|
شئ من سيكولوجية الحب
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 2291 - 2008 / 5 / 24 - 09:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل يعد الحب شراع سفينة الحياة حقا كما عبر عنه استاذ الاجيال المرحوم العلامة مصطفى زيور ، كيف كان ذلك ومتى واين تنشأ هذه العاطفة التي عدها انطوان تشيخوف بانها "سر غامض" ، اننا حينما نسبر النفس الانسانية انما نتوغل بداخلها من خلال انها رغبة ، واية رغبة؟ فالحب هو الرغبة الانسانية بما هي رغبة في رغبة موضوع الرغبة ، فالمحب يسعى الى ان يكون هو "رغبة"من يحب عندما يخلو المحب الى نفسه فتنساب خواطره فإذا بها تدور جميعها حول محبوبه وحول ما يمني النفس به من حظوة وقبول ورضا عند هذا المحبوب كما عبر بذلك "د. فرج احمد فرج" . ان آلية الحب هي العاطفة التي تنقل عبر ثقافة الاسرة لاجيالها بدون رقيب او قيود او استئذان ، يتعلمها الطفل من امه او ابيه او ربما انها غريزة منقولة عبر منافذ اول رضعة يجدها الطفل الوليد من ثدي امه فهي لا تعطيه الغذاء فحسب ، بل الحنان والحب والعاطفة لتصبح سرا غامضا يحير الشعراء والادباء ومن يكتب القصة او الرواية ، انها النقيض للكراهية ، ويعرف معشر السيكولوجيين اكثر من غيرهم تلك العاطفة التي تجمع المحبين في لحظات اعظم المشاعر حيث افترض سيجموند فرويد ان حالة الاتزان النفسي اختلت بتأثير المطالب الملحة للحاجات الداخلية وهي تتمثل بكل ما هو موضوع للتفكير(او الرغبة) ، رغبة في آخر يعبر عنه بالحب تجاه من سلبه اتزانه وعليه فإن مركز السيطرة ينتقل من المحب الى المحبوب والى الاعتراف به بانه منتج للافكار او القصائد او الرواية او حتى اي عمل مبدع يجد صداه في الاخرين لذا فإن الاعتراف برغبة المحبوب فيه واعجابه به ، هو الوجود في آخر ، وهنا صدق فرويد عندما تقوده قدراته في معرفة كنه الانسان من خلال حدسه العميق بمعرفة عمق هذه المشاعر بشقيها ، شق شهوي وشق حنون ، وهذا الشق الحنون هو الذي جعل من الانسان إنسانا ، ويضيف فرويد بان الشق الحنون هو الذي يكف الهدف الشبقي ، وهو ميلاد جديد من رحم الشهوة مغاير لها ويبني عواطفه على انقاضها لا على اساس امتداها ، فهو يبني المودة والرحمة لا بين المحبين فحسب بصورته السطحية بل بين الام وابنتها او ابنها ، او الاب وابنه او ابنته ، او بين ابناء الاعمام او الاخوال او من لهم صلة بهم ، او حتى مع الغرباء ، لذا يمكننا القول ان من يحب لا يعرف الكراهية ، ولكن من يحمل بين طيات نفسه الانانية فهو يدفن الحب بداخله ويوجهها نحو الخارج بطريقة منحرفة يجد صداها في انواع مختلفة من السلوك ابتداءا من النميمة او الغيبة او اتهام الاخر بما ليس فيه وهو يصدر من نفس مريضة بها من سمات المرض النفسي اكثر من السواء. ان سيكولوجية الحب تدلنا الى اعظم انجازات النفس الانسانية منذ فجر التكوين وهو اكتشاف هذه العاطفة ، حيث انها البقاء مقابل الفناء ، او الحياة مقابل الموت او الثبات مقابل التغيير الذي يجيش في النفس ، وهو ان يستمر الانسان مسالما يؤمن بحق الآخر في الحياة عكس ضده وهو الفناء وبذلك فان من يحب يمنح الاخر حق مشاركته بالوجود من خلال مشاعره وان قليلا من التفكير يعرفنا على ان الحياة نفسها لا تستقيم وتصبح مستحيلة بغير المحب ، هذا المحب ايا كان جنسه ، ذكرا ام انثى ، ابا ام اما ، غريبا ام قريبا ، انها عاطفة استغلقت على الفهم . تدلنا اكتشافات علم النفس ان الحياة تتصف بشئ من التعاطف الثنائي فإذا استطاعا ان يتبادلا العطف والمودة والرحمة كان هذا دليلا على نضجهما فتستقر العلاقة بينهما وهو يعد شفاء للنفس يبلغ اليه المحب مع محبوبه والعكس تماما في ذلك في ما يصدر من النفس في اعظم لحظات المرض شدة وهو في اضطراب الاكتئاب العقلي الميلانخولي (السوداوي) حيث ان صلب هذا الاضطراب هو صراع الحب والكراهية معاً الذي يعصف بالوجدان لدى الانسان خصوصا حينما يفقد الانسان الحب وهو الموقف الاساس الباعث على الاكتئاب سواءا كان الفرد لم يعد محبوبا ، ام لم يعد يشعر انه محبوب او انه لم يعد يسعه ان يحب ، وهو الاساس في كل حالات الاكتئاب. ان فاقد الشئ لا يعطيه وهو شعار من تنغلق لديه هذه العاطفة وتستحيل حتى يجد نفسه في فترة عواصف مستمرة واهتزازات نفسية دائمة فلذلك بالحب تزداد الثقة بالنفس لدى المحبين ويترسخ شعور الامان لدى الطرفين ، فالمحب دائما مصدر عطاء بمشاعره واحاسيسه يستدمج موضوعه "المحب " في تسامي انتاجه بكل انواعه في كل مراحل العمر مع النضج المستمر فلا يعقل ان يتوقف الحب عند مرحلة معينة فهو نضج مستمر طالما انه يعيش ويستمر في العطاء والانتاج ، فالحب في النهاية عاطفة تتطور في كل مراحل الحياة الى ان تصير في قمة النضج فترجح كفة العطاء وهي بذلك تكون مقياس الصحة والمرض وعليه فإن القول المأثورصحيح جدا بان اسلوب الانسان في الحب عنوان شخصيته ومبلغ نضجه وما ظفربه من الراحة النفسية .
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محنتي في انفعالاتي ... رؤية في النفس من الداخل
-
نفس تئن وجسد يصرخ
-
الاتهام بالتعصب ... تعصب
-
لماذا السلوك التخريبي عند الطفل ... رؤية نفسية
-
توهم المرض .. هل يعيق البعض ؟
-
محاولة نفسية لتفسير الخوف عند الاطفال
-
تداعيات الكذب عن الاطفال
-
شئ من القلق .. شئ من الدقة
-
ظاهرة الادعاء بالامام -المهدي - المنتظر واعراض اضطراب الفصام
-
الدين .. هل هو اغراق العقول بالتأمل ؟
-
الانتماء والاحساس بالتوازن النفسي
-
نحو انسنة السلوك .. الانساني
-
لا .. لن اهلوس !!!
-
حزني اقوى من قدرتي
-
بين الألم النفسي ... وألم الجسد
-
التوافقات الشخصية وانعكاساتها السلوكية !!
-
ادراكنا ... يوجه سلوكنا
-
- داء السرقة- .. انحراف في الشخصية
-
الغِيبة والنميمة .. مدخل لمعرفة الشخصية
-
مرضى الوساوس .. كيف يفكرون ؟
المزيد.....
-
صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش
...
-
شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال
...
-
سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو
...
-
من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
-
تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام
...
-
الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا
...
-
إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
-
للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
-
مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|