|
صفقة اليمامة والصفقة الصربية
صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 2261 - 2008 / 4 / 24 - 05:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأنباء التي أثيرت في المدة المنصرمة والتي تحدثت عن ما يعرف بصفقة اليمامة ألقت بظلالها على مجريات العلاقات السعودية البريطانية إذ يتعرض رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون لضغوط شديدة لإعادة فتح التحقيق الذي باشره مكتب مكافحة التزوير البريطاني في قضية فساد تتعلق بصفقة أسلحة مع المملكة العربية السعودية تتجاوز قيمتها 85 مليار دولار اميريكي. التحقيق بدأ منذ عام 2006 على خلفية دفع شركة بريطانية مبالغ كبيرة لمسؤولين سعوديين من اجل ضمان استمرار عقود تسليح مع السعودية. لقد تزامنت أنباء المطالبة بإعادة التحقيق في الصفقة برغم أن العملية مضى عليها نحو 23 عاما ً مع أنباء عن ما يعرف بصفقة الأسلحة الصربية في العراق إذ تقول صحيفة النيويورك تايمز إن صفقة شراء أسلحة ومعدات بمبلغ 833 مليون دولار (المسؤولون العراقيون يقلصونها لاحقا الى 236 مليون دولار) جرت مفاوضاتها سرا ً بين العراق و صربيا تثير المزيد من الأسئلة بشأن مشكلات العراق المستمرة في تجهيز قواته المسلحة. وطبقاً لـ (سولمن مور) مراسل الصحيفة في بغداد فإنّ هذه الصفقة كانت ومنذ مدة طويلة موبوءة بالفساد وبعدم الكفاءة. وبغض النظر عن ظروف عقد الصفقة العراقية الصربية والجهات التي وقعت عليها فان أي منصف يكتشف على الفور ان الصفقة او حتى مجرد التفكير بعقدها كان خاطئا من الأساس إذ لم يعرف عن صربيا انها تصنع أسلحة متطورة تضاهي الأسلحة التي تمتلكها الدول الكبرى بل ان التقارير تشير الى ان خزينها من الأسلحة هو من نتاج ستينات وسبعينات القرن الماضي وان صربيا لم تنتج أي أسلحة متطورة منذ انهيار يوغوسلافيا السابقة وتفككها وهنا تكمن الخطورة المتأتية عن رداءة الأسلحة وصرف الأموال الطائلة من دون مسوغ إذ الأحرى بنا في العراق وعند التفكير في تسليح الجيش في المرحلة الحرجة التي نعيش بظلها ان نلجأ فورا الى مصادر السلاح الأكثر تطورا في العالم خصوصا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والدول الأوروبية والتي تربطنا بها ومنذ اسقاط النظام المباد علاقات وطيدة ونعتقد ان ليس ثمة مشكلات في التعامل مع تلك الدول فيما يتعلق بشراء الأسلحة إذا كان الموضوع مقترنا ً بالشفافية وخالصا ً لخدمة الوطن والمواطن فكثيرا ما نشهد ونحن نتجول في مناطق بغداد وعموم العراق العشرات بل المئات من عجلات (الهمر) والمدرعات الأميركية الصنع التي يقودها عراقيون فلمَ اللجوء الى خط آخر مكلف وغير مضمون النتائج ولماذا الإصرار على اقتناء أسلحة عفا عليها الزمن وسوف تباع كخردة آيلة للتفكيك؟!. تذكرنا (الصفقة الصربية) بالصفقة التي أسقطت وزير الدفاع العراقي الأسبق (حازم الشعلان) الهارب الآن والتي بلغت أقيامها 1.3 مليار دولار بتمويل من الحكومة العراقية في سنتي 2004 و2005حيث ان الافتقار الى الأنظمة المصرفية في ذلك الوقت جعل المسؤولين العراقيين يدفعون ثمن أسلحة فاسدة من الدرجة الثانية ومعدات وأجهزة غير موجودة أصلاً "نقدا ً" مستخدمين "سماسرة" كي يمرروا حقائب محشوّة بـملايين الدولارات الاميركية. و يجمع مسؤولون أميركان وسياسيون عراقيون القول إن فقدان الوقت والأموال الكبيرة سبّبا تأخيرات حرجة في تطور الجيش العراقي. ان محاولة القضاء البريطاني إحياء ملف صفقة اليمامة برغم مرور مدة طويلة على عقدها يبين الى أي مدى من الجدية تنظر بها المؤسسات في الدول المتحضرة الى قضايا التفريط بأموال البلد واستغلال خيرات أبنائه لتمرير صفقات مشبوهة كما ان المطالبة بإعادة التحقيق في الموضوع برغم مرور هذا الوقت يبين ان للفساد تبعات قانونية لا يمحوها الزمن لأنها تفرط بناتج ثروات الناس ومصدر أرزاقهم وأرزاق أجيالهم المقبلة وان أي تهاون في مثل تلك المواضيع هو قرين الإسهام بتمرير الفساد ودعم المفسدين وبرغم ان معظم المناصب في العراق أصبحت في منأى عن المساءلة والتعقب ومجالا ً لتكديس الثروات تمهيدا ً لنقلها الى الخارج مثلما حدث مع قضية الشعلان وغيره فان الأنموذج البريطاني في عدم السكوت عن الخطأ ومتابعته يمدنا بالعزم والتفاؤل في اننا سنصل يوما ما الى تفعيل القانون على الجميع لكي لا نتيح الفرصة لأي متلاعب بأموال الناس في النفوذ بجلده معززا ً مكرما ً على حساب ملايين العراقيين الذين هم بحاجة لكل دينار يُفرط به ولكل قطعة سلاح تواجه بها الدولة اعداء الوطن الساعين الى الاستحواذ على احدث التقنيات العسكرية والتي لن نستطيع قهرها إذا لم نمتلك الأحسن والأكفأ منها وربما الأرخص سعرا ً بعد ان نطرح مبالغ العمولات والرشاوى التي تدفع لتسهيل انجاز صفقات تسليح فاسدة. لقد لخصت الصحيفة الأميركية في تقريرها الصفقة كالتالي؛معظم المعدات المشتراة في الصفقة الصربية كما قال ضباط أميركيون اما رديئة النوعية او غير ملائمة لمهمة الجيش مشيرة الى ان تحليل تلك الصفقة يسلط الضوء على مدى تخلف القدرات الإدارية للجيش العراقي التي تعوقها الانشقاقات الطائفية والفساد ما يعرقل تدبرها للأسلحة والعناصر الرئيسة الأخرى على وفق طريقة ممنهجة وأوضحت ان مثل هذا الضعف يعني أن الجيش العراقي البالغ تعداده 170 ألف جندي يبقى بعد خمس سنوات غير مجهز بشكل جيد ومتكلا ً كثيرا ً على الولايات المتحدة في أمور أساسية مثل معدات الاتصالات والأسلحة والذخيرة مما يثير أسئلة حول قدرة الجيش العراقي على الوقوف بقوته المجردة. وبعد, فاننا وبقدر ما نحتاج في العراق الى التسريع ببناء الجيش العراقي وتسليحه ينبغي لنا ان ننفذ ذلك على وفق برنامج منهجي يوازن بين نوع السلاح وقيمة شرائه اي ان تجري العلاقة بصورة طردية إذ تنقص قيمة الصفقات في الوقت الذي ترتفع كفاءة التسليح ونوعيته ويتم ذلك بدراسة عقود كثيرة تنافسية او اللجوء الى مايشبه المناقصات وبصورة علنية وان يصار الى الابتعاد عن الصفقات السرية فالأموال الداخلة في الصفقات هي اموال العراقيين المتولدة عن ثرواتهم وهم أول من يجب ان يعرف بها.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يخشون التداول السلمي للسلطة؟!
-
أحداث البصرة الدامية والحاجة الى التعالي على الأحقاد
-
فائض المال .. وإملاق الحال
-
هل تخلق الأموال مجتمعا مرفها ً؟!
-
ما المطلوب من التشكيلات والتيارات الجديدة لتخطي الازمة؟!
-
وضاع الماء في بلد النهرين .. !!
-
مهزلة الكهرباء الوطنية ..
-
إهمال مطالب الناس يهدد العملية السياسية برمتها
-
الحكومة والدولة وما بينهما
-
فشل نظام القوائم الانتخابية .. وحان أوان استبداله
-
إنفرجَ الوضع الأمني .. فضاعت الكهرباء !!
-
وزارات محلية .. وزراء محليون!
-
وزراء العراق الجديد يقطعون أرزاق موظفيهم
-
وزارة ساركوزي ووزارة المالكي
-
أضم صوتي ضد وزارة الكهرباء ولكن
-
مدينة الثورة ضحية لصوص وزارة التجارة
-
إستقالة الشبلي: قرار شجاع أهمله الجميع
-
بين استنكار جلال الطالباني ووعيد فلاديمير بوتين ...ضياع الدم
...
-
استقال لماني فمتى يستقيل الفاشلون في دولتنا؟ رأي متواضع في ا
...
-
فلنحجب أخبار الارهاب!
المزيد.....
-
-رأيت نفسي كجارية جنس-.. CNN تتحدث مع ناجيات من اعتداءات مزع
...
-
أعنف هجوم منذ سقوط الأسد.. قتلى وجرحى بانفجار سيارة مفخخة في
...
-
هل يمكن أن تطبع الجزائر مع إسرائيل؟ - مقابلة مع لوبينيون
-
تحقيق عسكري: فشل خطير في منظومة القبة الحديدية خلال الساعات
...
-
السعودية والإمارات ضمن الخيارات لاستضافة قمة بوتين وترامب
-
أطويلٌ طريقنا أم يطولُ.. نتنياهو يتجنب العبور فوق الدول المم
...
-
مظاهرات ألمانيا الحاشدة ضد اليمين.. أسبابها وخلفياتها!
-
أدلة على فيضان هائل أعاد تشكيل البحر الأبيض المتوسط
-
تأثير غير متوقع لمسكنات ألم شائعة على الذكاء وسرعة التفكير
-
منظومة -غراد- الروسية تستهدف مواقع تمركز القوات الأوكرانية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|