|
بشتاشان الجريمة المغيبة
هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)
الحوار المتمدن-العدد: 2268 - 2008 / 5 / 1 - 11:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس من غرائب الامور أن تغيّب جريمة بشعة عن الضمير الانساني في تلك الظروف الحرجة التي يمّر بها الوطن العراق ، خاصة وان مرتكبي هذه الجريمة على رأس السلطة في العراق الجديد ! تلك السلطة التي بنيت على نظام المحاصصة الطائفية المقيتة والتي اوصلت العراق ارضاً وشعباً الى الدرك الاسفل من النفق المظلم الذي لا أمل فيه ! ولعل جريمة بشتاشان التي ذهب ضحيتها العشرات من الانصار الشيوعيين الذين نذروا ارواحهم فداء للوطن لمقاومة الدكتاتورية المتمثلة بنظام صدام حسين وعلى مدى سنوات طوال وكان هؤلاء الفتية المناضلون قد صدقوا بحزبهم وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في الجبهة التي أبرمت بينهما وكان هدفها مقارعة الدكتاتورية من جبال وقرى كردستان !
كانت قرية بشتاشان التي تقع على سفح جبل قنديل في ذلك الشريط الحدودي ما بين العراق وايران خالية من سكانها الاصليين وقد أتخذ الحزب الشيوعي العراقي مقراً لقيادته المركزية في بشتاشان وكان مقراً خلفياً للاعلام والمستشفى والمكتب السياسي للحزب ، وقطنت هذا الموقع الكثير من العوائل والمرضى وكبار السن الى جانبهم أؤلئك الانصار الذين ناصروا الحزب في الضراء والسراء ، لقد ناضل هؤلاء الفتية من أجل العراق وشعبه وآمنوا بالقضية الكردية وحملوا السلاح في وجه النظام ، لكن الثعالب التي تقفز على الموائد الدسمة في كل وقت وفي كل مرحلة كانت لهم في المرصاد ، بينما كانوا يحتمون بهم فقد عقدت اتفاقات برغماتية في العاصمة بغداد مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطلباني ، وقد دفع له النظام في بداية عقد الثمانينيات من القرن المنصرم الاموال والاسلحة مقابل الخلاص من هؤلاء الانصار الذين نذروا ارواحهم لخدمة العراق ، فما كان من الطلباني إلا أن يجهز عليهم في الاول من آيار من عام 1983 ويرتكب جريمته البشعة مقابل المبالغ والاسلحة التي دفعها النظام الصدامي الى حزب الطلباني ! لقد تم أعدام الانصار بطريقة لا تختلف على الاطلاق عن طرق الاعدامات التي كان ينفذها نظام صدام في معارضيه الامر الذي جعل من أرض العراق عبارة عن مقابر جماعية مازلنا حتى يومنا هذا نعثر عليها الواحدة بعد الاخرى ، وهكذا جعل الطلبانيون بشتاشان مقبرة جماعية كبيرة لكنها لم تأخذ طريقها لفضح الجناة القتلة !
لقد سكت الحزب الشيوعي العراقي عن تلك المجزرة التي ذهب ضحيتها المئات من انصار الحزب ! كما وسكتت غالبية الاحزاب العراقية والمنظمات والجمعيات التي تدافع عن حقوق الانسان وتغيبه بمثل هذه الطرق البشعة للجريمة وأرتكابها غدراً ! وفي بشتاشان دفنت تلك الاشلاء والجثث البريئة المناضلة التي غدر فيها في مثل هذا اليوم الذي يصادف فيه عيد العمال العالمي ، لكن المؤلم في الامر حقاً وبعد مضي أكثر من عقدين من الزمان على تلك الجريمة المؤلمة التي يحاول جاهداً حزب جلال الطلباني محوها من ذاكرة الناس بشتى الطرق ، إلا أنها في كل عام يمّر تتعالى اصوات الشرفاء في العراق لفضح مثل تلك الجرائم والتي لم ينوه لها منذ خمسة اعوام مضت على سقوط الدكتاتورية في العراق اي حزب عراقي داخل او خارج العملية السياسية المحاصصية ، وبينما ينادي احرار العراق بكشف كل الجرائم وكل القتلة الذين اقترفوها وبدلاً من تقديمهم للمحاكمة فقد تم تكريمهم بطريقة اكثر من مخجلة ، لا بل الأدهى من ذلك يقف جلال الطلباني منذ سنتين على هرم السلطة في العراق وكان من الاجدر بالبرلمان العراقي والاحزاب في العراق ان تقدمه للمحاكمة اسوة بالجرائم التي اقترفها صدام حسين ورفاقه الذين نالوا جزائهم العادل لمِا اقترفوه !
قد يكون الطلباني الذي يختبأ بعباءة الائتلاف العراقي الذي نصبته المحاصصة كرئيس للعراق في هذه الظروف البائسة ، إلا أن عجلة الزمن تتقدم يوماً بعد آخر حتى تصل السلطة الى الشعب الذي سوف ينال قصاصه العادل من كل القتلة والمجرمين الذين قتلوا الابرياء ومثلوا بجثثهم ولم يكلفوا انفسهم ليضعوا الشواهد على قبور الابرياء حتى تتوارى جرائهم ، لكن حساباتهم كانت خاطئة ، فدماء الابرياء لا يمكن باي حال من الاحوال ان تذهب سدى .
أن جريمة بشتاشان التي غيبت ومازال يصر مرتكبوها على طمرها وأخفاء شواهدها ، هي في الحقيقة في ضمير كل عراقي شريف لا يقبل بالظلم والطغيان ، ولعل مثل هذه الجريمة تعتبر واحدة من الجرائم المروعة بحق الانسانية فما علينا إلا أن نحيي ذكرى أؤلئك الشهداء الذين غيبوا بتلك الطرق الوحشية حتى يأتي اليوم لينال مرتكبوها عقابهم العادل ليكونوا عبرة لمن تسول لهم انفسهم قتل الانسان بغير حق يذكر !!!!
#هادي_الحسيني (هاشتاغ)
Hadi_-_Alhussaini#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع الشاعر نبيل ياسين
-
حوار مع الشاعر العراقي حميد قاسم
-
فيزياء مسعود البرزاني
-
حوار مع الشاعر العراقي شاكر لعيبي
-
حرامية العراق
-
الزعيم
-
موازنة 2008
-
الرآية المعضلة
-
كيمياء جلال الطلباني
-
عام أسوء من عام !
-
تحالفات مشبوهة
-
قلب عبد الستار ناصر
-
السياب في ذكراه ال 43
-
ثعالب النار
-
رياض ابراهيم وانتفاضة عصفور طيب
-
وداعاً راسم الجميلي
-
سركون بولص ، ايها الشاعر الفذ
-
حوار مع الشاعر العراقي سركون بولص
-
قضية رأي عام
-
تركيا ، الطريق سالكة !
المزيد.....
-
إعلان وصول الرهائن السبعة المفرج عنهم من خان يونس إلى إسرائي
...
-
إصابة شاب برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين واقتحامات غربي
...
-
ترامب يطرح سؤالا على برج مراقبة مطار ريغان
-
سماعات ذكية لمراقبة صحة القلب
-
جهاز للمساعدة في تحسين النوم والتغلب على الأرق
-
ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة لملايين الفلسطينيين؟
...
-
كيف يفكر دونالد ترامب في إعادة إعمار غزة؟
-
الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات -رافال- الفرنسية في صفقة
...
-
ميركل تنتقد زعيم حزبها بسبب تمرير خطة اللجوء بأصوات -البديل-
...
-
الجيش الإسرائيلي يغتال أسيرا محررا في نابلس (صورة)
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|