أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمه قاسم - الوطن حين يتحول الى سجال














المزيد.....

الوطن حين يتحول الى سجال


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2260 - 2008 / 4 / 23 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.فاطمه قاسم

لأنني فلسطينية ولأني أعيش في قطاع غزة

هذا الشريط الضيق من الأرض , الذي ولد قسرا من رحم النكبة , ولكنه تمرد على أقداره فتحول إلى بوابة للبدايات .
لأني أعيش في قطاع غزة
الذي يتحول فيه الموت إلى تفاصيل يومية , موت بقصف الطائرات , ومدافع الدبابات , وموت من شدة وإحكام الحصار , وبؤس الانتظار , وكبت الانفجار , وطوابير تصرخ أغيثونا ولا من مجيب , وزمن يمضي ويحترق بين مجزرة وأخرى , حتى أن الذاكرة لم تعد تسكنها سوى المجازر, والجوع , والاختناق , والشعور بالخذلان , والإحباط من عالم يروض الضمير حتى يقبل بما لا يجب القبول به , فكيف يقبل العالم بالله عليكم , تداول تلك التلفيقات التي يكررها الاحتلال الإسرائيلي برتابة مستهترة , بان الأطفال الذين يقتلون في غزة , إنما تقصف أعمارهم لأنهم في مكان خطر ؟
ومنن الذي جعل غزة أضيق من كل السجون, واخطر من كل ميادين القتال ؟
أليس هم المحتلون الإسرائيليون, هم الذين ارتكبوا الجريمة الأولى التي أنتجت كل الجرائم والخطايا, الجريمة التي صنعت بعد ذلك الزمن الأصفر, زمن الاحتلال, زمن كل الجرائم, ثم يتذرعون بالاستهانة بنا ليجعلوا حياتنا ساحة لأفعالهم.

لأني أعيش في قطاع غزة :

فان قلبي حزين , اشعر بالحزن على وضعنا , وكيف أن كل هذا الذي يحدث لنا لم يحقق صحوتنا من غيبوبة الأوهام , بل على العكس من ذلك , تحول الوطن , فلسطين , من تأسيس لا يرقى له الشك , ومن إبداع يتجاوز المألوف , إلى مجرد سجال , سجال قاعدته السطحية , وفقدان المنطق , ونفي الأخر والخوف إلى حد الذعر من الاعتراف بما حقق من انجاز , أو بما أضاء من حقيقة .
إن السجال ألغرائزي, الفئوي, لا عقل له يبرر ه, ولا ضمير له يضبط الانفعال, بل هو الانحدار باتجاه القاع, استثمار للحظة الراهنة العابرة, كيف نفوز بها حتى لو كانت على حساب المستقبل كله.
واسمحوا لي هنا كمواطنه فلسطينية :
أن أسال السؤال الذي يدور في ذهن الكثيرين وهو:
منذ أكثر من عشرة شهور ونحن ننقع تحت بند الانقسام, والسجال صارخ ومتوتر بيننا, فما هو المنهج الذي اتبعناه ؟
وما هي القواعد التي أسسنا عليها ؟
وما هي الإبداعات التي قدمناها ؟وما هي الاضاءات التي كشفت لنا ظلمات ما نعيش به ؟
لا شيء من ذلك كله ,
بل على العكس , زدنا انحدارا باتجاه القاع , وحولنا السجال السطحي ألذرائعي المتوتر إلى عداوة حقيقية وأصبحنا أعداء حقيقيين , تقطعت بيننا الجسور حتى أننا أصبحنا نحكم على كل مبادرة بالفشل المسبق حتى قبل قراءتنا للنصوص وتفهم ما تعنيه السطور , أصبحنا نخاف من الاتفاق , لان الاتفاق سيحكم بالنفي القاطع لقاموسنا السياسي والأدبي والأخلاقي الذي صنعناه تحت مبرر الخلاف , وفي آليات السجال , لان السجال اقرب إلى الرغبات الغرائزية منه إلى البحث والتروي وعمق المسئولية , ولان السجال يحول الفاشلين إلى قادة لامعين , ويحول الشامتين إلى حكماء , ويحول مروجي الإشاعات إلى شيوخ الحقيقة , ويتحول الوطن , الثابت , المقدس , بيت الجميع , ووطن الجميع , الحلم المرجو , مسك الختام , وأول الكلام وأخر الكلام , يتحول الوطن إلى نعوت نتراشق بها , والى متحول يتناسب مع رغباتنا الموبوءة , والى تجارة قد تربح وقد تخسر حسب جداول الأسعار .

لأني أعيش في قطاع غزة :

اشعر فعلا بالحزن والقلق والخوف من الأيام القادمة , محاصرون نحن , وفي أجواء السجال نتحول إلى أشياء وأكوام متناثرة مغلقه على نفسها وعلى بعضها فيتضاعف الحصار , ونكون نحنن ضحايا القتل اليومي , ونرسم لأنفسنا صورة مأساوية بشعة كما لو أننا نستهينن بقتلانا .
هل عرفتم من أين تبدأ ينابيع حزني , ومن أية كهوف تنطلق مخاوفي ؟
الوطن ليس نصل خنجر , الوطن ليس تهمة يلفقها احدنا للأخر , الوطن مثل طفل سليمان الحكيم لا يقسم إلى نصفين لأنه يموت سواء بالنسبة لامه الحقيقية أو أمه المدعية , وليس هناك ما يذبح الوطن أكثر من أن نحوله إلى مشادة عنيفة في حمى السجال .
آه يا فلسطين :
يا من امن بجرحك حتى الظالمين , حين وجدوا فيك العدالة والألم , وبايعك الذين ولدوا في المنافي وسجلوا في هوياتهم انك أصل أنسابهم ,
يا فلسطين لا تبالي فهؤلاء الغارقون في بحيرات الوحل, وجنون السجال, ليسو سوى حالة عابرة, وليسوا إلا عابرون, أما أنت فسوف تظلين للملاين وطنهم الذي يعشقون, وستظلين لهم عمقا لإيمانهم, وجوهر كفاحهم حتى تتربعي على عرش حضورك من جديد.



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سأغادر مدينتك
- هذه انا
- اشواك في العلاقات العربية
- إلى متى هذا الغياب؟
- هل ما زال هناك وقت
- الى متى هذا الغياب ؟
- اخر الحصون ام القرى فلسطين
- القمة العربية والبحث عن بداية جديدة
- حوار أم انتحار
- المرأة العربية بين التغريب والتغييب
- المأزق الفلسطيني انقاذ ممكن أم الذهاب الى الابعد
- إرهاب الدولة أم دولة الإرهاب
- العنف ضد المرأة بين التشخيص والمواجهه
- امريكا وفلسطين والنفط
- زارعة الأمل حاضنة الأجيال
- حديث بين الدموع
- المبادرة اليمنية والارادة الفلسطينية
- الممكن والمستحيل في إعلان الاستقلال
- غزة اول الدولة ام نهاية الدولة
- انتحار الورد ؟


المزيد.....




- قضية قطع رأس رجل الأعمال فهيم صالح بأمريكا.. القضاء يكشف تفا ...
- شاهد دبًا أسودًا يداهم رجلًا في فناء منزله الخلفي.. ماذا فعل ...
- التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن ...
- لحظات مؤثرة لوصول ولقاء جوليان أسانج بعائلته في مطار كانبرا ...
- فيدان: حرب أوكرانيا قد تتوسع عالميا
- شاهد: المنتخب البرازيلي يصل إلى لاس فيغاس استعدادا لمواجهة ا ...
- الرئيس الكيني يصف الاحتجاجات وما أحاط بها من أحداث دامية -با ...
- مشاركة عزاء للرفيق خليل عليان بوفاة أخيه
- -الشبح الطائر-.. مميزات مقاتلة Su-57 الروسية
- -أطباء بلا حدود- نعته.. إسرائيل تغتال مسؤول تطوير منظومة صوا ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمه قاسم - الوطن حين يتحول الى سجال