|
-طالبان- مصريون فى 4 شارع عبدالخالق ثروت!
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2260 - 2008 / 4 / 23 - 10:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، ولو أننا افترضنا حسن النية فى الزملاء السبعة الذين اختطفوا نقابة الصحفيين يوم الجمعة الماضى لما استطعنا تبرئتهم من مسئوليتهم عن الأضرار الوخيمة التى ألحقوها بالجماعة الصحفية بأسرها وبسمعة الصحافة وبالتقاليد النقابية والديموقراطية. فمن حيث الشكل قام هؤلاء باستخدام القوة والعنف اللفظى والبدنى لفرض مشيئتهم على النقابة بأسرها، ونجحوا بالفعل فى تحقيق ذلك بمنع انعقاد مؤتمر مناهضة التمييز الدينى فى نقابة الصحفيين. ومن أجل تحقيق هذا الهدف قضى بعضهم الليل داخل مقر النقابة الكائن فى 4 شارع عبدالخالق ثروت، واستولوا على مفاتيح المبنى وأغلقوا الأبواب بالضبة والمفتاح، وفى الصباح منعوا المشاركين فى المؤتمر من الدخول، بل منعوا نقيب الصحفيين نفسه الأستاذ مكرم محمد أحمد، وتطاولوا عليه بالقول البذئ والفعل الخشن البعيد كل البعد عن التحضر وروح الزمالة، فما بالك وهم بصدد التعامل مع نقيبهم المنتخب بإرادة أغلبية الصحفيين والذى يمثل فى الوقت نفسه قيمة صحفية وفكرية ومهنية ونقابية كبرى، فضلاً عن أنه فى سن آبائهم جميعا. وهذه كلها أساليب همجية ومرفوضة فى أى مكان، فما بالك بأن تجرى فى نقابة يفترض فيها أنها واحة قادة الرأى والفكر! وعندما يبررون هذه الفعلة الهمجية بأن مؤتمر مناهضة التمييز لم يحصل سوى على موافقة النقيب، وهى فى رأينا كافية جداً، فإن هذا لا يعطيهم الحق فى منع انعقاده، ولا يرتب لهم أى صفة شرعية فى اتخاذ هذا القرار. وإذا كانوا أصحاب حق فعلاً لكان واجباً عليهم المطالبة بعقد اجتماع طارئ لمجلس النقابة لمناقشة موافقة النقيب على استضافة مؤتمر مناهضة التمييز الدينى فى مقر النقابة. والقرار الذى يصدره مجلس النقابة – أياً كان – يكون هو القرار الشرعى بالسماح أو بالمنع لانعقاد المؤتمر فى مبنى النقابة. هذا هو الطريق الشرعى الوحيد، والمقبول، للتعامل مع المسألة، وغير ذلك لا يجوز، وليس من حق أحد أن ينتحل لنفسه صفة تخوله ما لا يجوز له أن يدعيه من صلاحيات، ناهيك عن أن يحوز هذه الصلاحيات بالبلطجة وقلة الأدب والتطاول، وهى كلها أمور لا يتصور عاقل أن يكون لها موضع من الاعراب داخل حرم نقابة الصحفيين. هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون فإن المؤتمر الذى ثارت من أجله ثائرة "جماعة السبعة" مكرس لمناهضة التمييز الدينى. ومن العار أن يكون هناك عضو واحد فى نقابة الصحفيين ضد أى شكل من أشكال النشاط الذى يستهدف مكافحة هذه الظاهرة الرديئة التى تتنافى مع مبادئ المواطنة ومع روح الدستور ومع جوهر الدولة المدنية الحديثة. والأسباب التى ساقها هؤلاء الزملاء لتبرير مناهضتهم لمؤتمر مناهضة التمييز الدينى تؤكد أهمية انعقاد المؤتمر وليس العكس. السبب الأول الذى تشبث بمسألة مشاركة بعض البهائيين وشن هجوم عنيف على هؤلاء البهائيين واتهامهم بأنهم "مرتدون"، إنما هو عذر أقبح من الذنب. بل إنه دليل دامغ وصارخ وفج على التمييز الدينى بالفعل. فهؤلاء البهائيين مواطنون مصريون. والدستور يكفل لهم حرية العقيدة. والاسلام الحنيف ذاته يكفل لهم هذا الحق ويقول بصريح العبارة "ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" كما يقول بوضوح لا لبس فيه أنه لا إكراه فى الدين. فعلى من يزايد هؤلاء السبعة؟! والأعجب أن أحد هؤلاء السبعة ظهر على إحدى الفضائيات ليقول كلاماً بالغ الفجاجة وصل إلى حد الزعم بأن البهائية تجيز زواج الأخ من أخته وخالته، أى أنه جمع بين التعصب والجهل معاً وكان مجرد ظهوره على شاشات التليفزيون وترديد هذه الترهات إساءة لسمعة الصحفيين جميعاً. مع ملاحظة أن ترديد المعلومات الخاطئة كان سمة أساسية لتصريحات جماعة السبعة لتبرير فعلتهم. من ذلك مثلاً حكاية التليفزيون الإسرائيلى الذى قالوا أنه دخل النقابة لتسجيل وقائع مؤتمر التمييز الدينى ثم ثبت أن هذه أكذوبة لا أساس لها تم استخدامها بسوء قصد لتشويه صورة النقيب مكرم محمد أحمد واتهامه بالتطبيع مع إسرائيل حسبما جاء فى الشعارات التى رددوها فى هذا اليوم المشئوم. وفى هذا السياق ذاته قيل كلام غث أيضاً عن مشاكل الأقباط، وهو كله كلام بعيد عن المسئولية والموضوعية ولا يليق أصلاً أن يقال فى نقابة الصحفيين حصن الدفاع عن الحريات والزود عن حقوق الإنسان. وقيل أيضاً أن حركة "مواطنون من أجل مناهضة التمييز الدينى" تتلقى تمويلاً أجنبياً، ثم ثبت أيضاً أن هذه أكذوبة مغرضة، فطبقاً لبيان تأسيس هذه الحركة فإنها "لا تقبل أى تمويل أجنبى وتعتمد على العمل التطوعى أساساً ومساهمات الأعضاء والمؤيدين من المصريين". وتحت يدى قائمة بالمساهمات النقدية من أعضاء الحركة وأصدقائهم حتى 5 أبريل 2008. باختصار.. فإن ما فعله هؤلاء الزملاء السبعة فى يوم الجمعة الأسود يمثل من حيث الشكل خروجاً على الشرعية بكل ما فى الكلمة من معنى مصحوباً بترديد الأكاذيب والشائعات التى تستهدف تشويه صورة نقيب الصحفيين وكل من يخافهم فى الرأى. والأخطر أنه يمثل سابقة لاختطاف المؤسسات النقابية وغير النقابية، حيث تعطى أى مجموعة من الأفراد لنفسها الحق فى فرض إرادتها على هذه المؤسسات بالقوة الغاشمة والإرهاب الفكرى والجسدى. وإذا كما ننتقد قيام "حماس" لاختطافها غزة فإن ما فعله زملاءنا السبعة لا يختلف كثيراً عن ذلك. وإذا كنا ننتقد الإرهاب فإن سلوك هؤلاء الأفراد لا يختلف عن سلوك أى خلية إرهابية تنتحل لنفسها صفة الغيرة على الدين وتقوم بتكفير من سواها وتستخدم ذلك ذريعة للانقضاض على الشرعية. لذلك نقول أنه بافتراض حسن النوايا .. فإن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة. وما فعله هؤلاء الزملاء يؤدى بنا إلى جهنم بالفعل، ويقدم لأعداء الصحافة هدية على طبق من فضة، حيث يستطيع هؤلاء أن يقولوا للرأى العام: هؤلاء هم الصحفيين الذين يتحدثون عن الحريات ويطالبون بإلغاء الحبس فى قضايا النشر. أنظروا ماذا يفعلون فى بعضهم البعض وماذا يفعلون فى ملف وثيق الصلة بقضية جوهرية من قضايا الحريات هى قضية التمييز الدينى وانظروا إلى كمية الأكاذيب التى يلصقونها بزملائهم وخصومهم. لذلك كله لايجب أن تمر هذه الفعلة دون حساب وإلا تحولت نقابة الصحفيين إلى أفغانستان صغيرة يمرح فيها هؤلاء "الطالبان" الجدد.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسئولية المجتمع (1)
-
نقابات عثمانلية!
-
إذا كانت أغلبية الصحفيين مع التمييز الدينى لا أريد عضوية هذه
...
-
إضراب.. وحريق.. وبينهما خيط رفيع
-
والله العظيم ...تحسين الأحوال المعيشية للناس..ممكن
-
هل نرفع الراية البيضاء أمام مافيا أراضى الدولة؟ (1)
-
حيرة الحكومة بين -التعطيش- و-التسقيع-
-
نداء عاجل إلى من يهمه الأمر
-
التدحرج من -القمة- إلى - القاع- (1)
-
لمصلحة من : قتل المبادرات الأهلية ؟!
-
أحب »كيث«.. لكني أحب الناخبين أكثر!
-
أزمة الرغيف .. عار على جبين حضارة مصر
-
الخبز الحاف!
-
مجالس الأعمال تبحث رغيف الخبز!
-
المصيلحى .. عدو الشعب رقم واحد!
-
من الذى يحمى أراضى الدولة؟!
-
سنة خامسة إصلاح: وماذا بعد؟! (1)
-
حاجة تكسف: هكذا تحدث «مشرفة» منذ 83 عاما!
-
جنون -الحجر-
-
سنة خامسة إصلاح .. وماذا بعد ؟(2)
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|