سرمد السرمدي
الحوار المتمدن-العدد: 2265 - 2008 / 4 / 28 - 09:45
المحور:
الادب والفن
لكي لا نهمل دور التلاقي بين الافتراضات الفنية والواقعية في الفن الثامن انطلاقا من النقطة ,نجد ان القول بقبول المعنى وفقا لتعلق الغرض بالاساس او ارتباطه بواقع فعلي هو بذاته ما جعل من الممكن للمتلقي صياغة افتراضه وهكذا لا يمكن التنحي عن واجب النظر فيها كطروحات بحد ذاتها ولو لم تتضح فعليتها فنيا ,وربما بمجرد قبولها مبدأيا نلاقي حدا فاصلا نسبيا بين صواب الاخذ بالمعنى التقريبي وبين مشكلة احالة متافيزيقي الى تجرببي بمحاولات ذات عقم نتائجي واضح كحد اقصى .
في النقطة حياة بصورة فنية تلاقي الحياة بواقعيتها وهنا يلاقي المتلقي واقعا اخر , فلا هو في الفنون السبعة قادرا على ازاحة الافتراض المعين وفقا للمعطيات المخصصة رغم الخبرة الحسية التي يحيل تلاقي المحيط الواقعي الاني نتتاجها الى تضارب واضح بين الطرح الفني وافتراض بذاته ناتج عنه , ولا في عملية تفعيل الغرض في ذات النقطة لا واقعيا ولا فنيا , حيث تتبدى حقيقة المعنى في طرح ما فنيا على اساس تجربة ذاتية بحته بالضرورة , ونفس العملية تتكرر لتحيل الطرح الواقعي لحياة الى تجربة فنية متعينه مسبقا في الذاكره مع علمنا باللافعلية في الفنون السبعة والتي تحيل بدورها الى اللافتراض الفعلي على الصعيدين .
من نقطة التلاقي نفهم كيف يمكن للفن الثامن اخراج المتلقي من التمركز حول الذات ففي مسأة الافتراضات التي يبدو التسليم بها مبدأيا هو الحل او الباب المؤدي لما يمكن التحقق منه من افتراضات اخرى رغم ان النوع الاول منها غير قابل لمطابقة واقعية , ان التلاقي بين الشك واليقين ممكن ان يجعل من قيمة الافتراض اكر وضوحا , حيث ان الطرح لموضوعة سلبية الاثر على ما يبدو بديهيا منها يدعم بشكل تلقائي الموضوعة الايجابية المقابلة .
الطرح الفني يلاقي الواقعي في نقطة حيوية هي المتلقي , من هنا يبدأ ادراك كيفية التواصل بين الطروحات الفنية والواقعية بالنظر لمرجعية المتلقي التجريبية من كلا المجالين , حيث سيمثل نفسه وافكاره ذاتها , التي تبلورت بالضرورة من خبرة فردية تشكلت كبناء نسبي يتعشق من الطروحات الغيرية التي تنطلق من ذات مبدأ الفردية سواء اكان فنان ام متلقي اخر يتزامن تفاعله مع المتلقي الاول , ويبقة نتاج شكي في بنية مجهوله المضمون
حيث البث بواقع حال نتاجها الخبروي , على الرغم من عدم القدرة الكامنه لاي ملاحظ يبغي تجريدها من مفهومها الانساني مضمونا مما يضمن قوة التصنيف علميا كفردية متلقي ذو ذات حيوية غير قابلة للتجاهل , ولو اثر الطرح الفني من جانبه التخلي عن الاخذ بذاتية المتلقي توخيا لموضوعية النتاج الفني مبدأيا فالاجماع سيكون حول البديهيات من الواقع الملاحظ للمتلقي والذي يجعل من الطرح الفني مناظرا للواقع في افتراضاته من ناحية ومعاكسة له في كون المتلقي منزوع الفعل , لعدم وجود تفاعلية ممكنه للافتراضات المعينه , والتي بتقى رهن الجدل العقلي لا الفعلي .
ان تلاقي السبعة فنون مع الحياة في نقطة التلاقي , المفترضة , تجعل من نتاج البت في موضوعية الاخذ بهذه الفكرة رايا في كون القول بمواجهة الفن للحياة تلاقيهما يؤسس جدلا مفاده اعتماد البناء الفني على الحياة ماديا , بالتالي يمكن تاكيد مسالة التناظر المادي للبناء بين المجالين لو ادركنا اللغة المشتركة بين الفنون السبعة والتي بدورها ستفصح عن امكانية تفسيرها او تناغمها لواقع الحياة الانسانية مضمونا .
ان تلاقي مضمون الفن والحياة , في ذات المتلقي الحيوية تلاقي الافتراض وفعليته المنشودة لابتناء نتاج موضوعي للعملية الفنية , لا يمكن ان يفرز الا توجها لمطابقة الطرح الواقعي مع الفن على اساس كون الاول معينا للثاني مع ان امكانية تقليد الحياة الاخذ بشكل التجربة الفنية العام على اساس كون التوازي بين الطرح وواقع فعلي ضرورة فكرية لاجتزاء التجربة من عملية تفريغ مضمونها الانساني التي تجري ضمن اطار اللاتفاعل بين الفن والمتلقي , مع ان تلك الضرورة تعد في رصد بسيط من اشد الاليات توقا لنيل هدف التفاعل وبرغم ذلك تغلبها نزعه متافيزيقية يؤكدها التلاقي في النقطة من خلال استحالة صدق عكس الطرح الفني لواقع فعلي مغيبا ذات فعلية الواقع , المتلقي .
يتسنى لوسائل التعبير الفني , في الفنون السبعة , فرصا ومحاولات لسبرغور الواقع الفعلي للانسان , تلتقي في النقطة جميعها لتحيل ذات وسائل التعبير الى حواجز فكريو مضللة للمتلقي عن الواقع , حيث ينتقل المضمون الانساني عن طريقها للمتلقي بشكل يتعدى ذات الوسائل مما جعل التعبير عن الواقع بالواقع مهربا من عقم العملية التعبيرية , واتخذ الفن صفة النقل لا النقد العلمي للواقع في اغلب وسائله الحديثة , تقنيا .
ان حياة الفن , أي الواقع الفني الذي يزاوج ذاته من اجل
توليد واقع أفضل للإنسان ، لتعبر عنه نقطة التلاقي أدق من كثير من ما توافر بحثيا حيث بافتراضها يحال ما قبلها إلى حياة في الفن لها من الانفلاق على طروحاتها نسبياً تؤهل استقلالية مفرطة عن ذات الحياة بالتالي فمنتج فني وطرح معين لا يقارن إلا بطرح مماثل من ذات الوسط لا من ذات الواقع المفترض بديلا تجريبيا لبحث واقعة حياتية ما.
الفن يلاقي الفن ، نسق بنائي يكمل بعضة البعض الآخر، وفق آلية اجترار الوسائل التعبيرية بما لا يجعل من النقد مضموناً خارج ذات الإطار، التلاقي، أي توليد تكامل نظري بحت عن واقع فني ، فتأسيس فكرة يتم تدعيمه من ذات طرح فكري آخر بإطار فني واقعي آخر، مما يؤهل قبولا بالمضمون الإنساني من قبل المتلقي كحالة تواصل لما وراء الطرح، لا ذات الطرح ، حتى تتنحى نظرة مطابقة الموضوع بطرح واقعي تنحي ذات شكل الطرح لمن واقع فعلي.
فنية التلاقي هي النتاج الوحيد، حيث في بودقة النقطة تتبلور قوانين نظرية للفنون السبعة تمترس صدقية الطرح خلف توافقه مع التطور الفني البحت والذي في حياة الفن مستقلا بالضرورة الفكرية عن واقع فعلي مناظر زمكانيا وحيث أصبح البناء النظري فنيا عقيما عن فرز واقع افتراضي قابل للقياس، من المرجح لهكذا مسار نهج فكري منطقيا البناء على أي طرح كمقدمة ونموذج مقارنة دون البت في صدق طرحها مضمونا حتى مع واقع فعلي متلازم خاصة والمتلقي ممثلا لهذا الواقع على أقل تقدير، فأن لم يواجه الطرح الفني الواقع الفعلي ضمن حدود المتلقي فالتلاقي فنيا ليكشف افتراق الفن عن الحياة.
في التلاقي بين واقعين تدور في ذهنية المتلقي تراتبية مفادها محاولة تقصي أثر أحدهما في الآخر وإيجاد مشتركات تعد أساس عملية الفهم ، التفاعل فكريا في محاولة تفسيرية على أقل تقدير وقد تكون هذه المحاولات لكشف حقيقة ما تنتهي إلى لا شيء، أي انحصارها بمستوى المقدم من مضمون العمل الفني والاكتفاء بهكذا نتيجة كتقريب أولي يجعل البت في فيما دخل فيه العمل من نقاش لموضوعة ما مجردا من الحقائق الواقعية تابعا بالضرورة إلى المحيط الفني بالكامل ، من هنا تتوافر السبل إلى الأحكام المترددة من قبل المتلقي على ما آل إليه نتاج بحث المنتج الفني لموضوعه، لابد من الإشارة إلى إن حتمية النتاج ليست غاية بحثنا عن تفاعلية مفترضة في الفن الثامن بل كون التجربة برمتها موضوعية فلا يمكن للفن أن يحتكم للفن في مناقشة المحيط الواقعي وتفاصيل موضوعاته لأنه بالنسبة للمتلقي يتاح لنا تصور إن نقطة التلاقي المفترضة أظهر تأمله للآراء المتضاربة وإن كانت من القوة بمقدار صوابي يؤهل بعضها للركون
اليه من قبله ،إلا أن تلاقيها ذاته يعرض العملية المعرفية لبعض الشك الغير حميد ، بحيث يتعذر غير الاعتقاد من قبل المتلقي بتصورنا الحالي بكونه قادرا على البت في أمر دون آخر في المحيط الفني، وكأن مجرى العملية يمتلك من الطبيعة التي تناظر المتلقي الإنسان في محيطه الواقعي عند ذات لحظة احتياج الحكم على صوابية الموضوع المتعين، ولكن تلك القدرة زائفة ، فمسألة تجاذب المحيط الفني لخيوط موضوعة ما ونسجها بحيث تبدو وهي بالذات لا غيرها لا يمكن إن يجعلها واقعا قابلا للحكم الواقعي من المتلقي لأنها ببساطة فن.
#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟