|
افق سياسي من كتل الخرسانة
سامي البدري
روائي وكاتب
(Sami Al-badri)
الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 05:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
التخبط السياسي الامريكي في العراق انتهى ، وكما هو متوقع ، الى نهايته المحتومة التي لم تخطر- واقولها بثقة - على بال احد من محافظي البيت الابيض ، صيغة العزل الكانتوني بكتل الخرسانة المسلحة ، وبأسذج وابشع صورها . فبعد العجز الذي واجه القوات الامريكية في السيطرة على ضربات المقاومة العراقية ( حصيلتها المعلنة اكثر من اربعة الاف جندي امريكي وربما ضعف هذا العدد من المرتزقة وطالبي الجنسية الذين لايدرجون ضمن قوائم الجيش النظامي ) وحرب الابادة والقتل العشوائي التي تمارسها قوى الارهاب ضد الشعب العراقي ، هاهي تواجه شكلا جديدا من حروب العصابات المنظمة ، التي اجبرتها على اعادة العمل بخطة العزل الكانتوني وباصغر حلقاتها هذه المرة ، بتقسيم الحي السكني الواحد الى عدة كانتونات مغلقة وبمنفذ واحد فقط ، وانا اتحدث هنا عن مدن من مكون طائفي واحد وليست مختلطة ، مثل مدينة سامراء ، على سبيل المثال ، والموصل ستلحق بها حتما ، كتتويج للعملية الامنية التي تشهدها المدينة هذه الايام . خطط العزل الامني التي لجأت اليها ادارة الاحتلال ، كآخر علاج ، دليل صارخ على ضيق الافق السياسي المزمن للادارة الامريكية الحالية . فالادارة الامريكية ، ومن يوم احتلالها الاول للعراق ، لم تخطو خطوة سياسية واحدة تدل على الحكمة او الحنكة السياسية . والنتيجة ، التي يدفع العراق وشعبه ثمن اخطائها ، انتاج عشرات الانواع والاشكال من الميليشيات و عصابات القتل المنظم ، التي اثبتت احداث مدينتي البصرة في الجنوب ، والثورة في بغداد ، انها قادرة على قلب الطاولة على ادارة الاحتلال نفسها ، وليس حكومتها الكارتونية وحسب . ما الذي انتج مثل هذا الوضع الذي يقترب من وضع الزجاج في هشاشته ؟ باعتراف صريح (من على شاشة قناة البغدادية) قال بهاء الاعرجي ان ميليشيا التيار الصدري ليست فقط متمسكة بسلاحها وانما التيار مستمر في زيادته وتنويعه ! فهل حرب البصرة والثورة كانت موجهة ضد قوات الاحتلال ام كانت حرب عصابات اختلفت على تقسيم حصص سرقاتها ؟ ومن انتج هذه العصابات ؟ أليست هي حالة الفوضى السياسية التي اشاعتها ادارة الاحتلال تحت يافطة الديمقراطية بترك كل من هب ودب لتشكيل حزب او تجمع او منظمة سياسية ؟ هل يعقل ان يوجد في بلد على وجه الارض 350 حزب سياسي ؟! وان كان عدد الاحزاب هذا يخدم خطة تقسيم العراق التي تعمل عليها ادارة الاحتلال ، افلن تكون لمثل هذه الخطة نتائجها العرضية او غير المحسوبة والتي سيطال اثرها من خطط لها ؟ اليست الميليشيات والعصابات المنظمة احدى النتائج غير المحسوبة والتي طالت باثرها ادارة الاحتلال ومراحل مشروعها في العراق ؟ فقذائف ورصاص اسلحة جيش المهدي والعصابات التي قاتلتها ، ان لم توجه الى صدور الجنود الامريكان فانها اجبرتهم على التدخل لايقافها ؟.. كما ان منافسة التيار الصدري (غير المقبول امريكيا) لحكومة المالكي (المتمتعة برضى وقبول ادارة الاحتلال) وامتلاكه لميليشيا تهزم جيش الحكومة المسنود من قبل القوات الامريكية،الا تعني في احد وجوهها خيبة الستراتيجية الامريكية المعتمدة في العراق وبلاهة واضعيها ؟ انقسم العراقيون الى 350 حزبا سياسيا ، فاي افق سيجمع نهاية خيوط لعبتهم في يد صانع قرار تفريقهم ؟ واذا كان من قاتل في البصرة والثورة مجاميع متمردة على جيش المهدي او منشقة عنه - بحسب تصنيف قيادة التيار السياسية والناطق باسم حكومة المالكي - واجبرت حكومة المالكي على الاعتراف بقوتها التي فاقت قوة الجيش النظامي ، فما هو حجم قوة جيش المهدي اذن ؟ وهل قوات الاحتلال قادرة على مواجهته ؟ العراق الذي بحجم ولاية امريكية واحدة بـ 350 حزب سياسي ، 85% منها احزاب دينية طائفية ، وهاهو احدها قد تمرد بكل هذه القوة ، فكيف سيضمن صانع القرار الامريكي عدم تمرد البقية ...؟ بأي اغراء او تهديد يمكن كبح جماح احزاب تتخذ من الدين ستارا لاشد اساليب التعامل براغماتية وديماغوجية ؟ والسؤال الاهم من كل ما سبق هو : لماذا استجاب المتمردون او المنشقون على جيش المهدي لنداء مقتدى الصدر بوقف القتال ، وهو الذي اعلن براءته منهم ؟ ومقابل اي صفقة وجه الزعيم الشاب امر وقف هجوم مقاتلي ميليشياه الخاصة ؟ ومن يضمن ان تلجأ باقي الاحزاب للاسلوب عينه من اجل تحقيق صفقات مشابهه ، و معظم الاحزاب الطائفية (سنية وشيعية) تمتلك ميليشيات مقاتلة ومسلحة باحدث الاسلحة؟ الرد الامريكي انحصر في تقسيم الاحياء السكنية بجدران عازلة من الخرسانة المسلحة وكأن هذه الجدران ستمنع رجال العصابات من التنقل او الوصول الى اهدافهم المصلحيةاو القتالية .. وماذا عن ملايين قطع السلاح الخفيف والمتوسط التي امطرت المنطقة الخضراء بقذائفها طوال ايام احتراب العصابات في الثورة والبصرة ؟ اين دهاء السياسة الذي يسحب البساط من تحت قيادات هذه الميليشيات ويزعزع ثقة مقاتليها فيها ؟ واخيرا لنسأل السؤال التالي : لو كان لمقاتلي هذه الميليشيات مصادر رزق محترمة وتكفيهم سد احتياجاتهم المعيشية ، فكم منهم سيعرض نفسه لخطر القتل او العوق في حرب لا يعرف اغلبهم اسبابها واهدافها ولمصلحة من يخوضها ؟
#سامي_البدري (هاشتاغ)
Sami_Al-badri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
والجسد اذ يتخفف من عبء السؤال( قراءة في قصيدة -دعوة الى عشاء
...
-
ليجهر الحبر برفيف جنوني
-
طور جديد من ا لحرب الاهلية العراقية
-
اغمس نافذتك في ومضة الجسد
-
بولهها المتشاكل ، تتسلل الانثى غازية( قراءة في قصيدة كيف ندخ
...
-
احتراب البصريين لمصلحة من ؟
-
وحواء اذ تهذي بجراح صلبها ( قراءة في قصيدة بوح الانثى الاولى
...
-
الانفلات في خاصرة الغابة
-
من المسؤول عن امن العراق ؟
-
ماكين ومشروع الاحتلال المستمر
-
اوصال ملبدة
-
من رحم الخديعة الى رحم الهلوسة : دعوة
-
احتمالات الظنون والعلامات
-
خمسة اعوام من احتلال العراق ياقمة العرب
-
مصالحة على طريقة المنطقة الخضراء
-
القفز فوق عشب السراب(قراءة في قصيدة انت يا هذا للشاعرة ضحى ب
...
-
الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا
-
طفولة التفاحة الاولى
-
لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
-
تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|