أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - وحواء اذ تهذي بجراح صلبها ( قراءة في قصيدة بوح الانثى الاولى للشاعرة هند الناصري )















المزيد.....

وحواء اذ تهذي بجراح صلبها ( قراءة في قصيدة بوح الانثى الاولى للشاعرة هند الناصري )


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2239 - 2008 / 4 / 2 - 10:52
المحور: الادب والفن
    



مرة اخرى اجدني اتعثر بخطو كلماتي ، وانا احاول تلمس جراح القصيدة و ... بوح انفلاتها من
أسر مفردة الابجدية ... الى ... الى ادوات اكثر نصاعة واعمق غورا : التون الموسيقي ....
ومسامير الصلب !
بهذه الادوات ، تقودنا هند الناصري ، الشاعرة ، الى شلال الشعر لتغسل صدأنا باكسير موسيقى الكلمة وشواظ مساميرها ... ( المسامير كناية التثبيت ، كما هو معلوم ) .
هند الناصري ، تتخذ من فهم اللاهوت المسيحي وتصوره لقصة الخلق ، قاعدة لانشاء تصورها
الخاص او بناء ( فهمها ) الخاص لتلك الاسطورة ..، وهذا ليس لانها تحاول ان تتخذ من وداعة
المسيح وحجم الظلم والعذاب الذي وقع عليه ، كمثال لحجم الظلم الواقع على المرأة وحسب ، وانما
ايضا ، لما توفره الطبيعة الطقسية لفهم الاكليروس الكنسي لبناء اثر الوحدة اللاهوتية في النفس الانسانية ، وخاصة فيما يخص موضوعة الفداء ... ( فداء المسيح لبني جنسه ، بتحمله آلام وعذابات الصلب لانقاذهم من خطاياهم ، بصفته مخلصا للبشرية من آثامها ) .
وهذا هو الدور الذي ( تخلعه ) هند الناصري على نفسها ( في القصيدة ) : الاحتمال حد الموت
لخلاص بنات جنسها ! ولكن بصفتها حواء - بالمعنى الاسطوري - الاولى ام النساء ... كل النساء
اني كل النساء من بين نسلي ...

نحن ازاء منشئ ( شاعر ) انثى تريد ان تقول ( بالمعنى الحكائي ) قصتها وفهمها الخاص -
وتراتبيا عليه - الذي يجب ان يشيع في فهم غيرها ، ليس لانها تريد ان تحتكر الحقيقة لنفسها
وتصادر حقنا في الفهم والافتراض ، وانما لانها هي من خاض معاناة التجربة ( بفهم وتصور اللاهوت الكنسي ) . وهي - كما في المسيحية - وحدها المؤهلة ( لفعل التخليص ) او اشاعة فهمه ( كما جسدته لها ) تجربة عذاباته .
تعتمد الشاعرة تقانة التدفق والانهمار ( الحكائي ) وبتون موسيقي ( مرتفع وسريع التوالي ) ،
كأداة توصيل ( لتدفق بوحها ) ، لانها لا تعتمد نظام الشطر الشعري في كتابة القصيدة ، وانما تسكب سيل كلمتها بنفس واحد ، الا من بعض ( الاستكانات ) لاطلاق الزفير وسحب الشهيق ..

آلاف الطغاة والسنابل ، والقمح الشهيد : على شفاهي صار كرمة ليسكر على مائدة القلب كل يهوذا ..، ويكون من وعدي ملايين العشاءات الاخيرة ..

ورغم التقطيعات ( التي لجأت انا القاريء لوضعها هنا ) فان الجملة السالفة هي جملة شعرية واحدة ؛ بصوت واحد ونفس واحد . وكما في القصة المسيحية ، يمثل يهوذا الاسخريوطي ،
رمزا لفعل الخيانة ، ومن يتصفون بها .. والشاعرة تعلن عن صفحها عن كل ( يهوذات العالم )
وتدعوهم الى مائدتها ، بقلب رحيم ، باعتبارها اما للجميع و ( ربا كريما ) - بحسب الفهم الكنسي - يغفر كل الاخطاء والخطايا للجمبع ، بدأ بهيوذا رمز الخيانة ..

اني كل النساء من بين نسلي ...

وعليه فان ( مسيحية قلب ) الشاعرة الناصري ، بلا دينونة ، لانها تفتح باب ( مغفرة الاخطاء )
عبر بوابة العشاء الاخير وبسفرة ابدية ..

ويكون من وعدي ملايين العشاءات الاخيرة

لانها عازمة على ..

جمع كلي في جرار لم تقدس ما بين نهدي وبين كعبة الكون الاخيرة حين باتت سرة المولى بجسدي !

( اللغة اكثر المقتنيات خطورة ) هيليد رلين ، يقول ..
... وان تجيد ( اللعب ) بخطورة اللغة ، بحذق وحرفية الصانع الماهر ، هو الفعل الاكثر بهجة ، من بين مقتنيات الحياة كلها ... سأقول !
وهذا ما تفعله هند الشاعرة هنا وبحذق يضاهي حذق ( آلة البيانو ) كمقتنى ...
ولكني اعرف ان البيانو ( وهو ابو الالات الموسيقية كلها ) بسبعة اوكتافات فقط ؛ وهند في تحليقها في شعرية اللغة تعزف على بيانو بثمانية اوكتافات ! ولولا خوفي من اتهم بالمبالغة
لقلت انها تولد موسيقى اللغة ببهاء يقترب من بهاء وجلال صوت المبجلة فيروز !
وبتدفق سيلي يقترب من اعادة انتاج الاساطير وتوليدها - وما ابرع هند في بناء فضاءاتها
واجوائها - تقتحم الشاعرة ركود اعتياداتنا ..

وأشعل نارا على باب قلبي ( والنار رمز طقسي في كثير من الاساطير والديانات القديمة - المجوسية احدها ) ل ... اصير رمادا لانثرني ( لاحظ براعة استخدام الفعل نثر بصيغة التوليد
بعد اضافته للجملة الفعلية التي سبقته ) على عيون العذارى والباغيات ( لا استثناء في قلب
او فهم الشاعرة - المسيحي ) كحلا يتجملن مني ... ويأخذن مني سر العسل !
ويتجملن ويأخذن ( الفعلان المضارعان ) تستخدمهما الشاعرة بصيغة التوليد ( بالمعنى
المجازي ) من فيض عطاءها ... هي التي ..

كل النساء من بين نسل ... ( ها )

الفصل السابق كان مني لا من القصيدة ( فالشاعرة تجلس في عزلتها من لحظة اتمام كتابة النص
واطلاقه لنا متخففة وتكتفي بالمراقبة ولا يحق لها التدخل في فعل التلقي ) لاني بحاجة لالتقط
انفاسي قبل ان اواصل رحلتي مع انتقالات ومستويات الاحالة القرائية التي تولدها القصيدة في باقي الجملة المعطوفة ..

والاف الفؤوس التي تخصب صحرائي التي لا تنام الا على جراح يسافر للجراح الى الجراح ....
حتى يعيث العماء في كلي وابدو محض وشم يزرعني بدوية في وجه العدم ..

ان عملية كسر التقليد في بناء الصورة الشعرية ومنحها شحن او قدرة فعل التوليد ، أمر بحاجة
الى مرتكز فلسفي يناسب حجم الطرح والمعالجة الفلسفيان اللذان تعمل عليهما الشاعرة ..
( التقليد نسيان الاصول ) يقول هوسرل ، الفيلسوف الوجودي .
وهذا هو مرتكز اشتغالات هند الفلسفية : اجتراح وتوليد الجديد ، في الصورة والمعنى ، انسجاما مع مبدأ حركية الحياة ودوامها على اجتراح الجديد بشكل مستمر لان :
( التقليد نسيان الاصول ) .
ولنتوقف لحظة امام عراء فعل تخصيب الفؤوس لصحراء راوية ( المتن الحكائي في القصيدة ...
من منا يستطيع الجزم بانها الشاعرة نفسها ؟! ) ، لا احد يجرؤ امام حالة التوليد المفخخ الذي
تنحاه الشاعرة كآلية للبوح !
سأسبح في مائي ( من حقنا ان نسأل : اي ماء تقصدين ؟) كملح اذوب في سر انتقائي ... ( ومن
حقنا هنا ان نسأل ، ولكن للجواب هذه المرة : هل يحتمل ( سر الانتقاء ) اختيار دفق الرجل ، وهو طبعا يصبح ( ماء المرأة الخاص ) بعد قذفه في رحمها ) ! أقول ربما ، لانها في الجملة التالية تكون في حالة نشوة ، يعبر عنها غناءها ..

واغني لكل وردة لاقبل الله على جبهات فلة وارشف من وهج الخليقة كل شعلة : اني بوابة النار
الاخيرة ..، ثيابي من شبق تشرنق حد ولادة الرغبة : انثى ، تزرع الوجد في كل المرايا !

المرأة في حالة نشوة يعني ، من ضمن ما يعنيه : النسيان اولا ، والطفو فوق رهق الانوثة -
بالمعنى السلبي المخلوع عليها تاريخيا واجتماعيا - ثانيا ، ولو اقتصر الامر على لحظة النشوة !
لانها ..

تزرع الوجد في كل المرايا !

والمرايا مستوية وبلا بواطن وبلا ذاكرة ( تختزن الاحقاد والاخطاء ) : صادقة وامينة في ما تعكس من صور صافية لحالة النشوة ... او الوجد ربما . وفي قمة النشوة ، وامام المرايا ايضا ،
بلغت القصيدة ذروة لحظة انفاث التوتر ، في المتن الحكائي للقصيدة ، على الاقل ..، لانها بعد تلك اللحظة تنكص - بعد خروجها من وردية لحظة النشوة وعودتها الى ارض الواقع - الى داخلها
( ذاتها الدفينة ) ... لانها ، وبنفس سرعة دفقها الاول تنتبه الى ان ..

البوم صوت العائدين الى جراحي ليذكروا عرشي بانهياره على آخر عتبات الجمال المقدس ...
فلتحكلني جناحاي الي لاكون الظلمة حين اغرق الكون في ستري وصمتي ..... وانكر سري
بالضياء واستكين للاسود في حد انتشاء الموت على جراح الياسمين .

والجملة الاخيرة تؤكد صحة افتراضنا السابق ، لانها تتهم ( العائدين ) الى ارتكاب فعل (الخطأ عينه) بعد انتهاء وزوال غبش النشوة . وهذا ما يجبر الشاعرة على الاستكانة والعودة ( للاسود
في حد انتشاء الموت ) ونكوصها ايضا .
ومثل هذه النهاية تعيدنا الى ( مرايا ) الشاعرة الصادقة في ما تعكس ، اذ حاولت ان تسجل ، عبر صورتها الصادقة ، تذكيرا ( للعائدين ) بحالة الوجد التي باحوا بها في لحظة نشوتهم ، وقبل نكوصهم الى وضع ( الذكورة المتصلبة ) ، وضعهم الطبيعي ...؟
وهنا يحق للمنشئ ( المرأة الشاعرة ) ان نتساءل معها : متى سيعي الرجل ان المرأة اكبر واوسع
من مجرد ( وليمة فوق السرير ) بحسب توصيف نزار قباني ؟



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانفلات في خاصرة الغابة
- من المسؤول عن امن العراق ؟
- ماكين ومشروع الاحتلال المستمر
- اوصال ملبدة
- من رحم الخديعة الى رحم الهلوسة : دعوة
- احتمالات الظنون والعلامات
- خمسة اعوام من احتلال العراق ياقمة العرب
- مصالحة على طريقة المنطقة الخضراء
- القفز فوق عشب السراب(قراءة في قصيدة انت يا هذا للشاعرة ضحى ب ...
- الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا
- طفولة التفاحة الاولى
- لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
- تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
- عطور الدواعي
- العراق في حقيبة احمدي نجاد
- في عيد المرأة العراقية ..البنية المفهومية لحرية المرأة في ال ...
- طفولة الترجل في المواخير المطرقة
- ظهيرة عربية على النت
- الحزب الشيوعي العراقي .. النكوص والهزيمة
- الموت على حافة العزلة


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - وحواء اذ تهذي بجراح صلبها ( قراءة في قصيدة بوح الانثى الاولى للشاعرة هند الناصري )