|
المشكلة ليست في راسبوتين الاردن وحده
ناهض حتر
الحوار المتمدن-العدد: 2277 - 2008 / 5 / 10 - 07:43
المحور:
كتابات ساخرة
لا يتمتع رئيس الديوان الملكي، بأية قوة خارج وظيفته: لا تسنده عشيرة ولا منطقة ولا حزب ولا حتى صالون سياسي، وليس له شعبية من أي نوع . وهو ، ببساطة ، مكروه بين الناس ، كما بين النخب. ويجرؤ عليه المنتقدون من دون حساب كالذي يجرونه عندما ينتقدون مسئولا صغيرا له حيثية ما. عوض الله لا يمثل شيئا في المجتمع الأردني ، أي شيء . وهو لن يجد ، حالما يغادر الوظيفة ، مَن يقول له -”مرحبا -”، بل لن يحميه أحد من التطاول عليه ، بحيث أنني استغربت شراءه قصرا ببضعة ملايين ، اللهم إلا إذا كان على سبيل الاستثمار.. فهل يتوقع عوض الله أنه يستطيع العيش في الأردن عندما ترتفع عنه الحماية الملكية؟ عوض الله جاء إلى الأردن مطلع التسعينيات ، باحثا عن عمل . وكان حتى سنة 2000 يتقاضى راتبا لا يزيد عن ألف دينار، عندما ضاع مرة ، كاد يبكي جزعاً. لكن عوض الله ، الآن، مليونير حقيقي ، يقال أن ثروته بعشرات الملايين ، وهناك مَن يقول بمئات الملايين . وقد حصدها، أنى كانت ، وهو في مواقع مسئولية . فهي، إذن، ناجمة عن وجوده في تلك المواقع . وهو ما يتطلب تحويل الرجل إلى النائب العام .
ويحتل عوض الله، من دون أي أساس سياسي أو دستوري، مكانا رئيسيا في دائرة القرار في النظام الأردني . وهو مفوّض بصلاحيات ليست لدى المكلف ، دستوريا، بالولاية العامة، أي رئيس الوزراء، أو المكلف بأمن النظام ، أي مدير المخابرات. وهو يتدخل في القرارات الاقتصادية ، بل يصنع معظمها ، بعيدا عن الهيئات المعنية والإجراءات القانونية المعتادة. وهو يقوم بأدوار سياسية ، ويقترح سياسات..... ودوره ، في كل ذلك، يُغضب النخب ، كما يُغضب الشعب.
لكن هل المشكلة حقا هي في شخص باسم عوض الله ، أم في الآلية السياسية غير الديمقراطية التي تسمح لشخص ليست له أية حيثية اجتماعية أو سياسية أو انتخابية ، أن يقفز من موظف إلى الرجل الثاني في النظام السياسي ؟
من الممكن أن يتم إخراج باسم عوض الله من الديوان ومن البلد ـ بصحبة ملايينناـ ثم يأتي سواه ، وتبدأ اللعبة من جديد !! وهذا هو ما سيحصل بالضبط ، عاجلا أم آجلا.
القضية هي دستورية وشرعية آلية اتخاذ القرار في البلد . وهذه الآلية ، الآن ، فردية ومغلقة وغامضة ومتجاوزة لنصوص الدستور وروحه ، وللأعراف السياسية. وهي تتم خارج الهيئات الدستورية، كالبرلمان والحكومة . وهما هيئتان تم تهميشهما كليا ، وسلب صلاحياتهما الدستورية .
ورئيس الوزراء ـ بغض النظر عن شخصه ـ مسئول، دستوريا ، أمام البرلمان ، وسياسيا أمام الشعب والتاريخ ، وأخلاقيا ، أمام الله والوطن ، عن استخدام صلاحياته في الولاية العامة. وقبول أي رئيس وزراء بالتخلي عن تلك الصلاحيات لغيره ، هو بمثابة التخلي عن الأمانة . كذلك الحال بالنسبة لمجلسي النواب والأعيان.
رئيس الديوان الملكي هو ، دستوريا، موظف في الحكومة ، وليس ندا لرئيس الحكومة. فكيف يقبل الرؤساء الأجلاء بالانحناء أمام أوامر شخص هو ، في النهاية ، موظف ، بلا صلاحيات ولا حيثية . وهو يحكم البلد ، ويقرر سياساتها ؟ مَن منحه ذلك التفويض؟ وبأي حق ؟
هل حقا أن رئيس الوزراء ، نادر الذهبي، لا يعرف بأمر بيوعات الأراضي العامة، وليس ، عنده، عنها بيان ؟ الأرجح نعم ، لكن الأكيد أن أعضاء مجلس الوزراء والبرلمان بمجلسيه ، لا يعرفون اكثر مما يعرف المواطن العادي حول كل ما يدور.
المشكلة ليست في الشخص ، وإنما في الآلية غير الدستورية وغير الديمقراطية للحكم . ولقد أصبح إنقاذ البلد ، الآن، منوطا بتغيير تلك الآلية جذريا ، على أساس انتخابات نزيهة وفق نظام انتخابي ديمقراطي، وبرلمان قوي تنبثق عنه حكومة مسئولة تمسك بصلاحياتها الدستورية في الولاية العامة ، على أن يأخذ رئيس الديوان الملكي ،من الأن فصاعدا، دوره الطبيعي كموظف حكومي في خدمة الملك. وهي وظيفة وليست دورا.
أخيرا، أذكر ، هنا، بأن الدستور الأردني يتوفر على نص حازم يمنح صلاحيات الولاية العامة لمجلس الوزراء، حتى أن -” أوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تعفي الوزراء من مسئوليتهم-”
#ناهض_حتر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سنة التسويات
-
هل نجروء؟ الأردن كدولة إعتراض
المزيد.....
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|