أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريد زهران - فى رثاء مصطفى وعزت وعبد الباسط جيل السبعينات يواصل العطاء















المزيد.....

فى رثاء مصطفى وعزت وعبد الباسط جيل السبعينات يواصل العطاء


فريد زهران

الحوار المتمدن-العدد: 707 - 2004 / 1 / 8 - 04:05
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


كانت آخر مرة أرى فيها عبد الباسط عبد الصمد وهو "على رجليه" فى جنازة عزت عبد العظيم، ويومها تساءلنا كالمعتاد : ترى فى جنازة من سنلتقى المرة القادمة؟! وشاءت الأقدار أن أشارك بعد ذلك بأيام فى تشييع جنازة عبد الباسط نفسه، لينضم، فى أقل من شهرين، إلى مصطفى عبد الغفار وعزت عبد العظيم، وتفقد اللجنة الشعبية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطينى بذلك ثلاثة من قياداتها ويفقد جيلنا – جيل السبعينات – المزيد من طلائعه.
رحل البعض إلى العالم الآخر، وهاجر البعض الآخر إلى الشمال، بينما لاذ البعض الثالث إلى بمواقعه الاجتماعية السابقة مهزوماً ومحبطاً، والتحق الفريق الرابع بذيل هذا المشروع أو ذاك..، ولكن – سبحان الله – من تبقى من فرسان جيلنا – على قلتهم – كانوا قادرين على أن يكونوا مصدراً لنشاط جم شهدته وتشهده الساحة السياسية، وكانوا قادرين، برحيل ثلاثة منهم فى أقل من شهرين، أن يعلنوا لكل من يعنيه الأمر أننا موجودون... بالأصالة عن أنفسنا وأحلامنا ... موجودون.
انظروا : مصطفى عبد الغفار وعزت عبد العظيم وعبد الباسط عبد الصمد ثلاثة فرسان تفتح وعيهم على الأوهام والأكاذيب وتجرعوا كأس هزائم حكامنا من هزيمة 67 إلى هزيمة سقوط بغداد، وشاهدوا بأنفسهم عودة واستمرار الاحتلال العسكرى الأمريكى – الصهيونى المباشر إلى أربع دول عربية، مع انتشار القواعد العسكرية الأمريكية فى 8 دول عربية أخرى، وتأمل الفرسان بكل مرارة وحزن كيف يتمتع عالمنا العربى بأكثر النظم رجعية ومحافظة فى العالم، حيث يحكم 8 دول منها ملكيات وراثية مطلقة، ويكاد يحكم 4 دول أخرى نظم جمهورية – وراثية، وفيما تمزق الصراعات المسلحة والحروب الأهلية 4 دول، فإن 4 دول أخرى – على الأقل – مرشحة لانفجار مثل هذه الصراعات والحروب الأهلية .... أبعد كل ما شاهده جيلنا من هزائم أفضت بنا إلى هذه الأوضاع هل يثير دهشتكم إذن أن تروا فرسانه وقد أثخنت روحهم الجراح وسقطوا الواحد تلو الآخر فريسة لأمراض "حرق الدم" ؟! هل من عزاء ؟ لا عزاء فى الموت ذاته ؟ لكن العزاء الوحيد أننا نسقط فى حومة الوغى ... نسقط ونحن نقاوم ... ومصطفى وعبد الباسط وعزت بالتحديد سقطوا بالأصالة عن حلمنا نحن ... حلمنا المتميز ... حلم أبناء جيلنا فى وطن مستقل وديمقراطى تسوده العدالة الاجتماعية.
فى خضم معركتنا لدعم الانتفاضة الفلسطينية، كنت أقول لزملائى فى اللجنة الشعبية أننى لم أشعر بقيمة مشاركتى فى العمل السياسى بقدر ما شعرت وأنا أقف فى الفجر مكدوداً ومرهقاً أثناء تحميل العربات بالأرز والسكر لكى تأخذ طريقها إلى فلسطين. كان ذلك عملاً محسوساً ومباشراً، يمكنك أن تفعله، ويمكنك أن تدافع عنه بلا مواربة، وقد تأكد لى ذلك عندما دخلت السجن فلقد شعرت – ربما لأول مرة – أننى إزاء كل الأطراف – بما فيهم السجانة أنفسهم – صاحب موقف قوى وواضح، فنحن – فى اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة – نقدم الدعم المادى المعنوى والسياسى للشعب الفلسطينى وهذه تهمة نعتز بها، فهل من معترض ؟ هل هناك من يجرؤ على الاعتراض ؟ فى هذه اللحظة كان البعض "يتأستذ" علينا قائلاً "ليس بالسكر والدقيق تحيا الانتفاضة"، وكان البعض الآخر يسفه ما نقوم به : لماذا تجمعون التوقيعات على العرائض ؟ ولماذا نقيم المؤتمرات  وأنتم تعرفون أن أحداً لن يستجيب لها ؟ ولماذا ننظم المظاهرات ؟
وهكذا بينما كنا نجمع التوقيعات على العرائض التى تطالب بقطع العلاقات مع إسرائيل ونجمع السكر والدقيق وننظم المؤتمرات ونصدر النشرات والبيانات، كنا فى نفس الوقت منهمكين فى اجتماعات ومناقشات "مارثونية" لكى نبرأ ساحتنا من هذه التهمة أو تلك، وفى هذه الاجتماعات بالتحديد، كُنت لا ترى مصطفى بالكاد، وكنت لا تسمع الكثير من عزت أو عبد الباسط، ولكن عندما نسأل عن من يرافق القافلة إلى رفح – بعد أن حُرمنا من تنظيم التظاهرات الجماعية فى وداع القوافل – كان يتم ترشيح مصطفى أو عزت حتى فى غيابهما، وكان عبد الباسط يضطلع بالكثير من الترتيبات الإدارية وما كُنت ترى فى مثل هذه اللحظات أصحاب الحناجر وإنما كُنت ترى الفرسان اللذين أعطوا لهذه اللجنة طابعها العملى وجعلوها بحق ملء السمع والبصر، اللجنة التى رفضت أن تكون منصة جديدة لإطلاق البيانات وتوجيه النصح للانتفاضة.
جمعنى السجن مع مصطفى عبد الغفار لشهور طويلة، وكان فى "الحبسة" عدد كبير من القيادات العمالية والنقابية وكان مصطفى فى "الحبسة" مثلما هو فى "اللجنة" من أقل الناس كلام وأقلهم "بريقاً وزعيقاً" لكنه كان من أكثرهم عملاً وأكثرهم طيبة ولم يكن اكتشاف ذلك سهلاً إلا عندما يكون المطلوب "عملاً" وليس "اجتماعاً".
لم يكن مصطفى أو عزت أو عبد الباسط فى شهرة رضوان الكاشف الذى كتبت فى رثاءه فى نفس هذا المكان منذ عدة شهور، لكنهم كانوا خير مثال لأبناء جيلنا اللذين جسدوا بحياتهم القصيرة مثالاً يحتذى فى المقاومة، رغم قسوة الظروف التى تبدأ من قسوة ظروف حياتهم الشخصية فى ظل شظف العيش و "الأقساط"، وتنتهى بقسوة ومرارة الهزائم التى ما انفكت تزداد جنباً إلى جنب مع تزايد الاستبداد والفساد.
لم ينخرط مصطفى أو عزت أو عبد الباسط فى مشروع ينتمى إلى الماضى أكثر مما ينتمى للمستقبل، بل على العكس فلقد حرصوا على أن يكونوا فى القلب من كل محاولة جديدة تسعى لإرساء دعائم مشروع وطنى جديد فى مواجهة المشروع المهزوم بكل سماته وملامحه وتجلياته، ولذلك لم يكن صدفة أن يكونوا من بين فرسان اللجنة الشعبية التى حاولت بالفعل أن تقدم نموذج جديد للعمل الشعبى الواسع والمنفتح والديمقراطى والبعيد كل البعد عن المزايدات الرخيصة أو الجعجعة الفارغة أو النضال فى مقرات الأحزاب، ولم يكن صدفة أن ينخرط كل واحد منهم فى تجربة سياسية وثقافية أو أكثر بحثاً عن طريق جديد، عزت حاول أن يجمع أشلاء الجماعة التى انفرطت ومصطفى حارب ببسالة فى صفوف دار الخدمات النقابية بحلوان، وعبد الباسط شارك فى تأسيس المركز المصرى الاجتماعى الديمقراطى، والثلاثة قدموا نموذج حىّ لما ينبغى أن يكون عليه التفانى فى حب الوطن.
يسألنى البعض : رغم كل هذه التضحيات تتزايد الهزائم، شارون يواصل قمع الانتفاضة بوحشية، وبوش لا يتوقف عن ما يرتكبه من جرائم حرب وإهدار لحقوق الإنسان، والنخب العربية ترفع صور قتلة ومجرمين من أمثال صدام وبن لادن، والاستبداد هو الاستبداد والفساد هو الفساد، فلماذا يتعين علينا أن نواصل التصدى للانهيار، وهل كان مصطفى وعزت وعبد الباسط على حق فى صمودهم على نفس المواقف والأفكار ؟!
ونحن نقول لهؤلاء الذين استبدت بهم الحيرة أو نال منهم الإحباط واليأس : أن العالم كان سيكون أسوء كثيراً ما لم يقدم أمثال مصطفى وعزت وعبد الباسط حياتهم لكبح جماح القبح والوحشية، إن العالم كان سيكون أسوء كثيراً ما لم يخرج الملايين فى شوارع العالم كله – شرقاً وغرباً – لوقف أمثال بوش وشارون، تضحياتنا لم تضيع هباءً والمعارك التى خسرناها لا تعنى أن الخصوم – أعداء الإنسانية ودعاة العنصرية – كسبوا الحرب.



#فريد_زهران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفع حالة الطوارئ أو معركة التحديث ومسؤولية القوى السياسية
- القمع الفكرى داخل الأحزاب السياسية فى مصر
- قراءة في نتائج انتخابات نقابة الصحفيين
- دعوة للحوار حول مبادرة تجديد المشروع الوطني - مصر
- لا للحرب . والاستبداد . والهيمنة . نعم للسلم . والديموقراطية ...
- مسيحى ما علاقتك بالانتفاضة


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريد زهران - فى رثاء مصطفى وعزت وعبد الباسط جيل السبعينات يواصل العطاء