|
حتى تعود مصر لمكانتها ، الحلقة الأولى
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2286 - 2008 / 5 / 19 - 01:57
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
قمة لبنانية بالدوحة ، و لا ننسى مؤتمر الطائف الشهير بخصوص لبنان في القرن الماضي ، و منذ فترة ليست بالبعيدة كان مؤتمر بمكة المكرمة بين الفصائل الفلسطينية . قادة الدول الكبرى الأن عندما يريدون معالجة قضية شرق أوسطية ، يبدأون زياراتهم أو إتصالاتهم بإسرائيل ثم بآل سعود . قمم و وساطات – نجحت أو فشلت – إلا إنها تتم بمعزل عنا ، و أحيانا ما تفرض نتائجها علينا . لقد مضى ، منذ زمن طويل ، الوقت الذي كانت فيه القاهرة هي القبلة لأطراف النزاعات الإقليمية ، سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا ، مضى الوقت الذي كانت فيه القاهرة هي الوسيطة المطلوبة و الدائمة ، و صانعة الأحداث ، و مصدر الأخبار . تراجع دور مصر كثيرا ، و إذا كان قد بدأ هذا التراجع في عهد السادات ، الذي ركز على قضية واحدة فقط ، هي قضية سيناء ، و العلاقات مع إسرائيل ، إلا أن المكانة المصرية إزدادت تدهوراً لتصل للحضيض الحالي مع آل مبارك ، فبعد أكثر من ستة و عشرين عام في السلطة ، و حيث لا توجد قضايا حرجة لها الأولوية ، مثل إستعادة قطعة مفقودة من التراب الوطني ، أو هزيمة يجب الثأر لها ، لا توجد أعذار عقلانية تبرر هذه المكانة المتدنية التي باتت لا تخفى عن العين .
المشكلة لدينا هي في القيادة الضعيفة التي تمسك بدفة الأمور في مصر منذ ما يزيد عن الربع قرن ، فنحن حاليا لسنا سوى بلد مؤسسات وهمية ، و بالتالي الأسرة الحاكمة و الحلقة الضيقة المحيطة بها ، هي من تقرر السياسة الخارجية ، و بالتالي المكانة المصرية ، و من يسيطر على الأسرة الحاكمة يسيطر على مصر .
لقد كان بالإمكان إلتماس الأعذار للقيادة الحالية ، عن هذا التدهور ، لو كانت ترفع شعار مصر أولاً ، أو رفاهية المواطن المصري أولاً ، ساعتها كنا - كمواطنين مصريين غيورين على مصلحة مصر - سنلتمس الأعذار ، لنقول : لا بأس دعوهم يرفعون مستوى معيشتنا ، دعوهم يركزون على الداخل ، و بعد ذلك سيأتي الوقت الذي ننتبه فيه للخارج ، و مصر مكتفية ، و مكانتها معززة بإقتصاد محلي قوي يعزز إستقلاليتها و بالتالي مكانتها ، و لكن ما حدث هو نقيض ذلك ، و لا حاجة للإسهاب .
و لكن يجب ألا يعني هذا إنه ليس بإمكاننا أن نستعيد مكانتنا الخارجية في ظل أوضاعنا الحالية ، لأن كل ما نحتاجه ليس إلا قيادة واعية ، ذات شخصية قوية ، تدرك جيداً قيمة الأوراق التي تمتلكها مصر ، و تعرف كيف تستخدمها بحرفية عالية .
قطر على سبيل المثال ، لم تحقق مكانتها الحالية التي أتاحت لها أن تصبح وسيط في الأحداث الأخيرة ، و صوت مسموع في المنطقة ، سوى بقناة إذاعية مرئية – تلفزيونية - فضائية .
السعودية ، لم تصل لمكانتها الحالية فقط بالبترودولار و السيطرة على الحجاز ، بل لأنها تملك هدف ، خدمه وجود رؤيا و تصميم ، هدف توارثته أسرة آل سعود منذ القرن الثامن عشر ، هدف إقامة خلافة سعودية ، و هيمنة محكمة على العرب و المسلمين ، و ذلك الهدف الكبير الطويل المدى ، ينبثق من تحته أهداف أصغر تخدم الهدف الأكبر ، و من تلك الأهداف السيطرة على مصر ، سياسيا و إقتصاديا و دينيا و ثقافيا ، كهذا تعلم آل سعود من تجربتهم الأولى ، أو دولتهم الأولى ، و لهذا نصح الملك عبد العزيز ، مؤسس الدولة الثالثة أولاده بالسيطرة على مصر .
إن إستعادة المكانة المصرية الحقيقة من السهل أن يتم لو إتبعنا الخطوات التالية :
أولاً : تسلم قيادة مصرية ذات شخصية قوية ، نظيفة اليد ، و لها رؤية سياسية ترتكز على إحساس وطني جارف ، و قادرة على التحدي ، مقاليد السلطة في مصر ، مع بناء دولة مؤسسات راسخة ، تجعل من الصعب إختراق مصر ، أو التلاعب بأهدافها الإستراتيجية ، مع السير في ميدان إنعاش الإقتصاد المصري ، و الوصول بالرفاهية الإقتصادية لكل مواطن مصري ، للتخلص من التبعية الإقتصادية ، و أيضا لحماية مصر من القلائل الإجتماعية .
ثانيا : التخلص من دور العميل ، الذي يتلقى التكليفات ، فيجب أن ينتهي العهد الذي تُكلف فيه الدول الكبرى و الأقليمية مصر بمهام و ملفات محددة ، مثل الوضع الحالي ، و الذي كلفت فيه إسرائيل و معها الولايات المتحدة و آل سعود ، مصر بملف غزة ، و الذي غرقنا فيه لأذنينا ، تاركين الأخرين يركضون في ميدان الشرق الأوسط و أفريقيا و البحر المتوسط ، كل يبني مناطق نفوذه ، و يدعم مصالحه السياسية و الإقتصادية ، و يعزز مكانته الثقافية و الدينية .
ثالثاً : تطهير مصر ، تطهيراً تاماً ، من النفوذ السعودي ، السياسي ، و الإعلامي ، و الإقتصادي ، و المذهبي ، و الثقافي ، فتطهير بيتنا من أعدائنا ، و تحصين دفاعاتنا الداخلية ، يأتي قبل الهجوم .
رابعاً : التحرك لغزو آل سعود سياسيا ، و ثقافيا ، في عقر دارهم ، و زعزعة مكانتهم في عيون شعبهم ، فالدولة السعودية الثالثة ، من السهل تماما زعزعتها ، فالذي يحفظها هي القبضة المحكمة للأسرة السعودية ، و لو تم خلخة تلك القبضة ، فإن البيت السعودي سرعان ما سينهار ، و تكون تلك الخلخة ، بإتخاذ مصر مواقف متضادة مع آل سعود في المسائل الإقليمية ، و التسابق معهم على المكانة السياسية في الشرق الأوسط ، مع الغزو الثقافي و الإعلامي و المذهبي المكثف للجزيرة العربية .
خامساً : العودة للإنفتاح على أفريقيا ، و إيلاء تلك العلاقة نفس الدرجة من الأهمية التي نوليها للشرق الأوسط .
سادساً : بناء تكتل إقتصادي و سياسية إقليمي ، حقيقي و متين ، يتكون من دول الجوار الأقرب ، و أعني السودان و ليبيا ، و بالإمكان ضم غزة لهذا التكتل كوحدة منفصلة عن دائرة نفوذ حركة فتح بالضفة الغربية و الموالية لآل سعود ، أو بإنضمام غزة إلى مصر ، لتصبح جزء من مصر .
لقد حان الوقت الذي يجب أن نستعيد فيه كمصريين مصر ، لتعود مصر لمكانتها الحقيقية .
حان الوقت الذي يجب أن تكف مصر عن السير خلف آل سعود و هي ممسكة بذيل جلبابهم ، لتعود كل دولة في المنطقة لحجمها الطبيعي ، فقد جلس البعض على مقاعد أكبر من حجمهم مع إنهيار أدوار بعض الدول .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوتوغرافية هذه الحقبة
-
فأغرقناه و من معه جميعاً ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
-
فأغرقناه و من معه جميعاُ ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
-
أمريكا على طريق روما ، طريق إلى حرب باردة ثانية
-
لماذا لا تنضم غزة إلى مصر ؟
-
إنهم الخوالف و الأعراب في ساعة العسرة
-
إنها ثورة الشعب المصري ، لا حزب العمل
-
ليبيا مصرية
-
إخلع محراثك اليوم ، فقد آن أوان الثورة ، آن أوان الحرية
-
إنها كنعان و ليست فلسطين ، و هم الكنعانيون ، و ليسوا فلسطيني
...
-
لنحبط معاً إقامة مؤتمر ويكيبيديا بالأسكندرية
-
روسيا تحتاجين إلى حلفاء ، فالردع النووي لا يكفي
-
إنتصار ماراثون ، إنتصار لكل الإنسانية
-
لنقيم جنازات شعبية رمزية لشهداء السادس من إبريل
-
تحية إلى محلة الثورة ، و تحية إلى كل أبطال ثورة 2008
-
التغيير سيكون مصرياً ، لا إخوانياً
-
معاً من أجل يوم و نصب المعتقل المجهول
-
لنجعل من السادس من إبريل علامة تحول ، و بداية عهد ، و عيداً
...
-
الخبز قبل المفاعلات ، يا لويس مصر
-
جريمة السويس ، لقد حدث ما حذرنا منه
المزيد.....
-
-رمز الرومانسية-..هذه المدينة اليابانية المغطاة بالثلوج تعان
...
-
كيف ترى الصحافة السعودية مستقبل العلاقات بين الرياض ودمشق؟
-
روبيو: السلفادور توافق على استقبال المرحلين والمجرمين الأمري
...
-
السفير الروسي: علاقاتنا مع مصر تتطور بثقة ونجاح وانضمامها إل
...
-
أول ظهور علني لزوجة أحمد الشرع في السعودية (فيديو)
-
تحليل لـCNN: هل الصين مستعدة لحرب تجارية ضد أمريكا بعد فرض ت
...
-
المتمردون يعلنون وقف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية -لأس
...
-
الولايات المتحدة تطالب بانتخابات في أوكرانيا
-
من سيحصل على القارة القطبية الجنوبية
-
سحب القوات الأمريكية من سورية يطلق أيدي تركيا وإسرائيل
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|