جواد الحسون
الحوار المتمدن-العدد: 2241 - 2008 / 4 / 4 - 06:21
المحور:
الادب والفن
مهرجان بابل الثقافي نافذة للفرح المنتظر وبوابة لنزيف الابداع المقهور على ضفاف نهر الحلة الحالمة منذ عقود .
لقد تناسينا بعض حزننا .. ولملمنا ما استطعنا من فتات الفرح المقبور بين ثنايا ازقة وبيوت مدينتنا ابتهاجا بيوم زفافها الميمون فعقدنا العزم على ان نعيد لبابل هيبتها وان نرسم على شفاه ابنائها ابتسامة فرح تطبب فيهم جراحات الزمن الموبؤ .
لم تدم احلام فرحنا طويلا بعد ان اجهضت ( الوصاية ) اللامشروعة كل منابع الفرح المنشود وقتلت بسهام ( مركزية القرار ) جميع محاولات الفكر والابداع تاركة لنا خيار الجنوح بين واش وعذول .
لقد زفت سيدة العشق بابل اسيرة بين حشرجة زغاريد الغرباء والواشين واغلقت افواج العساكر وآلات القتل كل منافذ الدخول تاركة خلف اسوارها الاهل والخلان والجيران ممن حملوا بأكفهم الزهور واطباق الحناء الممزجة بدموع الفرح البكر حتى ذابت شموع فرحهم على اعتاب بوابة عشتار مواسية تمثال ( صدقة بن مزيد ) مؤسس مدينتنهم الذي تناسته الاذكار والافكار فبقى مطرقا ينتظر من يحمل معه قناطير شوقه وفرحه الى مدينته المتوجه ملكة لثقافة العراق .
بابل في غمرة الفرح المر المحشور بين المكابرة والحياء نشرت ملامح زهوها واعربت عن اصالة كرمها وحسن ضيافتها وتجرعت مر الصبر مجاملة بقبولها الوصياية ممن رسموا لها برنامجاً متعارجاً اصماً ابكماً لا يقوى على اظهار هيبتها ومكانتها كعاصمة لثقافة الدنيا . لقد شربت مر كأسها مبتسمة رغم الجراح التي خلفتها ( الحمايات ) حين تسيّد عنصر القوة العسكرية على الرقة والرهافة الفنية والثقافية بقصد او ربما بدون قصد، فدلالات تتويجها ملكة للثقافة لا تنتزعها الحمايات ولا الافكار العرجاء ولا حتى صدود بيت المال .
ان المؤلم في الامر هو ان بابل قد نزفت دماً صبيحة عرسها وجل خوفها هو ان يفهم الاخرون لون الدم المنثور بين جوانحها على انه الحناء .
لقد شح علينا العذر وضاقت بنا الحّيل امام بحور الابداع المكنوز في الصدور فزاد في شيخوخة ادبنا وفنوننا وثقافتنا التي حبستها السيوف فلازمت الاوراق المتربة فوق رفوف الانتظار الطويل يحدوها امل الافصاح والبوح بمكنون ابداعها.
#جواد_الحسون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟