|
هل ظلم الإسلام المرأة في الميراث؟!
عصام تليمة
الحوار المتمدن-العدد: 2265 - 2008 / 4 / 28 - 10:58
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تهمة نسمعها بين الحين والآخر من أناس لا يفقهون الإسلام، ولا علم لهم به، إلا أنهم خطفوا معلومة من هنا، وأخرى من هناك عن الإسلام، وقد ظنوا أنهم أحاطوا به علما، لا يحفظون من القرآن إلا جملة من آية، لم يفقهوا معناها، ولم يعلموا بقيتها، مذهبهم في الكلام عن الإسلام (ولا تقربوا الصلاة). لو أنصف أو فقه هؤلاء الإسلام في قضية ميراث المرأة لعلموا كيف كانوا جهلاء به، حمقى في فهمه، أغبياء في الحديث عنه، عميانا في رؤيتهم له، يستشهدون بقوله تعالى: (للذكر مثل حظ الأنثيين) وكأن ميراث المرأة وقف عند هذه الجملة فقط، وسوف يلاحظ القارئ الكريم أني لن أتعدى في توضيح هذه المسألة المفهومة جهلا وخطأ وحقدا من البعض، لن أتعدى الاستشهاد بآيتين فيها العبارة التي يفهمون منها أن الإسلام ظلم المرأة في الميراث، وهما آيتان في سورة النساء رقم: (11) و(12) من السورة. فيمرات المرأة ليس له حالة واحدة في الإسلام، بل له عدة حالات، فحالة يأخذ الرجل ضعف المرأة، وحالات ترث المرأة فيه مساواة بالرجل، وحالات ترث المرأة ضعف الرجل، وحالات ترث المرأة ولا يرث الرجل، وهكذا. 1ـ حالات يأخذ فيه الذكر ضعف الأنثى: هناك حالة يأخذ فيه الرجل ضعف المرأة، وهي كما هو واضح ومبين عندما يتوفى رجل ويترك أولادا ذكورا وإناثا، فنصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى، كما في قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء: 11. 2ـ حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل: وهناك حالات تتساوى فيه المرأة مع الرجل في الميراث، والعجيب في الأمر وهو ما يدل على جهل من يهاجمون الإسلام في اتهامه بظلم المرأة في الميراث، أن هذه الحالة التي تتساوى فيها المرأة بالرجل في الميراث في نفس الآية التي يستشهدون بها، يقول تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد، فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث، فإن كان له إخوة فلأمه السدس) النساء: 11. فهذه حالة من الحالات التي تتساوى فيها المرأة بالرجل، وهي إذا ما مات إنسان وترك أبا وأما، فالأب والأم هنا يتساويان تماما في التركة، وهما رجل وامرأة في نفس درجة القرابة للميت. والحالة الثانية التي تتساوى فيها المرأة بالرجل في الميراث، إذا ما مات إنسان ولم يكن له أبناء، ولا أب أو أم، وترك أخا وأختا، أو إخوة وأخوات، فعندئذ يتساوى الإخوة والأخوات رجالا ونساء في الإرث، يقول الله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك هم شركاء في الثلث) النساء: 12. 3ـ حالات ترث فيه المرأة أكثر من الرجل: وهناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، فمثلا لو ماتت امرأة وتركت: زوجا وأبوين وبنتين، يكون توزيع التركة كتالي: الزوج (وهو رجل) الربع، والأب السدس (وهو رجل) والأم السدس، وللبنتين الثلثان، أي أن نصيب كل بنت من البنتين أكثر من نصيب الأب وهو رجل، وأكبر من نصيب الجد وهو رجل. ولو كانت البنتان هنا بنتا واحدة، لأخذت النصف، ولأخذت بالطبع ضعف الأب وهو رجل، وأكثر من الجد وهو رجل. 4ـ حالات ترث المرأة ولا يرث الرجل: وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل وهما متساويان في درجة القرابة للميت، وهي في حالات وجود جدة لأب مع جد لأم مع وجود وارثين آخرين، ترث الجدة لأب وهي امرأة، ولا يرث الجد لأم وهو رجل. هذه حالات للشرح والتقريب فقط، وإلا لو أسهبت في التوضيح لاحتجت إلى كتاب كامل، وقد اقتبست معظم هذه النماذج من كتاب (امتياز المرأة على الرجل في الميراث والنفقة) للأستاذ الدكتور صلاح سلطان، فليراجع لمن أراد المزيد. وبعد هذا كله، فهناك تفضيل آخر للمرأة على الرجل يضاف إلى مسألة الميراث، وهي أن الإسلام لا يلزم المرأة بالنفقة في البيت، بل النفقة مطلوبة من الرجل، فهو الذي يجب عليه الإنفاق على أسرته، من حيث الإعالة الكاملة، وهو المطلوب منه أن يدفع مهرا عند الزواج بالمرأة، (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) النساء: 4. (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا) النساء: 34. وهو المطلوب منه إذا وجد في الأسرة من أب أو أم أو أخ أو أخت غير متزوجة وكانوا فقراء لا يستطيعون النفقة على أنفسهم، فهو مطالب بالنفقة عليهم "فأنت ومالك لأبيك" كما قال محمد صلى الله عليه وسلم، وهكذا تمتد الأوامر الإلهية بالمسلم ليحيط بنفقته كل محتاج في عائلته، وكل محتاج في مجتمعه، يقول صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع". أبعد هذا يدعي مدع بأن الإسلام ظلم المرأة في الميراث، وحرمها، وهضم حقوقها؟! ميراث الزوجة غير المسلمة من الزوج المسلم: بقيت قضية يثير العلمانيون وعدم الفاهمين للإسلام الشغب دائما عليه فيها، وهي: مسألة حرمان الإسلام للزوجة غير المسلمة من الزوج المسلم من الميراث، وقد أثارت القضية د. زينب رضوان وكيلة مجلس الشعب المصري، بجهل منها بالإسلام، وظنت أن الإسلام قد ظلم الزوجة المسكينة بهذا الحكم، والقضية على العكس تماما، بل نرى أن الإسلام هنا أعطاها أكثر من الزوجة المسلمة، فالزوجة المسلمة ميراثها من الزوج المسلم لا يزيد بحال من الأحوال عن الربع، فللزوجة المسلمة حالتان في الإرث، حالة ترث فيها الثمن إذا كان للمتوفى أبناء، وحالة ترث فيه الربع إن لم يكن للزوج أبناء. وهو خاص بالزوجة المسلمة، ولكن الإسلام فتح بابا أكبر وأهم من الميراث للزوجة غير المسلمة، هو باب (الوصية) وهو باب مسموح به إلى ثلث التركة، فللزوج أن يوصي لزوجته غير المسلمة بالربع أو الثلث كما يحب هو، فهذا من حقه، وهو حق لها أيضا عنده، من باب حسن العشرة والمودة والمعروف، وباب الوصية تركه الإسلام لكل من يحس بظلم في التركة ممن يحرم من الميراث، كأبناء الابن الميت في حياة والده، وهم أيتام يحتاجون، فلو نظرنا إليهم كحق في الميراث فقد سقط حقهم بوفاة أبيهم في حياة جدهم، ولكن أوجب الفقهاء بما سمي (الوصية الواجبة) لهم ميراثا لا يزيد عن ثلث التركة، وهو ما عمل به القانون المصري. ويدخل في هذا الباب الزوجة غير المسلمة. وربما فهم البعض أن الوصية هذه على هامش الميراث، وهو جهل فاضح بحكم الوصية في الإسلام، فالإنسان إذا مات قبل وفاته يطالب الإسلام ورثته بعدة أمور قبل تقسيم الميراث، فأولا يغسل ويكفن، ويشترى من ماله كفنه، ثم يدفن، ثم بعد ذلك تسدد ديونه، فإن بقي مال في التركة، ينظر في وصيته، بم أوصى؟ فتنفذ الوصية، وما بقي بعد كل هذه الأمور يسمى التركة، وتورث ميراثا شرعيا، أي أن الوصية تنفذ قبل توزيع الميراث، أي أن الزوجة غير المسلمة لو كان معها زوجة مسلمة، ستأخذ نصيبها من التركة (الوصية) قبل الزوجة المسلمة، بل ربما انتهت التركة قبل أن يبقى فيها شيء للورثة بعد سداد الديون وتنفيذ الوصية، وهذا ما يشدد عليه القرآن دائما في كل حكم في المواريث فتجد بعد كل حكم ميراث في القرآن ترى الله عز وجل يعقب بعد الحكم بقوله: (من بعد وصية يوصى بها أو دين) النساء: 11. هذه لا أقول ردود على الجهلاء الذين اتهموا الإسلام بأنه عدو للمرأة، وظلمها في الميراث، بل هي توضيحات لأمور أراد بها مزورو الحقائق طمس معالم الإسلام بها، وهي أشد وضوحا وبيانا من الشمس في كبد السماء.
#عصام_تليمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ضد من يمارس التمييز الديني: المسيحي أم المسلم؟!
-
المشايخ والعمل بالسياسة
-
إساءات المسلمين إلى القرآن
-
سهير القلماوي.. ودروس للإسلاميين
-
لماذا ظلمت بعض الكتابات الإسلامية غير المسلمين؟
المزيد.....
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
-
الحقيقة وراء تأثير وسائل منع الحمل على وزن النساء
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل الآلاف من النساء والفتيات بمناس
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|