أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رشيد - محمد صبري أجندة لذهالة الوجوه














المزيد.....

محمد صبري أجندة لذهالة الوجوه


علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 705 - 2004 / 1 / 6 - 05:01
المحور: الادب والفن
    


ربما تحيلني الكتابة عن الفنان التشكيلي العراقي الراحل محمد صبري (1954-2002) كنوع من الوفاء لفنان عاش ثنائية اللون واللوعة ، ثنائية المدينة وعنفها ، ثنائية التذكر والنسيان ،المواجهة والصمت ثنائية المبدع واللاجدوى . فنان حاول جاهدا أن ينزع عنه أثقال سنين عجاف . يطارده الحنين إلى زمن الألفة ، الأصدقاء ، التجريب ، الحوارات ،  الحنين إلى المقهى (مقهى حسن عجمي) وأكتظاظها بروادها من أدباء وفنانين وصعاليك ،
إلى جماعة الأربعة (جماعة فنية تشكيلية تأسست بداية الثمانينيات وكانت تضم بالاضافة إلى محمد صبري ، كل من حسن عبود وفاخر محمد وعاصم عبد الأمير ) .
 الحنين إلى كل مايؤنس وحشته بعدما تشتت الحلم والوطن والذاكرة والأصدقاء ، واستكان إلى عالم لم يعد يحتمل حركته  ، ولا موهبته وتشوقه إلى جدلية الفعل وانبهار الأكتشاف وقيمة الخطاب .
كثيرا ماتذكرني أعمال الفنان محمد صبري بالواقع الذي طالما أدرجه في مخيلة المتلقي ، واقع يستنفذ شرط الأنسنة بل يعيد اللوعة ويفهرس العذابات ويكشف حساب المهانة ، كي يورد أبصارنا لهيب الأسئلة ، ويحرض أستكانة المتلقي  ، إنه فن أبناء الغرف الداكنة في الشوارع الخلفية بكل جحيم المشهد المسربل بالفجيعة  ، إنه فن الأنين الخفي النازف من هذيان الفقر والسلطة والحصار .
 ورغم كمّ الوجع الذي تحتويه أعمال الفنان لكنها لم تتخلّ عن شرطها الأبداعي بأن تكون
 تجانسا لونيا معبرا يثبت قدرة الفنان على إدهاش المتلقي ، وبمعالجة احترافية واعية لمساقط الظل والضوء والتي كثيرا ماتتجسد كقيمة من شرط العمل في الأعمال التي تمتلك رؤيا تشخيصية ( يعتبر محمد صبري من الفنانين الذين يمتلكون خصوصية عالية في تقنية العمل الأكاديمي أو الدراسي وبقدرة لونية تعزفها أنامله المحترفة في تدجين تكنلوجيا اللون ) ولذلك كان محمد صبري عاشقا أزليا لرسم الموديل أو الطبيعة حين كان يدرس أو يدرّس في أكاديمية الفنون الجميلة – بغداد. لوحة محمد صبري فعل مشهدي يحقق صدمته وبمهارة ابداعية عالية تكثف شرط المعالجة مستعينا بمهارته الأكاديمية وبتناص إلى موروث ينضج فعل العمل والرمز المكتنز بالدلالة .
يجزيء محمد صبري مساحة العمل إلى أجزاء داخل اللوحة وينفذ وجوها محفورة في تركيب لوني أبيض أشبه مايكون بكتاب تتلاحق حركة أوراقه كأجندة لذهالة الوجوه ، أو يرسم شخوصا ، كثيرا ماتتراءى بضبابية وكأنها تنحو برمزيتها نحو أفق مغاير لأفقها اليومي .
جاء موت محمد صبري المبكر ليترجم أكتمال الثنائيات ، وهاهي ثنائية الحياة والموت تنسج آخر خيوط الدائرة ، وربما أراد محمد بموته أن يعلن أحتجاجا آخر بعدما ضاق فضاء اللوحة عن أن يحتمل كلّ هواجس شخوصه المثقلة بالحزن و الأدانة . جاء موته ليدين كلّ تنابلة الغفلة ومروضي الضمائر ، وربما أنقاد محمد صبري لموته تنفيذا لنبوءة تلبستها أحدى لوحاته والتي عنونها (موت شاعر) .
هل مصادفة أم إنها قيم شائعة ألا أجد( وبعد مايقارب سنة على موته) في كل الصحف أو المجلات أو أرشيف الصفحات الألكترونية مايشير إلى موته إلا مقالتين لم تف محمدا حقه
وألا أجد أي صورة لأعماله حتى عند الصديق الفنان حسن عبود والذي تربطه بالراحل صداقة لمرحلة وجيل وجماعة (الأربعة ) وحتى محاولتي في مراسلة الأصدقاء  داخل الوطن للحصول على بعض الصور والمقالات عن محمد صبري وجماعة الأربعة لم تفلح .
ولذلك جاءت هاتان الصورتان الوحيدتان والتي حصلت عليهما بالصدفة داكنتين , ، والدكنة هنا ربما تناص لدكنة بشرة محمد صبري ولموته الأكثر دكنة ولصمتنا الداكن أبدا .
 مات وحيدا بمستشفى بعمّان بمرض السرطان المفاجيء بعد خروجه من العراق بفترة قصيرة حالما بالوصول إلى شطآن أمان وجنات عدن بعدما تحول الوطن إلى خراب أبدي . هكذا استشرى خبر موته ... محمد صبري الفنان الأسمر الذي ألتهمه المرض والحزن ليتبدّد وإلى الأبد في رحلة لم تكمل بحثها الفتي بعد ، ربما كانت نظراته لحظة الأحتضار تتفحص مكائد المكان وغفلة العالم ( الضجيج ) عن الوجوه والأجساد (عوالم لوحاته) وعن عذاباته هو، وموته إنه ( موت شاعر )...عفوا ياصديقي موت فنان .



#علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسني أبو المعالي ترنم يكسر حدة الأشكال
- جان دمو والصائغ حياة باسلة ... أم بسالة التزويق وتبييض السوا ...
- الحوار المتمدن ... قدسية المفردة ونصاعة البوح
- الى جان دمو في زمن الفجيعة
- أي زمن رديء هذا ...
- العهر الأخلاقي والثقافي 6
- العهر الأخلاقي والثقافي 5
- سلاما لسعدي يوسف وهو يستعير صوت العراق
- العراق الذي نريد
- العهر الأخلاقي والثقافي 4
- الليل بلاغة عمياء
- العهر الأخلاقي والثقافي 3
- هل هو طهر حقا ؟
- العهر الأخلاقي والثقافي 2
- الذي نام على عشبه - إلى الصديق حمزة الحسن وهو يترقّب حرائق أ ...
- خرق
- رفضي للحروب
- توضيح حول مقال بأسم علي رشيد
- تفاصيل الذاكرة
- عواء البنادق


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رشيد - محمد صبري أجندة لذهالة الوجوه