مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 04:30
المحور:
الادب والفن
بالأمس و نحن ساهرين تحت شرف أحد البيوت في حينا المتواضع على الدوام ، فاجأنا قدوم صديق افتقدنه منذ مدة لابأس بها ، صديقنا من العمال المغاربة المقيمين بالخارج ، يقوم بزيارة قصيرة إلى الأهل و الأحباب مستغلا عطلة الأسبوع المقدس ، بعد السلام و الكلام ألتقديمي الكلاسيكي الجميل ، أخرج الصديق علبة سجائر (مارلبورو ) الجميلة الشكل ، عرض علينا أخد سيجارة فلم نرد عرضه هذا و سرعان ما عادت إليه العلبة فارغة ، و كانت هذه الليلة الوحيدة منذ مطلع العام الجديد التي تفتقد إلى عبارة ( كيفني ) هذه العبارة التي تتداول في سهرتنا عدة مرات ، فالسيجارة الوحيدة تدور بيننا جميعا لتكون في الأخير سيجارة الجماعة ، و ما إن تصل إلى شفتي أحد منا لبد أن يستنشقها بعجلة و قوة كبيرة لأنه مدرك تمام الإدراك أنه ربما قد لا تكمل دورتها المقبلة و بالتالي قد لا تعود إليه في المرة اللاحقة ، سيجارتنا شبيهة بالعدائين العالمين في سرعتها و دورانها لانرميها حتى نأتي على أخير مليمتر منها ، عندما نلج مطعما أو مقهى فاخر في مدينة ما من مدننا المغربية فأن أغلب رفاقي يشتد بهم العجب عندما يبصرون سيجارة مرمية لازال لها الكثير مما تقول ، فلا يسعهم سوى التلفظ بعبارات من مثل ( الخير شايط ) كناية عن بقاء نصف السيجارة أو أكثر ، مرة قال لي أحد الزملاء( أنا لا أحب السيغار، لا لشيء سوى لأنه غالي و لا حول و لا قوة لي عليه ) ، زميلي ربما لا يعرف انه حتى السيغار الغالي فهناك من يرميه دون بلوغ النصف منه ، هناك من له من الحول و القوة و المال ما يخول له العبث بعلبة كاملة من السيغار في سبيل الظهور بمنظر جميل في مناسبات عديدة لا يحضرها سوى الأعيان من الناس كما يحبون وصف ذواتهم ، و يصبح السيغار رمز الجلال و العظمة و الرفعة و التي للأسف غالبا ما تكون مزيفة ، نحن لا نحضر مثل هذه المناسبات لأننا لا نتوفر على سيغار أو بالأحرى مستوى السيغار ، قد نحضرها عندما نبلغ مستوى السيغار ، و قد لا نحضرها رغم ذلك لأننا في جميع الأحوال سنظل أوفياء لعبارتنا الخالدة ( كيفني ).
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟