مجموعة قصصية للكاتب المغربي محمد سعيد الريحاني
الطبعة الأولى: أكتوبر 2003
الناشر: محمد سعيد الريحاني
لأن اختيار العنوان لا يخلو من مقصدية، فقد كان اختيار " في انتظار الصباح" عنوانا لمجموعة الكاتب المغربي محمد سعيد الريحاني ذا أهمية كبرى. فأهمية اختيار العنوان تكمن في قوة جاذبيته للقارئ، تلك الجاذبية التي تقابلها في مجالات الحياة الاخرى جاذبية اللون والرائحة والملمس. العنوان، كما يراه رولان بارث ، يجب ان يثير في القارئ الرغبة في القراءة. هذا عن أهمية اختيار العنوان، أما عن معايير هذا الاختيار، فهناك نموذجين: نموذج العنوان المفروض من خارج النص وهو يتماشى مع تقنيات الكتابة السردية ذات النزوع الشمولي . أما النموذج الثاني، النموذج العضوي، فهو نموذج العنوان المنتقى من بين النصوص المتضمنة في المجموعة القصصية، فيتماشى مع تقنيات الكتابة السردية ذات التوجه الانفتاحي الحواري... وهذا ما قام به الكاتب في إصداره هذا: فنص " في انتظار الصباح" ، قبل كونه عنوانا للمجموعة القصصية الراهنة، هو نص تتقاطع فيه جميع نصوص المجموعة شكلا ومضمونا: دائرية الزمن، القلق الوجودي، الفراغ، الانتظارية... ولذلك وقع عليه الاختيار كعنوان عضوي للمجموعة القصصية
تستهل النصوص القصصية في هذه المجموعة دوما بمقاطع من نصوص اخرى. هذا الاستهلال، من حيث العرض، قديم قدم القص ذاته. فاول من استعمل هذه التقنية هو الكاتب الفرنسي الكبير ستاندال. ولكن لم استعرها من باب المحاكاة والتقليد، بل لأداء وظيفة يروج لها في كل اعماله الإبداعية والفكرية: الحوار والحق في الاختلاف الذي ذهبنا لاعتباره قانونا في كتابه الاول "إرادة التفرد". النصوص الاستهلالية الموجودة في بداية كل نص جديد من نصوص المجموعة تحيل مباشرة على حوار مع نصوص وثقافات مغايرة، وهذا الحوار الذي يصل أحيانا حد الاحتكاك بين النصين قد يثير في القارئ الميل لإنتاج نص ثالث، نص حر... وهذا هو رهان الكتاب الذي يختلف عن رهان ستاندال : "مساعدة القارئ ليصبح منتجا".
قد يبدو الكتاب شغوفا بتشظية نصوصه إلى عناوين فرعية. هذا التفتيت كتقنية سردية ليس قانونا يفرض على نصوص المجموعة فرضا. " التشظية" تقنية وظيفية الهدف منها هو مقاربة المحكي من خلال شكل العرض القصصي. ولعل عناوين النص تفصح على ذلك: "التشظي"، "المقص"، " الشرخ"... إذ يصعب عرض نص يحمل عنوان "التشظي"أو "المقص"أو " الشرخ" من خلال شكل سردي مسترسل حالم و وديع ومتناغم. الحكي، كل إنسان قادر على تجريبه وممارسته. لكن الوعي بالشكل وبالأدوات المشغلة لغرض الحكي هو ما يجعل من الكاتب كاتبا حقيقيا.