|
دور دول الهلال الخصيب في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
عزو محمد عبد القادر ناجي
الحوار المتمدن-العدد: 2247 - 2008 / 4 / 10 - 02:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعتبر منطقة الهلال الخصيب منطقة جغرافية وديموغرافية واحدة ، فلا حدود طبيعيى أو إثنية أو تاريخية تفصل بينها ، ولم تشهد انفصالاً عن بعضها البعض منذ فجر التاريخ ، حتى جاءت إتفاقية سايكس بيكو لتقسم هذه المنطقة إلى مناطق نفوذ بين كل من بريطانيا وفرنسا ، لكن لم تستطع هاتين الدولتين أن تقضيان على ما يربط بين سكان هذه المنطقة ،رغم الحواجز الحدودية الوهمية التي أقامتاها ، كما لم تستطع حكومات ما بعد الاستقلال أن تقف أمام المد الثوري الوحدوي لهذه المنطقة ، مما حذا بهذه الحكومات للتدخل لدى بعضها البعض لإثارة عدم الاستقرار فيها ، فما هو تأثير دول هذه المنطقة على عدم الاستقرار السياسي في سوريا إذا استثنائنا إسرائيل على أساس أن دول المنطقة لم تكن تعترف بها أو بحكومتها ، إضافة للحروب التي اندلعت بينها وبين إسرائيل ؟ . 1- العراق إن ما يربط العراق بسوريا هو ما يربط أي جزأين أو منطقتين من جزء واحد أو منطقة واحدة ، ليس بينهما أي حواجز طبيعية أو بشرية، لذلك فأي حدث في إحداهما لابد أن يتأثر به الجزء الآخر أو الأجزاء الأخرى في كل منطقة الهلال الخصيب، ولم يحدث أي انفصال بين هذين الجزأين منذ أقدم الحضارات، فاشتراكهما بحضارة واحدة، بدءاً من الحضارة السومرية وحتى نهاية الدولة العثمانية، وبين هذين العصرين موجات من الساميين العرب، الذين شكلوا حضاراتها وفرضوا لغتهم وكيانهم عليها ولم تستطع كل الغارات الخارجية أن تذيب هذا الشعب بل ذابت نفسها فيه، وبالتالي كان الفصل بين هذين الجزأين وفق معاهدة سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا، هو فصل تعسفي غير منطقي هدفه تحطيم أمل العرب في استعادة مكانتهم بين أمم العالم المتحضر، ورغم ذلك لم يقبل شعبي القطرين بهذه الإتفاقية، فكان المجلس الاستشاري للملك فيصل الأول يضم أعضاء من كل مناطق الهلال الخصيب وخاصة الجانب العراقي مثل نوري باشا السعيد، وطه باشا الهاشمي، وياسين باشا الهاشمي، وغيرهم، حتى أن نوري السعيد كان قائداً لقوات الأمير فيصل الذي حرر حلب وهزم أتاتورك شمالي سوريا، كما أنه كان من قرارات المؤتمر السوري عام 1920 بند ينص على استقلال سوريا والعراق وايجاد الإتحاد بينهما، وظلت العلاقات بين هذين الجزأين كبيرة بالرغم من انتداب العراق من قبل بريطانيا، وانتداب سوريا من قبل فرنسا، حتى أن العراق أمد الثورة السورية الكبرى عام 1925، بمعونات سرية، وجعل العراق ملجأاً للهاربين من قمع الانتداب الفرنسي، كما ضغطت العراق على بريطانيا عام 1936 لحملها على العمل لخدمة الوفد السوري المفاوض في باريس آنذاك، وكانت الأموال العراقية تسدد لمصاريف الوفد السوري المفاوض بشكل كامل، كما أمدت سوريا ثورة رشيد عالي الكيلاني بالرجال والسلاح والمال، وكان فشلها فيما بعد، قد أدى لإحتلال الإنكليز لكلا القطرين سوريا والعراق منذ عام 1941، ولولا تدخل بريطانيا لوقف العدوان الفرنسي على دمشق عام 1945، لتدخل الجيش العراقي لذلك، وللأسرة الهاشمية مكانة خاصة عند الشعب السوري، خاصة الملك فيصل الأول وابنه غازي وحفيده فيصل الصغير ، أيضاً كان نوري السعيد له الدور الكبير في حصول سوريا على استقلالها في السابع من أغسطس 1943، وكان لسان سوريا لدى مصطفى النحاس باشا حول قضية سوريا ولبنان، ولسانهم عند الإنكليز، وظل الشعب السوري يحتفل بعيد جلوس الملك فيصل على العرش حتى منتصف الخمسينات، كما كانت مصاريف الوفد الفلسطيني بقيادة أمين الحسيني على نفقة العراق، حتى أن نوري السعيد كلفه بترأس وفداً عراقياً إلى الولايات المتحدة لمعالجة قضية فلسطين، وكانت معظم الحركات السياسية وتنظيماتها في سوريا لها فروع في العراق والعكس صحيح، إضافة إلى تشابك القبائل في كلا الجزأين، وما يشكله مرفأ الإسكندرونة الذي يعتبر مرفأ شمال سوريا والعراق، هذه الأشياء وغيرها، جعلت الوحدة بين العراق وسوريا، محببة إلى كل سوري وعراقي، فلم تكن بينهما أي حدود قبل سايكس بيكو، فالتنقل بين مدينة وأخرى كان لا يواجه أية قيود، حتى أن قادة الأحزاب السياسية في كلا القطرين ظلت تربطهم الصلات القوية بعد الاستقلال في سوريا وفي العراق، مما جعل مشروع الهلال الخصيب يستهوي معظم سكان القطرين، باعتباره الطريق إلى الوحدة العربية الكبرى، وباعتباره يجمع بين أقطار بينها من الروابط ما يجعل الإتحاد بينهما طبيعياً، وكان لكل هذه الروابط، أن يقوم ذلك المشروع بعد استقلال سوريا المبدئي عام 1941 عند دخول قوات فرنسا الحرة بقيادة الجنرال كاترو مع الإنكليز إليها، وقد عرف هذا المشروع بالكتاب الأزرق ، و قدمه رئيس وزراء العراق نوري السعيد في أواخر 1942، إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد كيس، لذا تخوفت بريطانيا من هذا المشروع، وأوعزت إلى عميلها مصطفى النحاس باشا بعد أن فرضته على الملك فاروق بالقوة، ليشكل الحكومة ويعمل على الحيلولة دون تنفيذ هذا المشروع، من خلال تأسيس ما يسمى بجامعة الدول العربية، التي تهيمن عليها مصر، ووقع ميثاقها في 22 مارس 1945، وقد قام مشروع الهلال الخصيب على مرحلتين هما: 1- المرحلة الأولى : توحيد سوريا ولبنان وفلسطين والأردن في دولة واحدة، ويقرر الشعب في هذه الأقطار شكل الحكم فيها جمهوري أو ملكي، رئاسي أم غير ذلك، مع منح الأقلية اليهودية في فلسطين شبه استقلال ذاتي بضمانات دولية،و توفير الحماية اللازمة للمسيحيين في لبنان.
2- المرحلة الثانية: ربط سوريا الكبرى الموحدة التي تجمع هذه الأقطار بعد قيامها، بالقطر العراقي لتشكيل سوريا الطبيعية أو الهلال الخصيب، بحيث تصبح هذه الدولة نواة إتحادية لدول أخرى، وفق مشيئتها من خلال جامعة تقوم على مجلس دائم تنضم إليه الدول العربية الأعضاء، ويرأسه أحد الحكام العرب المنتخب بأسلوب ترضى به الدول المعنية، ويكون المجلس مسؤولاً عن الدفاع الخارجي، والنقد والمواصلات والجمارك وحماية الأقليات، وقد رأى البعض أنه لو تحققت وحدة الهلال الخصيب سيؤدي ذلك إلى توحيد المشرق العربي كله، وبروز قوة إقليمية تتحدى بامكانياتها المالية والاقتصادية والجيوبولوتيكية، مصالح الدول العظمى في قلب الشرق الأوسط، وهذا سيؤهلها لتوحيد المنطقة العربية بأكملها، وبالتالي بروز قوة عظمى، تنافس الدول العظمى في العالم. لكن عودة الوصي عبدالإله لتسلم العراق بعد فشل ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق عام 1941، بعد أن وضع رشيد عالي الكيلاني ابن عم الملك(الشريف ناصر) وصياً على الملك فيصل الصغير بدلاً من عبد الإله, وذلك بعد استيلائه على الحكم في العراق بدعم الإنكليز له، فكان هذا السبب قد جعل الشعب السوري كارهاً للوصي عبدالإله الذي عاد بحراب الإنكليز وصياً على عرش العراق، إضافة إلى مستشاره نوري السعيد الذي تولى عدة مرات رئاسة الحكومة في العراق، وزاد من كرهه للوصي، إعدامه لأحد الأقطاب الأربعة في ثورة رشيد عالي الكيلاني، وهو العقيد صلاح الدين الصباغ وهو سوري من دمشق، حيث ظلت جثته معلقة ثلاثة أيام نزولاً عند رغبة الوصي، بعد أن سلمته تركيا للعراق عقب الحرب العالمية الثانية، لذلك استغل معارضي مشروع الهلال الخصيب هذه الحادثة لمعارضة المشروع ووسمه بالعمالة والخيانة، بالرغم من أن المادة الثانية من الدستور السوري لعام 1928 تقول:" إن البلاد السورية المنفصلة عن الدولة العثمانية وحدة سياسية لا تتجزأ، ولا عبرة لكل تجزئة طرأت عليها منذ نهاية الحرب العالمية "، وعقب إعلان الاستقلال في أغسطس 1943، زادت دعاوي دعاة الوحدة مع العراق، فقال أحد النواب وهو حلمي الأتاسي عام 1945:" يجب ألا يبلغ التمسك بالنظام الجمهوري حداً يقف في وجه توحيد البلاد ويكون حائلاً دون توسيع نظامها وضم شملها ضمن حدودها الطبيعية"، وقد وافق البرلمان السوري في جلسة 31 مارس 1945، على ميثاق الجامعة العربية، بشرط احتفاظ سوريا بحقها في تحقيق وحدتها الطبيعية، بغض النظر عن رأي الجامعة العربية، وكان الحوراني أول المنادين بذلك، وهذا إن دل فهو يدل أنه كان ما يزال يعمل لصالح الحزب القومي السوري، ومن أجل هذه الوحدة اندلعت المظاهرات في حلب وقادها حزب الشعب، تطالب بالوحدة الفورية بين سوريا والعراق، لكن قمعها قائد الجيش حسني الزعيم - بعد حرب فلسطين 1948-، وكان قبل ذلك قد عمل رئيس الحكومة السورية عام 1946 سعدالله الجابري ، على بحث مشروع إتفاق مبدئي كخطوة أولى نحو مشروع الهلال الخصيب، من خلال توحيد الجمارك والمواصلات، لكن المشروع أوقف بسبب رشوة السعودية لبعض أعضاء الحكومة، وبعد انقلاب حسني الزعيم دعى قائد الانقلاب إلى اتحاد سياسي وعسكري مع العراق بعد لقائه بوزير الخارجية العراقي جمال بابان، وضرورة تنسيق الخطط المشتركة بين البلدين ضد أي عدوان محتمل، لكن رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد رفض إقامة أي حلف عسكري إلا بشروط هي: 1- إنشاء قواعد للجيش العراقي في سوريا. 2- إعادة الوضع الدستوري إلى سوريا قبل النظر في الإتحاد الفيدرالي. 3- عدم تدخل الجامعة العربية في شؤون سوريا كونها أداة بيد مصر. ثم التقى نوري السعيد في إبريل 1949 في دمشق مع حسني الزعيم، وذلك، بعد أن زار وزير خارجية سوريا الأمير عادل أرسلان ، العراق برفقة صبري العسلي، ثم وقع نوري السعيد وحسني الزعيم إتفاقية عسكرية واقتصادية، وإتفق معه على العمل من أجل وحدة القطرين، لكن تبين أن كل هذه التحركات من قبل حسني الزعيم كانت لتثبيت وضعه الداخلي، حيث ما أن إستقر بالحكم حتى نقض الإتفاقية وحرك قواته على حدود العراق، متهماً العراق بحشد قواته على الحدود السورية، وبسبب ذلك إتفق العراق مع صبري العسلي على القضاء على حسني الزعيم، وتوقيع إتفاق بين سوريا والعراق، بدعم من الحزب الوطني في سوريا، خاصة بعد اعتلاء حسني الزعيم منصب الرئاسة وفق استفتاء شعبي، وتعيينه لمحسن البرازي الموالي لفرنسا والمعادي للوحدة مع العراق رئيسا للوزراء، لذلك عمل على إبعاد أسعد طلس عن أمانة وزارة الخارجية كونه موالياً للعراق، وهذا العمل أثار قائد اللواء الأول الزعيم سامي الحناوي –عديل أسعد طلس- بعد أن تقارب حسني الزعيم مع مصر حيث حثه الملك فاروق على معاداة مشروعي الهلال الخصيب و سوريا الكبرى، إضافة لعمله في إثارة العراق ضده، بدعوته للقائد العراقي رشيد عالي الكيلاني الذي كان يقيم في السعودية، ودعمه لتشكيل حكومة عراقية مؤقتة في سوريا وموالية لحسني الزعيم، تعمل من أجل اسقاط الحكم الهاشمي في العراق، لذلك عملت العراق على اسقاط حسني الزعيم، من خلال قائد اللواء الأول سامي الحناوي ذي العلاقة بالسفير العراقي في دمشق، وكانت الدوافع الأساسية لهذا الانقلاب بقيادة سامي الحناوي هي: 1- تمهيد الأجواء السياسية التي يقوم بها حزب الشعب لقبول الرأى العام فكرة الوحدة مع العراق، عبر انتخابات تشريعية، ودستورية ينص على ذلك صراحة. 2- تركيز أوضاع الجيش، بما يضمن تسريح المعارضين لهذه الفكرة. 3- تنسيق السياسة الخارجية بين سوريا والعراق لإتقاء أي هجوم مصري أو سعودي يهدف لتدمير الإتحاد. 4- تحريك رجال الصحافة والفكر وزعماء العشائر والأحياء لتأييد فكرة الوحدة مع العراق. 5- اعتماد الدكتور أسعد طلس كمعتمد دبلوماسي دائم في بغداد، حيث يعمل كضابط ارتباط بين دمشق وبغداد، واعتماد الدكتور عدنان الأتاسي نجل الرئيس هاشم الأتاسي كسفير في العراق لدى سوريا، ثم دعى قائد المجلس العسكري الأعلى الزعيم سامي الحناوي، هاشم الأتاسي وسلمه السلطتين التشريعية والتنفيذية وعهد إليه بتشكيل حكومة كونه الراعي الروحي لحزب الشعب المؤيد للوحدة مع العراق، وقد اشترك الحوراني والعفلق بهذه الحكومة، لكن عندما دعت الحكومة للوحدة مع العراق استقالا منها، وهنا يلاحظ أن الحوراني غير سياسته ومواقفه من وحدة سوريا الطبيعية، وهذا دليل أنه انسحب من الحزب القومي السوري، وأصبح معارضاً له وللوحدة مع العراق، ورغم فوز حزب الشعب في الجمعية التأسيسية بـ 51 صوتاً مقابل 115، وهذا دليل على أن أكثرية النواب مع الوحدة مع العراق، خاصة بعد أن عين الوصي عبدالإله, علي جودت الأيوبي رئيساً للحكومة، بدلاً من نوري السعيد ذي الميول البريطانية، كما عين أحد أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي المعارض في العراق، في الحكومة العراقية، لإغراء اليسار السوري بذلك، بعد رفع الخطر عن الأحزاب باستثناء الحزب الشيوعي والحزب التعاوني الاشتراكي وذلك بعد، الانقلاب مباشرة بمرسوم من سامي الحناوي . وفي الخامس من أكتوبر 1949 جاء الوصي عبدالإله والملك فيصل الصغير إلى سوريا، وقد استقبلها الرئيس هاشم الأتاسي وقائد الجيش سامي الحناوي، وفارس الخوري وصبري العسلي، وهكذا أيدت جميع الأحزاب وخاصة الحزبين الرئيسيين الوطني والشعب الوحدة مع العراق، ما عدا حزبي البعث والشيوعي، وبالمقابل أيدت الأحزاب العراقية ذلك، خاصة بعد أن قام نوري السعيد بإنشاء حزب الإتحاد الدستوري في نوفمبر 1949، الذي يهدف بالدرجة الأولى للوحدة مع سوريا، وحاول نوري السعيد إقناع الحوراني بهذه الوحدة، لكنه أخذ يعارضها علناً وأعلن ذلك بقوله: " إذا ما بقيت شعارات الوحدة السورية العراقية التي يرفعها حزب الشعب ماضية في صعودها، فإنها ستصبح عاملاً من عوامل التشويش والفوضى وعدم الاستقرار في سوريا "، لكن قدم العراق للحوراني رشوة بمبلغ خمسة ملايين جنيه استرليني ليتغيب عن جلسة البرلمان التي كان من المفترض أن تصوت في 24 ديسمبر 1949 على قرار الوحدة، لكن الحوراني رفض ذلك، وأعلن أن موضوع الإتحاد مع العراق، هو مؤامرة انكليزية موجهة ضد سوريا، واشترط شروطاً تعجيزية للموافقة، ثم عمل على إقناع بعض الضباط بضرورة تأييد الانقلاب الذي يقوده الشيشكلي، فعلى سبيل المثال قال لفضل الله أبو منصور: " أنتم الوحيدين القادرين على إنقاذ البلاد، وإنهاء حالة التردي القائمة.. سيسجل التاريخ لكم إنجازكم المجيد هذا، أما إذا ترددتم وحتى لعدة أيام، فإن فرصة الإنقاذ هذه ستضيع إلى الأبد، وسيدخل جيش استعماري إلى سوريا، وراء ستارة الجيش العراقي العربي، ولن يكون أمامنا إلا الذل والمهانة مرة أخرى" . وكان نوري السعيد قد كلف موسى الشابندر لبحث قضية الوحدة بين سوريا والعراق وتسريعها لكن استمرت الدعاية المغرضة التي كان يطلقها معارضي الوحدة مع العراق وأبرزهم الحوراني، وميشيل عفلق، وخالد بكداش على أساس أن هدف هذه الوحدة هو ضم سوريا إلى العراق، وإيجاد عرش جديد للأمير عبدالإله، وتوسيع النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط رغم أن هدف نوري السعيد لم يكن سوى مصلحة سوريا والعراق، وأن يتم الإتحاد بينهما برضى الفريقين من خلال البرلمان، ولا يهم أن يبقى النظام الجمهوري في سوريا والملكي في العراق على حالهما، بحيث يشكل مجلس الإتحاد من وزراء الخارجية والمالية والدفاع للحكومتين، وأن يرأس الإتحاد كل من ملك العراق، ورئيس سوريا، بالتعاون، حسب المدة التي يتفق عليها عند وضع أسس الإتحاد وفروعه، وكان كل ذلك تعليمات خطية لموسى الشابندر من نوري السعيد نفسه، أما بالنسبة للمعاهدة البريطانية العراقية، فبالرغم من محدودية تأثيرها فإنها لا تشمل سوريا بأي حال من الأحوال، ومهما كانت شروط الإتحاد، وقد أبدى كل من الرئيس هاشم الأتاسي ورئيس اللجنة التأسيسية رشدي الكيخيا، وأمين وزارة الخارجية أسعد طلس، و رئيس الوزراء الأسبق حسني البرازي، وعدداً كبيراً آخر من السياسيين، رغبتهم في هذه الوحدة، والتقوا مع موسى الشابندر للإتفاق على صيغة الوحدة في 5 ديسمبر 1949، لكن وجود بعض الانتهازيين الذين طلبوا رشاوي مقابل قبولهم، إضافة لخطأ القيادة العراقية ببعثها وفوداً إلى سوريا تلتقي مع الجانب المؤيد للوحدة، وترفض الالتقاء بالمعارضين لاقناعهم بها، فعلى سبيل المثال كان من الممكن إقناع رئيس حزب الإخوان المسلمين الدكتور مصطفى السباعي من خلال قريبه السفير العراقي في دمشق عبدالكريم السباعي. لكن كان قيام انقلاب الشيشكلي في 24 ديسمبر 1949، واعتقاله لقائد الجيش سامي الحناوي، وهروب أسعد طلس إلى السفارة العراقية، وسقوط حكومة ناظم القدسي، قد أعاد الوحدة خاصة أن يوم الانقلاب كان هو يوم التصويت على الوحدة في البرلمان، وبعد انقلاب الشيشكلي عام 1949 ، إدعى الشيشكلي والحوراني أن قائد الجيش سامي الحناوي كان يريد بيع البلاد لنوري السعيد والوصي عبدالإله، وعلى إثر الانقلاب سقطت حكومة علي جودت الأيوبي في العراق، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة توفيق السويدي في إبريل 1950، حيث أدخلت في منهاجها مشروع الإتحاد الفيدرالي مع سوريا، وأعلن رئيسها أن الشعبين السوري والعراقي يشعران بحاجة ماسة للوحدة، لكن دخلت مصر من خلال الجامعة العربية لوقف الوحدة، فابتدعت ما سمي بمشروع الضمان الجماعي، الذي من بنوده تعهد الدول العربية بعدم إبرام أي إتفاقية دولية لا تتفق مع مشروع الضمان الجماعي، والهدف هو سد الطريق على الوحدة السورية العراقية، لتحتفظ مصر لنفسها بالريادة كأقوى دولة عربية بمحافظتها على الوضع الراهن، من خلال إحتوائها للعراق وسوريا وإعادة تأكيد مبدأ استقلال كل دولة، لكن رغم ذلك استمرت دعوات حزب الشعب للوحدة مع العراق، وقد صرح السفير العراقي في دمشق حول ذلك داعماً لموقف حزب الشعب بقوله: " إن الخطوة الأولى هي جمع تلك البلدان التي ترتبط تاريخياً وجغرافياً ولها مصالح مشتركة". ومما زاد من شعبية الهاشميين في سوريا أنه عندما تجددت الاشتباكات على الحدود السورية الإسرائيلية، مما حذا بالجامعة العربية في الرابع عشر من مايو 1951 إلى إصدار قرار بإمكانية تدخل العراق ومصر لمساعدة سوريا، لكن مصر لم ترسل أي قوات لسوريا، بينما قام نوري السعيد بإرسال قوات عراقية على الفور إلى سوريا، وصرح في 16 مايو 1951 حول ذلك بقوله: " في هذه اللحظة التي أتحدث فيها إليكم، تكون مدفعيتنا المضادة للطائرات في طريقها إلى سوريا، لتساعدها ضد اعتداء الطيران الصهيوني، إن وحداتنا ومدفعيتنا ومحاربينا هي تحت تصرف قادة سوريا ما دعت الحاجة لذلك"، فهنا تأكد للشعب السوري أن دعوات الشيشكلي والحوراني لا أساس لها من الصحة، خاصة أن العراق قد ازداد إنتاجه النفطي خال الفترة (1950-1954) من 6 مليون طن سنوياً إلى 30 مليون طن سنوياً، وعلى ذلك فلا مصلحة لبريطانيا بالوحدة السورية العراقية حتى لا تكسب عداوة أنظمة كل من مصر والسعودية وإسرائيل وفرنسا، وعداك عن تخوفها من انتقال مشاكل سوريا إلى العراق، فهدفها لم يكن سوى سلامة أنابيب شركة أي بي سي الإنكلوعراقية التي تصب في البحر، ولاشيء غير ذلك، أما العراق فهو ليس بحاجة لموارد سورية ولا يوجد عنده فائض من السكان يريد توطينه. وبسبب ازدياد الدعوات الوحدوية في سوريا، عمد الشيشكلي والحوراني على العمل لاسقاط الحكم الهاشمي في العراق بدعم رئيس الأمن العراقي العقيد (علي خالد) للقيام بانقلاب عسكري في 14 فبراير 1950 لكن فشل الانقلاب، وسقطت حكومة مزاحم الباجه جي وأعلنت الحكومة العراقية، إغلاق الحدود مع سوريا، ورداً على ذلك شكل الحوراني في البرلمان كتلة الجمهوريين الأحرار ضد كتلة حزب الشعب للوقوف ضد التصويت على الوحدة في البرلمان، لكنه خفف من حدة لهجته تجاه الوحدة مع العراق بعد قبوله رشوة عراقية في 20 إبريل 1950، وقبوله الوحدة مع العراق بشرط أن يصبح رئيساً للحكومة الوحدوية، ومن ثم رئيساً لسوريا، لكنه بعد ذلك عاد وصار يرفض هذه الوحدة حتى قام الشيشكلي في التاسع والعشرين من نوفمبر 1951 بانقلابه الثاني، وأيد الحوراني هذا الانقلاب، مما حذا بالعراق الى العمل لاسقاط الشيشكلي من خلال أصدقائها في سوريا مثل صبري العسلي، وعدنان الأتاسي، وغيرهم. لأن الشيشكلي قد عطل بانقلابه مسيرة الوحدة مع العراق، ثم تحالف العراق مع قائد المنطقة الوسطى العقيد (محمود شوكت). ومع شيخ قبيلة طيء (عبدالرزاق الحسو)، ومع محافظ دمشق (رشدي الحامد). وكان الشيشكلي قد برر معارضته لمشروع الهلال الخصيب على أساس أن هدفه الوحدة العربية الشاملة، وأن يجعل سوريا هي بروسيا العرب التي ستعمل على تحرير العالم العربي كله، ووحدته، لكن نوري السعيد رفض الاعتراف بحكمه مما حذا بالشيشكلي إلى التقارب مع السعودية ومصر في عهد محمد نجيب فأيد حركة محمد نجيب في 23 يوليو 1952، لكن بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي في سوريا التي سادت بعد انقلاب الشيشكلي الثاني 1951، عمد رئيس الحكومة العراقية فاضل الجمالي على استغلال ذلك بإشاعة الديمقراطية في العراق وذلك بسماحه بتشكيل أحزاب جديدة، وتأمين الحريات الديمقراطية، وقال في مؤتمر صحفي:" إن دعوة العراق للإتحاد تحمل في طياتها هدماً للكثير من الآراء والنظريات القائمة التي تقف حجر عثرة في سبيل الإتحاد، وإن الغاية منها هي التفاهم على أسلوب تدريجي يبدأ بين دولتين فأكثر ثم تنضم إليها بقية الدول العربية، وإن هذا الإتحاد هو لخير الشعوب العربية لا لمصالح خاصة عائلية أو لزعامات معينة"، ثم أبدى العراق إستعداده لتمويل جيش عربي من عائدات النفط العراقية، لكن الحوراني، اعتبر هذه الخطوات هي خطوات استعمارية بإيحاء من الإنكليز، وأوعزت مصر والسعودية للشيشكلي ليرفض العرض، مما حذا بالعراق إلى تأييد آراء الجبهة الوطنية التي جمعت جميع القوى السياسية في البلاد بعد اجتماعها في منزل أكرم الحوراني عام 1953، حيث قرروا ما يلي: " إن أركان الجبهة قرروا انطلاق الثورة المسلحة من جبل الدروز، على أن تعم البلاد جميعها، وسيشترك رؤساء العشائر مع الجبل بإشعال الثورة، وإن العراق أبدى استعداده لدعم هذه الثورة بالمال والسلاح والرجال ". ، لكن الحوراني رفض ذلك على الفور على أساس أن ذلك قد يدفع لفتنة الوحدة مع العراق، وهي حسب نظره مشروع استعماري، ورغم ذلك استمر الملحق العسكري العراقي في دمشق (عبدالمطلب الأمين) في الإتصال مع السياسيين المعارضين، وتوزيع الأموال والمساعدات للصحف المناوءة للشيشكلي، وقد أيد هاشم الأتاسي تحرك العراق عسكرياً لإسقاط نظام الشيشكلي، لكن الولايات المتحدة وبريطانيا رفضتا السماح للعراق بالتدخل العسكري لتحقيق الوحدة بالقوة ، رغم موافقة الكثير من الوحدويين ورغبتهم في ذلك، حيث كانوا يرون أن المظهر الخارجي لرأس الدولة سواءاً كان ملكياً أم رئاسياً، يحسمه جوهر النظام السياسي، فمن الممكن أن يكون الملك ديمقراطياً، ورئيس الجمهورية ديكتاتورياً، فعلى سبيل المثال، كان الدستور السوري لعام 1920 يحد من صلاحيات الملك ويجعل حكمه رمزياً، والحكم الرسمي لمجلس النواب، بخلاف دستور حسني الزعيم الذي أعطاه صلاحيات مطلقة. كما عمل العراق على تشجيع العشائر البدوية، على الحدود السورية لإثارة عدم الاستقرار في سوريا، وساعد العقيد محمد صفا بتشكيل حكومة سوريا الحرة، وأيده الكثير من اللاجئين السوريين الذين لجؤوا إلى العراق وإنضموا لهذه الحكومة، وأصبحت لها إذاعتها ونشاطاتها السرية، وأيضاً حث رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي (صادق البصام) رئيس الحكومة العراقية فاضل الجمالي، على طلب عقد جلسة عاجلة لجامعة الدول العربية، إبان مشكلة جبل العرب عام 1954 في سوريا، باعتبار أن القضية السورية ليست مسألة داخلية، بل هي مسألة تهم كل الدول العربية، مما حذا بالحكومة السورية أن تطالب بإبعاد الملحق العسكري العراقي في 4 فبراير 1954 وإتهامه بالقيام بأعمال ضد النظام منها رشوة بعض السياسيين، خاصة بعد اكتشاف الحكومة أن الدروز حصلوا على أسلحة من العراق، واصطدموا مع قوات الدرك وقتلوا أربعة منهم واعتقلوا , 190 , فردَ الجيش بقصف مدفعي وجوي، ولجأ سلطان الأطرش -الذي أيد التمرد- إلى الأردن. وعلى إثر الإطاحة بالشيشكلي في 25 فبراير 1925، وازدياد التدخل الشيوعي في سوريا خشي العراق من إنتقال عدوى الشيوعية إلى العراق، مما حذا به إلى تأييد قيام حلف دفاعي ضد الشيوعية، وقال نوري السعيد عند زيارته لمصر في الرابع عشر من سبتمبر 1954، موضحاً أهداف الحلف:" إنني لا أستطيع أن أعتمد على العرب في الدفاع عن بلادي ... إن الطريقة الوحيدة للدفاع، هي في عقد تحالف مع الغرب" فأهداف نوري السعيد في عقد هذا الحلف وفق التحليل المنهجي له هي: 1- التزود بالسلاح المحظور على الدول المشتركة في حرب فلسطين 1948 ضد إسرائيل. 2- سبيل لدول الهلال الخصيب لمواجهة التهديد الإسرائيلي. 3- أن يصبح العراق هو سيد النظام الإقليمي. لكن مصر والسعودية عارضتا هذا الحلف، على أساس أنه ضد القومية العربية، كما عارضته فرنسا على أساس أنه صيغة أخرى للهلال الخصيب، على اعتبار أن هذا الحلف مع الدول الإسلامية مثل إيران وتركيا وباكستان سيؤدي إلى حصول العراق على السلاح، وسيجعل هذه الدول تنضم إلى العرب في نزاعها مع إسرائيل، لكن هذا الحلف قد فكك كلمة العرب، بسبب الدعاية المصرية التي شوهت صورة نوري السعيد ذي التاريخ العربي المشرف و الذي كثيراً ما سمع منه قوله "إنني أرغب في عمل شيء لقضية فلسطين، قبل أن أموت", لكنه، أي الحلف، لم يمس القضية العربية بأي سوء، ولم يسبب لها أي ضرر، فكان من ضرورات العراق الجغرافية، لأن العراق كان على الدوام العامل الأول من أجل العروبة، فلا يعد خيانة الاشتراك في حلف بغداد المعادي للشيوعية، التي تريد اجتياح العالم العربي، لكن مع استمرار العراق بالمحاولة لإقامة نظام موال له في سوريا، عمل في عام 1954 على تشجيع العقيد محمد صفا للقيام بانقلاب عسكري لكنه فشل، فعمل العراق على الإتصال برئيس الحكومة صبري العسلي سراً عام 1954، من أجل تأييد تدخل عسكري عراقي، وعندما علم الحوراني بذلك عمل على الإتصال مع الشيوعيين لاسقاط الحكومة بعد ثلاثة أيام من لقاء (صبري العسلي وفاضل الجمالي) في بيروت بتاريخ 11 يوليو 1954، لكن هذا التقارب مع الغرب لم يثن نوري السعيد عن دوره الوطني تجاه الأمة العربية , فعشية العدوان الثلاثي على مصر صرح نوري السعيد بقوله: "إما أن يصبح العالم العربي شيوعياً، أو أن تحل قضية فلسطين على أساس مقترحات الأمم المتحدة لعام 1947"، حتى أن الحوراني عندما زار العراق مع وفد سوري عام 1956 قال: " على الرغم من شعورنا المعادي لنظام الحكم، فقد كنا نشعر بقرابة فكرية ونفسية بالاختلاط معهم، أكثر مما نشعر به عند حلفائنا، مصر والسعودية"، رغم أنه كان قد إتهم قبل ذلك حكومة صبري العسلي عام 1955، بأهدافها لتحقيق مشروع الهلال الخصيب، وعمل على اسقاطها. وبازدياد سيطرة اليسار في سوريا، عمل العراق على إسقاط النظام من خلال إتصاله ببعض السياسيين وأبرزهم الرئيس السابق أديب الشيشكلي مع بعض الضباط، واشترك في هذه العملية بريطانيا والولايات المتحدة، وقد عرفت هذه العملية بخطة الانتشار، وبدأت في مارس 1956، لكنها فشلت باكتشاف المكتب الثاني لها. قبل البدء بها من خلال شحنة الأسلحة الآتية من العراق إلى جبل العرب، التي فضحت العملية، رغم اشتراك الملحق العسكري العراقي في دمشق صالح السامرائي، الذي كان على إتصال مباشر بنائب قائد الأركان غازي الداغستاني، وكشفت الخطة في 23 نوفمبر 1956. ثم وجهت الإتهامات لنوري السعيد، وحكم بالإعدام على 18 متهماً في فبراير 1957 مع أحكام أخرى للآخرين، رغم تنديد معظم الوطنيين لأحكام الإعدام باعتبار أن السعي من أجل الوحدة مع العراق لا يعد خيانة، وأن التاريخ النضالي لنوري السعيد يشفع له ذلك، ورغم فشل هذه العملية إلا أن نوري السعيد لم ييأس من استمرار المحاولات لتحقيق الوحدة مع سوريا ففي ربيع 1957 استدعى اللواء غازي الداغستاني وأطلعه على خطة انقلاب في سوريا، مدعوم بهجوم عسكري عراقي، وأعطيت هذه العملية اسم عملية نصر، وكان لزعيم الحزب الوطني في حلب ميخائيل إليان الدور الأول فيها، لكن فشلت الخطة أيضاً. وقد كان من أسباب الأزمة الوزارية عام 1956 في ظل حكومة سعيد الغزي هو الخلاف بين المؤيدين للتقارب مع العراق، وبين المؤيدين للتقارب مع مصر، وانتهت الأزمة بسقوطها، وتشكيل حكومة قومية برئاسة صبري العسلي في 16 يونيو 1956، ثم تشكلت في ديسمبر 1957 الجبهة الوطنية البرلمانية وعلى رأسها الحوراني وخالد العظم وأعلنت عداءها للغرب ولحلف بغداد ولمبدأ أيزنهاور الذي أيده العراق، وخلال هذه الفترة نشط مؤيدو النظام المصري خاصة السراج ، الذي حاول عام 1957 اغتيال نوري السعيد من خلال أحد عملائه وهو عبدالهادي فذو، لكن فشلت المحاولة، ثم أدخل متفجرات وأسلحة إلى العراق وألغموا إحدى سيارات الرئاسة، لكن فشلت المحاولة أيضاً ثم حاول السراج في بداية 1958 اغتيال نوري السعيد عن طريق عبدالهادي الفكيكي، لكن فشلت المحاولة وهرب إلى دمشق وأصبح يشرف على إذاعة صوت العراق الحر في بداية الوحدة بين مصر وسوريا في مارس 1958، حيث رد العراق على الوحدة بين مصر وسوريا بالاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن في 14 فبراير 1958، وأخذ فاضل الجمالي يهاجم هذه الوحدة باعتبارها غير طبيعية وغير عملية، لأن مشروع الهلال الخصيب هو الأفضل، وقد عملت الحكومة العراقية في ظل الإتحاد الهاشمي على الضغط على سوريا في ظل الجمهورية العربية المتحدة، من خلال الحدود مع الأردن، لحملها على إيقاف مساندتها لقوى المعارضة اللبنانية، على أنه كان يتم ذلك بدعوى مساندة العراق لنظام الملك حسين في إطار الإتحاد الهاشمي بينها الذي يربط العراق بالأردن، وكان الهدف من ذلك عزل سوريا عن مصر، بالضغط عليها لتحقيق مشروع الهلال الخصيب وفق استراتيجية العزل، إضافة إلى أن طريق البترول العراقي أصبح تحت رحمة النظام الجديد الذي تقوده مصر، والمعادي للعراق، وهذا ماحذا بنوري السعيد إلى المطالبة بإقرار تقسيم فلسطين، وفتح طريق بحرية للعراق عبر الأردن إلى حيفا ، لكن الولايات المتحدة رفضت هذا التحرك العراقي، وأعلنت أن هذه الأسلحة التي بحوزة العراق، لا يمكن استخدامها إلا بموافقة الولايات المتحدة، وأنها لا توافق على ذلك في الوقت الحاضر، فعملت على استمالة الضابطين المكلفين بالذهاب إلى الأردن للسبب السالف الذكر، وشجعتهما على القيام بانقلاب عسكري ضد الحكم الملكي وإعلان الجمهورية في 14 يوليو 1958، وكان هذان الضابطان هما الزعيم عبدالكريم قاسم، والعقيد عبدالسلام عارف، ورغم محاولة السعودية حث الولايات المتحدة على القيام بانقلاب مضاد، لكن الولايات المتحدة رفضت ذلك وأعلنت على الفور اعترافها بالنظام الجديد في العراق، كما اعترف به الإتحاد السوفياتي مباشرة، ولم تتدخل تركيا رغم أنها عضو في حلف بغداد الذي يسمح لها بالتدخل، كما لم يتدخل الأردن رغم أن ارتباطه بالإتحاد الهاشمي يفرض عليه التدخل، حيث أعلن النظام الجديد في بداية عام 1959 تخليه عن حلف بغداد ومبدأ أيزنهاور، وظهر اتجاه يميل إلى الإتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة يقوده العقيد عبدالسلام عارف، واتجاه آخر يميل إلى اتحاد فيدرالي معها، على اعتبار أن هذا الانقلاب كان بسبب إثارة التنظيمات الشيوعية والبعثية في العراق، وقد حصل البعث على منصب وزاري من خلال فؤاد الركابي، وكان يشغل الأمين القطري لحزب البعث العراقي، لكن بعد ذلك تخوف عبدالكريم قاسم من عبدالسلام عارف، وعمل على عزله وسجنه، بتهمة التآمر عليه، ثم عمل على اضطهاد البعثيين والقوميين والإنحياز بإتجاه الشيوعيين، وهذا أثار نظام الحكم في الجمهورية العربية المتحدة، وحمله لإسقاط عبدالكريم قاسم، فعمل السراج على القيام بانقلاب في العراق عن طريق قائد حامية الموصل العقيد عبدالوهاب الشواف في 8 مارس 1959، وأمدهم بالسلاح وبمحطة إذاعة متنقلة عبر سوريا، لكن تدخل سلاح الجو العراقي أفشل الانقلاب، وفي نهاية عهده عمل عبدالكريم قاسم على اضطهاد الشيوعيين وإلغاء حزبهم والتقارب مع الغرب، كما عمل على محاولة ضم الكويت عقب استقلالها عن بريطانيا عام 1960، لكن تدخل بريطانيا مرة أخرى، وتأييد عبدالناصر لاستقلال الكويت، واستنكاره ضمها للعراق، وبعثه قوات لحمايتها من ضم العراق لها، إضافة إلى رفض القيادة القومية لحزب البعث لقرار الضم، وتأكيد ضرورة احترام إرادة البلدين، قد أضعف نظام عبدالكريم قاسم وقلل من شعبيته، ومما تجدر الإشارة إليه أن انقلاب 14 يوليو 1958 كان بسبب تأثر الشعب العراقي بالوحدة بين سوريا ومصر، وتأييد جميع القوى السياسية في العراق لها، متمنية انضمام العراق لها، لكن كان رأي النظام الملكي في العراق، أن هذه الوحدة موجهة ضده، وأن الوحدة الطبيعية لسوريا هي مع العراق، وليس مع مصر، لذلك عملت على تحسين علاقاتها مع السعودية، وأقامت الاتحاد الهاشمي، لكن هذا لم ينجيها من الانقلاب الذي كانت قيادة الجمهورية العربية المتحدة، والقيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي على عام تام فيه، وكان فؤاد الركابي همزة الوصل مع الجيش خاصة عبدالسلام عارف، ورفعت الحاج سري، وأصبح عبدالسلام عارف , المعبر عن أفكار هذه الحركة. لكن بعد إبعاد عبدالسلام عارف، عمل نظام الجمهورية العربية المتحدة على التحالف معه، وأخبر مسؤول المخابرات في سفارة الجمهورية العربية المتحدة وهو (عامر عبدالله) في بغداد، الحكومة العراقية بهذا التحالف مما حذا بنظام الجمهورية العربية المتحدة، إلى اختطافه من بغداد إلى القاهرة وإعدامه مباشرة ، ثم حاول البعث العراقي اغتيال عبدالكريم قاسم كجزأ من عملية انقلابية كاملة، بالتنسيق مع حازم جواد الذي كان لاجئاً في سوريا مع القيادة القومية البعثية السورية والمكتب الثاني، كما عمل البعث على تهريب السلاح عبر الحدود إلى العراق من خلال العقيد أمين الحافظ، وقد كانت مجموعة الاغتيال من قبل مجموعة بعثية من ضمنها صدام حسين التكريتي وعبد الكريم الشيخلي ، لكن فشل العملية أدى لمقتل أحد المشتركين في العملية وهروب الباقين إلى دمشق، وبعد فشل حركة عبدالوهاب الشواف في الموصل، حيث كان يأمل أهلها (الموصل) الوحدة بين سوريا والعراق، ووصول الثائرين إلى سوريا، قامت مظاهرة كبرى جمعت مئات الآلاف لتشييع جنازة الرائد محمد سعيد شهاب، وكان يتقدم هذه المظاهرة رجال الدين الذين أخذوا ينادون بثورة إسلامية ضد حكم عبدالكريم قاسم والشيوعية، كما كلف عبدالناصر كل من السراج، ومصطفى حمدون، وطعمة العودة الله، بتزويد القبائل البدوية في الجزيرة السورية بالسلاح، تمهيداً لغزو العراق، وتجدر الإشارة هنا إلى القول، أن رئيس الشرطة العسكرية العقيد رفعت الحاج سري، ورئيس المخابرات العقيد ناظم الطبقجلي، كان من المفترض أن يتحركا مع حركة الشواف، الذي استعجل الحركة، فعندما حاولا الهرب، أذاعت إذاعة صوت العرب عن علاقتهما بثورة الشواف، مما حذا بعبدالكريم قاسم إلى إعدامهما على الفور، وهكذا استمر عدم الثقة بين النظامين في سوريا والعراق طوال عهد الوحدة بين سوريا ومصر، على أسوء ما مر بهما خلال معظم علاقاتهما مع بعضهما، لكن بعد سقوط الوحدة إثر انقلاب عبدالكريم النحلاوي في سبتمبر 1961، تحسنت العلاقات بين النظامين، وأيد النظام العراقي، النظام الجديد في سوريا، واجتمع الرئيس عبدالكريم قاسم مع الرئيس ناظم القدسي في مارس 1962 –عند لقائهما في الرطبة (جنوب العراق)- واتفقا على إقامة لجنة عسكرية مشتركة ومجلس اقتصادي مشترك، وانتهاج سياسة خارجية موحدة، وصرح الرئيس عبدالكريم قاسم حول إمكانية إحياء مشروع الهلال الخصيب وكان مستعداً أن يقدم مصلحة سوريا على مصلحة العراق، في مواجهة المخططات التركية ضد سوريا والعراق، وكان أشد اندفاعاً للتلاقي مع المسؤولين السوريين، لأجل مصلحة البلدين، كما أعلن رئيس الحكومة بشير العظمة عن عزمه إقامة اتحاد فيدرالي مع مصر بشرط دخول العراق فيه . وفي أوائل عام 1963، اجتمعت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في بيروت، وضمت بعثيين من سوريا والعراق، ودرسوا سبل الإطاحة بنظامي القدسي في سوريا، وقاسم في العراق، وعلى إثر ذلك تشكلت لجنة سرية لتنفيذ هذه الخطة، من خلال الإتصال بعدد من الضباط، حيث كانت الخطة إطاحة النظامين في يوم واحد، أو في أقرب وقت ممكن ، لكن قام انقلاب البعث في العراق، حاول الرئيس ناظم القدسي التقرب من قادة انقلاب العراق على أساس التعايش السلمي بين النظامين، لكن البعث العراقي عمل على محاصرة سوريا في الخارج من خلال القوات العراقية في الخارج، ونشطت جماعة ميشيل عفلق واللجنة العسكرية في الداخل، وبما أن النظام العراقي الجديد رفع شعار الوحدة مع مصر، فقد أيده مؤيدو النظام المصري، وبعض المستقلين، واستغل ميشيل عفلق الموقف وبدأ يشن هجومه على نظام الحكم في سوريا متهماً إياه بأنه حكم بوليسي ورجعي، وقد آزره نظام الحكم الجديد في العراق، فقد صرح رئيس الحرس القومي علي صالح السعدي في 23 فبراير 1963 بما يلي : " إن نواة أي إتحاد بين الدول العربية، يجب أن تكون عن طريق قيام اتحاد بين سوريا والعراق أولاً " ، وهذا أثار دعاة الوحدة بين سوريا والعراق، من جماعة حزب الشعب وهو الحزب المسيطر على الدوام شعبياً وبرلمانياً في كل العهود الديمقراطية سواءاً أكان رئيس الحكومة من حزب الشعب أم مستقل، كما أشار الرئيس عبدالسلام عارف أن العراق يسعى للتعاون مع سوريا في جميع المجالات، وهذا ما أكده أيضاً وزير خارجية العراق في 13 فبراير 1963، وبالفعل فقد توجه ميشيل عفلق في السابع عشر من فبراير 1963 إلى العراق مع وفد لبحث أمر الوحدة، مما حذا بحكومة خالد العظم إلى دعوة العراق لتشكيل اتحاد فيدرالي بين سوريا والعراق، لكن البعث العراقي عمل على إسقاط نظام الحكم في سوريا، من خلال إتصالهم مع اللجنة العسكرية في سوريا، والقيادة القومية، التي جندت بعض العسكريين في قيادة الجيش، كما أصدر وزير الدفاع العراقي عشية انقلاب زياد الحريري في 8 مارس 1963، أمراً بوضع القوات المسلحة العراقية غرب الفرات، بالتأهب، وأن تكون تحت تصرف القيادة السورية الجديدة. وبعد نجاح الانقلاب السوري، سافر رئيس الحرس القومي علي صالح السعدي على رأس وفد للتهنئة، والتقى بالقيادة القومية وباللجنة العسكرية، ثم عقد في 11 مارس 1963 مؤتمراً صحفياً أكد فيه أن هناك مشروعاً لوحدة سوريا والعراق ومصر، وبالفعل حدثت الوحدة الثلاثية بينهم، لكنها عقب انقلاب جاسم علوان في سوريا في 18 يوليو 1963، انهار الإتحاد الثلاثي بينهم، بعد سيطرة البعث على الحكم وإبعاد الناصريين والمستقلين، خاصة بعد انقلاب أمين الحافظ في السابع من أكتوبر 1963 وإبعاده للرئيس لؤي الأتاسي ، وتنحيته عن رئاسة مجلس قيادة الثورة، لكن هذا أدى إلى حدوث تقارب سوري عراقي بعد انعقاد المؤتمر القومي السادس لحزب البعث من 3 إلى 25 أكتوبر 1963 حيث أعلنت الوحدة العسكرية بين سوريا والعراق، واتهم الفريق أمين الحافظ الناصريين بأنهم أرادوا إبعاد العراق عن سوريا ، وبالفعل دخل جيش سوري بقيادة اللواء فهد الشاعر إلى العراق لتثبيت حكم البعث في العراق وقمع التمرد الكردي في شمال العراق، وبحثت القيادة القومية في المؤتمر الوحدة بين سوريا والعراق، لكن حال انقلاب عبدالسلام عارف دون حدوث هذه الوحدة بين البلدين، وقد دعمت مصر هذا الانقلاب وأيدته، حيث كان من المفترض أن يكون اسم الجمهورية الوليدة باسم الجمهورية العربية الديمقراطية الشعبية، وأن يكون لها عاصمة واحدة، وعلم واحد، وكان من أسباب سقوط البعث العراقي، هو تحالف أحمد حسن البكر وطاهر يحيى ورشيد مصلح السامرائي الذي أعدم نهاية السبعينات بتهمة التجسس لصالح السي أي إيه، وآخرون غيرهم، فاعتقل علي صالح السعدي وهاني الفكيكي وغيرهم وسفروا إلى الخارج، وتولى القيادة القطرية للبعث العراقي أحمد حسن البكر، وبذلك صفي أعضاء القيادة القطرية المؤيدين للوحدة مع سوريا، ثم قام عبدالسلام عارف بتصفية البعث في العراق في المرحلة الثانية، من خلال إنهاء قواعد الحزب والحرس القومي، بالتعاون مع ضباط من خارج حزب البعث، وهم جماعة القوميين العرب الذين ينتمي إليهم عبدالسلام عارف، كما طلب ميشيل عفلق من بقايا البعثيين في العراق على تأييد العهد الجديد بقيادة عبدالسلام عارف، وإيقاف المهاترات الإعلامية بين قيادتي البعث القطريتين في سوريا والعراق، كما أصدر بياناً من دمشق بعد عودته من بغداد إلى جميع البعثيين العراقيين بالتعاون مع عبدالسلام عارف وحكومته وسماها حركة تصحيحية، كما اعترف البعث العراقي في الرابع من أكتوبر عام 1963 بالكويت كدولة مستقلة ، وهكذا أدى البعث العراقي قبل سقوطه الأول مهمته وهي تدعيم قيام انقلاب سوريا، وتأمينه حتى مرحلته النهائية بانقلاب جاسم علوان في 18 يوليو 1963، ومن ثم انقلاب أمين الحافظ في 7 أكتوبر 1963 والاعتراف بالكويت ، وكان سقوط البعث العراقي قد أدى إلى اشتداد النزاع بين فصائل حزب البعث السوري، وتدخلت اللجنة العسكرية برئاسة صلاح جديد لصالح اليسار الشيوعي، ضد الإتجاه اليميني الذي ينتمي إليه الرئيس أمين الحافظ، ثم توترت العلاقة بين نظامي أمين الحافظ وعبدالسلام عارف، وتهجم عبدالسلام عارف على النظام السوري قائلاً : " إنهم حاقدون على العروبة والإسلام، وعملاء للصهيونية والاستعمار، وهم ينفذون مخططاتهم الإلحادية بقيادة ميشيل عفلق الملحد" ، مما حذا بالنظام السوري لتدبير عملية انقلابية مع بعث العراق بقيادة أحمد حسن البكر وصدام حسين المجيد التكريتي لاغتيال عبدالسلام عارف، وهي ما عرفت بمؤامرة سبتمبر 1964، على أساس قصف مطار بغداد، لكن انكشفت المؤامرة وحوكم صدام حسين ورفاقه، وأعلن أحمد حسن البكر اعتزاله السياسة، لكن أكد الرئيس أمين الحافظ في برنامج شاهد على العصر الذي بثته قناة الجزيرة، أن عبدالسلام عارف تعاون مع النظام المصري لإسقاط البعث السوري بإثارة فتنة طائفية في المدن السورية عام 1964 والتي قمعها نظام أمين الحافظ بعنف في مدينة حماه. وبعد سقوط نظام أمين الحافظ في انقلاب 23 فبراير 1966، عمل النظام الجديد من خلال الرئيس نور الدين الأتاسي ونائبه صلاح جديد على إثارة مشكلات خارجية، لتثبيت وضعهم المهزوز داخلياً، فورطوا مصر والعراق والأردن، إضافة إلى سوريا بحرب يونيو 1967، وقد أكد شبلي العيسمي أن الهزيمة ما كانت يمكن أن تقع لولا صلاح جديد الذي عمل على إفشال الميثاق الثلاثي بين سوريا والعراق ومصر عام 1963، وتسريحه لأكفأ ضباط الجيش السوري، ودوره المباشر في الهزيمة.
لكن بعد استلام البعث في العراق للسلطة العراقية عام 1968 من خلال انقلاب أحمد حسن البكر على عبدالرحمن عارف الذي صعد للرئاسة بعد اغتيال البعث العراقي لعبدالسلام عارف عام 1966، بتفجير الطائرة التي تقله إلى إحدى المدن العراقية، بيد أن نظام البعث العراقي الجديد رفض الاعتراف بالبعث السوري، خاصة بعد تأييد القيادة القومية بقيادة ميشيل عفلق للبعث العراقي على حساب البعث السوري، مما حذا بالبعث السوري إلى عدم الاعتراف بالبعث في العراق، وأصبح حزب البعث بجناحيه العراقي والسوري عامل تفريق بين الشعبين الشقيقين في سوريا والعراق، ولم يدرك البعث بجناحيه أن أول اجتماع للقيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي عام 1947 ضمت أعضاء من منطقة الهلال الخصيب فقط.
وقد استغل كل من نظامي الأتاسي في سوريا، والبكر في العراق، الأكراد، ضد بعضها البعض، حتى أن مصطفى البرازي تدخل لدى الرئيس نور الدين الأتاسي لإطلاق سراح السجناء السياسيين الأكراد السوريين، باعتبار أن أكراد سوريا هم العمق الإستراتيجي لأكراد العراق، ثم أخذ نظام أحمد حسن البكر يصرف 990 ألف دينار عراقي شهرياً، للإطاحة بنظام نورالدين الأتاسي في سوريا.
لكن بعد الحركة التصحيحية بقيادة اللواء حافظ الأسد دعم نظام البكر النظام السوري الجديد لكن رغم محاولة النظامين الوحدة عام 1979 وإتفاقهما على بنودها، بعد لقاء الرئيسين أحمد حسن البكر وحافظ الأسد، إلا انقلاب صدام حسين حال دون تحقيق الوحدة بعد ابعادة للرئيس أحمد حسن البكر بإجباره على التنحي بداعي المرض ثم قيامه بإعدام مؤيدي النظام السوري ( القيادة القطرية في سوريا ) . 2- الأردن: في أعقاب إتفاقية سايكس بيكو1916 ، حددت منطقة جنوب سوريا ضمن الانتداب البريطاني، وفي 24 مارس 1921 وصل وزير الدفاع البريطاني، ونستون تشرشل إلى القدس، واجتمع مع الأمير عبدالله بن الحسين، بحضور لورانس العرب، والمندوب السامي على فلسطين التي تشمل الأردن وتم الإتفاق على شطر القسم الشرقي من فلسطين وتسميته إمارة شرقي الأردن، الذي لم يكن يسكنه سوى 220 ألف ساكن معظمهم من البدو الرحل، المتنقلين ضمن بادية الشام، وكانت أهمية هذا الجزء أنه خطاً لسكة حديد الشام الحجاز، وقد جعل منه الأمير عبدالله موقعاً استرتيجياً لاستعادة الحجاز من آل سعود الذين استولوا عليها عام 1925 من أخيه الملك علي بن الحسين ، وللحصول على حكم سوريا ، وهذا ما حذا به إلى التساهل مع الصهاينة في موضوع الهجرة والحكم الذاتي لقاء دعم مشاريعه من قبل الإنكليز، الذين عارضوا هذه المشاريع. وبقى الأردن جزءاً من الهلال الخصيب رغم الانتداب البريطاني عليه، بسبب إرتباط حكوماته المتعاقبة بالأجزاء الأخرى من الهلال الخصيب، فكان أول رئيس حكومة أردنية هو رشيد طليع من لبنان، ثم حكومة مظهر رسلان وهو من سوريا، ثم حكومة علي رضا الركابي، وهو من العراق، والذي كان رئيس الحكومة السورية في عهد الملك فيصل في سوريا، وكانت تضم كل هذه الحكومات أعضاء من الهلال الخصيب. كما أن الأمير عبدالله قد عمد إلى استراتيجية مشروعه الذي سماه مشروع سوريا الكبرى، باعتباره الوسيلة الوحيدة لإنهاء عزلة الأردن، من خلال دمجها بسوريا، وأن يكون هو على عرشها، ويقوم مشروعه هذا على: 1- إعادة توحيد سوريا تحت قيادة الأمير عبدالله. 2- حل مشكلة اليهود في فلسطين بمنحهم استقلالاً ذاتياً إدارياً. 3- يبدأ التوحيد بإتحاد سوريا وشرقي الأردن، ثم تنضم إليه لبنان وفلسطين لتشكيل إتحاداً على نمط الولايات المتحدة الأمريكية. لكن بريطانيا رفضت هذا المشروع ، بالرغم من حصول الأردن على بعض الاستقلال عن بريطانيا في 28 مارس 1948، مما حذا بالأمير عبدالله أن يجعل هذا المشروع في 11 نوفمبر 1948 جزءاً من السياسة الخارجية الأردنية، وقد قال الأمير عبدالله في ذلك: " ليس هناك من سوريا كبرى أو صغرى، فهناك فقط بلد يحده البحر المتوسط غرباً، وتركيا شمالاً، والعراق شرقاً، والحجاز جنوباً، وهذا البلد يشكل سوريا " ، ثم أردف قائلاً : " كل أمرئ يدرك أن الجامعة العربية لم تكن أكثر من لعبة نظمها النحاس باشا لغاياته هو " ، وقد أيد الرئيس شكري القوتلي هذا المشروع، وصرح أمام البرلمان في فبراير 1945 قائلاً: " ...... أما موضوع سوريا الكبرى، فقد جاهرنا ونجاهر برأينا بأننا نرحب به، ترحيباً لا محاباة فيه، وهو أن تكون سوريا الكبرى جمهورية عاصمتها دمشق". وعلى ذلك فكان تأييد الرئيس شكري القوتلي للمشروع، مقابل عدم التنازل عنها كجمهورية، وهذا ما أساء للعلاقات بين الأمير عبدالله والرئيس شكري، الذي تخوف من السيطرة الإنكليزية على سوريا على غرار الأردن، من خلال سيطرتها على الجيش، لكن الأمير عبدالله عمل من خلال مؤيدي مشروعه في سوريا على تشكيل حزباً سياسياً ، مدعوماً من الأمير عبدالله هو "منظمة إتحاد الأحرار"، الذي أخذ يدعو لمشروع سوريا الكبرى ، والتنديد بنظام شكري القوتلي، مما حذا بالنظام إلى اعتقال بعض أعضاء الحزب ورئيسه فهمي المحايري ، وبعد حرب فلسطين عام 1948 وهزيمة العرب فيها خسر الأمير عبدالله الكثير من مؤيديه في سوريا، بسبب ما كان للأمير عبدالله من دور ساهم في هذه الهزيمة، فلم يعد يجرؤ أحداً من الضباط على المجاهرة برغبته في مشروع سوريا الكبرى، رغم استمرار النظام الأردني برغبته في ذلك حيث صرحت الحكومة الأردنية عام 1949 أنها تعتبر هذا المشروع من الأهداف الوطنية، رغم استمرار موالاة زعماء جبل العرب (الدروز) للأمير عبدالله ، خاصة بعد تورط النظام السوري من خلال جميل مردم بك في إثارة فلاحي الدروز ضد زعمائهم، وكان لهذه الحادثة دوراً كبيراً في تأييد زعماء الدروز لانقلاب حسني الزعيم فيما بعد، وقد كان الأمير عبدالله يعتمد في كسب ولاء هؤلاء الزعماء على توزيع الأموال والألقاب في جبل الدروز من أجل تأييد مشروعه، والعمل من أجله بزعزعة استقرار الحكومة، فقد قبض الأمير حسن الأطرش مبلغ (6000) جنيه استرليني منه، في فندق السان جورج من أجل ذلك. وبسبب ما كان من ارتباط الأردن ببريطانيا ، فقد كان الأمير عبدالله على علم بانقلاب حسني الزعيم قبل أن يقع، لكن توترت بعد ذلك علاقته بحسني الزعيم، بسبب رفضه لهذا المشروع، وهذا ما أساء أيضاً علاقته بزعماء الدروز، الموالين للأمير عبدالله، إضافة للذين ينتمون للحزب القومي السوري، خاصة بعد خيانة حسني الزعيم لأنطون سعادة، وكان لهذه الأسباب دوراً كبيراً في انقلاب سامي الحناوي، الذي أيده الأردن بشكل كبير، ووجد فيه أملاً لتحقيق مشروع سوريا الكبرى، لكن بسبب انحياز سامي الحناوي لمشروع الهلال الخصيب توترت علاقته بالأردن، فلم يكترث في انقلاب الشيشكلي عام 1949، حيث دعى الأمير عبدالله إلى مشروع سوريا في أعقاب هذا الانقلاب وصرح حول ذلك قائلاً: " إن سوريا فريسة عدم الاستقرار والفوضى، ولن يعود إليها النظام إلا بالإتحاد مع الأردن، لأن هذا الإتحاد هو طريق الحق والعدالة" ، وفي السابع من إبريل 1952 التقى الرئيس فوزي سلو وقائد الأركان أديب الشيشكلي مع الملك طلال بن عبدالله، وبحثواً أمر الإتحاد بين سوريا والأردن، على أن يكون الملك طلال، هو ملك الأردن وسوريا، وأن يكون فوزي سلو نائباً للملك، لكن الحوراني ندد بهذا القرار ووسمه بأنه مشروع استعماري، رغم أن الشيشكلي كان قد رفض هذا المشروع من قبل بعد انقلابه الأول عام 1949، بسبب الدعاوي الوحدوية لمشروعي الهلال الخصيب وسوريا الكبرى، في عهد الرئيس هاشم الأتاسي عام 1951، وقد طالب البرلمان السوري في يوليو 1951 بضرورة ضم الأردن إلى سوريا، على اعتبار أنها تشكل أهم منطقة عسكرية بين جميع البلدان العربية، ونقطة الإتصال بين جميع دول الهلال الخصيب، ومفتاح الجزيرة العربية وسيناء، وهي أقصر الطرق بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأنها تعيش على الإعانات البريطانية، التي لا يمكن أن تعيش بدونها باعتبارها بلداً جرداء لا يمكن أن تكون وحدة اقتصادية قائمة بذاتها، فهي ليست سوى جزءاً من سوريا، وعلى هذا فكان قبول الشيشكلي مع الرئيس فوزي سلو للمشروع بعد ذلك هو أن شخصية الملك طلال كانت ضعيفة، فكان أملهما في استغلال هذا الضعف لصالحهما، لكن هذا لم يقبل به قائد الجيش الأردني كلوب باشا/وهو انكليزي/، فكان لذلك أثره في عزل الملك طلال ، وتسلم ابنه حسين للعرش عام 1953 بتأييد كلوب باشا، وهذا أدى لاساءة العلاقة بين نظام الشيشكلي مع النظام الجديد في الأردن، لذلك فقد استغل كلوب باشا ، حادثة جبل العرب (الدروز) عام 1954، وأرسل إلى سطان الأطرش يطلب تدخله، وعرضت بعض القبائل المؤيدة للأردن، ولاءها لسلطان الأطرش ضد الشيشكلي مثل هايل سرور شيخ المساعيد. وبعد سقوط الشيشكلي عام 1954، ازداد التدخل السوري في الأردن، بسبب اليسار الذي عمل على زعزعة الأوضاع السياسية المستقرة في الأردن، خاصة أن بعض ضباط الجيش السوري كانوا على علاقة مع نظرائهم في الأردن، وتحديداً بعد إقالة كلوب باشا من قبل الملك حسين، وتعيين علي أبو نوار مكانه، فقد كان في عهد كلوب باشا عدد آمري الوحدات في الجيش الأردني خمسون ضابطاً، منهم ست وأربعون من الإنكليز، وفي ظل قيادة علي أبو نوار أصبح الجيش الأردني كله أردنيين، وقد كان لإبعاد كلوب باشا، أسباباً كثيرة، وهي أن الولايات المتحدة كانت تعمل على إبعاد بريطانيا عن المنطقة من خلال عملائها في الشرق الأوسط وخاصة النظام المصري الذي بدأ يتدخل بعد سقوط الشيشكلي في سوريا، ومن المعلوم به، أن أي حدث في سوريا لابد أن يتأثر به الأردن، فازدياد المد القومي في سوريا، أدى لاندلاع أعمال عنف واضطرابات في الجيش الأردني، فكان لذلك دور كبير في إقالة كلوب باشا، وتشكيل حكومة أردنية يسارية برئاسة سليمان النابلسي، التي شجبت مشروع أيزنهاور، وعملت لإقامة علاقات مع الإتحاد السوفياتي، مما حذا بالملك حسين إلى حلها وتطهير الجيش من الشيوعيين، وإعلان الأحكام العرفية في الأردن، وقبول المساعدات الأمريكية، وهذا أدى لتوتر علاقته مع مصر وسوريا، حتى أن رئيس المكتب الثاني عبدالحميد السراج أكد لجمال الشاعر وجورج حبش ، حيث كان جمال الشاعر عضواً في القيادة القطرية لحزب البعث الأردني وجورج حبش رئيس المنظمة الفلسطينية اليسارية أنه سيستمر في دعم المؤامرات للإطاحة بالنظام الملكي في الأردن، وكانت إحدى هذه المؤامرات المحاولة الانقلابية التي قادها اللواء علي أبو نوار ضد الملك حسين في مايو 1957، وكان فشلها قد جعل علي أبو نوار يلجأ إلى سوريا، بعد اعتقال 22 ضابطاً، وبسبب ذلك طلبت الحكومة الأردنية من سوريا الانسحاب من الأردن في 23 مايو 1957 –حيث دخل الجيش السوري عقب اندلاع حرب السويس 1956 ، كما خرج الأردن من معاهدة الدفاع المشترك التي وقعت مع سوريا ومصر والسعودية والأردن، وكان لذلك أثراً في إنهيارها، إضافة لذلك أن السراج خلال حرب السويس 1956 نسف خط البترول العراقي المار بالأردن إلى حيفا. وخلال عهد الوحدة بين سوريا ومصر، شهدت العلاقات بين الإقليم السوري والأردن أشد توترها، فقد أعلن عن اكتشاف متسللين إلى الأردن، ومن الأردن إلى سوريا، للقيام بعمليات تخريبية، وقد وجه الاتهام لسوريا في عملية تفجير مبنى مجلس الوزراء الأردني عام 1959، الذي أدى لمصرع رئيس الحكومة هزاع المجالي المعارض للتدخلات في الأردن، مما حذا بالنظام الأردني إلى تشجيع التمرد على حكم الوحدة، من خلال البث الإذاعي ضدها، حيث اشتركت الأردن والسعودية بتمويل محطة إذاعية لذلك، وكان العقيد حيدر الكزبري قائد قوات البادية، قد قابل الملك حسين قبيل اشتراكه في انقلاب عبدالكريم النحلاوي في سبتمبر 1961، لكن عملت الدعاية المصرية على اتهامه بأنه أخذ رشوة من الملك حسين مع مجموعة أخرى مثل فيصل سري الدين وأخويه، ورئيس البرلمان السوري بعد الانفصال، الدكتور مأمون الكريزي، مما تسبب في إقالته عن رئاسة البرلمان، وعن رئاسة الحكومة قبل ذلك، وهذا ما ساهم في تشجيع مؤيدو النظام المصري، والمستقلين الوحدويين، إلى القيام بانقلاب زياد الحريري في 8 مارس 1963، ومن ثم سقوط الناصريين على يد البعث في انقلاب جاسم علوان في يوليو 1963، فسادت علاقات متوترة في ظل البعث، مع الأردن والدول العربية الملكية، حيث إتهمها البعث بالرجعية، وزادت الهوة في ظل نظام الأتاسي/جديد، بعد انقلاب صلاح جديد في فبراير 1966، الذي عمل على اتهام النظام الأردني بالعمالة والرجعية وأساء لعلاقات سوريا مع الأردن، التي وصلت إلى مرحلة تهديد استقرار الأردن، من خلال العمليات الانتحارية التي عمد صلاح جديد إلى تنفيذها من داخل الأراضي الأردنية، مستعيناً بمزايداته على القضية الفلسطينية ومعتمداً على الفلسطينيين الموجودين في الأردن في تحقيق أهدافه، من خلال حرب عصابات داخل إسرائيل، ثم عمد إلى قصف المستوطنات الإسرائيلية مما حذا بإسرائيل للرد في السابع من إبريل عام 1967، وكان كل ذلك تمهيداً لحرب 5 يونيو 1967، حيث أضطر الملك حسين إلى تأييد خطوات عبدالناصرخوفاً من الضغوط الداخلية عليه، ودخل معاهدة الدفاع المشترك مع مصر وسوريا في 3 يونيو 1967 ودخلها العراق في اليوم التالي، وبالتالي كان نظام الأتاسي/جديد سبباً مباشر في توريط هذه الدول ومن ضمنها الأردن في هذه الحرب وخسارة الضفة الغربية من الأردن. ورغم ذلك استمرت مزايداته على النظام الأردني ففي الرابع من ديسمبر 1969 قدم وزير الخارجية الأمريكي روجرز خطته من أجل السلام مع إسرائيل، والتي تشمل انسحاب إسرائيل من المناطق التي إحتلتها مع ضمان أمن حدودها، حيث أن عبدالناصر قد أعلن قبوله بها في 23 يونيو 1970 وكذلك الملك حسين، وياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وجورج حبش، لكن المنظمات الفلسطينية المدعومة من قبل بعثي سوريا والعراق رفضت الخطة واعتبرت من يقبلها خائناً، ثم قامت هذه المنظمات بعمليات إرهابية ضد طائرات سويسرية وإنكليزية وأمريكية في مطار الأردن، واصطدموا مع الجيش الأردني في 15 سبتمبر 1970، مما أدى لإحداث ما عرف بأيلول الأسود، التي قتل فيها حوالي آلاف الأشخاص ، ولم تتوقف إلا بعد تدخل عبدالناصر لدى الملك حسين، وكان خلال هذه الأحداث قد دخل الجيش السوري لمساعدة الفلسطينيين ضد الملك حسين وإسقاط العرش الهاشمي، لكن تدخل إسرائيل لصالح النظام الأردني أدى لتدميرها من قبل القوات الأردنية والإسرائيلية ، وبعد ذلك استمرت العلاقات الأردنية السورية يشوبها عدم الثقة لعدة أسباب مختلفة، ولم يعد أي ذكر لمشروع سوريا الكبرى. 3- لبنان : كان جبل لبنان قبل أحداث 1860، إحدى متصرفيات الساحل السوري، لكن اندلاع هذه الأحداث في دمشق وجبل لبنان، وفق مؤامرة من بعض الدول خاصة بريطانيا، جعل الدول العظمى في ذلك الوقت تتدخل، وأكبر تدخل كان من جانب فرنسا بداعي حمايتها للأقلية المارونية الكاثوليكية، وقد ضغطت هذه الدول على الدولة العثمانية، للاعتراف باستقلال إداري لجبل لبنان، بموجب نظام مؤقت وقعته تلك الدول وأقرته عام 1864، وقد شمل جبل لبنان المنصوص عليه وفق ذلك النظام، أقضية كل من (الكورة، و البترون، وكسروان، والمتن، والشوف، وجزين، وزحلة)، لكن ظل متصرف جبل لبنان(المكان) تابع لولاية دمشق، وظل متصرفه (المسؤول عنه)تابع لوالي دمشق. ثم جاءت إتفاقية سايكس بيكو عام 1916، التي عملت على جعل لبنان جزءاً منفصلاً عن سوريا، بالرغم من أن الانتداب على كليهما واحد وهو الانتداب الفرنسي، وقد ترافق التجزؤ العملي لسوريا إلى عدة دويلات إقليمية وطائفية، مع إقامة دولة لبنان الكبير، عندما إحتل الجنرال غورو بيروت، حيث عمل على إقامة ما سمي بلبنان الكبير باقتطاع أجزاء من المحافظات المجاورة والتابعة لولايات الشام، فقد ضم بيروت وصيدا ومرجعيون وجبل عامل، وطرابلس، إضافة إلى الأقضية الأربعة وهي المينا والقلمون والضنية وعكار ثم فصلت عن ولاية دمشق الأقضية الأربعة، البقاع، وبعلبك، وحاصبيا، وراشيا، وضمت جميعها للمتصرفية، وبذلك أنشئ غورو ما سمي بلبنان الكبير وهو لبنان الموجود حالياً. وقد استاء سكان المناطق التي انفصلت عن ولايات الشام لتنضم لمتصرفية جبل لبنان، حيث أعلنت طرابلس رفضها لذلك، وأعلن جميع المسلمون بجميع طوائفهم. والذين يزيدون عن نصف سكان ما سمي بلبنان الكبير، على عدم تأييدهم لسن الدستور اللبناني، الذين يفصلهم عن الوطن الأم سوريا، كما طالب أكثر المسيحيين من غير المارونيين بالالتحاق بسوريا، حتى أنهم ظلوا يطالبون بالاندماج بسوريا بعد تشكيل البرلمان، ولم يقبل بقيام لبنان الكبير سوى أقلية بسيطة من الطائفة المارونية، لأن أكثريتها كانت ترى أن يكون لها منطقتها الخاصة المرتبطة مباشرة بفرنسا على غرار موناكو، حتى أن المؤتمر السوري الذي عقد في يونيو 1919 ضم نواباً عن جميع مناطق لبنان، كما اندلعت مظاهرات وحوادث سبتمبر عام 1919 في لبنان ضد فصل مناطق عن الولايات السورية وضمها لمتصرفية جبل لبنان. وبعد استقلال لبنان وسوريا عن فرنسا رسمياً عام 1943 تحالف بشارة الخوري، الذي يمثل الطائفة المارونية مع رياض الصلح الذي يمثل الطائفة المسلمة السنية، على اعتبار أن هاتين الطائفتين هما الأكثر عدداً وكرسا الطائفية بالميثاق الوطني اللبناني لعام 1943، وأكدا فيه على رفض أي إتحاد مع الدول العربية والمقصود بذلك سوريا، رغم رفض المسلمين وأكثر المسيحيين لذلك الميثاق . وقد كان من أهداف تأسيس الجامعة العربية، هو من أجل تقويض الوحدة السورية، سواءا بمشروع سوريا الكبرى، أو الهلال الخصيب، أو الدواعي الأخرى التي نادت بالضم بجميع الطرق الممكنة لتحقيق وحدة سوريا، فكانت قرارات الجامعة تدعو لربط الأقطار العربية برباط هش من خلال منظمة شكلية، وخلق اعتراف سوريا باستقلال لبنان، وقد بارك إنشاءها كلاً من الإنكليز والفرنسيين، فلم تقبل فرنسا باستقلال لبنان إلا بعد اعتراف سوريا بلبنان، وقد ضغط مندوبو جامعة الدول العربية على الوفد السوري من أجل هذا الاعتراف، لكن اشترطت سوريا لقبول ذلك أن تحترم مصالح سوريا بشكل رئيس فيها، وألا تكون لبنان قاعدة لقوة أجنبية تهدف لبسط نفوذها على سوريا، فكانت الجامعة العربية تمثل أشد العراقيل لتحقيق الوحدة السورية أولاً والوحدة العربية ثانياً، من خلال نواتها سوريا الكبرى أو سوريا الطبيعية (الهلال الخصيب)، رغم أن نواب البرلمان السوري، كانوا قد نددوا بالسلطات الفرنسية لدى اعتقالها الرئيس اللبناني بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح وغيرهم، من السياسيين عام 1943، وذلك قبل إعلان استقلال سوريا ولبنان، حيث أكد النواب السوريون أن لبنان جزءاً لا يتجزأ من سوريا، وأن ما يمس أبنائه يمس كل أبناء المجتمع في سوريا كونهم جزء منهم، وعلى هذا الأساس اندلعت المظاهرات في كل أنحاء سوريا تؤكد هذه الحقيقة، ولم يتخلف اللبنانيون قبل ذلك عن نداء الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان الأطرش عام 1925، فقد اشتركوا فيها في جميع مناطقهم، وأيضاً اشتركوا في الإضراب الستيني عام 1936، واشترك القائد اللبناني فوزي القاوقجي في جميع الثورات السورية والعراقية والفلسطينية، كما اشترك أنطون سعادة بها أيضاً، واعتقل عدة مرات من أجل ذلك، وبعد إعلان استقلال لبنان وسوريا عام 1943، لم تعد سوريا تطالب بأي مناطق لبنانية اقتطعت من سوريا لتشكيل ما سمي بلبنان الكبير، على اعتبار أنها تعتبر أن كل لبنان جزءاً من سوريا، كون هذين الجزأين اشتركا في كل مراحل التاريخ حتى في ظل الانتداب الفرنسي، فكان جيش الشرق الذي أسسته فرنسا يتألف من لبنانيين وسوريين، ومما يؤخذ على معظم أبناء الطائفة المارونية أنهم يدعون أن فرنسا هي الأم الحنون، حتى وصل بالبعض منهم إلى الإدعاء أنهم من أصول فرنسية، وجاؤوا إلى لبنان مع حملاتها الصليبية في القرون الوسطى، لذلك فهم يتفرسون، رغم أنهم جاؤوا من منطقة حماه، وكانت تسمى مناطقهم مارمارون، و لهذه الأسباب فهم آثروا توطيد علاقتهم مع اليهود، على السوريون رافضين ما عمل من أجله أنطون سعادة بإقامة سوريا الطبيعية، من خلال مباديء حزبه، فكان بنتيجة ذلك أن قاوم معظم المارونيون الحزب القومي السوري، من خلال حزبهم الطائفي وهو حزب الكتائب ذو العلاقة الوطيدة بالغرب وبإسرائيل، وليتسببوا وفق مؤامراتهم المحاكة مع حكومة رياض الصلح، ذو العلاقة الوطيدة، أيضاً مع إسرائيل، في ضرب وحرق مكاتب الحزب، ولتتدخل الحكومة اللبنانية مباشرة لصالحهم، ولتلاحق أنطون سعادة وحزبه القومي السوري، ثم لتتحالف مع حسني الزعيم الماسوني، على القضاء على أنطون سعادة، حيث سلمته للحكومة اللبنانية التي أعدمته وفق محاكمة صورية بعد 24 ساعة فقط، وكان لهذا العمل أثره في سقوط نظام حسني الزعيم واعدامه، كون الكثير من الانقلابيين كانوا من جماعة الحزب القومي السوري، خاصة بعد اندلاع المظاهرات في جميع أنحاء سوريا تندد بغدر حسني الزعيم بأنطون سعادة. ثم قاومت الحكومة اللبنانية مساعي الحكومات السورية في عهد سامي الحناوي، وهاشم الأتاسي، من أجل وحدة سوريا والعراق، واستمرت في ذلك بعد انقلاب الشيشكلي عام 1949، الذي عمل على مقاومة هذا المشروع ، ولكن ذلك لم يشفع له من أن يصبح لبنان بؤرة توتر في عهده، خاصة بعد استلامه الحكم مباشرة عام 1952، حيث أصبحت الصحف اللبنانية تندد به وتدعوه بالدكتاتور، وزادت من حدتها بعد هروب ثلاثي البعث، "الحوراني والعفلق والبيطار"، إلى لبنان معارضين لحكم الشيشكلي، مما حذا بالشيشكلي إلى مطالبته بهم، لكن لبنان رفض ذلك، لكن بعد ذلك رأى النظام اللبناني في رحيلهم عنه, لمخالفتهم بنود حق اللجوء السياسي فرحلوا إلى إيطاليا، ورغم ذلك استمرت بعض الصحف اللبنانية في الترويج لاسقاط حكمه، خاصة بعد أحداث جبل الدروز، حيث قام دروز لبنان بعقد مؤتمراً صحفياً لهم في بيروت، ليطلعوا الرأى العام العالمي، والصليب الأحمر على مذبحة الدروز السوريين، الذين قتل منهم 66 فرداً، وهاجم كمال جنبلاط، النظام السوري، مما حذا بنظام الشيشكلي إلى إغلاق الحدود مع لبنان في فبراير 1954. لكن بعد سقوط نظام الشيشكلي عام 1954، أصبح لبنان بؤرة للعديد من المؤامرات لاسقاط الحكم في سوريا، فكانت عملية التيه أو الانتشار بقيادة أديب الشيشكلي عام 1956، ثم عملية النصر عام 1957 ومحورها ميخائيل إليان، وكان تأييد الرئيس اللبناني كميل شمعون لمبدأ أيزنهاور، وقبوله به، وقد أثار الخلاف بين لبنان وسوريا التي سيطر عليها اليسار بقيادة الحوراني والعظم، فأصبحت السفارات الغربية في بيروت مركزاً للمحاولات الانقلابية، التي أصبحت تبدأ بتجنيد العملاء المعارضين، ثم تبدأ حملات إعلامية ضخمة، بغرض خلق بلبلة، وتشكيك في السياسة السورية، ثم تجنيد في القوات المسلحة السورية، رغم فشل معظمها خلال فترة ما بين سقوط الشيشكلي وبين الوحدة مع مصر، إلا أنها أحدثت زعزعة في النظام وإن كان بشكل غير مباشر، وكان معدل المحولات الانقلابية هو انقلابين في السنة. وبسبب تخوف النظام الحاكم في سوريا بعد الوحدة مع مصر عام 1958، من تأثر الوضع الديمقراطي في لبنان بالوضع الديكتاتوري في ظل نظام الوحدة، عمل نظام الوحدة، على إثارة الحرب الطائفية عام 1958، خاصة بعد محاولة كميل شمعون تعديل الدستور بعد الانتخابات النيابية، لإعادة انتخابه مرة أخرى، وهذا أدى لمعارضة التيار القومي العربي في لبنان، المعادي للغرب فاجتمعت المعارضة في الخامس من مايو عام 1958، وإتفقوا على معارضة هذا التعديل، وكانوا مدعومين من قبل الجمهورية العربية المتحدة من خلال الإقليم السوري، رغم أن كميل شمعون كان مدعوماً من قبل السي أي إيه، عن طريق السفير الأمريكي في لبنان، إذاً فالولايات المتحدة كانت تلعب بورقتي المعارضة والحكومة، ومن ثم المفاضلة بينهما لتصعيد من تراه محققاً لمصالحها بشكل أكبر على المدى البعيد، فاندلعت الشرارة الأولى باغتيال النائب اللبناني نسيب المتني، الذي كان معارضاً، وهذا أدى لاندلاع المواجهات بين الحكومة والمعارضة التي وصلتها أسلحة من سوريا، فطلب كميل شمعون تدخل الولايات المتحدة، لأن موافقته على مبدأ أيزنهاور تجيز له طلب التدخل، فتدخل الأسطول السادس الأمريكي، لكن الولايات المتحدة حثت الرئيس كميل شمعون على التخلي عن الرئاسة، وإجراء انتخابات جديدة، فاز بها قائد الجيش فؤاد شهاب، المؤيد من قبل المعارضة. وبعد سقوط حكم الوحدة في سوريا عقب انقلاب عبدالكريم النحلاوي في سبتمبر 1961، عارض معظم مسلمي لبنان الحكم الذي جاء بعده في ظل نظام الرئيس ناظم القدسي، باعتبار أنهم كانوا يرون بالحكم الناصري طريقاً يوصلهم إلى الحقوق التي يطالبون بها، فأخذت الصحف اللبنانية تنشر مقالات تدعو للثورة على نظام القدسي في سوريا، وتدعمها السفارة المصرية من أجل ذلك ، كما عمل كمال جنبلاط ذو الأصول الكردية على دعم الأكراد في شمال سوريا، إضافة لما كانت تقوم به حكومة الكويت عن طريقه هو، وهذا سبب إرباكاً كبيراً لنظام ناظم القدسي، وساهم في سقوطه بعد ذلك، في انقلاب زياد الحريري في 8 مارس 1963 ، لكن بعد استلام البعث السلطة عام 1963، استمرت بيروت محوراً لزعزعة الاستقرار السياسي في سوريا، خاصة بعد لجوء رؤوس اليمين البعثي بقيادة ميشيل عفلق إليها، مثل البيطار والرئيس أمين الحافظ حيث بدأ التنديد من خلالها بنظام الحكم في سوريا، وذلك بعد انقلاب صلاح جديد عام 1966، وبعد تسلم الرئيس حافظ الأسد السلطة عام 1971 إثر الحركة التصحيحية في نوفمبر 1970، عمل إيقاف الحرب الأهلية فيها عام 1975 بتأييد من الجامعة العربية ، فكان دخول هذه القوات إلى لبنان ساهم في إيقاف هذه الحرب بالرغم من الأخطاء الفردية التي سادت إثر هذا الدخول ممن لا يشعرون بالمسؤولية التاريخية لسوريا تجاه لبنان ، لكن هذا لا يجعل العلاقات اللبنانية السورية هي علاقة بين شعب واحد في بلدين كما أكد ذلك الرئيس حافظ الأسد ، كما أن تلك الأخطاء قد عبر عنها الرئيس بشار الأسد بأنها لم تكن مقصودة وبأنها يشجبها ،وقدم مرتكبيها للمحاكمات العسكرية ، وبالتالي فإن لبنان لسوريا وسوريا للبنان ، ولن تفصل بينهما كل المؤمرات المحاكة ضد سوريا ولبنان .
المراجع :
• باتريك سيل ، "الصراع على سوريا: دراسة للسياسة العربية 1945 – 1958"، ترجمة: سمير عبده ومحمود فلاحة، (بيروت: دار الكلمة للنشر، 1980).
• خيرية قاسمية ، "الرعيل العربي الأول: حياة وأوراق نبيه وعادل العظمة"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 1991).
• حمدان حمدان، أكرم الحواني كما أعرفه ، بيروت ، بيسان للنشر والتوزيع والاعلان ، 1996 .
• حسن الأمين،"سراب الاستقلال في بلاد الشام 1918-1920"، (بيروت: رياض الريس للكتب والنشر، 1998). • موشيه ماعوز، "سوريا وإسرائيل: من الحرب إلى صناعة السلام"، ترجمة: لينا وهيب، (عمان: دار الجليل للنشر، 1998). • موشيه ماعوز، وآخرون، "الجولان بين الحرب والسلام"، ترجمة: أحمد أبو هدية، (بيروت: مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق ، 2001).
• بشير فنصه، "النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا"، (دمشق: دار يعرب، 1996).
• موسى الشابندر، "النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا"، (دمشق: دار يعرب، 1996).
• يوسف الحكيم، "سوريا والعهد الفيصلي" ، "سوريا والعهد الفيصلي"، ط2، (بيروت: دار النهار للنشر، 1980).
• عادل أرسلان ، "مذكرات الأمير عادل أرسلان"، (بيروت: دار الكتاب الجديد، 1964).
• وجيه كوثراني، "ذكرات وخواطر مما رأيت وسمعت وفعلت"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).
• محمود رياض ، "مذكرات محمود رياض"، جزأين، (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1986).
• أكرم الحوراني، "مذكرات أكرم الحوراني"، 4أجزاء، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000).
• ديفيد وليش، "سوريا وأمريكا"، (ليما سول (قبرص) :، دار الملتقى للطباعة والنشر، 1985).
• بيير روندو، "مستقبل الشرق الأوسط"، ترجمة نجدة هاجر وسعيد الغز، (بيروت: المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر، 1959).
• سلمى الحفار الكزبري، لطفي الحفار 1885-1968 : مذكراته ، حياته ، وعصره ، لندن ، رياض الريس للكتب والنشر ، 1997 .
• زهير الشلق، "من أوراق الانتداب"، (بيروت، دار النفائس، 1989).
• خلدون حسن النقيب، "الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر"، ط2، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1996). • الأقطاب الأربعة ويسمون كذلك بالمربع الذهبي وهم صلاح الدين الصباغ (سوري) ، فهمي سعيد، محمود سليمان، كامل شبيب،
• هاني الفكيكي، "أوكار الهزيمة: تجربتي في حزب البعث العراقي"" (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 1993).
• صلاح العقاد، "المشرق العربي 1985-1958: العراق، سوريا، لبنان"، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية ومطبعة الرسالة، 1966).
• أندرو راثمل، "الصراع السري على سوريا 1947-1961"، ترجمة: محمد نجار، (عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 1997).
• موسى الشابندر، "ذكريات بغدادية: العراق بين الاحتلال والاستقلال"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 1993).
• محمد سهيل العشي،"فجر الاستقلال في سوريا: منعطف خطير في تاريخها"، (بيروت: دار النفائس، 1999).
• ديفيد وليش، "سوريا وأمريكا"، (ليما سول (قبرص) :، دار الملتقى للطباعة والنشر، 1985).
• هنري لورانس،"اللعبة الكبرى: المشرق العربي والأطماع الدولية"، ط2، (بنغازي: دار الكتب الوطنية، 1993).
• محمود رياض ، "مذكرات محمود رياض"، جزأين، (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1986).
• أسعد الكوراني، "ذكرات وخواطر مما رأيت وسمعت وفعلت"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).
• ممدوح محمود مصطفى منصور، "الصراع الأمريكي السوفياتي في الشرق الأوسط"، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1995).
• بيير بوداغوفا، "الصراع في سوريا 1945، 1966"، ترجمة ماجد علاء الدين وأنيس المتني، (دمشق: دار المعرفة، 1987).
• أديث وائي، إيف بينروز، "العراق: دراسة في علاقات الخارجية وتطوراته الداخلية1915 – 1975"، ترجمة: عبدالمجيد حسيب القيسي، (بيروت: دار الملتقى، 1989).
• عبدالسلام العجيلي، "ذكريات أيام السياسة"، ج2، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).
• سعد جمعة، "مجتمع الكراهية"، (عمان، الأهلية للنشر والتوزيع والإعلان، 2000).
• www.Aljazeera.net، أمين الحافظ ، شاهد على العصر .
• شبلي العسيمي، "الوحدة العربية من خلال التجربة"، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1971).
• إيمان راسخ، "البعث العربي الاشتراكي"، ط4، (بغداد: دار الحرية، 1977).
• صلاح بدر الدين،الحركة القومية الكردية في سوريا ، بيروت ، رابطة ، كاوا للثقافة الكردية ، 2003 .
• حردان التكريتي، "مذكرات وزير الدفاع العراقي الأسبق حردان التكريتي"، (طرابلس: المنشأة العامة للنشر والتوزيع والإعلان، 1983).
• محمود صادق، "حوار حول سوريا" ، (لندن: دار عكاظ، 1993).
• جمال الشاعر،"سياسي يتذكر"، (بيروت: رياض الريس للكتب والنشر).
• فارس قاسم الحناوي، "صراع بين الحرية والاستبداد"،(دمشق: دار علاء الدين، 2000).
• سمير عبده، "حدث ذات مرة في سوريا"، "حدث ذات مرة في سوريا"، (دمشق: منشورات دار علاء الدين، 2000).
• محمد حسنين هيكل، "ما الذي جرى في سوريا"، (القاهرة: دار الخيال، 1962).
• مطاع الصفدي، "حزب البعث مأساة المولد ومأساة النهاية"، (بيروت: د م ن ، 1991).
• يوسف الحكيم، "بيروت ولبنان في عهد آل عثمان"، ط2، (بيروت: دار النهار للنشر، 1980).
• يوسف الحكيم، "سوريا والعهد الفيصلي"، ط2، (بيروت: دار النهار للنشر، 1980).
• حسن الأمين، ، "سراب الاستقلال في بلاد الشام 1918-1920"، (بيروت: رياض الريس للكتب والنشر، 1998).
• زهير الشلق، "من أوراق الانتداب"، (بيروت، دار النفائس، 1989).
• غسان سلامة، "المجتمع والدولة في المشرق العربي المعاصر"، ط2، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1999 • عزالدين ديان، "التحليل الاجتماعي لظاهرة الانقسام السياسي في الوطن العربي"، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1993).
#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور المحور المصري السعودي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
-
أثر التدخلات الإقليمية: تركيا وإسرائيل على عدم الاستقرار الس
...
-
دورالمعسكر الشيوعي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا - الاتح
...
-
الحزبية والصراع الحزبي في سوريا
-
العشائرية وخصوصية الشعب والعوامل الشخصية وصراع الأجيال وتأثي
...
-
العامل الاقتصادي والطبقي ودوره في عدم الاستقرار السياسي في س
...
-
الطائفية والعرقية ودورهما في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
-
دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي
-
انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا
-
عدم الاستقرار الحكومي ( الوزاري ) في سوريا
-
العوامل الخارجية المؤثرة على الاستقرار السياسي
-
انقلابات عسكرية فاشلة لكنها أدت لعدم استقرار سياسي في سوريا
-
الصراع البريطاني الأيرلندي على أيرلندا الشمالية بين عامي 198
...
-
السيرة الذاتية لحكام السودان منذ المهدية حتى الآن
-
مفهوم عدم الاستقرار السياسي في الدولة
-
أثر التمايز الاجتماعي في عدم الاستقرار السياسي في الدولة( ال
...
-
مفهوم عدم الاستقرار السياسي
-
دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي في الدولة
-
علاقة صندوق النقد الدولي بالمؤساسات الاقتصادية الدولية
-
الفقر فى أفريقيا: أبعاده والإستراتيجيات الموضوعة لإختزاله (ا
...
المزيد.....
-
ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا
...
-
أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية
...
-
مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا
...
-
مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف
...
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|