خلال الربع الأخير من القرن العشرين بدأت معظم الاقتصادات العربية مرحلة جديدة تسمى مرحلة الإصلاح الاقتصادي. وقطعت شوطاُ كبيراً في الاتجاه نحو إقامة اقتصادات تستند إلى " اقتصاد السوق". وقد رافق هذا التحول تضحيات كبيرة وعدم استقرار في الإنتاج والعلاقات الاقتصادية الخارجية، وتزايد عدد الأغنياء وعدد الفقراء، وازداد الأغنياء غناً والفقراء فقراً . وقد حاولت معظم الدول العربية الاستفادة من نصائح صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في تطبيق برامج التثبيت الهيكلي والإصلاح الاقتصادي، الذي كان هدفه الحد من النتائج المذكورة في البلدان العربية، لذلك ظلت التحديات كبيرة جداً كما توضحها المشاكل والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها معظم الدول العربية. ماذا تحقق من تقدم ؟ وما هي ملامح المستقبل الاقتصادي للبلدان العربي ؟
هناك قضايا اقتصادية ملحة في الوطن العربي أهمها:
1 ـ تسريع وتائر التنمية الشاملة وتوسيع دائرة انتشارها.
2 ـ معالجة موضوع عدم المساواة في توزيع الدخل.
3 ـ توفير المناخ المناسب لتدفقات رؤوس الأموال.
4 ـ الحد من التضخم.
5 ـ الإصلاح الإداري والتنظيم وسياسات الأجور.
6 ـ إصلاح القطاع المصرفي، والسياسات المالية والنقدية.
7 ـ إصلاح المشروعات العامة وتطويرها.
8 ـ تطوير الميزانية وقيودها وإجراء الإصلاح الضريبي.
9 ـ الاهتمام بموضوع الاقتصاد الموازي والاقتصاد السري.
10 ـ دور الحكومة المتغير.
11 ـ الاهتمام بالتنمية البشرية.
12 ـ تحديات العقد القادم من الألفية الثالثة.
لا يوجد نمط واحد يميز التجارب التنموية في الاقتصادات العربية. بل هناك تباين واختلافات كبيرة بين البلدان أو مجموعات البلدان العربية. ويمكننا تقسيم البلدان العربية من حيث سرعة واستمرار النمو الاقتصادي في ثلاث مجموعات رئيسة هي:
ـ الدول التي لديها معدل نمو مستمر وعالي.
ـ الدول التي لديها معدل نمو سالب.
ـ الدول التي لديها معدل نمو قليل جداً أو لا تحقق معدل نمو على الإطلاق.
الاقتصاد العربي المعاصر:
فتحت التطورات الاقتصادية والتقنية العالمية آفاقا واسعة أمام اقتصاديات الدول العربية، وجاءت اتفاقيات التجارة العالمية للدفع بالأسواق العالمية نحو الانفتاح، وتحرير التجارة من القيود الجمركية المختلفة .
وإذا كان هذا الانفتاح سهّل انتقال التقنية الحديثة والاستثمارات بين البلدان، إلا أن تحديات كبرى قد اقتحمت البيت الاقتصادي العربي لجهة تحسين نوعية الإنتاج ليرقى إلى المواصفات والمقاييس الدولية، بل وأبعد من ذلك، فتحت الباب واسعا أمام تفكير تفرضه المصلحة نحو توحيد الأسواق العربية، والتوسع في مناطق التجارة الحرة بين البلدان العربية لتأمين صمود واستمرار هذه الاقتصاديات ومواجهة المنافسة الهائلة التي فرضتها الأسواق المتطورة. [1]
البورصات العربية.. أداؤها ومستقبلها أنشئت العديد من البورصات المتطورة في العديد من الدول العربية والتي تتمتع بأحدث الأنظمة الإلكترونية، مما ساعد على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لهذه الأسواق، وتفعيل حركة التداول بمستويات عالية في بعضها..
ذكر البنك الدولي أن أسعار النفط، التي تُعتبر أحد أهم العوامل التي تتحكم في آفاق النمو النمو الاقتصادي في البلدان العربية وقد تشهد أسعار النفط إرتفاعات حادة فوق مستواها الراهن بحيث تدفع بمتوسط سعر البرميل الواحد إلى حوالي 30 دولاراً في عام 2001. وأكد التقرير أن الأسعار المرتفعة لا يمكن أن تستمر طويلاً بسبب مخاطرها علي الاقتصاد الدولي ومستقبل النفط. واعتبر حتى المستويات الراهنة للأسعار مؤقتة لأنها نجمت عن مجموعة من العوامل غير المتوقعة. وأشار إلى أن من شأن مزيج من الزيادة في المعروض وبعض الهبوط في الطلب (كنتيجة لارتفاع الأسعار) أن يخفض متوسط أسعار النفط من 28 دولاراً للبرميل في عام 2000 إلى 25 دولاراً سنة 2001 و 21 دولاراً سنة 2002 .
(وحسب معطيات التقرير يُنتظر أن يرتفع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 2.2 في المائة العام الماضي إلي 3.1 في المائة السنة الجارية، كما يُتوقع أن تحقق اقتصادات دول المنطقة ككل نمواً بنسبة 3.8 في المائة سنة 2001 و3.6 في المائة سنة 2002. وذكر التقرير أن بقاء أسعار النفط عند مستوي 30 دولاراً للبرميل لفترة أطول من المتوقع السنة الجارية عزز قدرة الدول المصدرة للنفط علي دعم ناتجها المحلي، ما انعكس إيجابا علي أوضاعها المالية بعدما ساهمت عائدات النفط المرتفعة في خفض عجوزات موازناتها وتقليص حاجاتها للاقتراض.) [2]
كما أكد الاقتصاديون في البنك الدولي أن أسعار النفط علاوة علي عوامل أخرى من ضمنها بلوغ الدورة الراهنة للاقتصاد الدولي ذروتها وقوة الطلب في أسواق التصدير التقليدية، لاسيما في منطقة اليورو، وانتعاش حركة السياحة في حوض البحر المتوسط تتيح للدول العربية المصدرة للنفط أو الدول ذات الصادرات المتنوعة ظروفا مواتية لتحقيق نمو معتدل في المدى القصير.
وتوقعوا أن تستمر عائدات النفط في دعم الناتج المحلي لهذه الدول حتى مع تراجع أسعار النفط إلي 25 دولاراً سنة 2001 و21 دولاراً سنة 2002. لكن الخبراء أوضحوا في التقرير في إشارة إلي تراكمات أزمة أسعار النفط لعام 1998 أن ارتفاع عائدات النفط يفترض ألا يلغي حاجة الدول النفطية للاستمرار في تقييد إنفاقها وتطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي.
وأشاروا إلي أن التقدم الذي تم إحرازه لتشجيع الاستثمار في قطاعي النفط والغاز وتبني نظم تجارية أكثر انفتاحا في منطقة الخليج وكذلك اعتماد برامج تخصيص صناعات القطاع الخاص وتشجيع استثمارات النفط والغاز في الجزائر وإيران من شأنها أن تساهم في دعم الناتج المحلي في الدول المصدرة للنفط. وبالنسبة للدول ذات الصادرات المتنوعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوضح تقرير البنك الدولي أن الغالبية أفادت من ظروف مواتية علي الصعيد الخارجي لكنها تأثرت بتطورات سلبية علي الصعيد الداخلي.
وترتب علي ذلك أن ارتفع متوسط إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول بشكل طفيف من 3.3 في المئة العام الماضي إلي 3.6 في المئة السنة الجارية وينتظر أن يواصل ارتفاعه بصورة معتدلة حيث يُتوقع أن تبلغ نسبة النمو 4.7 في المئة سنة 2001 ثم 4.9 في المئة سنة 2002.
ولفت التقرير إلي أن الانتعاش الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي ساهم في تنشيط حركة السياحة في المنطقة، لاسيما مصر وتونس والأردن، ورفع الطلب علي بعض أنواع صادراتها مثل المواد الغذائية والأولية والمنتجات الميكانيكية والطاقة، كما ساهم تحسن النشاط الاقتصادي في الدول الأوروبية المطلة علي البحر المتوسط ومنطقة الخليج في دعم تحويلات عمالها العاملين في الخارج إذ ارتفعت هذه التحويلات علي سبيل المثال بنسبة 75 في المئة في تونس العام الماضي.
وعلي صعيد التطورات السلبية الداخلية أبرز التقرير جملة من العوامل التي تساهم في الحد من إمكانات تحقيق نمو قوي في الناتج المحلي للدول ذات الصادرات المتنوعة. وشملت هذه السلبيات، خصوصا في ما يتعلق بمصر ولبنان، الضغوطات التي تتعرض لها أسعار الصرف بسبب ارتباط عملات بعض البلدان بالدولار الأميركي وتركز نشاطه التصديري في منطقة اليورو والتدهور الخطير في مؤشرات أسواق المال. لكن اقتصاديي البنك الدولي أعربوا عن الاعتقاد أن الامكانات المتوافرة أمام دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحقيق نمو معتدل في المدى القريب لا تتيح توقع نتائج أفضل كثيراً في المدى البعيد.
وقالوا: علي رغم الإصلاحات التي طبقها الكثير من دول المنطقة يعود تحسن الأداء في الماضي القريب إلى عوامل دورية وخارجية مثل الطقس وأسعار النفط ونمو أسواق التصدير، بينما لازالت المعوقات الهيكلية المهمة التي تعيق تحقيق معدلات نمو أعلى قائمة .
وتتمثل أهم هذه المعوقات في أن المنطقة وعلي رغم تحقيق تقدم جوهري في بعض سياسات الاقتصاد الكلي وتنمية رأس المال البشري في العقد الماضي إلا أنها لا تزال أقل انفتاحاً علي التجارة الدولية من المناطق الأخرى في ما عدا منطقة جنوب آسيا.
وتشمل المعوقات الأخرى جمود الاستثمارات وضعف نشاط رأس المال الخاص الذي يُعتبر عاملاً جوهرياً في رفع كفاءة النشاط الاقتصادي والمساهمة في رفع معدلات النمو في المدى البعيد إضافة إلي الاعتماد علي مصادر محدودة من عوائد الصادرات.
ولخص اقتصاديو البنك الدولي نظرتهم إلي آفاق النمو في المنطقة بالقول أن عائدات النفط المرتفعة من المتوقع أن تكون مؤقتة وقد تنخفض الأسعار في المدى المتوسط، ما يشير إلى حاجة الدول المصدرة إلى إحداث تغيرات هيكلية لتحسين أوضاعها المالية وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي . وحضوا دول المنطقة النفطية وغير النفطية علي توظيف الميزات التي تتيحها الأوضاع الراهنة في أسواق النفط وأسواق التصدير التقليدية لتوسيع شبكاتها والمضي في تطبيق برامجها الإصلاحية بسرعة أكبر. وتوقع تقرير البنك أن يبلغ متوسط معدل النمو في الدول النامية السنة الجارية 5.3 في المئة ثم يتباطأ تدريجاً ليهبط إلي 5 في المئة سنة 2001 و 4.8 في المئة سنة 2002 لكنه توقع في الوقت نفسه أن تنعم الدول في المناطق النامية بزيادة في المدى القصير في نصيب الفرد من الدخل تراوح بين 6 في المئة في منطقة شرق آسيا و1.5 في المئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
(انطلاقاً مما تمثله التسوية بالنسبة إلى المشروع الصهيوني في فلسطين من جهة مقابل أوضاع العرب الاقتصادية والسياسية الحالية من جهة ثانية، والجهتان موضوعتان في سياق النظام العالمي الجديد في جانبه الاقتصادي المتطرف في ليبراليته، يبدو لنا أن السيطرة الاقتصادية الإسرائيلية على المنطقة هي الوجه الآخر للتسوية السياسية للصراع العربي - الإسرائيلي كيفما كانت هذه التسوية، عادلة أم مجحفة. لكن ذلك لا يعني أبداً أن النظام الإقليمي الاقتصادي الذي تسعى التسوية لإعادة صياغته على النحو الذي ذكرنا هو قدر محتم أمام العرب لا مفر لهم منه.
ما نعنيه تحديداً هو أن خلاص العرب من تبعات "السوق الشرق الأوسطية" لا يبدو في الوقت الحاضر ممكناً بالوسائل الاقتصادية، وإذا كان من سبيل لذلك فسيكون من طريق عرقلة التسوية السياسية نفسها. أما في المدى البعيد فيبدو لنا أن الطريق الذي يؤدي إلى خلاص العرب من تبعات "السوق الشرق الأوسطية" هو نفسه الذي يؤدي بهم إلى الخلاص من تبعات الشكل الحالي لانخراطهم في السوق العالمية.) [3]
لقد أضحت مكونات برامج التكيف الهيكلي والتصحيح معروفة ويمكننا حصرها بمكونات رئيسة ثلاثة هي:
- إخضاع عملية الإنتاج والتوزيع والاستهلاك بصورة كاملة لقوى السوق.
- رفع جميع القيود عن المبادلات مع الخارج.
- التخصيص، أي نقل ملكية القطاع العام إلى القطاع الخاص.
يرى بعض الاقتصاديين أن تحقيق تنمية اقتصادية سليمة ومتواصلة يتطلب عدداً من الشروط منها:
ـ تحرير الأنشطة الاقتصادية والأسعار والتحول إلى اقتصاد السوق.
ـ زيادة فعالية تخصيص الموارد الاقتصادية واستخدامها الاستخدام الأمثل.
ـ تحقيق الاستقرار الاقتصادي. واستخدام أدوات غير مباشرة في التوجه نحو اقتصاد السوق.
ـ توفير إدارة اقتصادية فعالة للمشروعات، تحقق الكفاءة الاقتصادية. ( يرى البعض أن هذه الإدارة تتحقق عن طريق الخصخصة).
ـ فرض قيود متشددة على الميزانية، الأمر الذي يؤدي إلى توفير شروط الحوافز لتحسين الكفاءة الاقتصادية.
ـ إرساء إطار مؤسسي وقانوني لضمان حقوق الملكية.
ـ سيادة القانون ومنع التجاوزات.
ـ الشفافية وبخاصة في القواعد التنظيمية للتحول إلى اقتصاد السوق.
من السهل لأي بلد يقوم بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي أن يجد نفسه في حلقة مفرغة بعد القيام بالخطوات الأولى للإصلاح الاقتصادي والتي تخلق فرصاً للبحث عن الربح بالطرق غير المشروعة وللفساد أيضاً.
وبسرعة فائقة يرسخ أصحاب المصالح المكتسبة الذين استفادوا من هذه الفرص أنفسهم ويقاومون اتخاذ المزيد من خطوات الإصلاح، وبخاصة الدخول الحر للسوق، تعزيز المنافسة، العمل من اجل التحرير الكامل، إرساء سيادة القانون، فيظهر الاقتصاد السري الذي يقود إلى تقدم اقتصادي بطيء وانتكاس النمو وانهيار الاستقرار المالي.
الاستثمار وحدة لا يضمن النمو والانتعاش السريع لأي دولة، ولا يمكن إحداث النمو الاقتصادي السريع قسراً بزيادة الاستثمارات . فالاستثمارات اليوم تستغرق وقتاً حتى تنتج، ومن الطبيعي أن يتبع الزيادة في الاستثمارات زيادة في النمو ولكن بعد سنتين أو ثلاث سنوات على الأقل. ويمكن للنمو المبكر والسريع أن يحدث نتيجة مكاسب الكفاءة الناتجة من تطبيق الإصلاحات الاقتصادية المناسبة، التي تولد حوافز لدى أصحاب المشروعات لكي يزيدوا من إنتاجيتهم. طبعاً هذا لا يعني أن الاستثمار ليس مهماً، بل إن الاستثمار الجديد ضروري جداً في بعض القطاعات أو على مستوى الشركات، وبدون ذلك لا يتحقق النمو، وعندما يحدث الانتعاش يصبح من المهم توفير مستوى أعلى من الاستثمار حتى يتواصل النمو، فالاستثمار وحده لن يوفر النمو المتواصل ولكنه ضروري لتحقيق ذلك.
الشروط العامة لانطلاق التنمية العربية المتكاملة والمستقلة:
لقد أضحى من الضروري والهام جداً استبدال الأنماط التنموية المستوردة والتابعة السائدة في البلدان العربية حتى الآن بأنماط تنموية تكاملية محلياً وعربياً وإقليمياً ومستقلة خارجياً. وهذه المسألة، لم تكن أساساً مسألة نظام رأسمالي أو نظام اشتراكي، ليبرالي أو موجه، أو مسألة هذا الشكل أو ذاك من العلاقات الاقتصادية بين البلدان المعنية ذات البنى الاقتصادية المتشابهة (قيام أسواق مشتركة أو اتحادات جمركية…)، أو مسألة وفرة أو ندرة في المواد الطبيعية أو المالية…الخ، طبعاً هذا لا يعني أن هذه المسائل مجتمعة أو منفردة لم تؤدِ دوراً مهماً في إقلاع عملية التنمية الناجحة واحتضانها، إنما يعني فقط أنه لم يكن بإمكانها أن تؤدي أدوارها الإيجابية إلا ضمن شروط أخرى، هي التي مثلت إلى الآن الشروط العامة لانطلاق التنمية المتكاملة والمستقلة.
تتمثل الشروط العامة لانطلاق التنمية العربية المتكاملة والمستقلة في مجموعتين رئيسيتين من الشروط والعوامل متشابكتين. [4]
المجموعة الأولى: عوامل اقتصادية محضة تتلخص بضرورة:
- اعتماد أنماط إنتاجية واستهلاكية ذات مفاعيل تكاملية ذاتية في الإطار المحلي.
- العمل على خلق الظروف المناسبة لقيام توازن وتكامل بين التنمية الزراعية والتنمية الصناعية، وداخل الصناعة إطلاق تنمية متوازنة ومتكاملة بين مختلف مراحل العملية الصناعية (بين صناعة السلع الإنتاجية وصناعة السلع الاستهلاكية وما بينهما من صناعة للسلع الوسيطة)،
- يتم ذلك في إطار من الاعتماد الوطني المتزايد على النفس وخصوصاً في ما يتعلق بالتقنيات المستخدمة ومصادر التمويل.
- هذا النمط من التنمية لا يعني الانغلاق أو العزلة عن الخارج وإنما يعني جعل العلاقات الاقتصادية مع الخارج تعمل في خدمة الاقتصاد الوطني وتنميته وليس العكس.
المجموعة الثانية: سياسية - اجتماعية تتلخص بوجود:
- إرادة سياسية قادرة على إطلاق عجلة التنمية ذاتية الحركة ورعايتها وحمايتها،
- وجود سلطة سياسية ونخب قيادية في المجتمع ترتبط عضوياً بمصالح شعوبها وتطلعاتها ويتجسد هذا الارتباط بالأمور التالية:
1 - إلغاء الفروقات في توزيع الدخل والثروة أو إبقائها في حدود معقولة والدنيا.
2 - اعتماد أنماط استهلاكية تتناسب وإمكانات البلاد الإنتاجية الذاتية.
3 - إعادة تدوير الفائض الاقتصادي في الاقتصاد الوطني ووقف هروبه إلى الخارج أو تقليص ذلك إلى الحدود الدنيا.
ويمكننا هنا تقديم بعض التوصيات:
ـ عدم تأجيل الإصلاحات الاقتصادية لأن تأجيلها يمكن بالفعل أن يؤجل المعاناة، ولكنه يؤجل الانتعاش المتواصل والتقدم أيضاً، ويزيد من مخاطر انتكاس النمو.
ـ لا يوجد طريق ملكي للإصلاح يمكن تطبيقه في كل الاقتصادات ولا يستطيع أي مكون من مكونات الإصلاح بمفرده أن يحدد الطريق . لكل مكونات برنامج الإصلاح تأثير وعلاقة إيجابية بالنمو ولكن ليس لأي منها تأثير طاغ يحدد الطريق . ومن الضروري تنفيذ كل مكونات الإصلاح، لان النمو يأتي نتيجة جهود كبيرة جداً يبذلها عدد كبير من الناس يقومون بالأعمال الصحيحة على مدى زمني طويل.
ـ ضرورة التطوير المؤسسي لإنشاء إطار قانوني يلعب دوراً مهماً في عملية الإصلاح، وهذا يعني سيادة القانون، الانضباط، ضمان حقوق الملكية، والتي بدونها لن تسفر الإصلاحات الأخرى عن فوائد كبيرة. [5]
ـ ضرورة توفر الإرادة السياسية في تنفيذ برنامج الإصلاح لأنها العامل الحاسم في تنفيذه.
عملية التنمية عملية تاريخية ودينامية، تفرض التغيير على كل عناصر المجتمع، وتقييم عملية تقدم التنمية في أي دولة، مهمة معقدة في جميع المجالات، وبخاصة في مجال التنمية الاقتصادية. لكن زيادة الإنتاج وتحسين نوعيته وزيادة الإنتاجية بعد موضوعاً مفيداً موحداً للتقييم. ذلك لأن صناع السياسة الاقتصادية يلقون أهمية كبيرة على نمو الإنتاج والناتج وتأثيره المباشر على رفاهية الجميع.
الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
[email protected]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - محمد خالد، حول تقرير للبنك الدولي عن آفاق النمو في الدول النامية والاقتصادات العربية، جريدة الحياة، العدد: 13782، الصفحة: 13.
[2] - المصدر السابق.
[3] - نجيب عيسى، التحديات الاقتصادية للتسوية، مجلة أبعاد، العدد الرابع: كانون الأول/ ديسمبر 1995 (ص 136 - 146)
[4] - نجيب عيسى، السابق.
[5] - مجلة التمويل والتنمية، العدد الصادر في حزيران 1999 ص 15 .