|
خدام محللاً سياسياً
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2247 - 2008 / 4 / 10 - 10:52
المحور:
كتابات ساخرة
رأيت أن أبدأ مقالتي هذه بمقطع للفنان اللبناني المبدع زياد الرحباني، في أغنيته الشهيرة اسمع يا رضا، حين يخاطبه المطرب الراحل جوزيف صقر، أو رامز بالمسرحية، قائلاً "حاجي تحلل وحياتك... تسلملي تحليلاتك.... عم تسمعني اسمع..اسمع يا رضا"، بما أن السيد عبد الحليم خدام لا يحلل حصرياً، إلا ّ من خلال تلك القناة اللبنانية البائسة التي باتت تعيش في الماضي والهواجس والأوهام، وليس لها من اسمها المستقبلي أي نصيب على الإطلاق، ولا يستضيفه غيرها من الفضائيات. وأول الأسئلة التي يمكن أن نسألها لسيادة النائب السابق "المعزول" شعبياً ورسمياً، هل انتهت صلاحية جواز سفره أم لا؟ فكثير من السوريين بات يعتقد بأن صلاحية جواز سفره قد تمتد طويلاً، حسب أبسط التقديرات المستقاة من التحليلات الثاقبة والهامة التي يأتي بها كل مرة من على تلك الشاشة، ومع نفس ذاك الصحفي المغلوب على أمره، وحسب ما برهنت الأيام والتطورات. وبداية يمكن القول، وبكل صراحة، أن ما جاء في لقاء السيد خدام على شاشة المستقبل، مع مضيفه الأستاذ علي حمادة، الذي يـُعتقد، وعلى نطاق واسع، بأنه قد قامر بتاريخه المهني جداًاً من خلال تلك الإطلالات المتواضعة مع شخص قد أحرقت أوراقه تماماً، في سوريا، وخارجها، ولم يعد لما يقوله، ويرغي به، أية مصداقية على أرض الواقع، نقول إن ما جاء في ذاك اللقاء، قد يمكن أن يصرف خارجياً، وحصرياً لبعض الجاهلين الغافلين ، وليس المغفـّلين، عن الشأن الداخلي السوري، وعلى سبيل الدعاية والتكتيك الغوبلزي المكشوف، ليس إلاّ، ولدغدغة أحلام وعقول بعض الحالمين بأوهام سقوط النظام الذين أعياهم الملل وأرهقهم الانتظار. ولكن نفس ذاك الكلام لا يمكن أن يصرف محلياً، ولا استراتيجياً، ولا سياسياً، ولا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد على الإطلاق. فالحقائق المدركة، والوقائع الملموسة، على الصعيد الداخلي السوري، وممكنات القوة غير الظاهرة قد تفاجئ الجميع إلى حدود الصدمة والانصعاق. وتتوفر لدى السوريين جميعهم معلومات ملموسة، ولديهم معرفة ومتابعة يومية تكفي لتفنيد كل تلك التحليلات، ولا يمكن أن تنطلي عليهم الألاعيب والخزعبلات التي لا تخرج عن نطاق التمنيات والآمال المستحيلة لبضاعة بالية لم تجد من يشتريها سوى هذه القنوات التي خسرت جمهورها، ومصداقيتها، على السواء. وخدام يلعب، ومنذ انشقاقه الشهير، جرّاء تقليص نفوذه في دائرة القرار السوري بعدما أهلك الضرع، وأحرق الزرع السور وبات وجوده مصدر إحراج عام، على عدة محاور أهمها المحور اللبناني ذي الحساسية الإقليمية والعالمية المعروفة، وعبر قضية التحقيق في اغتيال الحريري الذي بدأ ينقلب شيئاً فشيئاً ويتجه في غير مساراته المأمولة لنفس أولئك الحالمين، ويراهن على المحور الطائفي بعد تحالفه مع جماعة الإخوان وهو الذي كان وراء سن القانون 49 الشهير ضدهم، وبعد أن كان من احتضنه وربـّاه وكبـّره وسواه هو الرئيس الراحل حافظ الأسد نفسه الذي يلقى منه اليوم طعنات الغدر والإجحاف والإنكار، والذي لم يفكر أبداً بهذه العقلية الطائفية يوماً، وإلاّ لما كان خدام أقرب المقربين منه وكاتم أسراره وصاحب لقب أطول وزير خارجية في منصبه يومذاك مع صباح الأحمد وغروميكو، ومن ثم تبوأ منصب نائب الرئيس، بتزكية وتبن خاص من الرئيس الراحل، ولأكثر من عشرين عاماً من الزمان. كما ويلعب على محور الاقتصاد وغول الفساد وتأليب الناس على النظام من خلاله، علماً بأن الصعوبات الاقتصادية العالمية لا توفر اليوم فرداً على الكوكب الأرضي، وعلماً، أيضاً، أن السيد خدام يعتبر محلياً من رموز وكبار الفاسدين والمفسدين في التاريخ السوري الحديث، وتلاحقه أكوام من الملفات ترقى لدرجة الخيانة العظمى والمجازر الجماعية جراء قضية النفايات الشهيرة، ولذا فهو آخر من يحق له الكلام في سوريا عن الشرف والنزاهة ونظافة الكف. وفي الواقع فلقد سوّق السيد خدام منذ انشقاقه سلسلة من الأوهام، والأمنيات الضبابية التهويمية التي لم تصح، ولم تتحقق منها ولا واحدة على الإطلاق، وكان من سرّبه لها قصر الإليزيه من خلال صنوه في الفساد الرئيس شيراك، وبعض دوائر الاستخبارات. ولم يكتف بذلك، بل قام بتوريط بعض الدراويش والبهاليل، والمغرر بهم من الكتاب والنشطاء والمنشغلين السوريين بالهم العام، في مطبات قانونية لم يخرجوا منها حتى الآن. وكم صار المرء يتوصل من خلال تحليلات السيد خدام الطوباوية، إلى نتائج عكسية تماماً لما يسوقه من أحلام وأوهام. ولاسيما لجهة بقاء النظام ورحيله، فهو يمدّ النظام بجرعات قوية من الأمل والقوة حين يطرح نفسه مع جماعته السلفية كبديل سياسي، وحين يفند الواقع والتطورات كل ما يتفوه به من كلام، وما يأتي به من تحليلات. وصارت إطلالات خدام التلفزيونية، في الواقع، بارومتراً لمعرفة مدى قوة وتماسك النظام وليس العكس. فبقاء النظام بهذه القوة والثبات يحتم توضيحاً ضاغطاً وتحليلاً من السيد خدام ودوائره في كل مرة يتخطى فيها النظام عثرة إقليمية أو دولية، ويتطلب لذلك تفسيراً لسبب إطالة أمد المدة التي أعطاها في آخر تحليل ولقاء له مع نفس القناة، ويا حرام. إنها متوالية سياسية تخديرية للمعارضة وفريدة من نوعها هذه الأيام. غير أنها صارت مصدر متعة وسخرية وتندر لدى المشاهد السوري يتابعها بمتعة وشغف بنفس القدر الذي يتابع فيه أبا عنتر وغوار، نظراً لما تنطوي عليه من قفشات، وكلام غير واقعي يعرف السوريون تماماً أنه مناقض للواقع بشكل منفر ولا يطاق ولسان حالهم يقول على من تقرأ مزاميرك يا خدام؟ وليتفضل السيد خدام ويعطينا ولو "نبوءة" واحدة كانت قد تحققت من كل نبوءاته الشهيرة التي أطلقها حول النظام. فمهلة الثلاثة أشهر التي أطلقها في بداية الانشقاق امتدت حتى الآن لثلاث سنوات وثلاثة أشهر بالتمام والكمال فقط والحبل على غاربه. والمحكمة الدولية تتعثر ويبدو أن بينها وبين الالتئام جبالاً وأجيالاً من الزمان، نظراً لما يأتي به التحقيق من مستجدات. وأما الوضع الاستراتيجي والإقليمي السوري فإنه يتعزز يوماً بعد آخر، وأكثر من طرف إقليمي ودولي يتودد اليوم للنظام السوري، في الوقت الذي صار فيه الحديث عن عروض الصفقات يزكم الأنوف كما يأتي كل يوم في الأنباء. لذا صرت أعتقد، جازماً، أن كثيراً من السوريين يعرفون أن صلاحية جواز سفر السيد خدام ستدخل، كونها الأطول تاريخياً، كتاب غينيس للأرقام القياسية إذا ما استمر السيد النائب السابق ربطها ببقاء النظام. وسيسعى، في نفس الوقت، كثير من ضباط الأمن السوريين للحفاظ على حياته من أي تهديد، وليس اغتياله كما زعم، كونه لم ينفك، ولسذاجة رؤيته الاستراتيجية، عن تقديم الخدمات الجليلة للنظام، ولاسيما حين دمر وشق صفوف المعارضة السورية، وشتتها كل في واد، وصار كل واحد فيها يغني على "معارضتاه". وكما بدأنا مع زياد ننتهي معه بالغناء مرددين، "تسلملي تحليلاتك عم تسمعني إسمع ، ليس يا رضا، بل يا سيد خدام".
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخوف على الإسلام
-
المعارضة العلوية
-
متى كان الخليج عربياً؟
-
القصف الفيروسي للمواقع الإليكترونية السورية
-
الخليج الفارسي
-
قمّة الحقيقة
-
عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين
-
الهوية السعودية للمعارضة السورية
-
هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟
-
كل عام وأنتم بالشادور والنقاب
-
يو إس إس كول: البحث عن هزيمة
-
أنا لست مسلماً
-
آل تعوس وقصر الدرعية والتاريخ الملعون
-
مهلكة آل جحود
-
ثقافة الحذاء
-
نعم هناك خطر سوري
-
فالانتاين سوري
-
لجان وجمعيات الهجوم علي المجتمع السوري
-
الحرب علي الوهابية
-
اصلاح المعارضة السورية
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|