أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - علبة الكبريت














المزيد.....

علبة الكبريت


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2267 - 2008 / 4 / 30 - 08:59
المحور: الادب والفن
    


كانت زوجته ذات مزاج حادّ للغاية، لا يُعْجِبُها العجب ولا الصيام في رجب!
عندما قدّم لها قبل يومين هديّة بمناسبة الابتسامة التي رسمتها على تقاطيع وجهها، قالت بأنّها تفضّل الحلوى بالبندق. وكان هو على ثقة تامّة بأنّها تكره حتّى رائحة البندق. صمت الرجل الخجول وفضّل النوم ساعات قبل أن يذهب للعمل بعد ظهر ذلك اليوم. أجبرته على الإستيقاظ من النوم بعد نصف ساعة وصاحت بأنّ الذبابة قد تسلّطت عليها وأخذت تلاحقها من زاوية الى أخرى. قال على مضض: أين الذبابة؟
فأجابت بأنّها رحلت حين أدركت بأنّ رجل البيت قد استيقظ.
لبس ملابسه وطلب منها فنجان قهوة. قالت بدلال: حاضر يا حبيبي. ومضت تعمل القهوة، أراد أن يشعل سيجارته فلم يجد عود ثقاب أو قدّاحة. طلب منها إحداهما فقالت بأنّ القدّاحة لا تعمل والثقاب قد نفذ.
اعتذر عن شرب القهوة معها. كان من المستحيل عليه أن يشرب القهوة دون سيجارة، مضى على عجل يشتري علبة كِبْريت.
قابل صديقه في المقهى القريب وجلس وإيّاه لشرب القهوة، أشعل له صديقه السيجارة فسأله قائلاً:
- الى أين أنت ذاهب؟
- الى الميناء أبحث عن عمل.
- لكنّه يبعد عن المدينة ما يقارب أل 500 كيلومتر.
- وما المانع .. هل ترغب بالحضور معي الى هناك. العمل أكيد يا صديقي، لقد اتّصلوا بي هاتفيّاً
- ولِمَ لا .. لكنّي لم أخطر زوجتي بذلك. على أيّة حال، هي فرصة لتغيير الجوّ والحصول على بعض المال. ولا أظنّها تعارض.

صَعِدَ الى الحافلة، أدرك بأنّ للهواء مذاق جميل خاصّة حين يكون مجبولاً مع الإحساس بالحريّة المفقودة على علاّقة السنين. مضت الحافلة تقطع المسافة بهدوء، نام في الكرسيّ المُريح، وبعد ساعات من السفر الطويل سمع صوت الرنّة المألوفة، كانت زوجته على الطرف الآخر للحريّة. قرأ على الشاشة الصغيرة (حسّونتي) وهو اللقب الذي كان ينادي به زوجته المدلّلة، فتح شبّاك الحافلة وقذف بجهاز الهاتف المحمول الى البعيد. طار طيفها الغاضب، وسرعان ما نام مجدّداً. حلم بها تصرخ بكلّ عنفوانها وصوتها المدوّي "لماذا قذفت بي من شبّاك الحافلة يا خائن". حمد الله كثيراً حين استيقظ من النوم ووجد نفسه وحيداً دونها. كانت الدنيا تغنّي وكانت الحياة تناديه مبشّرة

هبط من الحافلة وسمع صوت البواخر تصفر في الأفق القريب.
- يا له من صوتٍ جميل!
بدأ العمل على الفور على متن الباخرة. أعجب به القبطان فقد كان مخلصاً في عمله، عرض عليه العمل على ظهر الباخرة وكان اسمها (الدانوب الأزرق). وافق على الفور وسرعان ما غادرت الباخرة الميناء تبحث عن مرافئ أخرى. بقي صاحبنا يسافر من بلدٍ الى آخر. مضت سنون طويلة وهو على ذلك الحال. وفي يومٍ ما ظهر على شاشة هاتفه المحمول رقمٌ مجهول، فأجاب على الفور وقال
- آلو .. من هناك؟
- هل نسيتني يا زوجي الحبيب؟ كيف هان لكَ أن تهجرني طِوال هذه السنين. ألم تخبرني بأنّك ذاهبٌ لشراء علبة كِبريت؟
- نعم يا حسّونتي .. كانت المحلاّت مغلقة في تلك اللحظة، فقررت البحث عن علبة كبريتٍ في الجزء الآخر من الدنيا.
- وهل وجدت ضالّتك يا عزيزي؟
- بالطبع يا عزيزتي، فأنا رجل عنيد ومثابر. وجدت حسّونتي التي كنت أبحث عنها أيضاً.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شتاء الوطن
- مراكبي 3 - 4
- مراكبي المجتمعات المهزومة
- اغتصاب


المزيد.....




- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري
- -مقبولين، ضيوف تومليلين- فيلم وثائقي يحتفي بذاكرة التعايش في ...
- السينما العربية تحجز مكانا بارزا في مهرجان كان السينمائي الـ ...
- أسبوع السينما الفلسطينية.. الذاكرة في حرب الإبادة
- سينما: فرانتز فانون...الطبيب الذي عالج جراح الجزائر وناضل من ...
- -وئام وسلام-.. تحفة فنية فريدة في مطار البحرين الدولي (صور) ...
- آلام المسيح: ما الذي يجعل -أسبوع الآلام- لدى أقباط مصر مختلف ...
- طريقة تثبيت قناة زي ألوان الفضائية على نايل سات وعرب لمشاهدة ...
- الحساب الرسمي لدوري الهوكي الأمريكي يستبدل كلمة -الروس- في ت ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - علبة الكبريت