طارق قديس
الحوار المتمدن-العدد: 2277 - 2008 / 5 / 10 - 08:02
المحور:
الادب والفن
من منا لا يذكر قول المتنبي المشهور عن الكتاب، إذ قال : (وخير جليسٍ في الزمان كتاب) !
لا أعتقد أن أحداً لم يسمع بتلك المقولة ، فتلك الكلمات قد غدت مثلاً لا يُنسى ، ولا يقارع ، ولعلها إن دلت على شيء فإنها تدل على أهمية الكتاب في العصور السابقة، أيام الأمويين والعباسيين ومن شاكلهم.
ولعل من أهم الحوادث التي دوَّنها لنا التاريخ العربي وتتعلق بالكتاب ودوره في حياة المثقفين هما حادثتي حرق أبي حيان التوحيدي لكتبه من شدة اليأس، وموت الجاحظ المفاجئ تحت وطأة كتبه بعد أن وقعت عليه مكتبته في حادث عرضي.
إلا أن أهمية الكتاب مع مرور العصور قد تغيرت، بحيث قد تنازل الكتاب عن هيلمانه للإنترنت ، مكتفياً ببقائه على الرفوف في المكتبات كجزء من التاريخ ليس إلا. فالأوراق لم تعد شيئاً مهماً في حياة الشعوب بعد أن ضربت العولمة شباكها في كل مكان، وأصبحت الأوراق جزءاً من عهدٍ قديم لا يرغب ابن القرن الحادي والعشرين الانتماء إليه.
فمن اليوم يقرأ الكتاب؟ كبار السن؟ تلاميذ المدارس؟ طلبة أستاذ جامعي مسن؟
إن العدد والشرائح تتضاءل يوماً بعد يوم لصالح عالم الحاسوب. هذه هي الحقيقة.
ولعله من المضحك المبكي هو ما شاهدته منذ مدة على إحدى القنوات الفضائية بخصوص الكتاب، وهو ريبورتاج ساخر يتعرض لفوائد الكتاب المتعددة، بحيث يمكن لأي إنسان طبيعي أن يقتنصها بسهولة، وتتلخص الفوائد بأنه:
يمكن استخدام الكتاب كمروحة للشواء في فصل الصيف، أو للحصول على الهواء عند اشتداد الحر.
يمكن استخدام الكتاب كمضرب لقتل الذباب، في حال عدم وجود مضرب خاص لذلك.
يمكن استخدام الكتاب كسلم والوقوف عليه للحصول على شيء من مكان مرتفع.
يمكن استخدام ورق الكتاب كقرطاس للفول والحمص الحب.
يمكن استخدام الكتاب في غرفة الصالون كنوعٍ من أنواع الديكور والزينة.
يمكن تصفح الكتاب لمن يشعر بالأرق فهو يساعد على النوم!
كما وأنه - وفي بعض الأحيان - يمكن استخدام الكتاب للقراءة من أجل الاستفادة والتحصيل العلمي ، وهذا على ذمة بعض العلماء والباحثين!
فهل بقي لنا بعد ذلك أن نقول بأن الكتاب هو خير جليس في الزمان؟
#طارق_قديس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟