هل إقتربت الحرب؟

ساطع راجي

الحوار المتمدن-العدد: 2281 - 2008 / 5 / 14 - 06:20
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

بشكل ما يبدو إن الايرانيين إبتلعوا الطعم فتوغلوا إفقيا وعموديا في أكثر من مكان في الشرق الاوسط ودخلت أصابعهم في جميع الملفات المزمنة التعقيد في المنطقة وسط تساؤل شعبي بسيط وواضح يتلخص في الدهشة من الموقف الامريكي البارد من هذا التمدد الايراني، فمنذ سنوات والمسؤولون السياسيون والعسكريون والاستخباريون الامريكان لا يفعلون شيئا غير توجيه الاتهامات لإيران بالتدخل في شؤون دول المنطقة وبالاخص في العراق ويستعرض هؤلاء المسؤولون أدلة من مختلف الانواع تؤكد ذلك التدخل (السلبي) حسب الوصف السياسي المهذب.
إعتقل الامريكان إيرانيين في العراق من مختلف الاختصاصات بحجة مشاركتهم في تمويل وتسليح وحماية وتدريب جماعات مسلحة من مختلف الانتماءات العراقية، وهي جماعات، حسب الوصف الامريكي، شاركت في المواجهات الطائفية وعرض الامريكان أسلحة ومعدات قالوا إنها إيرانية تم إدخالها الى العراق لتقديمها للمليشيات ومع ذلك دخل الامريكان في حوار متسلسل مع الايرانيين تذبذب تقييمه من كلا الطرفين قبل إن يدخل مرحلة التوقف أخيرا بحجة عدم الاتفاق على موعد مما يؤشر حالة من التوتر المتجدد بينهما.
الايرانيون إلتزموا الصمت تجاه الاتهامات وإستمروا في تغذية وسائل الاعلام بتصريحات عن دعمهم للحكومة العراقية وإتهام الامريكان بالتسبب بالخلل الامني في العراق، كما واصل المسؤولون الايرانيون إتصالاتهم بالمسؤولين والسياسيين العراقيين من مختلف الانتماءات كما حافظ الايرانيون على تواجد دبلوماسي نشط في العراق دخل أخيرا في مواجهة مع شخصيات عربية سنية من زعماء الصحوات الذين إتهموا إيران بدعم تنظيمات تستهدف رجال الصحوة.
لقد تصاعدت الاتهامات الموجهة الى إيران وصار الفرقاء العراقيون يتهمون بعضهم البعض بالتعاون مع إيران والسكوت على إختراقاتها حتى شارك مسؤولون ووزراء في توجيه الاتهام لإيران بالقيام بدور سلبي في العراق، وصارت صداقة إيران مثل مركب يغرق يحاول الجميع الهرب منه.
تحتاج الولايات المتحدة الى حكومة عراقية حليفة في أي مواجهة عسكرية مع إيران ليس للمساهمة القتالية في الحرب وإنما لتقبل الخسائر والهزات المحتملة في العراق جراء أي حرب أمريكية إيرانية ويبدو إن الحكومة العراقية الحالية أو على الاقل النخبة السياسية الشيعية تقترب من حلف الحرب هذا فقد وجدت الاحزاب الدينية الشيعية الموجودة في قمة الهرم السياسي العراقي نفسها أمام خيارات صعبة تضع مستقبلها في السلطة على المحك ولهذا فإنها قد تضحي بتحالفها القديم مع إيران لإنقاذ سلطتها وكذلك لإنقاذ البلاد من الاحتقان الطائفي الذي صارت إيران المتهم الاول بتأجيجه بعد أن كان عداء إيران حكرا على القليل من الشيعة والكثير من السنة.
إيران توغلت أيضا في لبنان وعندما نضيف الى ذلك الكراهية الشعبية في الدول العربية السنية المتنامية ضد إيران على خلفية الصراع الطائفي في العراق، وكذلك المساعدة في الاطاحة بنظام طاليبان في أفغانستان والملف النووي الايراني وشائعات التمدد الشيعي في المنطقة، فإنها كلها تؤشر على تكوين محيط إقليمي معادي لإيران قد تستخدمه الولايات المتحدة في حربها أو ربما سيندفع هذا المحيط عبر دوله للإستنجاد بالقوى الدولية للحفاظ على التوازن في المنطقة ولكن بطريقة تتجاوز مفهوم (توازن الرعب) فهو قائم حاليا دون جدوى، كما إن الولايات المتحدة قد تستخدم تدهور علاقة إيران بمحيطها في الضغط على طهران.
دول المنطقة وخاصة الخليجية لم تعلن تخوفاتها حتى الآن لأسباب متعددة في مقدمتها عدم التأكد من النوايا الامريكية والشك في قدرة المنطقة على تحمل حرب جديدة لكن هذه الدول في لحظة ما سوف لن تتردد في دعم الولايات المتحدة وتهي تتجه للحرب، ومع كل ذلك فإنه من غير المؤكد وقوع الحرب فالتحضير للحرب وتوفير مناخها قد يكون سببا في منعها عبر التعجيل في إيقافها بترتيبات عاجلة، أي إن الضغط على إيران قد يدفعها الى تغيير سلوكها وخطابها، ولكن في كل الاحوال جربت الولايات المتحدة وفي أكثر من مرة إغواء خصومها بالتمدد لإرهاقهم خاصة عندما يكون ذلك التمدد مدفوعا بشعارات ثورية مكلفة.
يبقى حجم الاستعداد الامريكي الداخلي لهكذا حرب وهو أمر يعتمد على السلوك الايراني في لبنان هذه الايام وإن كان عبر منفذين لبنانيين.

#ساطع_راجي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات