محمود جلبوط
الحوار المتمدن-العدد: 2244 - 2008 / 4 / 7 - 08:12
المحور:
الادب والفن
في أفق صمته المطبق لم يكن يسكن إلاّها
عالية عالية , حتّى تجلّل سماءه
ولماّ تطلّ عليها شمسا تغدو هزيلة جدا وشاحبة
في بيت صمته
وعندما تحين صلاته خارج أوقاتها المحددة
يرنو إليها , فتبتعد بعيدة بعيدة حتى تكاد تلامس المدى
في عمق صمته
عندما يشعر بحاجة الإنغلاق عليه
تتعرّى روحه حتّى الشفافية
يتجه إليها
يقف في محرابها ويصلّي
يقيم اللّيل بطوله يتسوّك طعم رضابها
ويعبق في أنفه رائحة نهديها
ويقضي يسامرها من مستهل اللّيل حتى آخره
وفي وحدة الجسدين الصاخبة يمنحها شكل وردة
هي ما تبقى من قلبه من بقايا مجزرة
تقسّمه بين أصابعها النحيلة خبزا
لا تملّحه , وتكتفي بقضمه متأنّية
يلحّ عليهما أملا , فالقلب في القلب شقاءهما العظيم
في صمت قلبه المطبق
يلحّ عليه الألم
ويجرح الحب طواياه
وهي
تسير في شعابه
تحدث ضجيجا بوقع قدميها
علّهم يقرؤون على رنة خلخالها دربه الوحيدة
وتصبح قدمها خاتم أشياءه القادمة
في ظلّ صمته الطويل
وكلما ثارت في دمه
كانت تزهر في عينيه دمعتان
فيحس أنه قد كرهها فوق طاقة قلبه
وأنه أحبها حبا لا أسم له كي لا يكون له قياس
في حبها المقفر
جعلته من شمع وبخور زكمت به كل أنوف الناس
علكته بيديها ثم قذفت بها على قارعة الطريق
في صمته المقفر
استهجن كيف أحبها كزهر القرنفل الذي لا حد له
وكيف أخذ عليه العالم كله حين حوّلها مثلا ورفيقة درب
وكيف ضمّها إلى أضلاعه ببراءة ليس لها على الله روحا ولاعين
في أفق جنونه المطبق
أدرك متأخرا أنها جريمة مشرقة سوف تولد فيه نورا للأبد
ودواّرا يتعلم منه كيف يكون نبيا
يهز عوارض القلب في محاريب الغدر
#محمود_جلبوط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟