أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - الدموع المتجمدة














المزيد.....

الدموع المتجمدة


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 08:35
المحور: الادب والفن
    



حيوية الصباح
مع إشراقة كل يوم جديد يحمل العربي حقيبته الكبيرة ، يتأبط مستقبله بكل قوة وإصرار ، ويمضي بعيدا إلى مكان ليبيع سلعا يجلبها من درب عمر.
اليوم سيذهب إلى سوق القريعة حيث يجد هناك أصحاب وأحباب من كل صوب وحدب ليعرضوا سلعهم المختلفة ....
هنا الكل يمارس الإشهار بطريقته الخاصة موظفا فيه كل اللغات المعروفة، والقوافي المتعددة ،هنا سوق عكاظ آخر في فن وفتن البلاغة والخطابة سعيا لجذب الزبون المتردد والذي اعتاد هذا المنظر كل لحظة وحين ، ومحاولة دفعه لشراء سلعة ما ولو بربح ضئيل .
هنا تعيش آلاف الأسر عبر شغل معيلها الوحيد: هذا يبيع خضرا، وعجوز تعرض خبزا أعدته في منزله، بينما آخر يخاطب أصحاب الفكر بكتب حمراء وصفراء وبأثمنة مناسبة ،أما صاحب اللحية فيصر على أن أدويته وصكوكه المعدة بإتقان شفاء لما في الصدور وحماية من الذهاب المبكر للقبور ..،البعض يمارس لعبة الحظ المعروفة، وآخرون حولوا أمكنتهم إلى مطاعم رخيصة، أما علي فيبيع موادا للعطور والزينة وبعض الحلي الرخيصة.........وهكذا تستمر الحياة بلا ضفاف محددة .
السوق يتسع للجميع من القوي إلى الضعيف، من تسول الشيخ، إلى مسح الأحذية من الصغار وتوسلات المعاقين حقيقة أو افتراضا....إلى مقرات أصحاب الحال دون أن ننسى أنه منطقة نفوذ خاصة للمجانين ومختلسي الجيوب ...و.السماسرة...والعقلاء وكبار التجار أيضا.
لوحات الزوال
في منتصف النهار، يرتفع الإيقاع شيئا ما، يكثر الرواد، ويزداد الازدحام ازدحاما ، ضغط الجوع يسرع بالناس مهرولين لمنازلهم .
البعض يتوقف هنا قبل الذهاب لمنزله:هذا يشتري فواكه، والآخر يأخذ غذاءه جاهزا في أوراق خاصة ، وأصحاب الحال يأخذون حصتهم المعروفة عرفيا إما نقدا أو عينا ...يضعون الحصيلة اليومية تحت قبعاتهم المعروفة وينصرفوا ليوصلوا جزءا من الغنيمة إلى رؤسائهم في المكاتب المكيفة.
في لحظة خاصة، تتوقف الحركة نسبيا ، يعمد علي لحقيبته ، يأخذ غذاءه المطهي من المنزل ، يلتهمه بسرعة تحت ظل شجرة هناك، ويشرب ماء من قنينة بلاستيكية ترافقه دوما في الحقيبة، يعكف لاستراحة نسبية في نوم عابر موصيا زميله بالانتباه للسلع التي بقيت وحيدة دون ازدحام .

هرولة المساء
ومع المغيب، يسدل الستار على السوق اليومي ،البعض يغادر مبكرا خشية السقوط في فخ رياضيي الأصابع ، والبعض الآخر يتأخر لعله يضيف قليلا إلى الدريهمات اليومية.
بعد استنفاذ السلع يعكف علي على عد القطع النقدية المتراكمة في جيوبه المختلفة، لكن وبفطنة خاصة يتوقف عن الأمر يجمع الكل في علبة بلاستيكية سوداء مرجئا الأمر إلى المنزل حيث يستمتع بعد الحصيلة رفقة زوجته المجازة في علوم الرياضيات.
في الطريق إلى الباص، وقبل أن يغادر السوق يتعرض له ثلاثة شبان ،إثنان قيدا حركتاه ومنعاه من الصراخ ، والثالث ذهب مباشرة للقصيد وانتشل الوعاء البلاستيكي من الجيب الأيمن ، بحث في الجيوب العلوية من ملابسه، لكن لا شيء إلا البطاقة الوطنية وورقة عليها أرقام هواتف معينة ،علق أحدهم :هل نسرق منه حتى هويته ؟؟؟؟
أجابه الآخر :وبماذا ستنفعنا إن لم تنفعه الآن لحمايته منا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .
لم يقدر على الحركة، فقد وضعوا سكينا أمام رقبته ومنعوه من الصراخ ،البعض يمر أمامه دون التدخل في الأمر، كما أن رهبة المفاجأة أفقدته قوته المعروفة، وشلت قدرته على الحركة ، لكن شجاعة طارئة جعلته يقول لهم بصوت غائر
+ أرجوكم ثمن الطاكسي لأصل منزلي .
رفض الأول، لكن الثاني أمر الثالث بمنحه خمسة دراهم قائلا لأصحابه:
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء .

أحزان الليل
يدخل الغرفة التي يكتريها مع عائلته الصغيرة وسط شقة يتقاسمها مع ثلاث أسر أخرى في الطابق الخامس من عمارة يطلقون عليها عمارة بويا عمر .....
استقبله الصغار بابا..بابا..
حاول الابتسامة لهم كما اعتاد لكنه لم يقدر.....
حاول البكاء فلم يقدر أيضا، ولم يحتمل أمام الأبناء
يقي صامتا وسط الأطفال الذين كانوا يصيحون: بابا أين دراجتي؟؟؟؟
بابا ..أين .................أين ...؟
حاولت الزوجة معرفة سر الأمر ..لكن بكاء الرجال دوما ذا ملوحة خاصة ورسائل معينة لا يخطئها حدس القلب الجريح.
حاول البكاء من جديد لكن تجمدت المقل، فتوقف النزيف ....................



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممنوع من الكتابة
- تراجيديا الواقع في *ورثة الانتظار * لعبد النور إدريس
- العنف ضد المرأة أشكال وأنواع
- عتبات الطريق 4+كشف الدجال المسمى الحاج دحال
- قراءة في ديوان حتى يهدأ الغبار للشاعر المغربي يونس بن ماجن
- 3+الأزبال
- إصدار جديد للناقد المغربي حسن المودن
- قراءة في ديوان أطياف مائية للشاعر أحمد زنيبر
- رحلة منتصف الليل
- عتبات الطريق
- فرار للمجهول
- حوار صحفي مع رئيس وكالة البحر الأبيض المتوسط للتعاون الدولي ...
- هروب
- الفريق
- رسالة مفتوحة إلي السيد :النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطن ...
- دعاء
- حفريات الذاكرة من خلال رواية *رجال وكلاب *للروائي مصطفى الغت ...
- يا بحريي هيلا هيلا
- الانتخابات المغربية: دروس وعبر
- الأمن والمواطنة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - الدموع المتجمدة