ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2257 - 2008 / 4 / 20 - 04:58
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا يمكن قراءة المناورات (التدريبات) السورية بأنها رد من نوع مواز للمناورات الإسرائيلية أو لمواجهة الكوارث الطبيعية بحسب بيان الحكومة السورية , فالقراءة الأولية الأقرب إلى الواقع والأنسب لجس نبض النظام السوري, أنها استباق لآتٍ أعظم , حذرت من هوله تقارير الاستخبارات الروسية مطلع هذا العام .
هذا الواقع - الذي تتغير بتغيره معادلات سياسية راسخة وتنقلب على إثره الموازين الأقليمية , إن سلباً أو إيجاباً كل بحسب موقعه قربه أو بعده - أكثر من خطير , وسواء نجحت العيون الروسية في رصد أخطاره أم لا , تبقى رياحه الباردة تذر معها لفحات تفتت هياكل السلطة وعظامها .
لعبة كسر العظام الأقليمية , بدأت في صيف العام 2006 , لن توفر أحداً في طريقها, اللهم باستثناء إسرائيل بما نالته من رضوض , حيث يقف معها الغرب بثقله , رغم أنها من المشاركين الأساسيين في هذه اللعبة التي لن تطول فصولها كثيراً , فعامل الوقت حاسم ومهم للجميع , إن هدراً أو كسباً .
على ضوء هذه اللعبة سيجد النظام السوري نفسه معزولاً بحق , ليس من العرب , بل من إيران , نعم من إيران التي تشكل بطوباوية نفوذها عقدة اللعبة ومفتاح تشغيلها وإطفائها , والعزلة هنا في حالتي الربح والخسارة , إذا خسرت إيران في ضرب برنامجها , خسرت معها سورية حلفاً أبدياً أعطاها أدواراً هنا وهناك وشعوراً بالآمان , أما الربح في تجنيب نفسها ويلات الضربة , فهو ربحٌ صاف لها وخسارة مدوية لسورية , لأن إحداهما مضطرة لأن تتخلى عن الأخرى .
هاجس هذه اللعبة الخطرة , معطوفٌ عليه هاجس المحكمة الدولية واغتيال عماد مغنية , جعل النظام السوري , على غير عادته , يحسب مصيره بالأشهر لا بالسنوات , فوقت اللعبة يمضي بطيئاً وسريعاً في آن واحد , من دون أن يستطيع أحد ضبطه أو إرجاع عقاربه إلى الوراء , وعليه, فإن المناورات الضخمة تكشف أن ما هو استراتيجي صار تكتيكي استباقي بحكم ظروف اللعبة ومقتضياتها لآتٍ أعظم , قد يأتي هذه المرة من الداخل والخارج معاً .
الأشهر القادمة مليئة بالمفاجآت, وسيجد خلالها المؤرخون مادة دسمة انتظروها طويلاً لإعادة كتابة التاريخ بمسارات جديدة كل الجدة .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟