|
قل عراك ..و..لا تقل عراق
شهد أحمد الرفاعى
الحوار المتمدن-العدد: 2254 - 2008 / 4 / 17 - 09:33
المحور:
كتابات ساخرة
خمس سنوات مرت والحال فى العراق يزداد سوءا ً وإضطرابا ً ، والمشهد العراقى يزداد قتامة ولا يبدو اي إنفراج قريب ، بالرغم من كثرة اللغو والحديث الصادر من بعض الساسة الأمريكين بقرب الإنفراجة ، وحتى رحيل جورج بوش القريب لم يعط أية بادرة امل لوضع حل جذرى للوضع المتدهور فى الأراضى العراقية.
أعتقد أنه قد بدأ بالفعل العد التنازلى لكشف المستور فى المأساة العراقية ولغز التواجد الامريكى هناك ، وبقليل من النبش فى الذاكرة وبإسترجاع متأن ٍ لللأحداث ومع قراءة متانية أيضا لما يدور على الساحة العراقية والامريكية من احداث ، نجد أنه ومنذ ان قامت الولايات المتحدة الامريكية بغزو العراق وإحتلاله بذريعة إمتلاكه أسلحة الدمار الشامل وبحجة وجود علاقات تربطه بتنظيم القاعدة ومع إقتناع العالم الآن وحينها بكذب هذه الادعاءات إلا ان المأساة العراقية ما زالت تنزلق من سىء إلى أسوأ
توالت الاحداث ولم ينتبه أحد وان صح التعبير لم يلق بالا ، إلى أن المنطقة بدا بآسرها تجر إلى مزيد من التمزق والاشتعال ومزيد من العراك، وأن هناك دولة عربية كبيرة بحجم العراق تنهار تماما يوما بعد يوم وأوشكت أن تزال من على الخريطة ليحل محلها دويلات صغيرة ممزقة ما بين كردية وشيعية وسنية -ويمكن أيضا أمريكية أو صهيونية ( الله اعلم وأعتقد من بيده مقاليد الامور أعلم ) وشر البلية ما يضحك.
الاكاذيب الامريكية بنشر الديموقراطية قسرا وقیم العدل والسلام ..إلخ ، وآمانى العيش فى ترف وحرية فى القطر العراقى.. لم تؤتى أُكُلهَا اللهم الا مزيد ا ًمن القتل والتشريد للملايين من العراقيين وتقطيع أوصال العراق ما بين الطائفية والفقر والتطرف الدينى ..إلخ من أوضاع إدت إلى خلق حالة من الضياع أغرقت البلاد بالتالى فى حروب أهلية طاحنة .
وحسب صحيفة الإندبندنت البريطانية ، أيضا ً، الشعب الامريكى كان له نصيب من هذه الكعكة المسمومة ،وعن خسائرها المادية فى العراق حتى الان فحدث ولا حرج،ففى صبيحة كل يوم إحتلال أمريكى لأرض العراق تتكلف الميزانية الامريكية مايفوق 300 مليون دولار.. هذا فى الوقت الذى تتضارب فيه الارقام المعلنة من وقت لأخر الا انها فى ازدياد ملحوظ وقد جاءت اخر الارقام لتقول أن التقدير المبدئى للحرب العراق كان 60 مليار دولار تقريبا بينما تصاعد الرقم الى أضعاف أضعاف هذا الرقم الآن ليقترب من تريليون دولار!! ، بالاضافة الى اضطراب الإقتصاد الأمريكى وإنخفاض قيمة الدولار غير المسبوقة وذلك بسبب خفض الضرائب ولجوء الأدارة الأمريكية إلى الإقتراض للوفاء بتكاليف هذه الحرب المجنونة .
وأما عن حجم خسائرها البشرية فإن الحصيلة بعد خمس سنوات من الدمار والغزو تضع أمامنا ما يقرب من 5000 آلاف جندى أمريكى قتيل ومايقرب من 30000 ألف مصاب حتى الآن والعهدة على الاحصائيات الأمريكية .
هذا بجانب الآثار النفسية السيئة للجنود الأمريكيين والمترتبة عليها حالات إنتحار وطلاق لم تسجل من قبل إلا فى أثناء الحرب الفيتنامية.
وبالعودة إلى العراق المذبوح من الوريد الى الوريد .. نجد ان القتلى لديهم لا حصر لهم فهم ما بين المطرقة والسندان فى هذه الحرب اللعينة التى جعلت رقابهم تحصد بالآلاف ما بين مطرقة حرب اهلية طائفية طاحنة و سندان الاحتلال .
لا يعرف لضحاياها عدد مع ان اخر الاحصائيات يقارب عدد القتلى فيها الى الان نصف مليون قتيل تقريبا واما عن الجرحى فلا عدد لهم فكل بيت تقريبا يوجد به ان لم يكن قتيل فهناك جريح أو مفقود أو مشرد فكل من يخرج من بيته يودع اهله فقد لا يعود فى نهاية يومه ، ..الخ
ويكفى ان نعرف أنه فى شهر واحد مثلا فى مطلع هذا العام كانت احصائية القتلى من العراقين ما يقرب من 2600 قتيل اى ما يزيد عن 50% من مجموع قتلى القوات الامريكية منذ الغزو وحتى وقتنا هذا. هذا بجانب أكثر من 2 مليون مواطن عراقى مشرد فى الشتات ، الفقير منهم يتجه الى البلاد العربية المجاورة كمصر والاردن والعلماء منهم والاثرياء يتجهون نحو الغرب وارض العم سام وبذلك نعطيهم خيرة علماء وعقول العراق بجانب النفط والدم العربى العراقى..ليزيدو من يعمل على تدميرهم قوة وعلما ..فهل تبقى أحد من اهل العراق بالداخل ..؟؟؟..ولا تعليق!!!
وما بين خسائر مادية بالمليارات وخسائر بشرية بمئات الآلاف وشعب يضيع فى الشتات مثلما ضاع من قبل الشعب الفلسطينى ..نجد صمتا عالميا مطبقا ونوما عربيا فى العسل كما يقولون بالمصرى.
نفق مظلم لا تعرف اي من امريكا ولا العراق ولا العرب لا بل ولا المجتمع الدولى سبيلا للخروج منه .
فان قالت امريكا بالانسحاب لطم العرب الخدود وصاحوا بأعلى صوتهم لا بل عليكم بالبقاء حتى تطمئن النفوس ولا تقطف الرؤوس..وهم بذلك يضعون نصب اعينهم المارد الايرانى الفارسى القادم بثقله وخفافيشه الظلامية المصوبة فى تخطيط محكم نحو المنطقة.. وان أشارت امريكا بالبقاء اشتعلت المقاومة ( المرتزقة) المجلوبة من الخارج أو من النفوس الخربة الموجودة فى الداخل وليست العراقية الشعبية المنتمية لحضارة بابل وطمى العراق وقامت بحصد الرؤوس العراقية وكانما اصيبوا بالعته او بالعمى فلا يفرقون بين الامريكى والعراقى فالكل سواء امام السيارات المفخخة الملتوية والمشبوهة الهدف ،فليس كل العراقيين متعاونين مع الإحتلال !! .
ولكن المصيبة الاكبر فهى للإدارة الامريكية ومطالبة الشعب الامريكى لها الان بالانسحاب من العراق فان انسحبت كيف سيكون الوضع وهى لم تحقق ايا مما كانت تنادى به اللهم الا القتل والدمار فلماذا كان الوجود من البداية؟ فالبقاء كارثة ..الاستمرار فى الاحتلال يعنى المزيد من الخسائر المادية والبشرية والانسحاب فى هذا التوقيت كارثة اكبر .
فأمريكا بزعامة العم بوش لا هى قضت على الارهاب ولا هى تركت الشعب لصدام العراق ولا هى حافظت على نفط العراق المسلوب والذى يمثل ثلث الرصيد الاحتياطى العالمى..
دائرة من النار وطوق من جمر اللهيب يلف خاصرة منطقة الشرق الأوسط ، والخاسر الوحيد هم العراقيون انفسهم المشردون فى شتات الأرض ، والمحرومون من كافة الخدمات فحسب تقرير منظمة الصليب الأحمر فإن العراق الآن يفتقر إلى الرعاية الصحية فلا غذاء ومياه الشرب ملوثة ، ولا كهرباء وشبكات الصرف الصحى مدمرة إلا القليل منها ، فمعظم الميزانية العراقية تنفق على حماية أمن النظام القائم هناك.
يأتى بعد ذلك المجتمع الأمريكى وإدارته التى فقدت مصداقيتها أمام العالم بشنها حرب عرضت الشعب الأمريكى للكثير من الخسائر المادية والمعنوية ..الخ
بالمقابل نجد ان هناك من ربح من تجارة الحرب هذه ، فهناك من إزدادوا ثراءا فاحشا من إستغلال بترول العراق ومن مشروعات الإعمار التى لا تتحرك قيد أنملة منذ بدات الحرب إلى الآن ، ايضا الشركات الأمنية ، وحتى شركات القرصنة مثل بلاك ووتر كانت من الرابحين فى هذه الحرب.
ومن كل ذلك نلتقط الطرف الإيرانى وتدخله الآن فى العراق مما سيسبب نوعا من الإضطراب العراق فى غنى عنه ، فلن يزيده هذا التدخل الا فوضى وصراعات طائفية.إلا ان ايران تعى دورها تماما فى العراق ومخططة له عكس الدور الأمريكى التائه.
اعتقد ان كل ما حدث ويحدث فى العراق من شأنه ان يكون درسا للإدارة الامريكية كيلا تعاود التفكير فى شن المزيد من الحروب وإشعال المنطقة بمزيد من نار الحروب ، ولعلها اصبحت الآن على قناعة تامة ، من ان الذهاب للحرب ليس بالنزهة فكما ان الدخول ليس بالامر السهل فالخروج من هذا المأزق ليس سهلا ايضا ، وأعتقد ان الامريكيين والعراقيين بل والمنطقة بأسرها اصبحت فى دائرة النار.
كما اعتقد ان الحل لن يأتى الا من داخل العراق نفسه بتعاون جميع طوائفه والوقوف جنبا الى جنب فى مواجهة التعصب والصراع الطائفى حتى يكون هناك عراق جديد ، فهل يتحالف القط والفأر والأفعى من أجل بقاء العراق والخروج به من غيبوبته؟
ولكم تحيتى
بقلم نجوى عبد البر(شهد الرفاعى)
#شهد_أحمد_الرفاعى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسماك الميتة و المميتة
-
همسات ليلية (59) الأن لا يرهبنى الغياب
-
همسات ليلية (58) ما عادت ظلالك تآسرنى
-
يخطىء من يظن أن ذاكرة التاريخ تنام و تغفو
-
العرب كلام× كلام ..غثاء × غثاء
-
الزوجة الثانية ما بين القبول والرفض
-
ثقافة الحوار وإشكالية الصواب المطلق
-
همسات ليلية (57)كفكفى الدمع فاطمة
-
لوجه الله ، مزيدا ً من الهجرة.
-
همسات ليلية..(56) أنت َ الصدفة الأخيرَةُ في حَياتي
-
اسرق اسرق حتى يكتشفك الآخرون
-
همسات ليلية ...(55) بريق الهمس فى عينيك ِ يلهمنى
-
من سرق ورقة التوت ؟؟؟
-
الأجوبة لا تكشف الظلام وانما الأسئلة
-
التنافس والمتنافسون
-
السؤال الذهبي
-
همسات ليلية ( 54) حوار النورس والهمس
-
همسات ليلية (53 ) هكذا يريدنى!!!!
-
أجراس الخطر ( الجرس الاول : عصر الاسفاف الفضائى )
-
همسات ليلية (51) قد أسدلتُ الستار
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|