|
في الذكرى العشرين لمجزرة حلبجة
سمير نوري
كاتب
(Samir Noory)
الحوار المتمدن-العدد: 2239 - 2008 / 4 / 2 - 10:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تحل في 16 آذار الذكرى العشرين لمجزرة حلبجة التي ارتكبها النظام البعثي ضد المواطنين في مدينة حلبجة في كردستان العراق في العام 1988.
قامت بتلك الجريمة حكومة البعث باستعمال الاسلحة الكيماوية ضد الجماهير العزل في تلك المدينة. وقد ارتكبت الجريمة في اوضاع اشتداد الحرب العراقية - الايرانية التي استمرت لمدة 8 سنوات وقتل فيها مئات الالاف من البشر. ان جريمة حلبجة كانت من الوحشية والقسوة بدرجة تضاهي جرائم الهولوكوست و الابادة الجماعية التي قام بها الاوروبيون ضد الهنود في امريكا او الجيش الامريكي ضد جماهير اليابان في مدينتي هيروشيما وناكازاكي وكل جرائم القتل الجماعي في التاريخ. توضح جريمة حلبجة مدى بشاعة الحركة القومية سواء كانت عربية ام كردية ام غيرها. ان شعار الشيوعيين هو ان الحركة القومية هي حركة سياسية عنصرية معادية للانسانية وتشكل عاراً على البشرية. وبهذا الاطار فان حلبجة هي رمز لعار الحركة القومية ووحشيتها ووجودها كتيار داخل المجتمع.
ان تذكرنا لجريمة حلبجة لاعلاقة له باقامة الاحتفال لاحياء الذكرى وتجميع الناس في مدينة حلبجة، كما يقوم القوميون الكرد بذلك. بل اساساً في توجيه النقد الواضح للحركة السياسية المعادية للانسانية التي ارتكبت هذه الفظائع. ان تلك الحركة هي التيار القومي العربي. لقد قتل التيار القومي العربي ممثلة بحكومة البعث في تلك الجريمة النكراء ما لا يقل عن 5 الاف شخص خلال دقائق. ولحد اليوم يعاني مئات الالاف من البشر من الامراض الخطيرة والخبيثة كامراض سرطان الجلد وضيق التنفس جراء القصف الكيمياوي ، ولم تسلم حتى الاشجار والنباتات والطبيعة من اثار تلك الجريمة الوحشية والاسلحة الكيمياوية.
لقد حدثت جريمة حلبجة في وقت كانت الاوضاع السياسية فيه متشابكة ومعقدة بشكل اكبر من مجرد احداث الحرب العراقية الايرانية. فقد كان العالم يعيش ايام انتهاء الحرب الباردة وانهيار نظام القطبين. وكان الاتحاد السوفييتي حينها في طريقه الى الانهيار وسقوط معسكره. كان هناك تغيرا في المعادلات والاوضاع. وفي تلك الاجواء استثمرت الحكومة البعثية الفرصة لاستعمال ابشع الوسائل والاساليب للهجوم على الناس وقتل الابرياء ومنها الهجوم على الكويت واحتلاله. ان نظام البعث القومي العربي قد انتصر فيما بعد على التيار الاسلامي الممثل بالجمهورية الاسلامية واستطاع ايقاف الهجمة الاسلامية حيث كان نظام صدام يسمي نفسه حامي البوابة الشرقية للوطن العربي.
وفي تلك الفترة حصلت حكومة البعث على الضوء الاخضر من الحكومة الامريكية والغرب عموما لشن الهجوم. لم يكن بالامكان استعمال هذه الاسلحة في تلك الفترة من قبل دولة كدولة صدام حسين دون الحصول على موافقة الغرب. وبالطبع فان صدام حسين ونظامه انكرا استعمال الاسلحة الكيمياوية واتهم اطرافا اخرى بها. ومن جهته لم يقم الاعلام الامريكي باي محاولة لاثبات جريمة نظام صدام ضد السكان في حلبجة وفي مناطق اخرى من كردستان. كان هناك، برأيي، ضوءاً اخضر من قبل الغرب وامريكا لاستعمال هذه الاسلحة الفتاكة ضد البشر كالخردل والسيانيد وغيرها. بامكاننا النظر الى الصور المروعة لضحايا حلبجة وسنعرف بشاعة الجريمة و كيف سقط الالاف من البشر في الطرقات والساحات والبيوت ولم تسلم حتى العصافير والطيور من الهلاك. ان ادعاء الامريكيين اليوم بان على حسن المجيد هو انسان مجرم ويسمونه (علي الكيمياوي) واستعراض محاكمته هي عملية دعائية واستعراضية. فان من اعطى للنظام البعثي الاسلحة والامكانيات لشن الهجوم الكيمياوي هي الشركات الغربية والامريكية نفسها.
ومن جهة اخرى فسح القوميون الكرد المجال لاستعمال نظام صدام حسين للاسلحة الكيمياوية. فقد منحوه الوسيلة والتبريرات لحكومة البعث باستعمال تلك الاسلحة. فالاتحاد الوطني الكردستاني والذي كان في حينها قوة مساندة للجمهورية الاسلامية قد جلب الباسدار ( الحرس الثوري الايراني ) الى داخل العراق والى مدينة كركوك تحديدا من اجل ضرب حقول النفط في تلك المدينة وشل الاقتصاد العراقي. تلك الاعمال قد منحت حكومة البعث مجالا واسعا لاستعمال كل وسائلها الاجرامية المعهودة في شن الحرب. ان تحالف القوميين الكرد مع الجمهورية الاسلامية الايرانية قد فسح المجال لحكومة البعث القومية في مهاجمة الناس وحرق الاخضر واليابس والانطلاق كالكلاب المسعورة تنهش في اجساد الجماهير العزل.
كان بامكان القوميين الكرد في حينها اخراج الناس من حلبجة. وقد هرب فعلا العديد الة خارج حلبجة ولكن القوميون الكرد قاموا باغلاق الطرق لمنع الناس من المغادرة. لدينا رفاق من مدينة حلبجة وهم شهود عيان على منع القوميين الكرد للجماهير من الرحيل من حلبجة في ذلك الوقت. ان حياة الجماهير لم تكن تهم القوميين الكرد قيد شعرة فجل اهتمامهم كان اطلاق الدعوات للجماهير بالمقاومة والصمود!. لقد حولوا مدينة حلبجة الى ارض حرام ولم يكترثوا بحياة الجماهير. كما كان لديهم معلومات حول امكانية استخدام صدام للاسلحة الكيمياوية. وبعد رمي القنابل الكيمياوية هرب القوميين الكرد بقواتهم بينما بقى الناس داخل المدينة.
ان تاريخ القوميين الكرد يبين لنا بانهم دائما يعتاشون على الضحايا. ان حلبجة اليوم هي مجرد يافطة بايديهم من اجل الترويج لاهدافهم السياسية. انهم دائمي القول بان لديهم هذا العدد الكبير من الضحايا . ان تلك القوى تعتاش على الضحايا؛ كلما سالت دماء اكثر كلما كثرت مكاسبهم السياسية. لقد استخدم القوميون الكرد دماء الابرياء من اجل مصالح واهداف سياسية.
#سمير_نوري (هاشتاغ)
Samir_Noory#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نصائح مادلين اولبرايت الى الرئيس المقبل
-
لا للأعدام
-
بلير احد مجرمي الحرب، يترك السلطة، اليوم!!
-
يوم المرأة العالمي يوم النساء و العمال و الأشتراكيين!!
-
حول موقف الحزب من تقرير بيكر- هاملتن و فوز الديمقراطيين في ا
...
-
لماذا اطلق النار على اضراب عمال طاسلوجة؟وأفق الحركة العمالية
...
-
خطاب سمير نوري في مراسيم ألاول من ايار في تورنتو_ كندا
-
الاوضاع السياسة و تأسيس الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراق
...
-
توحيد الادارتين! لا يحل المعضلات الأساسية في كردستان!
-
حول الاعتراضات الجماهيرية في كردستان
-
يجب النضال من اجل الغاء حكم الاعدام
-
حول شعار-فصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم-
-
هل يعيد التاريخ نفسه يا ترى ؟!!!
-
مقابلة نحو الاشتراكية وبرنامج -عالم افضل- مع الرفيق سمير نور
...
-
واقع الأنتخابات العراقية المقبلة، و النظرة الطوباوية!!
-
بدون ضمان البطالة أو تأمين فرص العمل، أي هجوم على الباعة الم
...
-
لنتصدى لتطاولات الاسلام السياسي!!
-
بيان حول عقد الكونفرانس السادس لتنظيم كندا للحزب الشيوعي الع
...
-
جائزة نوبل للسلام ام للاسلام؟!!
-
نداء الى الرفاق وأصدقاء الحزب أينما كانوا!!!!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|