أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الجبار بن أحمد القاضي - هل العقل مقدم على النص؟ كيف؟ ولماذا؟ - 2 (مناقشة مع منكري قاعدة: العقل مقدم على النص)















المزيد.....


هل العقل مقدم على النص؟ كيف؟ ولماذا؟ - 2 (مناقشة مع منكري قاعدة: العقل مقدم على النص)


عبد الجبار بن أحمد القاضي

الحوار المتمدن-العدد: 2249 - 2008 / 4 / 12 - 03:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك من يرفع شعار (درء تعارض العقل والنقل)، وهو شعار صحيح وحقيقي، ولكن لا يحق لأحد أن يرفعه إلا من قدّم العقل على النقل على الوجه الذي بينته أعلاه؛ لأن السؤال المنطقي الذي سيوجه إلى قائله: كيف عرفت أن النقل لا يتعارض مع العقل؟!
فماذا يا ترى سيكون جوابه؟!
هناك من يرفض هذه القاعدة (العقل مقدم على النص) معترضاً باعتراضات:
منها:
1. أن العقول تتفاوت فأي عقل هو المقصود بتقديمه على النص؟
والإجابة:
إني قد قلت سابقاً إن العقل المقصود هو العقل النظري المجرّد الذي يعلم أن الجسم لا يكون في مكانين في وقت واحد، ويعلم أنه لا تأثير إلا بمؤثر، وأنه لا ترجيح إلا بمرجح، ولا تغيير إلا بمغير، وأن من الحوادث ما لا يظهر إلا معلولاً للآخر (السببية)، وليس يقترن به فقط ، وأن التسلسل والدور محالان، وأن الشيء لا يكون نفسه وغيره في الوقت نفسه، وأن المتناقضين لا يرتفعان ولا يجتمعان.
تلك القواعد العقلية (المجردة) التي ينطلق العقل منها في استدلالته، هي ما يتفق عليه جميع عقلاء بني الإنسان ولا يتفاوتون فيها، حتى الجاحدون منهم، فإنهم يعيشون بيننا ويتصرفون كما نتصرف ويبكون في مواطن البكاء، ويضحكون في مواطن الضحك، ويذهبون إلى الطبيب حين يمرضون! ويغسلون ثيابهم حين تصيبها الأوساخ! ولا يشكون في شيء من ذلك!.
هذا العقل الذي ينطلق في كل استدلالاته (كلها على الإطلاق) من قواعد يتفق بها مع جميع عقلاء بني الإنسان، هي الأرضية التي تبنى عليها جميع الاستدلالات.
وحين تختلف العقول في أمر ما وحين تتفاوت وحين تختلف، فليس هذا بضار ولا بناقض لتقديم العقل، فإن النقاش لن يكون حينئذ إلا بالعقل نفسه، وبقواعده التي سيتفاهم البشر على أساسها، فاختلاف العقول لا يلغي العقل نفسه حال كونه دليلاً مستقلاً، وحال كونه دليلاً أولاً مقدّماً تقام به الحجة على المخالفين.
2. حين تدعو إلى إقامة الإيمان على العقل فإنك تدعو إلى الشك في الدين، والشك في الدين كفر!.
الإجابة:
هناك فرق بين الشك (المنهجي) الذي الغرض منه الوصول إلى الحقيقة، والشك (العبثي) الذي غرضه مجرد التشكيك في الدين فقط.
الشك المنهجي لا يخلو من أمرين:
أ‌. إما أن يعرف الناظر ـ مهما يكن دينه ـ أنه على باطل فيتجه إلى الدين الصحيح.
ب‌. وإما أن يستيقن بما عنده من الحق ويتمسك به، ولكنه سيتمسك به حينئذ بناء على علم واستدلال لا على تقليد غير مأمون الجانب ولا خير فيه.
وهذا الشك حين يكون؛ سيكون شكاً غير ناقض للإيمان الذي تربى الناظر وعاش عليه، بل سيرافقه على افتراض أنه هو الحق، فإما أن يتأكد عنده أنه على الحق، وإما أن يعلم أن الحق في غير دينه وفي غير مذهبه، وحينئذ يختار الطريق الصحيح، ويقرر بأي دين يتديّن، أو على أي منهج يسير إن كان هذا الشك داخل إطار المذاهب والمنظومات العقدية.
وحين يرفع مسلم شعار (لا تشكوا، فإن الشك كفر)!، فإن من حق كل ذي دين أن يرفع هذا الشعار نفسه!، وإذا كان الأمر كذلك، فليتمسك كل ذي دين بدينه إذن، وستغلق الآذان دون خطاب العقل! العقل الذي يرفض أن يكون الواحد ثلاثة!، والذي يرفض أن يكون لهذا الكون إلهان قديمان، والذي يرفض أن يكون الحجر والشجر إلهين يتصرفان في الوجود!.
العقل الذي يرفض أن يكون الخالق الواحد متعدداً تقوم بذاته المعاني القديمة أو المحدثة!، ويرفض أن يكون الله العدل معذِّباً للعبد بسبب ما يخلقه هو في قلب العبد من الكفر، ويخلقه فيه من اختياره وفعله وكسبه إياه ثم يعذبه عليه، فهو يعذبه على ما خلقه هو فيه!، ويخلق في قلب غيره الإيمان والصلاح واختيار ذلك وفعله ثم ينعم عليه! فهو ينعم عليه بما خلقه هو فيه!.
هذا العقل الذي ربما يتفاوت فيه البشر، ولكنهم لا يتفاوتون في (الضرورات) و(البدهيات) التي ينطلقون منها في استدلالته، هذا العقل يبقى هو الدليل الأول الذي يقيمون به الحجة بعضهم على بعض للوصول إلى الحق.
3. إن في القرآن حججاً عقلية أقامها الله أدلة على المخالفين، وهذا كاف فيجب أن نتقيد به دون أن نلجأ إلى أدلة عقلية من خارج النص.
الإجابة:
إن هذا الدليل يخدم القائلين بتقديم العقل وليس العكس، فإذا كان النص نفسه يحيل على العقل، ويعتمد عليه في إقامة الدلالة والحجة على المخالفين؛ أفليس الواجب علينا أن نقتدي بالنص في هذا؟ وما الدليل على وجوب التقيد فقط بما في النص من دلائل دون غيرها؟ فإن العقل هو العقل! وإن أدلة العقل هي أدلة العقل! سواء أذكرت في النص أم لم تذكر..
ثم إذا كان الواجب أن نتقيد فقط بأدلة النص العقلية دون غيرها، فهذا على افتراض أنه من عند الله، وحينئذ فلا بد من الإجابة على السؤال الذي ذكرناه آنفاً:
كيف عرفنا الله تعالى ابتداء؟ وكيف علمنا أنه عدل حكيم لا يكذب ولا يفعل القبيح ولا يجري المعجزات على يد الكذابين؟ بالعقل أم بالنص؟
إذا كانت الإجابة: بالنص!
فالسؤال هو:
كيف علمنا أن النص من عند الله؟
وإذن فلا بد من إقامة الدلالة بالعقل على كون النص من عند الله تعالى، ولا يمكن تصديق النص إلا حين يعلم قائله أولاً وأنه عدل حكيم لا يكذب ولا يظلم ولا يغدر ولا يجري المعجز على يد كذابين.
ثم، إن من جملة الاعتراضات على تقديم العقل ـ وقد ذكرت ذلك قبل قليل ـ أن العقل يتفاوت! والسؤال هو:
إذا كان العقل يتفاوت فلماذا يستخدم الله تعالى حججاً عقلية على المخالفين؟
أفلا يعلم أن العقل يتفاوت؟ أم أن تلك الأدلة العقلية موجهة لقوم بأعيانهم دون آخرين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلم التقيد فقط بالأدلة العقلية الموجودة في القرآن الكريم الموجهة إلى قوم محددين دون غيرها مما تقوم به الحجة على المخالف؟
4. إن الدعوة إلى إعمال العقل وجعله الدليل الأول، إنما هي دعوة غرضها إيصال الناس إلى الإلحاد شعر الداعون بهذا أم لم يشعروا!.
والإجابة:
إشكال كبير أن يُظن أن إعمال العقل يوصل إلى الإلحاد، ولا يوصل إلى الإيمان! إشكال كبير! ذاك أن هذا القول يحمل في باطنه مؤشراً إلى أن من يقوله ويردده لا يخرج من أحد احتمالين:
أ‌. إما أنه (يوقن) أن العقل والنص يتعارضان، وحينئذ فإيمانه فيه مشكلة حقيقية!.
ب‌. وإما أنه (يشك) أن العقل والنص يتعارضان، وحينئذ فإيمانه أيضاً فيه مشكلة حقيقية!، لأن الشك عنده كفر! وإذن فشكه أن هناك تعارضاً بين العقل والإيمان كفر بحسب اعتقاده!، ولهذا فهو مدعو إلى الشك في شكه هذا والبحث عن الحق ليستيقن بأن الإيمان لا يتعارض مع العقل، ولن يكون هذا إلا بالعقل.
أما إذا كان يعلم يقيناً أن العقل لا يتعارض مع النص، ولكنه يخاف على الناس، فاحتمال من احتمالين أيضاً:
أ‌. إما أن يكون الناس يؤمنون بالنص وهم يجهلون هل يتعارض مع العقل أو لا! وحينئذ فهل إيمانهم هذا ـ لو صحت تسميته إيماناً ـ مبني على أساس؟ أو لا؟ وحينئذ أليس من الخير أن يبني المؤمن إيمانه على علم؟ أم يبقى مقلداً؟ والمعلوم أن التقليد مذموم، حتى لقد اختلف علماء الإسلام: هل إيمان المقلد يعد إيماناً؟
وإذن فمم يخاف من يخاف من إعمال العقل والانطلاق منه في بناء الإيمان؟
ب‌. وإما أن يكونوا عالمين بهذا، وإذا كانوا عالمين بهذا؛ فلا علم إلا وهو قائم ضرورة أو استدلالاً، والعلم ليس تقليداً وطريقه ليست هي التقليد، فمم يخاف ـ أيضاً ـ من الدعوة إلى إعمال العقل والانطلاق منه لبناء الإيمان؟ وهو أمر ما هو إلا توكيد لمعلوم سلفاً عند الناس؟.
5. إن تقديم العقل يقتضي تقديسه، وجعله حكماً على النص.
الإجابة:
أما أن تقديم العقل يعني تقديسه فهو كلام ليس صحيحاً، فإن العقل نفسه يعلم أنه لا يتدخل إلا في العقليات فقط، لا في اللغويات ولا في الشرعيات لأن هذين الأمرين
ـ ببساطة شديدة ـ لا يتعارضان مع مسلمات العقل، فإن الفاعل مرفوع لأن العرب قالوه هكذا، ولو أنهم نصبوه لكان منصوباً، فما دخل العقل هنا؟ وأما الشرعيات ككون الصلوات خمساً لا ستاً، وكون الصيام شهراً واحداً لا أسبوعاً فهي أمور لا تخالف مسلمات العقل ولا بدائهه ولا قواعده المنطقية! ومن زعم أنها تخالف ذلك فليته يخبرني ما القاعدة العقلية أو المسلمة العقلية أو البدهية العقلية التي تخالفها تلك الشرائع، وسأكون له من الشاكرين.
وأما كون العقل حكماً على النص، فنعم!
العقل يحكم على النص هل هو حق أو لا؟ هل هو من عند الله أو لا؟ بل إن الإيمان بالنص إنما هو نوع من (الحكم) على هذا النص! والكفر بهذا النص هو نوع من (الحكم)
عليه كذلك.
إن الإنسان إنسان قبل أن يكون متديناً بدين، بغض النظر عمّا هو هذا الدين، فهو إنسان قبل أن يكون يهودياً، وهو إنسان قبل أن يكون نصرانياً، وهو إنسان قبل أن يكون مسلماً، إنه إنسان قبل كل هذا، وإذا كان الدليل الأول والبوصلة الأولى التي تهدي الإنسان إلى المعرفة هي (العقل)، فهو حينئذ سابق على النص بهذا الوجه، سابق على النص سبق ترتيب، إنه سبق فطري، وتقدم طبيعي، فلست أدري ما وجه إنكار القول بتقديمه على هذا الوجه!.
وإذا رجعنا للنص القرآني، فإن أول ما نزل من النص القرآني هو قوله تعالى:"اقرأ"، والقراءة وظيفة (إنسانية) قبل نزول النص القرآني!، والقراءة وظيفة (عقلية) قبل نزول النص القرآني، وحين نجد أن الآيات الأولى التي صافحت السماء بها الأرض تربط بين القراءة والإنسان، وبين العلم والإنسان، الإنسان مطلقاً وليس (المسلم) فقط، فإن بوصلة الإنسان للعلم ودليله الأول الذي به يحقق المعرفة هو العقل، فإن العقل حينئذ سيكون في الترتيب أولاً!.



#عبد_الجبار_بن_أحمد_القاضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل العقل مقدم على النص؟ كيف؟ ولماذا؟ - (1)


المزيد.....




- ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا ...
- أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية ...
- مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا ...
- مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف ...
- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الجبار بن أحمد القاضي - هل العقل مقدم على النص؟ كيف؟ ولماذا؟ - 2 (مناقشة مع منكري قاعدة: العقل مقدم على النص)