|
لنحبط معاً إقامة مؤتمر ويكيبيديا بالأسكندرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2259 - 2008 / 4 / 22 - 10:16
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
النضال من أجل الحرية لا يجب أن يأخذ فقط شكل واحد ، و لا حتى بعض الأشكال المعينة التقليدية ، لهذا لا مانع - و بينما نحن نعد العدة للعصيان المدني الشعبي السلمي الثاني ، في الرابع من مايو 2008 - أن نفتح جبهة أخرى موازية ، جبهة يكون لها تأثيرها الخارجي ، و صداها بين أحرار العالم و شبابه ، فلعلهم يتحركون ليتضامنوا معنا ، فنحطم بذلك الصورة التي إجتهد آل مبارك في رسمها لأنفسهم ، في مخيلة العالم ، عن حاكم حكيم ، حريص على السلام ، فعل المستطاع من أجل خير شعبه ، و ابنه الشاب معقد الآمال ، ذو النظرة المستقبلية الحداثية ، و المفعم بالحماس لتغيير الأحوال ، و الذي لا ينفك يفعل ما بوسعه للإنطلاق بشعبه لأفاق المستقبل .
دعونا نفضحهم أمام العالم ، فنري الرأي العام العالمي الشعبي ، الصورة الحقيقية التي يراها أي مواطن مصري ، فلا يخفى على أي مراقب للشأن المصري ، ملاحظة مدى خوف النظام الحاكم الحالي على مظهره خارجياً ، و حرصه الدائب على الظهور في أحسن صورة أمام أنظار الرأي العام العالمي ، سواء بشراءه سكوت المحطات التلفزيونية الإخبارية العالمية بسيل من الإعلانات ، التي يدفع ثمنها المواطن المصري ، تلك الإعلانات التي تعد كلمة حق أريد بها باطل ، أو بتجنيده لبعض المعاهد الإقتصادية و السياسية الخاصة المرتزقة بالخارج ، لتنشر التقارير المتتالية عن الإقتصاد المصري الذي يزدهر ، و الأحوال السياسية التي تنفرج . مثلما لا تخفى الحساسية المفرطة ، و الغضب العارم ، الذي يقابل به أي تقرير أو مقال ، يفضح أمام العالم الأحوال الحقيقية التي يعيش فيها المواطن المصري .
في يوليو القادم سوف ينعقد في مكتبة الأسكندرية المؤتمر السنوي العالمي لموسوعة ويكيبيديا الإلكترونية المجانية العالمية ، فدعونا نوقف هذا المؤتمر ، بحملة إحتجاج على مستوى العالم ، فلا يصح أن ترعى مصر ، تحت ظل حكم هذه الأسرة ، مؤتمر كهذا لأسباب تتعارض مع روح الموسوعة التي قامت دعائمها ، و لازالت تقوم ، على أفكار سامية ، و أغراض نبيلة ، منها :
أولاً : حق توافر المعرفة مجاناً ، فلا تصبح المقدرة المادية عائقاً يحول بين أي إنسان ، و حقه في التعلم و التثقف .
ثانياً : حرية التعبير ، لهذا فتحت الموسوعة حق التحرير لكل مستخدم للموسوعة ، فلا تحتكر وجهة نظر معينة حق الإنتشار ، مثلما يحدث في بعض الموسوعات ، و في أجهزة الإعلام الإلكترونية و المطبوعة .
ثالثا : فكرة الذيوع ، و حق أن يصل كل إنسان للمعلومة بأي لغة يجيدها ، بتوفير الموسوعة في كافة اللغات العالمية ، بل حتى في لغات نادرة .
ان هيئة قامت لأجل تحقيق تلك الأفكار النبيلة - و مهما شاب عملية تحقيق تلك الغايات الرفيعة ، من نقائص و سلبيات - لا يجب أن تلوث نفسها بإقامة مؤتمرها السنوي في مصر ، و هي تحكم بنظام يعد عدواً لكل تلك الأهداف ، و لنضع ذلك في نقاط :
أولاً : لا يصح أن تقبل هيئة تسعى لنشر الثقافة مجانا ، أن يقام مؤتمرها السنوي برعاية نظام عمل على تجهيل الشعب المصري ، لتتسع في ظل حكمة مساحة الأمية ، لتصل إلى واحد و خمسين بالمائة ، حسب بعض التقارير ، بعد أن كانت في سبعينات القرن العشرين ، فقط بضع و ثلاثين بالمائة .
ثانيا : لا يصح لهيئة قامت من أجل مساعدة أبناء الطبقتين الوسطى و البسيطة ، من أمثالنا ، أن تقبل إقامة مؤتمرها السنوي في دولة تُحكم بنظام يعادي فقراء وطنه ، و غرق أكثر من نصف شعبها تحت خط الفقر ، و لا يجد فيها الشعب الخبز ، و يعاني أطفال مصر في ظل حكمه من سوء تغذية مزمن ، و يعيش بين مليون ، و مليون و ثلاثمائة ألف مواطن ، في المقابر ، و يبحث فيه الكثير من أبناء الشعب عن وجباتهم في القمامة .
و لا يصح لهيئة تناصر المحتاجين ، و تقوم على التبرعات البسيطة ، أن تقبل الرشوة المادية ، الغير مباشرة التي قدمها لها النظام الحاكم - حين تكفل بإقامة مؤتمرها السنوي - تلك الرشوة المقتطعة من قوت شعب يعاني معظمه الحرمان .
ثالثاً : لا يصح لهيئة ، كانت و لازالت أهم أهدافها ، رعاية مبدأ الشفافية الثقافية ، و حرية التعبير و الضمير ، أن تقبل إقامة مؤتمرها في ظل دولة تُحكم بقانون الطوارئ منذ أكثر من ربع قرن ، و يكفل دستورها الحالي إحالة المدنيين لمحاكم عسكرية حسب هوى الحاكم ، و تم فيها تعديل الدستور لتزاح من نصوصه كافة الضمانات البديهية لأي متهم ، و فيها أكثر من مائة ألف معتقل صودرت حريتهم بلا أي حكم قضائي ، و أدانت كافة منظمات حقوق الإنسان العالمية المحترمة نظامها الحاكم بسبب سياسة التعذيب المنهجية ، و تغلق فيها السلطات المدونات ، و تعتقل المدونين ، و تهتك أعراض المعارضين و المعارضات ، و تلوث أعراض المعارضين بالشائعات و الأكاذيب ، و تلفق بها الأحكام بعد أن سيس نظامها الحاكم القضاء و أفسده ، و تهدد أجهزتها الأمنية بعض المعارضين بالخارج ، بإعتقال أفراد أسرهم في مصر ، أو بالتخلص منهم .
كيف تقبل منظمة أهلية قامت من أجل الحرية ، أن تقبل إقامة مؤتمرها السنوي ، في ظل رعاية أسرة تزور الإنتخابات ، و تغلق أحزاب ، و تدجن أخرى ، و تقيد إنشاء أحزاب جدية جديدة ، و تضيق الخناق على الصحفيين ، و تتحكم في البث الإعلامي بقبضة حديدية خانقة ، و لم تكتف بهذا التضييق على المستوى المحلي ، فكانت المحرك الأساسي ، و الراعي الرئيسي ، لوثيقة تقيد الحرية الإعلامية على مستوى البلدان المتحدثة بالعربية ؟؟؟
رابعاً : كيف تقبل هيئة أهلية حرة ، فضحت من قبل المخابرات المركزية الأمريكية ، و الفاتيكان ، و شركات عالمية مثل مايكروسوفت ، لتلاعبهم في المادة التحريرية بموسوعتها ، أن يُقام مؤتمرها القادم في دولة بالفعل تتحكم في المادة التحريرية للنسخة العربية ، و ينظم الأمن بها عملية التحرير ، من خلال مؤتمرات تقام في مكتبة الأسكندرية بإنتظام لتجمع غير رسمي يسمى الويكيبيديين، و تتم جميع اللقاءات الخاصة بهذا التجمع تحت إشراف ضباط شرطة سريين شباب يعملون في مباحث أمن الأسرة الحاكمة ؟؟؟
إن نظام حاكم كهذا النظام الذي دمر مصر ، لا يجب أن ينال شرف تنظيم مؤتمر هيئة أهلية غير حكومية ، عالمية المستوى ، تعمل من أجل مناصرة البسطاء ، و من أجل دعم الحريات ، ليجمل نفسه ، و مثلما أدنا من قبل محاولات النظام الحاكم إختراق اليونيسكو ، فعلينا أن نقوم اليوم بإحباط إقامة مؤتمر ويكيبيديا في يوليو القادم ، بمكتبة الأسكندرية ، لهذا أهيب بكل حرة و حر ، في كافة أنحاء العالم ، أن يبادر كل منهم بالمسارعة بالكتابة إلى ويكيبيديا العالمية ، عبر البريد الإلكتروني ، في نسختها الإنجليزية و الفرنسية ، و غير ذلك ، ما عدا النسخة العربية - لأن الرسالة العربية سوف تسقط في نهاية المطاف في يد مسئول الأمن المصري ، الذي أنيطت له مهمة تدجين النسخة العربية – حتى ينقلوا المؤتمر إلى أي بلد أخر ، يتمتع فيها الشعب برفاهية إقتصادية معقولة ، و الأهم بحرية التعبير و الضمير ، فلا يصح أن تكافئ ويكيبيديا الطغاة .
أكتبوا الأن ، و كل يوم ، و نظموا حملتكم ، و لنحشد الأحرار معنا من كل ثقافة و إتجاه ، و لنكن حريصين على أن تكون كل رسالة بإسلوب صاحبها ، و تعبيراً عن ذاته هو ، و ما يمليه عليه ضميره ، و لا يهم درجة إجادتك للإنجليزية ، أو الفرنسية ، أو أي لغة أخرى ، فالمهم أن تعبر بحرية عن ذاتك .
و لنعلم ان حملة كهذه لا تتعارض مع جهودنا لحشد الرأي العام من أجل إضراب الرابع من مايو ، أو لأي إضراب أخر قادم ، و لا يجب تتوقف حتى موعد إقامة المؤتمر في يوليو ، بل و حتى لو أقيم المؤتمر فإن علينا أن نحول حملتنا من حملة إيقاف إلى حملة إحتجاج و تنديد و تشهير .
دعونا نفضح هذا النظام الذي سرقنا ، وأجاعنا ، و كمم أفواهنا ، و يعمل من أجل قتل ضمائرنا .
تعالوا لنعيش أحرار ، أو لنموت أبطال .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روسيا تحتاجين إلى حلفاء ، فالردع النووي لا يكفي
-
إنتصار ماراثون ، إنتصار لكل الإنسانية
-
لنقيم جنازات شعبية رمزية لشهداء السادس من إبريل
-
تحية إلى محلة الثورة ، و تحية إلى كل أبطال ثورة 2008
-
التغيير سيكون مصرياً ، لا إخوانياً
-
معاً من أجل يوم و نصب المعتقل المجهول
-
لنجعل من السادس من إبريل علامة تحول ، و بداية عهد ، و عيداً
...
-
الخبز قبل المفاعلات ، يا لويس مصر
-
جريمة السويس ، لقد حدث ما حذرنا منه
-
عليك بحماية مدخراتك زمن الشدة المباركية
-
معركتك الحقيقية ليست أمام مخبز ، أو كشك لبيع الخبز
-
أختي المصرية ، الثورة هي من أجل تأكيد ذاتك كإمرأة
-
الدم المصري ليس حلال على أحد
-
المناضل من أجل العدالة سيبقى ، الإختلاف في الوسيلة و الخطاب
-
الأحرار في أفريقيا ، و العبيد في الجزيرة العربية و شرم شيخ ا
...
-
الإعتراف بكوسوفا ، إعتراف و تكفير
-
أربعة و عشرين ميدالية ، لم تمنع إسقاط تشاوتشيسكو
-
إنما ينطق سعد الدين إبراهيم عن الهوى
-
ابنة مارجريت تاتشر ربعها عربي ، و توماس جفرسون فينيقي ، فماذ
...
-
طفل واحد لا يكفي
المزيد.....
-
بيستوريوس: لا يجوز أن نكون في موقف المتفرج تجاه ما يحدث في س
...
-
أردوغان يعلن -مصالحة تاريخية- بين الصومال وإثيوبيا
-
الرئيس التركي أردوغان: اتخذنا الخطوة الأولى لبداية جديدة بين
...
-
قوات -قسد- تسقط طائرة أمريكية مسيرة
-
-CBS NEWS-: ترامب يوجه دعوة إلى شي جين بينغ لحضور حفل تنصيبه
...
-
مجلس النواب الأمريكي يصادق على الميزانية الدفاعية بحجم 884 م
...
-
العراق.. استهداف -مفرزة إرهابية- في كركوك (فيديو)
-
موسكو تقوم بتحديث وسائل النقل العام
-
قوات كردية تسقط بالخطأ طائرة أميركية بدون طيار في سوريا
-
رئيس الإمارات وملك الأردن يبحثان التطورات الإقليمية
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|