي جاءت ضمن تلك الاسطر القليلة من المحاضرة هو مقارنة " تنامي دور العشائر التي حـركها صدام ..." . ويتضح هنا ايضا ً ان الدكتور لم ير الفرق الشاسع والمبدئي والحقيقي الموجود على الارض العراقية . وهو ان صدام لم يحرك العشائر لكي يضمها الى المجتمع المدني .ولم يكن لديه برنامج مجتمع مدني . ان صدام لمعلوماتك يادكتور لم يكن معنيا ً بالمجتمع المدني اصلا ً. انه اتجه الى العشائر لكسبهم لجانب سلطته بطرق الترغيب والترهيب . صدام يا سيا دة الدكتور اهان العشائر وسعى لغرض توجيه بعضهم ضد البعض الآخر واراد ان يتوجه الجميع ضد الجميع اي توجيه العشائر وفق برامجه العدوانية داخل البلاد . صدام اتجه للعشائر ليس لأنهم قوة شعبية خلاقة ليستخدمها للبناء والاعمار كما تعمل حكومتنا الوطنية اليوم . بل ليجمع قوة سياسية رغم انف الجميع لتنفيذ حططه ولتثبيت كرسي الحكم له ولازلامه . ان مقارنتك فيها الكثير من التجني على العشائر وكأ نهم لم يفهموا حينذاك الكابوس السياسي الذي كان جاثماً على البلاد وهم جزءحيوي من الشعب . ويبدو انك تنظر اليهم و كأ نهم كتل بشرية مطواعـة وليس لهم رؤوس يفكرون بها ومقاييس يزنون بها الامور ويدركون ما ذا يحيط بهم وبالبلاد. ثم ان مفهومك هذا يتجنى على علم الاجتماع والعلوم الـد يالكتيكية التي يؤمن بها الشرق والغرب بل وكل علماء العالم على حد سواء . وبالمناسبة كان الرأي (( لدى البعض )) في السبعينات من لون اخر تماما . فهذه العشائر بالذات والتي هي منبع ومصـدر القوى العاملة بالارض كان ذلك البعض يعتبر فلاحتهم تتطور للاشتراكية بقيادة صدام . اي ان ابناء هذه العشائر كا نوا ( وفق تلك "النظرية" الطفولية ) ما دة الاشتراكية ، اي ما دة النظام الذي لا يتواجد الا باحضان المجتمع المدني . فما الذي جعل العشائر حينذاك لا تؤلف خطر التوسيخ لتحمله الى المجتمع المدني ؟؟؟؟ بينما الان اصبحت العشائر تؤلف خطرا على المدنية . نعم كان البعض مهووس بالاشتراكية الصدامية للريف العشائري !! ومن كان يقول غير ذلك او ضــد ذلك ربما كان يتعرض الى اللوم الشديد على الاقل ... اذا ما سلم راسـه من العقاب السياسي . هل تتذكر ؟؟ ولعلي اكون صائبا ً اذا ما اطلت قليلا بصدد العشائر العراقية . مع اني كتبت في مقالات عديدة في الانترنيت وتوجهت لعدةمرات الى دولة رئيس الوزراء المالكي بخصوص التأكيد على موضوع العشائر والصحوة وكذلك بخصوص اللغة التي يجب ان توجه اليهم . ومــرد ذلك ان عشائرنا بالذات لهم صفاتهم التي لم تجدها في العشائر القـاطنة في دول الجوار ( غير العربي مثلا ) . فعشائرنا متنورة و ذات توجه وطني على العموم . بحيث اذا ما تعرض الوطن الى اخطار وكانت السلطة وطنية بحق فان العشائر افرادا ً ورؤساء سوف لن يبخلوا بالغالي والنفيس من اجل وطنهم وضمان امنه ، كما نرى اليوم بأعيننا . وهنا اسمح لنفسي ان اعيــد الى الاذهان ان هذه الشكوك بالعشائر جاءت بعد التصور الخاطئ الذي بدأ انتشاره في الاربعينات ًمن القرن الماضي تحديدا ً . وكان التصور بالنسبة للعشائر وكأنها تمثل الروابط الا قطاعية مما يشير الى الاعتقا د بانها مؤسسة رجعية !!! وقد روج لذلك رواد النوادي والصالونات من ذوي الثقافة السياسية الماركسية السطحية ومن الدارسين خارج العراق على الاغلب . ومن الطبيعي ان كل ما قيل بهذا الاتجاه يتنافى وواقع الحياة السياسية الوطنية عندنا و التي كان الفلاحون (ابناء العشائرالعراقيون )يشغلون دورا غير قليل الشأن فيها . وقد غاب عن اولئك الشباب ان ماركس لم يكن ابن عشائر ولا منتسبا لعشيرة . و اذا كانت تعاليمه مناوئة للاقطاع فهو مع ذلك لم يقل كلمة واحدة ضد ابناء العشائر . اما بالنسبة لعشائر العراق فهو لم يسمع بها ولم يعرف خواصها وايجابياتها اساساً . وحتى لو ان الرجل قال شيئا تجاه العشائرغيرملائم لنا فعلينا نحن ان نتخذ الموقف الصحيح منهم بدون ماركس . واوكد للدكتور حبيب ان موقفا ً كهذا هو الموقف السليم . ومما يؤاخذ ايضا على المحـاضرة والمحاضر نفسه الـد خول في دهليز آخر ــ كما يبدو ــ تحت تأثير مفاهيم وموضوعات نظرية عفا عليها الزمن . اذ يقول السيد المحاضر واصفا الوضع الاقتصادي للطبقات والفئات الاجتماعية في العراق في ايامنا هذه .... " تنامي سريع وبمعدلات عالية للفجوة الداخلية ومستوى المعيشة بين الفئات الاجنماعية الفقيرة والكا دحة والها مشية من جهة وبين الفئات الغنية والاكثر غنى من جهة اخرى . اضافة الى واقع الـنـمو البطئ جدا ًللفئة المتوسطة او البرجوازية الوطنية باعتبارها الحاملة والحاضنة للدولة والمجتمع المدنيين الديمقراطيين " !!!! . ان هذه الطلعة غير الموفقة دعتني اعود الى بداية المقا ل حيث يخاطب المستمعين للمحاضرة قائلا ً... " .... ولكني اتابع الاحداث معكم ومن خلال كتاباتكم وتحليلاتكم ومن خلال الصحا فــة والتقارير الدولية والاقليمية " . والسؤال هنا : كيف يحدث لشخص لديه كل هذه المصادر المليئة بالمعطيات ثم يحلق فوق الغيوم مبتعدا ً عن ارض العراق و يرمي من هناك نظريات كيفما اتفق بحيث ليس لها اي ربط او ارتباط بواقع مستوى معيشة السكان في بلادنا . قبل كل شيئ ان مثـل هذا الطرح في المحاضرة يستخدم عادة لتبيان خريطة الصراع الطبقى في المجتمع وهو امر ليس فقط ليس له مناسبة في العراق اليوم بل وهونوع من الكفر السياسي . اننا بحاجة الى الوحدة الوطنية وليس للاحتراب . والقوانين الديمقراطية هي اداة التنظيم الاقتصادي والاجتماعي في البلاد . ثم اية برجوازية وطنية هذه التي يتكلم عنها المحاضر وماهي الادلة على كون هذه البرجوازية هي الحاملة والحاضنة للدولة القائمة في البلاد ؟؟؟؟!!!! . لقد دعتني هذه الكلمات الى التشكك مباشرة بمادة المحاضرة كلها والقصد من نشرها . الامر وما فيه ان الاستمرار باستخدام مصطلحات " البرجوازية الوطنية اوالصغيرة اوالـكومبرادورية هي اصطلاحات عتيقة بالنسبة للعراق بل وقد جرعتنا الويلات وقادتنا الى اجواء كنا نرزح فيها لسنين طوال تحت ظلام دامس لم نر فيه حتى ولا نقطة بعيدة من هذا الضوء الذي يملأ الآفاق . ان البرجوازية واقسامها وطبيعتها (بالصورة التي تقصدها النظرية) ربما كانت تنطبق كليا او جزئيا على مجتمعات اوربية قبل اكثر من قرنين من الزمان . وليس لها شأن يذكر بالعلاقات الاجتماعية والـروابط السوقية والمعيشية التقليدية السائدة في بلدان الشرق . والعراق واحد منها . وقد استعملت رؤسيا هذا الاصطلاح بصورة مكثفة في المناقشات السياسية عام ( 1903 ) تحديدا ً. الا ان اليساريين في العالم (ومنهم العراقيون ) استعملوا اصطلاحات البرجوازية وغيرها كمسلمات جاهزة ( للسهولة اولا ً ) و لتعفيهم من مشــقة التفكير الذاتي بواقع البلاد الاقتصادي والسياسي والتحليل الاجتماعي لمجتمعات بلدانهم . سيما ان التملص من مسؤولية النتائج الخاطئة من جراء استخدام مثـل هذه الاصطلاحات يصبح سهلا ايضا ًكونها مسميات سياسية عالمية ومن صناعة اوربية. وهذه الحقيقة بالذات كانت تؤلف احدى المآسي السياسية لحركتنا اليسارية ..... ان اصطلاح " البرجوازية " كان المقصود به ( ذلك القسم من المجتمع الصناعي واصحاب الرساميل والممتلكات المرتبطة بالصناعات المتطورة في اوربا وبجمهورالاختصاصيين حولها " اي ذلك النمط الاقتصادي الذي لم تصل اليه بلداننا . وانه اساسا كان له وجود وفاعلية معينة هناك قبل قرنين من الزمان . فكم مياه جرت في الانهار منذ ذلك الزمان حتى الان ؟؟ الا يجعلنا هذا ان نبتعدعن السفسطة ونبحث شؤون بلادنا ومصالح شعبنا على ضوء الواقع الملموس ؟ هذا مع العلم ( ان استعما ل اصطلاح البرجوازية كان يستعمل نظريا لاظهار الجانب السلبي للمالكين )واظهارهم كمستغلين !!! وهذا امر ليس له مكان في عراق اليوم وهو اصلا ًيستعمل كانتقا ص لرموز القطاع الخاص فهل يريد المحاضر حقا ً ارجاعنا الى استخدام لغة الاحتراب ؟؟ً. خـاصة ونحن بيوتنا مخربة !! وهنا لنقف هنيئة مع الدكتور كاظم لنرى سوية هل فعلا ان الفجوة الداخلية ومستوى المعيشة بين فئات المجتمع في تنامي سريع ؟ ام ان هذه الصورة قد ابتكرها المحاضر من عندياته عنوة ؟ .... فلنتذكر سوية اذا ً ! ان الوضع الطبقى ــ الاجتماعي قد تعرض الى تغير جذري في العراق على يد النظام الدكتاتوري البعثي . وذلك عندما تحقق له تسييس الريف بالقوة البوليسية مرة وبواسطة توزيع المغانم والمكاسب مرة اخرى . ثم ادى الاستحواذ على النقابات والاتحادات المهنية واشراك قادتها ونشطائها بالحصول على جزء من تللك المــغانم .واخيرا فتح باب التوظيف للدرجات الصغرى وزج المستخدمين فيها وهم على الاغلب من الفئات الاجتماعية الفقيرة او الفلاحين الهاربين من الريف وكذلك توظيف ابنائهم في المدارس والدوائر الحكومية . هذا اضافة الى زج الالوف منهم في اجهزة الامن والمخابرات السرية وبالتالي تحويلهم من مواطنين منتجين الى مستخدمين في الدوائر المكلفة برقابة الناس وحتى الاشتراك بعملية تعذيبهم في اقبية وزنزانات الامن العامة .اما التوظيفا ت الجماعية في الدوائر الامنية والعصابات الخاصة لحزب البعث فقد تمت في مدينة الثورة والشعلة والدورة والمسيب اما خارج العاصمة فشــملت منا طق معينة في البصرة والموصل وديالى وفي المحافظات الاخرى وكل هذايعني من الناحية الاقتصادية رواتب شهرية وتـقـاعد ورشاوى ، اي ان الفقراء بالامس اصبحوا ينتمـون لفئات ميسورة نوعا ًما . وقد رافق اعدام التجار في التسعينات بروز تجار ومقاولين جد د ايضا ً فاغد ق النظام عليهم الاموال والهدايا والمقاولات وبذلك جعل الفجوة واسعة حقا ً بين مستويات المعيشة للفئات الاجتماعية الداخلية . ولكن الا يتذكر الباحث ان ازلام النظام هربوا بعد السقوط الى الخارج . وبقي التجار الوطنيون العاديين تحت نيران الارهاب ورصاص العصابات ؟ . وان الكثرة الكاثرة من اصحاب الاملاك قد تهدمت عماراتهم واحرقت اسواقهم وخسروا اموالهم وهرب قسم كبير الى الدول الاخرى وهم يعتاشون على البقية الباقية من اموالهم وان اكثرهم سيعود الى البلاد ليبدأوا من جديد في تكوين انفسهم . اما القتلى من عائلاتهم فهم تقا سموها مع الشعب بالتساوي . وبعد هذا كله يتكلم المحاضر عن "الفئات الغنية والاكثر غنى ". وان " البرجوازية الوطنية " هي الحاملة والحاضنة للدولة والمجتمع المدنيين الديمقراطيين !!!! ونراه هنا ، وعلى رؤوس الاشهاد يضرب بعرض الحائط كل ما لحق الناس من حيف واسـى نتيجة الحرب الارهابية على يد العصابات الصدامــيةوالاسلامويــة والميليشيات التابعة للتيار الصدري والفضيلة وهيئة "علماء" "المسلمين " وغيرهم من دول الجوار اضافة الى التخريب في البلاد الذي شمل الضرع والزرع . وبنفس الوقت لم ير المحاضر الانجازات الاجتماعية التي حصلت في بلادنا عل مستوى منظمات المجنمع المدني التي منها مجالس المحافظات والمدن . والاهم من كل ذلك هو اشتراك في تلك المجالس مواطنين فقراء وفلاحين ورؤساء عشائر مثقفين اضافة الى اعداد واسعة من المعلمين والاطباء والكسبة ومن الذين لم يحلموا يوما ً انهم سيكونون من هيئا ت ذات طابع رسمي . وفوق كل ذلك يسعدنا ان نشاهد اشتراك المرأة العراقية ( بما في ذلك المرأة العشائرية ــ القروية ) في كافة النشاطات المدنية واخذت تناقش بمستوى لا يقل عن مستوى الرجل . بل نراها احيانا اكثر قدرة من الرجل عند الكلام عن حقوقها اوعن مستقبل العائلة . ولسبب غير واضح والحالة هذه لماذا يصر المحاضر على رأيه في انه حد ث " تشوه شديد في البيئة الاجتماعية والمزيد من التدهور فيها بالمقارنة مع ما كانت عليه خلال العقود السادس والسابع والثامن من القرن العشرين ...!!!! " اي زمن الدكتاتورية والمطاردات الامنية . الم تكن البيئة الاجتماعية حينذاك رهن قبضة البعث والدوائر الخاصة بقيادة مباشرة من صدام وتحت رقابة ازلامه ؟؟. بل وحتى " حرية " تحرك الاحزاب السياسية التقدمية ( والدكتور كان من نشطائها ) كانت محسوبة نفسا نفسا وخطوة بعد خطوة من قبل الاجهزة السا ئدة في تلك العقود التي يمتد حها المحاضر ضمنا ً. ومن غير الواضح ايضا لماذا لم ينبس بعبارة واحدة تبين مؤشرا ً واحدا ً من مؤشرات تشوه البيئة الاجتماعية الان في عهد الحكومة الوطنية ثم لم يقل : ماهي مميزات البيئة الاجتماعية الفضلى حين ذاك !!! . الا يعيش العراق اليوم بحرية تحسدنا عليها كل شعوب الجوار ؟؟؟ وليس هذا حسب ، نجد المحاضر يشن هجوما ً غير مبرر على البيئة الفكرية والثقافية للمجتمع العراقي وكأن هناك كما يقول هو : " تخلف وتشوه شد يد ين وارتداد فعلي في البيئة الفكرية والثقافية للمجتمع وبروز مواطن ضعف كثيرة في دور وقدرة المثقفات والمثقفين ..... " وهنا ينقلنا هذا التجني على الانجازات الثقافية في بلادنا وعلى شخص المثقفين ضمنا ً الى ذلك الموقف الهزيل لاحد الشعراء الفاشلين سياسيا واجتماعيا ً ( وهو منبوذ من مدينته ــ البصرة ) عندما نشر افكاره الــرثــة لعدة مرات ضد المثقفين العراقيين وضد نوري المالكي شخصيا واتحاد الادباء وضدالحزب الشيوعي ...الخ . مما يدل على وجود توجه طفولي لدى بعض المصابين بالرمد الذي يمنعهم من رؤية الاشياء وهي تحت ضوء الشمس . ولا اعتقد ان الدكتور كاظم حبيب منهم . الا انه باعتقادي فقط متأثر بتلك الاجواء الشريرة وربما دون ان يدري . ولكن مع ذلك بودي ان ادعو الدكتور الى الامعان باللوحة الثقافية ونشاطات الادباء والفنانين العراقيين على اختلاف فنونهم وابداعاتهم ليرى المأ ثرة العراقية العظيمة التي تتقد على ايدي مثقفي بلادنا وانهم ليس فقط لم يسمحـوا ب " تخلف وتشويه وارتداد " في البيئة الفكرية ( كما يتصور السيد حبيب ) بل انهم اخترقوا اجواء السماء ــ كما يقول الا لما ن ــ مخترقين كل قوى الارهاب والشعوذة والضلال . ثـــم استمروا بخدمة الثقافة العراقية رغم كل شئ . وبالمناسبة اود ان اقول بهدوء للسيدكاظم ان ادباء وفناني العالم ( نعم العالم كله ) في يوم ما ، سوف يقفون احتراما للأدباء والفنانين العراقيين الذين يمارسون واجبهم الوطني المتمثل بتطوير الثقافة العراقية دون ان يهابوا الارهابيين وسياراتهم المفخخة ودون ان يهابوا دول الجوار واعلامهم الرذ يل . ولا اخفي على القارئ ان اشد ما حيرني طيلة قراءتي للمحاضرة سؤال يتعلق باسباب كل هذه المتاهات لدى الباحث . ولكن ما ان وصلت الى النهايةواذا بالسيد الباحث كان في واقع الامر سجين الاعلام الذي كان وما يزال موجها ً ضد العراق . وما هذه الافكار الملونة بالسواد التي غطت المحاضرة الا نتاج مصادره الاعلامية تلك . اذيقول هو نفسه بعد ان افرغ تصوراته التي اصفها ( مع الاعتذار من السيد الدكتور ) بالمتاهات الصحفية المغلفة بما يشبه النظريات القديمة وكلها مخالفة لواقع العـراق . حيث يقول " تنامي الشعور لدى الرأي العام العالمي والاقليمي ( والاقليمي !!!)بعجز الدولة والحكومة عن تحسين الاوضاع مما ساهم في فتح الابواب على مصراعيها للمزيد من التدخل في الحياة السياسية والاجتماعية للحكومة العراقية ودعم قوى الارهاب بالسلاح والعتاد والانتحارين واشاعة الفوضى للبلاد "...اذاً ًالبوصلة التي قادت الباحث الى ما كتبه في محاضرته هو الشعور العالمي والاقليمي . وهنا يفهم مما جاء على لسانه ان ما كان يقلق الرأي العام العالمي والاقليمي هو عجز الدولة والحكومة عن تحسين الاوضاع . يعنى ذلك ان الرأي العام العالمي والاقليمي يريد رفع ( عجز الدولة ) لكي تتحسن الاوضاع في العراق !!!! . فهل ان الباحث مقتنع فعلا ًبالقلق الملائكي لدى الدول الاقليمية تجاه العراق ؟ وبعدهذه العبارة يعطي المبرر لفتح الابواب على مصراعيها الى درجة ان الشعور بالعجز عن تحسين الاوضاع ادى الى دعم الارهاب وكأن الامر (بالمعنى الضمني ) انهم اضطروا الى الارهاب لكي ينقذوا الدولة من العجز !!!! انه لمنطق غريب يصدر من باحث تقدمي ، اليس كذلك ؟؟. ولا اخفي على الدكتور ، اجدني امام هذا الخليط المرتبك من العبارات المتضاربة و " النظريات " الغريبة عن الواقع العراقي لا يمكن ان تلغي الحقيقة الناصعة وهي ان العراق يتقدم ويتقدم الى امام ويسجل كل يوم مكاسب اجتماعية لا يستهان بها . وبالمناسبة ان الكثير من الطروحات بالمحاضرة ، كما رأينا ، هي جزء من طروحات الاعلام الاقليمي المكلفة به فضائية الجزيرة والبغدادية وغيرهما ولذا من الغريب جدا ان يعتمدها الكتور كاظم حبيب كمصدر لمحاضرته ولا استبعد انه لا يدري بوقوعه في الفخ الاعلامي الـمـعادي للعراق . ثم من الغريب ايضا ً ان مؤسسة المدى قبلت هذه المحاضرة المرتبكة وبالتالي تبنتها . واخيرا ًان مادة المحاضرة غير موفقة وربما سيستفيد منها المتربصون لوطننا كمادة اعلامية ضد حكومتنا الوطنية . وختاما عذرا للسيد المحاضر واتمنى له محاضرات افضل في المستقبل . واقترح عليه ان يتابع المقابلات مع ابناء العشائر و مناقشات المرأة العراقية في الاجتماعات والمؤسسات المدنية . ان في ذلك صورة من صور العراق العظيم .
#عبدالزهرة_العيفاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصدر سعودي: الرياض حذرت ألمانيا 3 مرات من المشتبه به في هجوم
...
-
تفاصيل جديدة عن هجوم الدهس في ألمانيا.. هذا ما رصدته كاميرا
...
-
طبيب ولاجئ وملحد.. من هو السعودي المشتبه به تنفيذ هجوم الدهس
...
-
ارتفاع حصيلة هجوم ماغديبورغ وشولتس يتعهد -بعدم الرضوخ للكراه
...
-
وزير الخارجية التركي لا يستبعد نشوب صراع بين إسرائيل وإيران
...
-
زاخاروفا: صمت الغرب عن الهجمات الأوكرانية على قازان مثير للغ
...
-
جائزة خالد الخطيب الدولية لعام 2024
-
سعودي ومعاد للإسلام... ما نعرفه عن منفذ الهجوم على سوق لعيد
...
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|