أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل الشيخة - من العم توم الى باراك اوباما






من العم توم الى باراك اوباما


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 08:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


نشؤ الرق وانهياره:
لاشيء يقف ثابتاً في هذا العالم ، بل كل مانرى أمامنا عالم متغير نشط يتسع ويرتقي. فمنذ أن نشرت الروائية بيتشر هاريت ستو روايتها (كوخ العم توم) والأمور تسير نحو تشكل نظام أكثر هيكلية يحتوي على مضامين انسانية راقية. وان لم تكن النخب العليا تبتغي ذلك.
نشرت رواية هاريت في منتصف القرن التاسع عشر واعجب بها الكثيرون ومنهم كان الرئيس الامريكي انذاك (إبراهام لنكلن) صاحب مشروع العتق وتحرير العبيد . وقد صُنَفت الرواية بأنها كلاسيكية ومازالت من الأعمال الامريكية الرائعة. وهذا لاينحصر بالعامل الروائي فقط بل يتعداه ليكوَن وثيقة تاريخية بالغة الأهمية اذ أنها تشهد في تفاصيلها انهيار نظام عمره لايقل عن خمس الالاف سنة أو يزيد. رغم أنه أرََخ له منذ أيام حامورابي. لكن ما إن تشكل حتى أصبح مؤسسة رسمية متداخلة بكل نشاطات الحياة والمجنمع . ولذلك لم تستطع أعتى الامبرطوريات في التاريخ التخلي عنه أو تركه رغم شكله النشاذ الظالم الغير إنساني ، وأضحى جزءاً من الحياة وقدراً قبلته جميع الاديان وشرعته ونظمته كجزء من قوام المجنمع القديم. وكما يخبرنا علم الانثروبلوجيا والتاريخ عن بداية الرق فإنه بدأ مع الحروب والنزاعات ، ولكن النزعات لوحدها لم تكن سبباً للرق بل كان على البشرية أن تتعدى مرحلة طويلة من التجمع والعمل في الأرض ، وتلك الأرض كانت السبب الأول في استرقاق البشر لبعضهم البعض وتحويل العمل البشري إلى سلعة بيد الأقوياء.
من قبل ذلك، عندما كانت البشرية تعتمد في معيشتها على مرحلة أدنى حيث أعتمدت في قوامها على الصيد وقطف الثمار المتواجدة على الاشجار كان كل مايقع في الأسر يقتل ويُأكل من قبل المنتصر . فما أن تنهزم مجموعة بشرية أمام مجموعة أخرى حتى تبدأ القوية بقتلهم جميعا وقد تبقي على النساء لغاية التناسل. وهذا أول أشكال التمازج بين البشر، واصبحت وجبة اللحوم البشرية من أفخر الوجبات على الاطلاق . وهذا ماجعل معظم الأديان الوثنية القديمة تقدم أضحياتها من البشر سواءً كان ذلك من النساء ام الرجال لمَ في ذلك من وجبة فاخرة للألهة التي كانت على هيئة بشرية أو مزيج بين البشرية والحيوانية وبسبب ذلك أقتضى على الخيال البشري أن يعتقد بأن هذه الآلهة بحاجة إلى الطعام والشراب مثل الانسان . ويخبرنا الباحث الشهير ول ديورنت بالتفاصيل في الجزء الأول من مؤلفه الضخم (قصة الحضارة) عن كيفية أكل البشر حتى نهاية القرن التاسع عشر حيث كانوا يربون النساء والاطفال كما نحن نربي الحيوانات لغاية ذبحها وبيعها ، وكان يروي لنا بالتفصيل عن تلك المناطق في غياهب أفريقيا. ومن تلك المرحلة اعتقد الإنسان أن الدم هو قوة الحياة وسرها، فكان يشرب هذا الدم بشكل دائم ليحصل على قوة العدو المهزوم . ومايدهش هو أن هذه العادة استمرت في مناطق كثيرة في افريقيا حتى في القرن العشرين من شرب الدم وربما هي عادة مازالت حتى الآن عند تلك القبائل البدائية بأن تثقب البقرة أو الثور بأبرة أو رمح ويشرب الدم مخلوطاً مع الحليب. وبينما زالت هذه العادات في المجتمعات الحديثة إلا أنها أخذت شكلا رمزيا لفظيا في التعامل مع العدو . فبعد أن ينشب نزاع عنيف بين اثنين يقول احدهم وقد نسمع هذا بشكل دائم في الأحياء الشعبية (والله لأشرب من دمه) وهي دلالة على العقيدة القديمة المستقرة في اللاوعي البشري بأن شرب دم العدو هو بمثابة أخذ كل قوته والقضاء عليه كلياً. ولذلك كلما بدأت مرحلة جديدة في التاريخ البشري نسخت ماقبلها لعدم نجاعتها واستبدلتها بعادات جديدة توافق المرحلة المٌعاشة. حيث يتم إلغاء العادات القديمة تحت مسميات التحريم الدينية وتتحول إلى تابوات يحاكم من يرتكبها . وهذه التابوات هي القيم التي خرجت منها مايسمى بالأخلاق ( راجع التابو والطوطم لفرويد) . وفي مراحل لاحقة استبدل اللحم البشري والاضحية للآلهة أو الإله بحيوان وشرب الدم بما يماثله في اللون مثل النبيذ الأحمر. وتم هذا عندما أصبح الانسان المغلوب له قيمة عملية في فلاحة الأرض والحصاد أي في انتاج الغذاء لغيره طبعاً. وبما أن الوجبات الفاخرة أصبحت الآن في الماشية التي يربيها أصبح الإله على هذه الهيئة أي يقبل الأضحية الحيوانية لأنه كان دائماً على هيئة البشر الذين يعبدونه في التاريخ القديم وله ذات الحاجات التي للبشر. وشكَل لحم الثور والكبش أفضل أنواع اللحوم، هذا إذا ادركنا اهميتهما في المراحل الطوطمية القديمة التي أخذت فيما بعد شكلاً ممزوجا من الهيئة بين البشر والحيوان للعبادة. حيث يكون الاله نصفه ثور والنصف الآخر بشر. وما أن استتبت عادة استرقاق العدو من كل العروق حتى أصبح هذا جزءاً لايتجزء من حياة اجتماعية متهيكلة على نظام الرق. وهذا ماأدى من نواحي أخرى إلى قتل كل من لايستطيع المنتصر استرقاقه حيث حصل هذا في بداية الاستيطان الاوروبي في امريكا. فقد قُتل اعداداً هائلة من الهنود الحمر لعدم المقدرة على استرقاقهم ونُوقش ذلك بالتفصيل في كتاب للكاتب (1)، واستمر هذا النظام لفاعليته إلى منتصف القرن التاسع عشر حين برزت الثورة الصناعية في اوروبا وخاصة بريطانيه فاستبدلت قوة الانسان العضلية بالآلة وبرزت المصانع في المدن وتحولت الحاجة من قوة عضلية في الأرض إلى قوة عضلية في المصانع ونتج عن ذلك كم هائل من القيم والاخلاقيات وقامت لها فلسفات عبرت عنها، ومن هذه الاخلاقيات تم ادراج قيم سياسية اصبحت مع الزمن من متطلبات الحياة الحديثة (ليبرالية، ديمقراطية، علمانية، حرية ، حقوق انسان،حقوق حيوان) . وهذه القيم التي نراها عادية وعادلة من حقوق الانسان وعدم استرقاقه كانت حالة سائدة لم تستطع الاديان جميعاً منعها أو ابطالها لما شكلته من عصب للحياة القديمة حيث كان مجرد منعه في تلك الفترة سينتج عنه انهيار تام للمجتمعات البشرية ونظام إنتاجها الغذائي، ولاننسى أن الرق كان شيء أخلاقي قديماً لاغبار عليه وتبريراته كانت جاهزة دائماً وهي أن الإله خلق البشر على مستويات من المكانة الاجتماعية.
وهنا ماان أعلنت بريطانيا عن ابطال عهد الرق حتى نحى العالم كله إلى هذا المنحى لما طرأ في نظام المجتمعات من حداثة مماثلة لحالة بريطانيا . ولأن التطور لم يكن متناسقا في كل الدول بقي الكثير منهم يعتمد على الرقيق كما كان من قبل واستمرت بعض الدول إلى الستينات من القرن الماضي مثل السعودية وحتى نهاية القرن العشرين في موريتانيا والسودان وهذا يبرهن أن المسألة الاخلاقية ليست إلا قيمة اجتماعية ظاهراً وإقتصادية في مضمونها وهي تبدو أرقى من الأولى في السمو وتخدم البشر في تسير امورهم أكثر من الانظمة القديمة بما فيها الاجتماعي والسياسي.
وهنا نعود إلى الروائية الامريكية بيتشر ستو التي عبَرت في روايتها عن واقع يغلي ويمور ليتمخض عنه قوام آخر مغاير في شكله وقيمه. فالرواية شاهد على انهدام كلي لنظام بشري حالك في الظلام والظلم استمرت به البشرية لبضعة الالاف من السنين.
وشهدت الولايات المتحدة في تلك الآونة هجرة الزنوج من الجنوب المعتمد على الزراعة إلى الشمال الصناعي وكان في معظمه هروب من الأسياد إلى الشمال . ثم قامت الحرب الأهلية وانقسمت الولايات المتحدة إلى مجموعة تريد إبقاء الرق لخدمة الأرض والعمل في مزارعها ومجموعة تريد تحريره والعمل في مصانعها الحديثة. ثم غلبت الفئة الأكثر قوة في أسلحتها وطرق إنتاجها. وتحرر العبيد من الرق لكن دون كسب أية حقوق مدنية تماثلهم مع البيض. واستبدلت القيم من الاسترقاق إلى عنصرية ضد عرق بكامله وانقسم المجتمع الامريكي إلى أسياد في المعنى اللفظي وإلى زنوج لهم أماكنهم الخاصة في العبادة والخدمات حيث كان هناك فصل واضح وتام مابين المجموعتين . وعبر السود عن معانتهم وسطَروها من خلال ادآبهم ، فكتب اليكس هيلي عن (الجذور) وكتب ريتشارد رايت (أبن البلد) وغيره الكثير ربما يُناقَش في سياق أخر.
- الحركات السوداء :
كما أن تلك الفترة التي كانت على أهبة الفناء والاندحار جلبت معها حركات عبرت عن واقع يتغير من مرحلة إلى أخرى وهذا ما اعطى دفعة لحركات السود كي تتفاعل مع هذا الوضع الجديد . فمنذ مطلع القرن العشرين وكرد فعل على المعاملة السيئة التي يعاني منها السود، قام ماركوس غارفي بإنشاء مايسمى "جمعية الزنوج العالمية" وقد ولد في جاميكا وهاجر إلى نيويورك عام 1916 وانصبت تعاليمه في قالب قومي حيث أخذ السود فيما بعد يقلدونها لأهميتها، وكان مضمونها الافتخار بكونهم سود ومحاولة بناء إكتفاء ذاتي يقدرون من خلاله الإعتماد على الذات والرجوع إلى افريقيا. وضمت منظمته كما ادعى حوالي 2 مليون زنجي في تلك الفترة . وبسبب نشاطاته تم القبض عليه في عام 1922 والقي بالسجن ثم رحل إلى جاميكا بعد خروجه من السجن. بعد ذلك يبدأ تاريخ حركة أخرى كانت نواة لمجموعة (الأمة الاسلامية ) ومصدرها ، حيث قام بها رجل أسود يدعى "درو علي " وكان بمثابة اللبنات الاساسية للحركة والذي أدعى النبوة ثم أنشأ معبداً لتلاميذه عام 1913، ويقال بأنه كان أبناً لرجل رقيق أصله مغربي وأمه هندية حمراء، وعندما مات أتى بعده من ديترويت " والس فارد أو فاراد" الذي بدأ حركة (الأمة الاسلامية) ثم قال تلاميذه عنه فيما بعد بأنه الله المتجسد أو المهدي وأصبح أسمه (فاراد محمد). واختفى في ظروف غامضة ويقال أنه اغتيل وهناك قول آخر تبنته (الأف-بي -أي) وهو بأنه رجع إلى موطنه الأصلي نيوزيلاندا، مما جعل تلميذه يأخذ بقيادة الحركة عام 1934 . كان التلميذ من شيكاغو يشرف على مسجد هناك. وأسمه في الأصل (أليجا بول) ثم تحول فيما بعد إلى (أليجا محمد) وأدعى النبوة وأدعى أيضاً أنه تلقى الوحي والرسالة من الله المتجسد في (فاراد)، وطلب منه هذا الإله المتجسد أن يقود شعبه السود إلى الخلاص والحرية الحقيقية والابتعاد عن مجنمع البيض العنصري الشيطاني. وبالطبع نشأ اثر ذلك أفكاراً قائمة بذاتها على يديه تقول أن أصل الانسان أسود وبما أنه كان الأصل والمسيطر على الأرض قديما لابد له أن يسيطر على الأرض مرة أخرى. وأن الانسان الأبيض هو من صُنْع عالم أسود اسمه يعقوب حيث أوجده في المختبر وصنع له عينان زرقاء هي علامة في الشيطنة . ومن هذا المنطلق أكد على الفصل بين السود والبيض والعودة إلى افريقيا بلد الأجداد، تماماً كما فعل (ماركوس غارفي) قبله. ومن هذه الحركة ظهر شاب أسمه (مالكلم ليتل) الذي كان أبوه واعظ ديني من أوماها وحمل أفكار ماركوس غارفي وأعجب بها لكنه قتل فيما بعد على يد بعض العرقيين البيض، مما أثَر في الأبن مالكلم وظلت هذه في ذاكرته . وبالطبع تغير الأسم إلى (مالكلم إكس)، وإكس هذه تعني مجهول لأعتقاده أن كنيته فقدت عندما سرقوا أجداده من افريقيا وحولولهم إلى عبيد . ثم أخذ فيما بعد أسم (الحاج عبد المالك شباز) وكان متوقد الذكاء وخطيباً متفوهاً زار مصر وتكلم مع جمال عبد الناصر وجال في افريقيا بحثا كما قال عن مكان لشعبه والعودة به إلى أرض أجداده. إضافة لذلك سعى إلى الدعم من الزعماء الأفارقة لأخذ الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن لسوء معاملة السود الغير إنسانية. ويذكر عندما ذهب إلى الحج وهنا حصل تحول على رؤيته في الفصل العنصري حين جلس في الكعبة بجانبه رجل اوروبي أبيض البشرة وله عينان زرقاوان يسلم عليه ويدعيه باسم الأخوة . ثم اكتشف أن العنصرية ليست مرتبطة باللون أو العرق أنما هي سلوك أفراد ومجتمعات . وما إن عاد حتى بدأت الخلافات بينه وبين أليجا زعيم الحركة حيث كان حضوره بين الناس وخطاباته تطغى على الزعيم، ثم انشق عن الحركة وكون منظمة أصبحت تقبل المسلمين وغير المسلمين من السود وحتى من البيض أيضاً. وتحول الرجل إلى كابوسٍ لكل من الحكومة الأمريكية وزعيم حركة (الأمة الاسلامية).وفي عام 1965 اغْتِيل على يد أعضاء من حركة (أليجا محمد) .
ثم ظهر (حزب الفهود السود) في عام 1966 في كاليفورنيا على يد شابان من السود ( هوي نيوتن و بابي سيل ) تدعو إلى حمل السلاح في وجه الحكومة الأمريكية، ثم قضي على الحركة بعد الملاحقات الأمنية المستمرة والسجن. وأهم هذه الحركات هي ماقام به القس الأسود مارتن لوثر كينغ الذي بدأ من الكنيسة وتحول إلى الشارع الامريكي يخطب في الناس ويحثهم على الكفاح السلمي مثل ما فعل غاندي لنيل حقوقهم. وكان خطيباً متفوها التف حوله معظم السود في تلك الفترة حيث تركز خطابه على مايسمى (الحلم الامريكي) الذي يريد أن يرى من خلاله مجتمعاً امريكياً واحداً يتألف من بيض وسود منمزج غير منفصل بعامل اللون والعرق. وقتل على يد رجل عنصري أبيض قبل أن يتحقق حلمه في الستينات .
وعاشت امريكا اجواءً من الاغتيالات لمَ مثلته تلك المرحلة من ارباك في المجتمع ومن محاولة عسيرة للانتقال بالبلد إلى مرحلة جديدة يلغى بها الفصل العنصري وتتحول إلى مجتمع مدني يشارك فيه كل مواطنيه. واغتيل أيضا جان كينيدي الرئيس الامريكي عام 1963 لمحاولته ردء الصدع في المجتمع الامريكي . فقد بدأ قانون إلزامي لحماية الأقليات السوداء كي تعينهم في التغلب على العنصرية حيث تطور فيما بعد وهو (افيرمتف أكشن- 1961) الذي ساهم في إتاحة الفرص للأقليات في العمل وفي التعلم في الجامعات. وهو قانون يلزم جميع المؤسسات والشركات الأمريكية والجامعات بأن تقبل السود ضمن نسبة معينة . ثم تبعه قانون " الحقوق المدنية " عام 1964 وهو قانون يلزم جميع الشركات والمؤسسات أن تعامل جميع المواطنين بالتساوي بغض النظر عن اللون والعرق والدين واختزل هذا التوجه للحكومة الامريكية خطاب الرئيس (ليندن جانسن) في عام 1965 حيث قال : " لايمكن أن تحضر شخصاً كان مغلولاً بالسلاسل لسنين طويلة ثم تعتقه وتقول له أنت حر في التنافس مع الآخرين وفي الوقت ذاته تعتقد بأنك عادل في صنعك هذا " . وفي عام 1972 توسع مفهوم القانون ليصبح شعاره " التساوي بالفرص " عنواناً يكتب ويرتقي معظم الشركات الامريكية ومؤسساتها. ثم تبع قانون النسبة المئوية 1977في مجالات العمل بالنسبة للسود وبالطبع للنساء أيضاً.
والآن وبعد مرور زمن طويل على القانون يحاول معظم السياسيين حل قانون الفعل الالزامي لما أحدثه من حجب كثير من المناصب والأماكن للبيض أنفسهم في مجالات العمل والجامعات.
- المناصب السياسية للسود :
بعد الحرب الأهلية مباشرة انتخب الأسود هيرام ريفيلز في الكونغرس الامريكي وهو أول أسود يتسلم هذا المنصب ثم تلته التطورات على المستوى السياسي في المجتمع الامريكي حتى حاز الأسود كولن باول على منصب رفيع لم ينله أي أسود من قبل، فكان إبناً لرجل هاجر من جيميكا إلى نيويورك وقد لقب بالجنرال في الجيش الأمريكي وشارك في حرب فيتنام والخليج وكان مساعداً للرئيس رونالد ريغان من عام 1987 إلى 1989 ثم أصبح وزيراً للخارجية للرئيس جورج بوش الأبن لعام 2001 وهو أعلى منصب في الدولة يتسلمه أسود. ويقال بأنه كان ضد احتلال العراق حيث احتدم الصراع بينه وبين وزير الدفاع رامسفيلد مما جعله يتنحى عن منصبه . وفي عام 1983 انتخب هارود واشنطن كرئيس بلدية في شيكاغو وهو أول منصب يتسلمه أسود. ولاننسى جاسي جاكسون الذي حاول أن يرشح نفسه للرئاسة في الحزب الديمقراطي لعام 1988 وربح فرجينيا كلها ثم ربح من الأصوات 6.6 مليون وكان يمثل قوة سياسية في الحزب الديمقراطي وامريكا. وإضافة إلى ذلك انتخب داغلس وايلدر كرئيس لولاية فرجينيا عام 1993، وهو الأول في التاريخ الامريكي كرئيس ولاية . وحتى من ناحية الآداب فقد حازت (توني موريسن) عام 1993 على جائزة نوبل وهي أول سوداء امريكية تنال الجائزة .
ففي النظر إلى عدد أعضاء الكونغرس خلال التاريخ الامريكي كان في عام 1968 تسعة من السود وفي عام 1970 ارتفعت النسبة إلى 12 عضواً وفي عام 1994 ارتقت النسبة إلى 40 عضواً .
والمنصب الأهم في السياق السياسي هو ماحصلت عليه وزيرة الخارجية الامريكية كوندليزا رايس وهو منصب تحصل عليه بعد كولن باول كونها سوداء وأيضاً أول منصب لإمرأة سوداء في تاريخ أمريكا. فهي قد ولدت في ولاية ألباما عام 1954 وحصلت على الدكتوراة من جامعة دينفر عام 1981 في العلوم السياسية وقد خدمت في إدارة بوش الأبن من عام 2001-2005 في الأمن القومي ثم انتقلت بعد ذلك إلى وزارة الخارجية في عام 2005 ولها عدة مولفات عن أوروبا والاتحاد السوفيتي أهمها كان كتاب (الاتحاد في ألمانيا-والتحول في أوروبا عام 1995) .
- الخاتمة :
وآخر افريقي-امريكي كان المحامي باراك أوباما وكما يروي (ستيف داغهيرتي)2) ( عن سيرته الذاتية فقد ولد أبوه في كينا بقرب بحيرة فيكتوريا وكان أسمه ( حسين أونيانغو أوباما) حيث نشأ الصبى في قريته يرعى الماعز في صغره ولذكائه أرسله أبوه إلى مدرسة كان البريطانيون يديرونها أيام الاحتلال وتابع دراسته في نيروبي وكان ذكياً مما حدى بالأب إلى إرساله في عام 1959 ليكمل دراسته في ولاية هاوي ليصبح أول طالب أفريقي هناك. ثم تعرف على فتاة بيضاء أتت من كنساس وكان وا لدها يعمل في محل كمدير للمفروشات وبائع للتأمين. تزوجها وكان بارك ثمرة هذا الزواج المختلط بين إمرأة بيضاء وافريقي مسلم ثم بعد ثلاث سنوات تخرج الأب بشهادة الاقتصاد ونال على منحة في جامعة هارفارد فسافر إلى بوسطن والتحق بالجامعة وترك زوجته مع الطفل في هاوي . ثم تطلقا بعدها مباشرة وتزوجت من زميل أندونيسي كان معها في الجامعة عام 1967 . ثم رجع والأب إلى كينا بعد أن حاز على الدكتورة في الاقتصاد ليعمل مع الحكومة التي نالت استقلالها عن بريطانيا . وواجه الأب حادث سيارة مريع عام 1971 وأصبح عاجزاً اثر ذلك . وافتقد عمله مع الحكومة بعد خلافات وصراعات في السُلطة.
المضحك في ذلك أن أصل تلك الأم البيضاء يرجع إلى جد أسمه (جافرسن دافيز) وكان هذا الرجل جنرالاً في الحرب الأهلية والذي حارب ضد الشمال لمعارضته تحرير الرقيق في ذلك الوقت.
وزار باراك كينيا وتعرف على أهل أبوه هناك ثم انخرط في الحزب الديمقراطي وكان يساهم بشكل دائم في تحسين حياة السود في انتسابه للجمعيات الخيرية التي تقدم للسود معونات . وهكذا أصبح المرشح مع هلاري كلنتن في الحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة وهذا بعد أن قام جاسي جاكسون بهذه المحاولة من قبله ولم ينجح . فهل سينجح باراك أوباما ويصبح رئيساً للولايات المتحدة ويكون أول رجل أسود لهذا النصب أم مازالت أمريكا لاتقبل لهذا المنصب رجلاً أسود !؟.
نيسان – 21-2008
----------------------------------------------------------
1 - كتاب (إنطباعات الزمن الفائت- خليل الشيخة – حمص -2007 )
2 - Hopes and Dreams – Steve Dougherty block dog publishing comp. 2007



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب (الرقيق) – ميندي نزار *
- إصدار كتاب إنطباعات الزمن الفائت
- ماوراء أعياد الربيع....سانت باتريك - النيروز - الفصح
- قراءة في رواية -عمارة يعقوبيان- لعلاء الاسواني
- تركيز الثروة العالمية بين أفراد
- تركها زوجها وفر مع صاحبته الامريكية
- الذات العربية والكيان الاسرائيلي
- قراءة في مجموعة (الكلاب) من الكاتبة ريما فتوح
- مشكلات التنمية في الوطن العربي
- الثقافة العربية ومرحلة الضياع
- الأصولية والغطاء الديني
- الابعاد الفنية للشخصية السياسية عند شارلي شابلن
- المجتمع والثورة
- الانسان والتاريخ
- السيطرة الاقتصادية في المجتمع الامريكي
- العنصرية ضد الزنوج في الولايات المتحدة
- الفكر الثوري
- معانات الطابة العرب في امريكا
- أنور رجا والصافرات
- سقوط المثقف في هوة التطبيع


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خليل الشيخة - من العم توم الى باراك اوباما