أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - فوتوغرافية هذه الحقبة















المزيد.....

فوتوغرافية هذه الحقبة


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2284 - 2008 / 5 / 17 - 01:54
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


إرتبط ، في أوقات كثيرة ، فن التصوير ، سواء في شكل جداريات أو لوحات مرسومة أو لقطات فوتوغرافية أو تصوير سينمائي ، بالأحداث و الحقب التاريخية ، و هذا الإرتباط لا يعني فقط تخليد لحظة زمنية معينة ، فهذا يعد تعريف محدود لهذا الإرتباط ، فهناك ما هو أعمق ، إنه الكشف عن طبيعة الحدث و مكنوناته ، و الرمز لروح الحقبة الزمنية المعنية ، و ما وراء الحدث .

هناك أمثلة لمثل تلك اللوحات و اللقطات منها على سبيل المثال :

الجدارية الفرعونية الرائعة التي تصور إخناتون جالسا على مقعد مقابل لمقعد زوجته نفرتيتي ، و هما يحملان بناتهما الصغيرات ، تلك اللوحة التي تعبر عن طبيعة الثورة الفكرية التي فجرها و قادها إخناتون ، و التي وصلت من الدين إلى المجتمع إلى الفن ، فكسرت الحواجز التقليدية الجامدة الصارمة ، و القوالب الصماء التي إعتاد الفنان المصري القديم إستخدامها لتصوير حكامه ، تلك القوالب التي لازالت - و للأسف - تستعمل لليوم في الإعلام المصري للتعامل مع الحاكم و أسرته . لقد وصلت ثورة إخناتون الفكرية للفنان المصري الذي عرف معها أن الحاكم ليس إلا بشر عادي أولاً و أخيراً .

لوحتي الرسام الأسباني جويا ، الثاني من مايو ، و الثالث من مايو ، التي جسدت الأولى مقاومة الشعب الأسباني للقوات الفرنسية الغازية ، و الثانية فضحت وحشية الغزاة ، و بالمناسبة فإن اللوحة الثانية على وجه الخصوص أضحت علامة تحول ، و بداية إنقلاب فني خرج بفن الرسم من قوالبه المعهودة آنذاك .

صورة غاندي ، في نهاية مسيرة الملح الشهيرة ، و هو ينحني ليلتقط حفنة من الملح من على الأرض ، لم تجسد فقط تلك اللحظة التاريخية التي كسرت فيها إرادة الإنسان الأعزل قوة و مفعول قانون جائر ، بل غدت رمز للعصيان الشعبي ليومنا هذا .

لوحة بيكاسو المعروفة بإسم : Guernica ، هي مثال أخر للفرشاة و هي تجسد جريمة حرب ، لتصبح تلك اللوحة رمز عالمي للحرب الأهلية الأسبانية ، و ما حدث بها من بشاعات .

لقطة ألبرتو كوردا الشهيرة للمناضل العالمي تشي جيفارا ، بنظرته المليئة بالعنفوان و التحدي و الأمل ، أضحت علامة لحقبة الخمسينات و الستينات ، حين أفعم شباب العالم و مستضعفوه بالأمل في العدالة ، و القضاء على الطغيان ، و لازالت تلك اللقطة تمثل تلك القيم لليوم لدى الكثيرين ، حتى ممن لم يعاصروا تلك الفترة .

أيضاً لقطة الطفلة الفيتنامية التي تجري صارخة عارية فراراً بعد أن صب الجيش الأمريكي و القوات الفيتنامية الجنوبية النابالم على قريتها ، أضحت رمز لتلك الحرب ، و توارت كافة التفاصيل الأخرى لتلك الحرب الطويلة ، لتبقى الجريمة هي الباقية في الأذهان .

لوحات و لقطات كثيرة أصبحت علامات لأحداث ، و رموز لعهود ، و مفاتيح لفهم حقب .

فما هي اللوحة أو اللقطة التي تمثل حقبتنا الراهنة ؟؟؟

أعتقد أن أفضل لقطة فوتوغرافية تمثل طبيعة الحقبة الحالكة الحالية هي لقطة للمناضل و الإعلامي الأهلي الرائد و الشجاع ، وائل عباس ، و التي إلتقطها منذ فترة ليست بالبعيدة ، و هي واحدة من عدة لقطات متتالية تصور طغيان شرطة الحاكم على أحد النشطاء أثناء أحد الوقفات الإحتجاجية ، و قد إخترتها من بين تلك المجموعة من اللقطات لأنها تظهر عدة عناصر ، كل عنصر يرمز لشيء .

وصف الصورة أولاً : في الصورة يبدو أحد النشطاء الشباب ، ملقى على جانبه ، بعد أن تم إسقاطه أرضاً ، و هو محاط بمجموعة من أعضاء هيئة الشرطة ، حوالي سبعة أفراد ، مع إختلاف الرتب ، أحدهم بملابس مدنية ، و البقية في زيها الرسمي ، و هناك ثلاثة أرجل ، لثلاثة أفراد بالملابس الشرطية الرسمية ، تنهال ضرباً على الشاب الملقى ، في أماكن متفرقة من جسده ، و في الصورة يبدو أحد المارة الشباب ، و هو يلتفت برأسه و جزعه بينما قدمية لازالت في إتجاهها الأول ، ليشاهد ، بينما هو لازال سائر ، ما يحدث .

الصورة مفعمة بالرمزية التي تمثل هذه الحقبة ، فالجهاز الشرطي هو الغالب في الصورة ، و هذه هي حقيقة المرحلة ، و التي يلمسها كل من عاش أو يعيش في مصر في عهد آل مبارك ، أو حتى يعارض النظام من خارج مصر ، حيث دولة الأجهزة الأمنية و قانون الطوارئ و المحاكم العسكرية و التواجد الأمني المكثف ، و بوكسات الشرطة في كل مكان تنتظر الإمتلاء بمن أوقعهم حظهم العاثر في قبضة شرطة الأسرة الحاكمة ، بينما المستيقظين - على إختلاف الإنتماء السياسي و الديني و الفكري - الذين يمثلهم هذا الشاب ، ليسوا إلا قلة عزلاء - نعم مفعمة بالأمل ، و ممتلئة بالحماس و الشجاعة ، و تدرك إنها على حق - و لكنها على قلتها تصر على التحدي ، أخيراً هناك معظم الشعب المصري ، الذين يمثلهم هذا الفرد من المارة ، الذي إلتفت نصف إلتفاتة بجزعه و رأسه ، بينما قدمية لازالت تتحرك في إتجاه طريقه الأصلي ، ذلك الفرد الذي ربما تعاطف مع الشاب الملقى ، و لكنه ربما لا يعرف لماذا يُضرب بهذه الوحشية ، و هذا حال أغلبية المواطنين المصريين ، في قلب المدن الكبرى و أطرافها ، و في عشش الصفيح و مستوطنات المقابر، و في نجوع مصر و كفورها ، و في أفضل الأحوال يعرف ، و لكنه على أي حال – علم أو لم يعلم بالسبب - ماضي في طريقه ، معتقداً أن البعد عن الحدث هو الغنيمة ، لهذا هو سائر في طريقه المعتاد ، رغم إنه طريق مغطى بالأشواك ، و لكنه مازال يؤثر الألم المزمن ، و المعاناة اليومية ، على ألم النضال .

هذه هي لقطة هذا العصر ، و التي تمثل هذا العهد ، و أتمنى أن يأتي الوقت الذي نشاهد فيه لقطة تمثل بزوغ عصر جديد – عصر الجمهورية المصرية الثانية - لقطة ربما يظهر فيها الشعب المصري و هو يقتحم مجلس الشعب و الحاكم يلقي خطاب إفتتاح دورة برلمانية جديدة بحضور كافة رؤوس النظام ، أو أفراد من الشعب يعتلون أسوار قصر الرئاسة بمصر الجديدة و يقتحم أخرون بواباته ، أو الحاكم و هو يهرول هرباً مع أفراد أسرته لطائرة مروحية تدور محركاتها ، أو لقطة لطغاة هذا العصر و لصوصه و هم يقتادون لمحكمة مدنية مصرية نزيهة ، و ضحاياهم يهللون مبتهجين من حولهم .

على إن تلك اللقطة ، التي لم تأت بعد ، و التي يتمناها كل مصري في نفسه ، سواء صرح بذلك أو أسرها في نفسه و لم يبح بها لأحد ، لن تتحقق مادام هذا الملقى على الأرض لم ينجح لليوم في التواصل بدرجة كافية مع ذلك السائر في طريقه .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية

بوخارست – رومانيا



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فأغرقناه و من معه جميعاً ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
- فأغرقناه و من معه جميعاُ ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
- أمريكا على طريق روما ، طريق إلى حرب باردة ثانية
- لماذا لا تنضم غزة إلى مصر ؟
- إنهم الخوالف و الأعراب في ساعة العسرة
- إنها ثورة الشعب المصري ، لا حزب العمل
- ليبيا مصرية
- إخلع محراثك اليوم ، فقد آن أوان الثورة ، آن أوان الحرية
- إنها كنعان و ليست فلسطين ، و هم الكنعانيون ، و ليسوا فلسطيني ...
- لنحبط معاً إقامة مؤتمر ويكيبيديا بالأسكندرية
- روسيا تحتاجين إلى حلفاء ، فالردع النووي لا يكفي
- إنتصار ماراثون ، إنتصار لكل الإنسانية
- لنقيم جنازات شعبية رمزية لشهداء السادس من إبريل
- تحية إلى محلة الثورة ، و تحية إلى كل أبطال ثورة 2008
- التغيير سيكون مصرياً ، لا إخوانياً
- معاً من أجل يوم و نصب المعتقل المجهول
- لنجعل من السادس من إبريل علامة تحول ، و بداية عهد ، و عيداً ...
- الخبز قبل المفاعلات ، يا لويس مصر
- جريمة السويس ، لقد حدث ما حذرنا منه
- عليك بحماية مدخراتك زمن الشدة المباركية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - فوتوغرافية هذه الحقبة