أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - جمعية المختصرين !














المزيد.....

جمعية المختصرين !


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2244 - 2008 / 4 / 7 - 03:05
المحور: كتابات ساخرة
    


أجريتُ تجربةً في التلخليص والاختصار، وذلك بتلخيصِ كتابٍ، يحتوي على ثلاثمائة وأربعة وثلاثين صفحة، فقد تمكنتُ من تلخيصة في أربعة صفحات فقط، مع العلم بأن جميع أفكار الكتاب، دخلت ضمن الصفحات الأربعة.
وقد واصلتُ تجاربي، وحاولت أن أقوم بتلخيص كثير من أوراق العمل والمقالات، فكانت النتيجة خطيرة، ففي الصحافة قمتُ بتلخيص ورشة عمل، دامتْ ثلاثة أيام ، في أقل من نصف ورقة فقط ، أما عن المقالات ، وبخاصة المقالات السياسية ( العضلية) فحدِّث ولا حرج، ففي كثيرٍ من المقالات يمكنك أن تُلخصها في سطر واحد ، أو مع التجاوز سطرين ، مع العلم أن كثيرا من الكتاب يكتبون هذين السطرين الملخصين في نهاية المقال دائما ، وقد اعتدتُ أن أقرأ بعض مقالات المُحللين السياسيين ، فأبدأ دائما من آخر سطرين، لأحصل على الفكرة كلها !
أملي كبير في أن نتعلم (فن الاختصار) وذلك لتوفير الوقت والجهد، ولتوفير استهلاكنا الرهيب من الأوراق وملفات ورشات العمل.
والحقيقة التي أوردتها، يعرفها كثيرون، غير أنها حقيقة غير مُجدية تجاريا ونفسيا، فإذا طُبِّقتْ فإنها بالتأكيد ستضُرُّ بأرزاق كثيرين ، وستؤذي نفوس كثيرين أيضا ، والسبب في ذلك أن عدد موظفي وزارات الكلام سيتقزّم، وستتضرر شركات الأوراق والأقلام ، وما بعدها، من آلات تصوير وطباعة إلى آخر أقسام صناعات الكتابة والكلام .
ولعل الضرر الأكبر ، وهو ضررٌ نفسي بالدرجة الأولى، فكل كاتبٍ أو أديب أو حامل فكرة، فإنه يلجأ دائما قبل فكرته الموجزة، إلى إشباع غريزته وحبه لذاته بالإطناب ، ويمكن لكل من يتابع هذا الأمرأن يعرف ذلك إذا دقَّقَ فيه .
فقد تابعتُ أحد أصدقائي، الذي استوقفني في الشارع العام وهو ينقل لي خبرا عن انفجارٍ وقع بجوار منزله، فبدأ الخبر من الساعة التي استيقظ فيها منزعجا من الكوابيس والأحلام، ثم انتقل إلى الخلل الذي أصاب سيارته، مما اضطره لاستدعاء مختص ، ودفع مبلغا كبيرا لإصلاحها، ثم رجع في المساء إلى بيته، وقبل أن تقع الحادثة، كان يُرافق والده إلى المستشفى، وبعد أن اشترى الدواء الغالي لوالده، عاد، وأحجم عن الأكل بسبب شؤم هذا اليوم ، وما إن انتصف الليل، حتى سمع تهشم الزجاج، وصراخ الجيران والأولاد ، فخرج مهرولا نحو مصدر الانفجار!
ما سردته هو نصف حكاية صديقي لي ، أو أقل من النصف ، باختصار وإيجاز !
إن التحليل النفسي لقصة صديقي يُفضي إلى أن صديقي كان يرغب في إبراز ضائقته المالية، ثم حاجته إلى العطف والحنان والشفقة والزيارة كما أنه من منطلق ذاتيته، يودُّ أن يبني قصته الخاصة للحدث(الموجز) الذي بدأ وانتهى في دقائق،في صورة قصته الخاصة التي يريد أن يجعلها مختلفة عن القصة الرسمية المنقولة في وسائل الإعلام ، لهدفٍ واضح ، وهو ، رغبته في إثبات ذاته، في عصر انعدمت فيه الفرص لإثبات الذات، خارج إطار الكلمات والتعبيرات والقصص والثرثرة الكلامية، كما أنه يود أن يُخبرني بأنه يتمتع بقوى استثنائية، فكوابيس حلمه تشير إلى ذلك .
إذن نحن في حاجة ماسّة إلى جمعية تُعلِّمُ الأبناء فن الاختصار، أو إلى وزارة، أو إلى برنامج تربوي وتعليمي، يُعلم فن الاختصار، ولنسمها "جمعية أكثم بن صيفي" وهو أديب جاهلي، كان هو أول المبادرين إلى تأسيسها عندما قال :
البلاغة الإيجاز .... من شدّد نفَّر... ومَن تراخى تألَّف .
وكان ثاني الدعاة لجمعية المختصرين، الفيلسوف فولتير، الذي قال في معجمه الفلسفي :
المجد كلُّ المجد، لمن يضغط فكرته في سطرين ، بدلا من مُجلدين. وقال :
لقد كثُرت الكتابة حتى أصبحت مهزلة من المهازل !
وقد اهتدى كثيرٌ من الأمراء والولاة والرؤساء إلى أهمية الاختصار، في توفير وقت الحاكم وجهده ، فأصبح الاختصار فنا ، حتى وصل الاختصار ليصبح (حكمة من الحكم ).
فكان الأمير يُعلِّق على رسائل الوالي يقول :
إما اعتدلتَ ، وإما اعتزلتَ !
ومن أروع ما قيل في فن استدعاء الولاة بأقصى سرعة للمثول أمام الأمراء :
يدُك في الكتاب، ورجلُك في الركاب !
وأخيرا اعتذر لكم عن الإطناب والإسهاب!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية
- هل أصبح الرعب هو التجارة الإعلامية الرابحة؟1
- مرة أخرى .. إحراق مكتبة جمعية الشبان المسيحيين في غزة !
- ملاحظات حول تقرير البنك الدولي عن التعليم في العالم العربي !
- العرب ... يطلبون حق اللجوء الإعلامي للقنوات الأجنبية !
- إسرائيل إما أنها في حالة حرب... وإما أنها تستعد للحرب !
- باراك أوباما....وعشق إسرائيل !
- ازدهار النظام الوراثي في الألفية الثالثة
- بين تربية العقول ... وتربية (العجول) !
- تنبَّهوا واستفيقوا أيها العربُ !
- من إسرائيل دولة يهودية ... إلى إسرائيل دولة [ اليهود]!
- قتل النساء بادّعاء الشرف جريمة بشعة تُخلُّ بشرف الرجال !!
- الإعلاميون العرب والتسلية على أسماء الشخصيات الأجنبية !
- الإعلام ...لواء مدرع في سلاح الشركات متعدية الجنسيات !
- الإعلام العربي ... كلام حتى الموت !


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - توفيق أبو شومر - جمعية المختصرين !