أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - وطن العصافيرالمحبطة - قصة قصيرة














المزيد.....

وطن العصافيرالمحبطة - قصة قصيرة


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 705 - 2004 / 1 / 6 - 04:49
المحور: الادب والفن
    


" كل إنسان تعجزون عن تعليمه الطيران
علموه على الأقل أن يسرع بالسقوط."
فريديريك نيتشه،
هكذا تكلم زرادشت
(الترجمة العربية) ص.239

زحف بكرسيه المتحرك على سطح العمارة صوب الطفل الذي يرقب أسراب العصافير المتزحلقة على زرقة السماء ثم ربت بكفه الباردة على دفء الذراع الصغيرة هامسا :
- تذكرني كثيرا بأخيك عباس...
تنهد الصغير، ثم :
- أكان يعشق العصافير أيضا ؟
- حتى الجنون ...
صمت الرجل المقعد قليلا ثم أضاف :
- كان يقضي معظم أوقاته في مكانك هذا، وحيدا، يرقب صفاء السماء ويتابع رقص العصافير وهي تعلو وتبتعد...
وحين لاحظ إصغاء الطفل، استرسل :
"كان مغرما حد الهوس بالعصافير، سألني مرة عن لغة تواصلها، فقلت أنــــــها تغــــــــني وتزقــــــزق، وكــــم أعـ – جـ - بتـ - ـه الـ - فكرة ! فقد صرخ :
- كم هو رائع، ياأبي، الغناء عوض الكلام  !...
ثم بحماس زائد :
- والغذاء ؟ !
أجبته بأن العصافير لا تعرف مشاكل غذاء : هي تقتات في أي وقت شاءت ومن أي حقل في الدنيا لأن العالم يصبح أصغر وفي المتناول، ولذلك فهي تختار أماكن إقامتها، ومنها ما يختار الحياة فقط في الفصول الجميلة مهاجرا من شمال الدنيا إلى جنوبها بحثا عن الشمس والغذاء…
لكن عباس فاجأني ذات مرة :
- هل يمكنني أن أطير، يا أبي ؟
نـفيت.
        - الأجداد فوتوا علينا فرصة الطيران.
 لكنه  كان يحتج بانفعال بالغ :
- مالي والأجداد، ياأبي ؟ أنا أسأل عن نفسي …
وأضطر لأعقلن الأمر :
-  كان على الأجداد أن يجربوا الطيران من أول الزمان حتى يكتسبوا أجنحة وينقلوا لنا قدرتهم على التحليق ولكنهم لم يفعلوا. ولذلك نحن الآن على الأرض، بلا أجنحة.
- سألصق ريشا  على ذراعي وأطير ...
أجبته بأن الأجنحة لا تلصق. الأجنحة، مثل ملامح الوجه،  تورث.
- أنا لن أبقى مسمرا هنا، أنا أريد أن أطير...
- لن تطير...
- سأطير…
لقد جربت قبله ما كان  هو بصدد التفكير فيه. أنا أيضا  كنت طفلا مثله وحاولت الطيران من حافة هذا السطح غير مبال بحشد الجيران في الشارع تحتي، ممسكين بالملاءات من أطرفها وهم يناشدونني ألا أنتحر :
- ما تنتحرش، راه ما عندك لا دنيا ولا آخرة  !...
- ما غاديش انتحر، أنا غادي انطير ! ...
- وراه ما عندك لا دنيا ولا آخرة ! ...
لكنني ارتميت من حيث تقف أنت الآن.  إنما عوض أن أطير، سقطت عليهم بقوة حتى تمزقت الملاءات التي كانوا ينشرونها لي فارتطمت بصلابة الأرض وتكسرت ساقاي. والنتيجة أمامك : أنا لا أطير، أنا أزحف... لكن عباس، أخاك، ازداد ولعا بحياة العصافير ونسلها وتغريدها إلى أن وجدت نفسي مرة أزحف بكرسي المتحرك لأطل على الشارع، أسفل العمارة، حيث احتشد الجيران لتضميد الجمجمة المشطورة للذي حاول الطيران، تهورا..."
سحب الأب المقعد كفه الباردة عن ذراع  الصغير لاستخلاص العبرة من التجربة. لكن الطفل سبقه، ووجهه دائما إلى الأفق البعيد :
- لا تخف، يا أبي، لن أفعل مثلك ولا مثل عباس...
ثم جازما :
- سأطير، يا أبي، وسأنجح في ذلك.

 



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة إطفاء موقع -الحوار المتمدن- شمعته الثانية: النجاح وم ...
- في انتظار الصباح
- الحياة بملامح مجرم
- دليل الكاتب الناشئ إلى عالم الكتابة والنشر والتوزيع في مجتمع ...
- حوار مع الباحث المغربي محمد سعيد الريحاني حول كتابه -الإسم ا ...
- بمناسبة صدور مجموعته القصصية» في انتظار الصباح « ،الكاتب محم ...
- نحو أغنية عربية تعددية
- الموقف من الوجود في الأغنية العربية
- التعبير الغنائي : من استظهار النص إلى التوحد به
- المبدع الحر والمشروع الغدوي
- الأغنية العربية المؤجلة
- الإحتلال الأنغلو- أمريكي للعراق: النفط أولا
- على هامش تفجيرات الدار البيضاء المغربية: من ثقافة الحياة الى ...


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - وطن العصافيرالمحبطة - قصة قصيرة