أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد الناجي - بواكير أنساق المعرفة.. اختراع الكتابة وظهور الكتاب














المزيد.....

بواكير أنساق المعرفة.. اختراع الكتابة وظهور الكتاب


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2280 - 2008 / 5 / 13 - 03:20
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حفل تاريخ البشرية منذ فجر السلالات بتحولات معرفية عديدة، وكانت معطياتها التراكمية بمثابة إبداعات للفكر الإنساني، أسهمت في تحقيق نقلات نوعية على طريق تطور وتقدم الحضارة الانسانية، وكان لاختراع الكتابة وقعاً متفرداً في مدلولاته لاسيما حين تجلت قدرات العقل البشري في التعبير عن دواخله وتأمين حاجاته الضرورية.
مثلت الكتابة قوة دافعة نحو التقدم والارتقاء، وكانت منجزاً متوهجاً، ومتفرداً بأهميته البالغة بوصفه مرتكز أساسي لكافة منجزات البشرية في المراحل التاريخية المتعاقبة، إذ كان تطور المعارف من ابرز معطيات اختراع الكتابة، وليس أدل على ذلك من أشارة مؤلف قصة الحضارة (ديورانت) بما معناه، إن تطور الكتابة هو الذي كان خلق الحضارة خلقاً، لأنها هيأت وسيلة تسجيل المعرفة ومن ثم قامت بنقلها.
ظهرت الكتابة، على ارض العراق، البلاد المعروفة قديماً باسم سومر الواقعة بين نهري دجلة والفرات، وعثر على أقدم نموذج في كيش، أما أولى الكتابات السومرية فتعود الى عصر فجر السلالات الثالث (2600- 2370 ق.م)، وقد عثر عليها في مدينة لكش وقسم قليل منها وجد في مدن نفر وأور وأدب.
كانت الكتابة في مرحلتها الأولى على هيئة صور بسيطة، اقترنت بتعلم الإنسان للرسم والنقش، وهي الكتابة الصورية التي رأى بعض المختصين والباحثين أنها انتقلت الى مصر من بلاد الرافدين، ومن ثم تدرج سلم تقدم فن الكتابة، إذ انتقل من طور الصور الى الرموز والعلامات، وصارت بعد ذلك مقاطع ذات قيم صوتية مؤلفة من أسافين أو خطوط اسفينية عند صفها على الواح الطين أو حفرها على الحجر، وسميت بالكتابة المسمارية لكون شكلها يشبه المسامير، ثم تكاملت الجملة بإدخال الصيغة الفعلية فسهل التدوين بها، وظهرت بعد ذلك الأختام الاسطوانية التي عدت من العناصر الحضارية المميزة.
وتجدر الإشارة الى أن شريعة حمورابي (1792- 1750 ق.م) مدونة بالخط المسماري، وتألفت من ثلاثة آلاف سطر، وعثر الباحثون على كثير من الآثار المتعلقة بدور انتقال الكتابة من الصورة الى المقاطع في المخطوطات المسمارية لقدماء الاكديين الذين استخدموها في مخابراتهم مع مصر وغيرها من البلدان، وبذلك فأن اختراع الكتابة شكل عاملاً مهماً في التواصل والتقارب بين الحضارات.
أما الكتاب فيعد ظهوره من الاختراعات البليغة الأثر في تاريخ الحضارة الإنسانية، فهو الوسيلة التي دونت النشاطات المعرفية، وحافظت على نتاج البشرية في مختلف المجالات المعرفية، وناقلتها كأرث حضاري على مر العصور والأزمان، وساعدت بنفس الوقت على تلاقح حضارات الشعوب المختلفة، وإن أقدم الصور الكتابية المعروفة كانت منقوشة على الحجر، ومن ثم ظهرت الكتابة على الطين الرطب بدحرجت الأختام الاسطوانية المنقوشة، التي نقلت لنا النشاطات الحضارية والثقافية السائدة في تلك العصور بمختلف جوانبها من العقائد الدينية والآداب والقوانين والعادات والتقاليد والأنظمة والمنجزات الأخرى المتعلقة بعمل الإنسان وإبداعاته.
وقد نسبت الى المصريين القدماء أولى الكتابات على ورق البردي، حيث تنتشر زراعة نبات البردي على ضفاف نهر النيل، ومنهم تعرف البابليون على كتب لفائف البردي، ثم جاءت بعد ذلك مرحلة الكتابة على الورق على يد الصينيين، واستمر الإبداع الإنساني الخلاق يرفد عجلة التقدم والتطور الحضاري بالإنجازات العلمية الى أن تكلل بعد حين باختراع الطباعة في القرن السادس عشر الميلادي، ليساهم ذلك الإنجاز المبهر بدور كبير في انتشار الكتاب بكل محمولاته الثقافية والفكرية والعلمية، فاستطاع أن يضفي نمطاً متجدداً من التقارب بين الشعوب ذي إيقاع سريع، عمل على تقوية روابط المثاقفة والتماس بين الحضارات المتنوعة، ومد جسوراً من التواصل المعرفي بين شعوب العالم في جميع مجالات الإبداع الإنساني، وبذلك تهيأت فضاءات ملائمة لتلاقح الحضارات والثقافات، تجلت واضحة أمام الأنظار في ما توصل اليه الإنسان من مديات متقدمة في الفكر والثقافة والتقنيات.
ولعل ما شهدته السنوات في نهاية القرن العشرين من ثورة الاتصالات والمعلوماتية، أفضل ما يجسد ذلك التفوق والتطور، حيث اقتربت شظايا هذا الانفجار المعلوماتي، مبتكرات وتقنيات، أصبحت في متناول كل ممن أدرك الزمان الرقمي.
ووقف الانترنت مطلع الألفية الثالثة على رأس هرم العالم الافتراضي، لاسيما بثقل ما أضافه من زخم لتدفق المعلومة الى أرجاء المعمورة، وتحقيق التواصل بين أبناء القرية الكونية، فسنحت للكتاب فرصة مثلى، لعل أوضح مظاهرها متجلية في تفتيت الأطواق والحواجز التي حددت انتشاره على مدى المراحل التاريخية السابقة، فبدأ الكتاب الالكتروني في فضاء مرحلة الرقميات الرحبة ينفض ما ترتب عن كاهل الكتاب من أعباء راكمتها مهيمنات عديدة، سواء من الرقيب أو الناشر، لكي يصل في النهاية الى المتلقي بانسيابية مذهلة وسرعة فائقة.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأبعاد الاجتماعية في نشأة مدينة الحلة
- تكوين الطبقة العاملة في الحلة
- الشيخ عبد الكريم الماشطة.. ريادة التنوير وأنصار السلام
- 9 نيسان 2003.. فاصلة بين الزمن المُرِ والأَمَرِ تعلن نهاية ا ...
- المصالحة خيار واعد على صدارة المهام الوطنية
- مؤتلقة شجرة الحزب الوارفة
- الفيحاء.. باكورة الصحافة الحلّية
- أضواء على التجربة الدستورية بالعراق الحديث 3-3
- أضواء على التجربة الدستورية بالعراق الحديث 23
- أضواء على التجربة الدستورية بالعراق الحديث 13
- تأملات من الضفاف في ذكرى صدور المدى
- فوكوياما من نهاية التاريخ الى نهاية الإنسان
- من أوراق ثورة العشرين.. مقاربات بين احتلالين 2-2
- من أوراق ثورة العشرين.. في مدار مدينة الحلة 1-2
- المثقفف أمام الاختيار بين أحضان السلطة أم الهامشية الايجابية
- فاعلية المثقف العراقي في صياغة الدستور
- نجم عبد خضير.. أحمد أدم في هيبة الموت الموشح برائحة الأرض وا ...
- المبدع موفق محمد متألقاً في سويسرا
- الجمعية الوطنية العراقية أمام مسؤولية تاريخية للارتقاء بالأد ...
- القمم العربية من انشاص الى الجزائر


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - أحمد الناجي - بواكير أنساق المعرفة.. اختراع الكتابة وظهور الكتاب