|
وقائع ندوة -أشعار بديلة - فى آتيليه القاهرة
سمير الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 2239 - 2008 / 4 / 2 - 09:06
المحور:
كتابات ساخرة
دعانى أحد الأصدقاء لحضور أمسية بآتيليه القاهرة يوم الثلاثاء الماضى بعنوان " أشعار بديلة" و لأنى مغرم بالبدائل قررت أن أكون فى القاهرة فى توقيت بداية الأمسية ضارباً عرض الحائط بمواعيد عملى ورزق الأولاد فقد منيت نفسى بأن أمسية الأشعار البديلة ستطلعنى على جديد الشعر الذى يمكننى أن أحدث به أصدقائى المساكين من شعراء الأقاليم الذين لا يعرفون الفرق بين الشعر التقليدى وما يسمى "بالشعر البديل" إذ مازالوا مقتنعين أن الشعر هو الشعر وفقط وأنه مازال يحتفظ لنفسه بعالمه بعيداً عن المصطلحات التى هبطت عليه من سماء السياسة الملبدة بالكراهية والرغبة فى تصدر المشاهد واعتلاء منصات الخطابة، و قبل الندوة لاحظت أن هناك حركة نشطة وجادة فى الآتيليه للمنظمين فعرفت أن الليلة ستكون إضافة حقيقية لفلاح يعشق الشعر مثلى وربما تساهم فى تغيير ذائقتى المتخلفة التى تصر على ربط الذاتى بالموضوعى والخاص بالعام، تلك الذائقة التى نمت وترعرعت فى أحضان قصائد بيرم التونسى وفؤاد حداد وصلاح جاهين بالإضافة إلى مواويل السواقى فى قريتنا التى حلت محلها" الأغانى البديلة" من نوع " العنب.. العنب" والبلح.. البلح" المهم بدأت الأمسية باعتلاء ناقدين كبيرين للمنصة فأسرع المصورون بالتقاط الصور وساد الهرج والمرج الذى يسبق مثل تلك الأحداث الهامة من ضبط الميكروفونات وكاميرات المحطة التلفزيونية المحظوظة لكونها ستبث وقائع ندوة الأشعار البديلة حصرياً إذ لم أشاهد محطات أخرى، كل ذلك أضفى أهمية بالغة على جو الندوة ولكنه أصابنى بقشعريرة من لم يتوقع أن يكون فى خلال ثوان معدودة فى قلب حدث بهذه الأهمية والكارثة أننى كنت أجلس فى الصف الأول وإلى جوار الشاعر الكبير الذى كان من المقرر سلفا الاحتفاء به وتكريمه فى الأمسية، فى البداية تحدث ناقد بدا أنه كان حريصاً على ألا يسمعه أحد فرغم وجودى فى الصف الأول لم ألتقط كلمة واحدة وباءت محاولات الجمهور لتنبيه سيادته إلى أهمية رفع صوته أو إبعاد الميكروفون عن فمه قليلاً بالفشل، تلى ذلك بيان للدكتور سيد البحراوى عن الشعر الراهن جاء فيه أن الشعراء يتكاثرون فى تلك المرحلة من تاريخ المحروسة لدرجة أنه أصبح لدينا على الأقل شاعر فى كل قرية وأضاف أن الشاعر الآن تحرر من كل المرجعيات وأصبح لا مرجعية له سوى ذاته فقلت فى نفسى لقد تلقيت أول صدمة عنيفة وقررت أن أحذف هذا الرأى من المضبطة ولا أنقله لشعراء الأقاليم الذين يصرون على أن يكتبوا أشعاراً لا ترى " الذات الشاعرة" منفصلة عن مشاكل المحيط الذى تحيا فيه إذ كيف تكون "الذات شاعرة" وهى تعيش لاهية عما يحدث فى العراق وفلسطين ؟، كيف تحيا الذات الشاعرة بمعزل عن أخبار حوادث الغرق و وبمعزل عن تراجع الفكر أمام سيطرة دعاة العصور الوسطى الذين يتربصون بكلمة " إبداع" بل يعتبرونها رجسا من عمل الشيطان، أعتقد أننا سنكون بهذا التوصيف أمام "ذات" "متبلدة" وشعراء لا يشعرون. بعد ذلك تمت دعوة الشاعر الكبير المحتفى به للمنصة لكى يتلقى تكريماً " أخلاقيا"- أى والله -هكذا قال الأستاذ الذى قدمه- ربما يقصد " معنويا" وربما استخدم الكلمة كبديل- ألسنا فى ندوة بعنوان " أشعار بديلة؟" ورغم أن الشاعر الكبير من الشعراء الذين تشملهم قرارات الاتهام بحب الوطن وبتسييس القصائد راح يتقبل الأمر بصدر رحب وكأنه اكتشف أن ما قيل لا يستحق الرد وانه لا ضرر سيحدث إن لم نناقش فكرة " الذات" التى طرحها الأستاذ الدكتور سيد البحراوى ولكن لأن الطبع يغلب التطبع وهو شاعر معروف بصراحته المشوبة بالحدة التى يسميها هو" الخرابيش" وجدته بعد ذلك يشير إلى ما قاله الدكتور من طرف خفى متهماً النقاد بالكسل فقدرت أنه يشعر بالحرج ولا يريد أن يحول الأمسية "البديلة" إلى " ليلة "منيلة بنيلة" فرفعت يدى طالباً الكلمة وقلت " لابد أن يكون للحاضرين رأى في الأفكار التى طرحت حول الشعر وإذ بالشاعر الكبير يصب جام غضبه علىّ وكأننى جئت كل تلك المسافة لكى أنتقم من شعراء العاصمة وراح يلوم نفسه أمام الجمهور لأنه دعانى إلى هذا اللقاء ولأنى غريب الدار وعملاً بمقولة أمى " يا غريب كن أديب" قررت أن أرجىء المناقشة مع الشاعر الكبير إلى ما بعد الندوة، إذ أن منظمى اللقاء حددوا للشاعر عشرين دقيقة فقط للكلام وقصيدة واحدة وفى تقديرى أن هذا ما كان ينبغى أن يغضبه وليس رغبتى فى المناقشة وجعل الجمهور- الذى كان جله من الشعراء- طرفاً فى الحوار، بعد ذلك بدأ مقدم اللقاء فى تقديم الشعراء وكان من أغرب ما سمعته قوله أن كل شاعر سيشارك فى اللقاء هو بديل عن نفسه وليس بديلاً لأى شاعر آخر وحين عجز عقلى الريفى عن فهم ما يعنيه أرجعت ذلك لكونى أعيش بعيداً عن العاصمة مما جعلنى أشعر أننى لا أختلف تماماً عن الكرسى الذى كنت أجلس عليه بل ربما كان الكرسى فى وضع أفضل لأنه من سكان القاهرة وقد أتيحت له فرص حضور ندوات بعدد شعر رأسى، كان السيد مقدم اللقاء ينادى على كل شاعر بالاسم بينما كنت أسمع صوتاً يهمس خلفى ساخراً" غائب يافندم" فينادى على آخر فيهمس الصوت الساخر مرة أخرى" غائب يافندم" إلى أن يعثر على شاعر "بديل" فتنفرج أساريره والحقيقة أن الشعراء كانوا متحمسين جداً وحريصين على الإمساك بميكرفونين فى آن واحد – ميكرفون الآتيليه وميكرفون القناة التى كان من حظها نقل اللقاء "حصرياً" وجاءت معظم قصائدهم متفقة مع الرؤية النقدية التى طرحها الدكتور سيد البحراوى فى بداية اللقاء باستثناء قصيدة بالعامية للشاعر مصطفى الجارحى خرجت عن هموم الذات كما تصورها السيد الدكتور الناقد لتذكرنا بهمومنا كمصريين وكعرب ، وقصيدة أخرى أعجبتنى للشاعر الشاب محمد منصور أما باقى القصائد فكانت تتحدث عن شوارع القاهرة الليلة ومواء القطط مما جعلنى أتساءل إن كان ثمة اتفاق بين هؤلاء الشعراء على استخدام نفس المفردات وللحقيقة كانت بعض القصائد النثرية تحفل بلغة القص وتشى بقصاصين على درجة عالية من المهارة واختيار عوالم وأجواء غرائبية وخطر لى أكثر من مرة أن أرفع يدى طالباً الكلمة لكى أعبر عن دهشتى وإعجابى بتلك القصص وخطر لى أن أتحدث عن الفرق بين نثرية القص وشعرية النثر ولكنى تذكرت فى اللحظة الأخيرة أن عنوان الندوة هو "أشعار بديلة" ولا مجال هنا للكلام عن فن القصة فآثرت الصمت ولكن بعد أن أقسمت فى سرى طبعاً ألا أغامر مرة أخرى بحضور ندوات الآتليه وبعد أن تأكدت أن الأشعار هى الأشعار التى أعرفها وأنه ليس ثمة أشعار بديلة كما يدعون.
#سمير_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين ذهبت ليبرالية الليبراليين؟
-
عام على رحيل الفنان محمد حمام
-
الإخوان الديموقراطيون!!
-
السرقات الأدبية.. سرقة الأدمغة
-
الغرق هناك... الغرق هنا
-
مناورون كغيرهم
المزيد.....
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|