|
الحب في زمن الزيت الغالي
مصطفى العوزي
الحوار المتمدن-العدد: 2260 - 2008 / 4 / 23 - 04:34
المحور:
الادب والفن
ترفض مساعدته لها رغم قصر ذات اليد ، و طول يده هو في تلك الأمور و أمور أخرى تطبخ في دهاليز الخفاء السياسية ، ستكرر المحاولة مرة أخرى ، و هي على تمام الإدراك بان الفشل سيلازمها هذه المرة أيضا ، و قد يقبلونها هذه المرة و يتم اختيارها من بين طابور الشباب هذا ، طابور التأشيرة جميل للغاية ، و الجمل هنا هو ذاك الشعور الذي يخالج القنصل العام الغبي الذي يظن بأن العالم رقعة صغيرة يجمعها في لمح البصر و يضعها في سترته الجميلة ، تقبل مايا على مقر القنصلية العامة ، مصلحة التأشيرة ، و تقف ضمن الطابور الذي يجمع بين جناحيه أصناف جنوسية مختلفة ، يلمحها علي فيقبل عليها ، و يبدأها بالكلام :
هل ستعيدنا روتينيك الفاشل هذا
نعم و هل من مانع
لا و لكن الأمور ستكون أسهل إذا ما فتحت قطعة اللحم هذه التي في رأسك قليلا
لست خروفا ليفتح لحمه بسهولة
آه ليتك خروفا ، أو حتى دجاجة لطرت بكي في موسم الأضحى أو المولد النبوي ،أو عاشوراء،
يزداد غضبها و تحاول جادة امتلاك أعصابها التي لم تعود لتستحمل أكثر من استحملته بعد تخرجها ، و بداية حياة البطالة المقرفة هته ، تراودها ذكريات البرلمان و عصى القوات المساعدة ، تراودها أيام الجامعة و الوقفات الاحتجاجية نو الاواكس و السطافيت ، عندما كانت طالبة لم تكون لتحمل مثل هذه الهموم التي تقض مضجعها اليوم ،كان السندويش التون و الزيتون كفيلا بجعل لحظات الجامعة نجوما تضيء سماء الحياة الملبدة رغما عنها و عن أمثالها من طلبة الجامعة ، لبد أن خلالا ما حدث في الماضي البعيد ليصبها اليأس و القنوط في هذا الزمن الجميل للبعض و التعيس للبعض الآخر ، مرة حملت مسؤولية تعاستها لعقلها الصغير العاجز عن استيعاب سعة العالم المتسع كما وصفه لها أستاذ الجغرافيا ، لكنها تدرك اليوم أن العالم ليس متسعا إلا في الخرائط الجغرافية التي تلخص العالم ببعض الخطوط و الألوان الزاهية ، عندما قررت ولوج الجامعة كان الأمر بالنسبة إليها تحديا كبيرا لأطراف متعددة ، الأب و الاخواة و العم المتطفل و ابن العام الذي قرروا أن يكون زوجها بعد ولادتها بساعة و ربع حسب توقيت غرينتش ، كان عليها أن تثبت للكل أنها قوية ، منازلتها لفريق الأب كانت صعبة للغاية ، تكاد اليوم تخسر اللقاء لولا دقائق الوقت بدل الضائع ، سيضيف لها الحكم بعضل من الدقائق كتعويض على بعض التوقفات التي كانت مضطرة لها ، توقفت عندما اعتقلت في وقفة أمام بناية البرلمان عندما كانت لوحته مكتوب عليها مجلس النواب ، توقفت عندما أرغمت على الزواج من ابن عامها لتنفصل عنه فيما بعد ، فصول حياتها كلها شتاء و خريف لكنها عازمة اليوم على خلق الربيع و الصيف من خلال رحلة إلى القارة العجوز ، سترحل بكل أحلامها ، أحلام أصبحت بنات حي الصغيرات اليوم تضخك عليها و تحتقرها ، حلمت بان تصبح طبيبة ، و حلمت بسيارة فاخرة ، بحب مثالي ، و زوج ، يأتي فوق فرس أبيض عربي أصيل ليحملها معه على غرار الحكايات الغرامية الكلاسيكية ، ستنسى عبدو الحبيب الأول ، في الجامعة كانت تقول له و يقول لها كلاما مما تعلماه من أفلام فاتن و عبد الوهاب ، تبادلا حديثهما المعسول في المدرجات الدراسية و في ساحة الجامعة في الحافلة و في الرسائل الورقية ، حتى في الوقفات الاحتجاجية كان الحديث عن الحب حاضرا ، و في التنديد بغلاء الأسعار حضر الحب أيضا ، و في مخفر الشرطة كان له مكان هناك .
مايا مايا ... من منكن مايا ؟
تسمع مايا اسمها ينطق على لسان حارس مكتب رئيس المصلحة ، تقفز من مكانها مسرعة ، و تخطوا أولى خطواتها إلى المكتب ، لتفاجأ بابتسامة رئيس القسم الذي يرحب بها و يدعوها للجلوس ، يخبرها بان طلب التأشيرة قد قبل ،و يشرح لها بعض تفاصيل القضية ، و يسلمها الأوراق في فرح شديد يبدوا متجليا على محياها ، و تخرج من القنصلية مباشرة إلى وكالة التذاكر ،
تذكرة طائرة إلى ألمانيا من فضلك
حاضر لحظة
تعود للبيت حاملة بشرى التأشيرة ، جسمها يرتعش فرحا و سرورا ، عينها تلمعان بأشعة شمس الظهيرة ، و فمها ينطق بميلوديا وداع الشقاء، تفكر كيف ستودع حبيبها ، حبيب الزيت الغالي ،ستعده بالعودة لكن الأيام قد تسير عكس المواعد ، لتكون نهاية حب تخطى حواجز عديدة ، حب ستظل ذكراه خالدة ، كيف لا و هو حب في زمن الزيت الغالي .
Express yourself instantly with MSN Messenger! MSN Messenger
#مصطفى_العوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صورة مغربي الخارج كما تصور في الأذهان
-
زمن الأجساد المغرية
-
لحظة سينما بوعي المستديرة
-
لن أصمت
-
و تستمر العزلة لأزيد من مئة عام
-
التراجيدية الوطنية
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|